«قادة ليبيا» يضعون «شروطاً» لقبول دعوة أممية للحوار بشأن الانتخابات

بعد اجتماع المنفي وحفتر وصالح بالقاهرة

حفتر يتوسط المنفي وصالح في اجتماع سابق بالقيادة العامة في بنغازي (القيادة العامة)
حفتر يتوسط المنفي وصالح في اجتماع سابق بالقيادة العامة في بنغازي (القيادة العامة)
TT

«قادة ليبيا» يضعون «شروطاً» لقبول دعوة أممية للحوار بشأن الانتخابات

حفتر يتوسط المنفي وصالح في اجتماع سابق بالقيادة العامة في بنغازي (القيادة العامة)
حفتر يتوسط المنفي وصالح في اجتماع سابق بالقيادة العامة في بنغازي (القيادة العامة)

دعا اجتماع ثلاثي، حضره في القاهر، مساء السبت، رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، والقائد العام لـ«الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، بمشاركة مدير جهاز الاستخبارات العامة المصرية اللواء عباس كامل، بعثة الأمم المتحدة إلى «إيجاد أرضية مشتركة تضمن نجاح الحوار» الذي تدعو إليه، في حين تعهّد رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» (المؤقتة) عبد الحميد الدبيبة، مجدداً بتهيئة ما وصفها بـ«الظروف المناسبة» لإجراء انتخابات نزيهة وعادلة.

وبحسب بيان ختامي، فقد رحّب المجتمعون بالمشاركة في جولة الحوار المرتقبة «من دون إقصاءٍ لأي طرف»، شريطة «مراعاة تحفظات ومطالب المجتمعين، والأخذ بها»، كما أكدوا «أهمية الجهود التي تقودها البعثة الأممية، وأهمية دعم الحل الليبي - الليبي المتوازن، بما يُحقق تطلعات وآمال الشعب لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة».

وأوضح البيان الصادر عن مكتب حفتر، أن الاجتماع عُقد في إطار التشاور واللقاءات الدورية، واستكمالاً للاجتماع الأول الذي عُقد بمدينة بنغازي خلال شهر أغسطس (آب) الماضي.

كما أصدر مجلس النواب الليبي بياناً بشأن الاجتماع الثلاثي، مؤكداً النتائج التي أعلنتها «القيادة العامة»، وترحيب صالح والمنفي وحفتر بالمشاركة في جولة الحوار التي دعت إليها البعثة الأممية، شريطة «عدم إقصاء أي طرف، ومراعاة تحفظات ومطالب المجتمعين، والأخذ بها».

وشدد مجلس النواب على «أهمية الجهود التي تقودها البعثة ودعم الحل الليبي - الليبي المتوازن، بما يُحقق تطلعات وآمال الشعب الليبي لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة».

لكن عبد الله اللافي نائب المنفي، نفى علمه بلقاء القاهرة وما رُشح عنه بعد ذلك، إلا من خلال القنوات الإعلامية. وعدّ، فى بيان له عبر منصة «إكس»، أن مواقف المجلس الرئاسي «يتم التعبير عنها في بيانات رسمية صادرة عنه مجتمعاً، حسب نصوص اتفاق جنيف، وما دون ذلك فيعبّر عمّن شارك من أعضاء المجلس بمفرده، وعمّن يمثله داخل المجلس».

بدوره، طالب عبدالله باتيلي، رئيس بعثة الأمم المتحدة، مجدداً في تصريحات تلفزيونية، الأطراف الليبية الرئيسية الخمسة التي دعاها إلى الحوار، «بإظهار الالتزام لحل الأزمة السياسية في ليبيا».

في المقابل، دافع الدبيبة، خلال لقائه مساء السبت، مع رئيس وأعضاء «مجلس أعيان وحكماء مصراتة» بغرب البلاد، عن سياسات حكومته وما قدمته منذ تسلُّم مهامها، رغم ما وصفها بـ«العراقيل والصعوبات» التي واجهتها، وحملات «الفتنة والتشويش» التي تعرّضت لها لزعزعة الاستقرار.

اجتماع الدبيبة مع مجلس حكماء مصراتة (حكومة «الوحدة»)

وأكد الدبيبة، أن الحكومة «تواصل عملها وتبذل مزيداً من الجهود للمحافظة على الاستقرار، وتقديم الخدمات للمواطنين بمختلف القطاعات، والعمل لإكمال مشروعات الإعمار والبناء التي أطلقتها الحكومة ضمن خطة (عودة الحياة)، وتهيئة الظروف المناسبة لإجراء انتخابات نزيهة وعادلة».

ودعا «لعدم الالتفات للشائعات وأخبار الفتنة»، التي قال إنها تهدف إلى «ضرب النسيج الاجتماعي» بين أبناء مدينة مصراتة، مؤكداً دور أعيان وحكماء ومشايخ المدينة «في دعم الاستقرار وتحقيق السلم المجتمعي بين أهل المدينة».

عيسى عبد المجيد وزير الشؤون الأفريقية بحكومة حماد يزور مدينة مرزق بجنوب البلاد (الحكومة)

في غضون ذلك، قالت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، (الأحد)، إن وزير الشؤون الأفريقية عيسى عبد المجيد، زار مدينة مرزق، وكان في استقباله سكان ومسؤولو المدينة وعدد من رؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية المكلفة تأمين المدينة، التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة.

وأوضحت الحكومة، التي يرأسها أسامة حماد، أن عبد المجيد، عقد لقاءً رسمياً مع رئيس وأعضاء المجلس التسييري للبلدية، ومسؤولي القطاعات بالبلدية ومديرية الأمن والغرفة الأمنية المشتركة والأجهزة الأمنية كافة. كما أجرى جولة تفقدية بالمدينة، التقى خلالها أعيان وحكماء وفعاليات الشباب بمرزق، بالإضافة إلى رئيس مجلس الشيوخ وأعيان التبو الشيخ اللهوزة يوسف، وسلطان أحمد الأول، ورئيس لجنة أعيان وحكماء مرزق الشيخ آدم ملقي.


مقالات ذات صلة

تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا

شمال افريقيا أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)

تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا

تحدث عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية أكثر من مرة عن أجهزة تبني مشروعات في بعض مدن البلاد «من دون أن تمر على الأجهزة الرقابية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جلسة لمجلس النواب الليبي الأسبوع الماضي (صفحة المتحدث باسم المجلس)

«الأموال الليبية بالخارج»... أرصدة زادها الانقسام تجميداً

قال رئيس مجلس النواب الليبي إن «مجلسه وجه رسالة إلى مجلس الأمن الدولي طالبه فيها بضرورة التحفظ على الأموال الليبية المجمدة في الخارج لمنع أي تصرف غير قانوني»

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة في لقاء سابق مع عماد السائح رئيس مفوضية الانتخابات الليبية (حكومة الوحدة)

صالح والدبيبة يحتويان «انقسام» ديوان المحاسبة الليبي

أبدى صالح تمسكه بشكشك، وقال إنه سيستمر في أداء مهامه رئيساً لديوان المحاسبة الليبي «حتى انتهاء الإجراءات القانونية»، ما جنّب البلاد «انقساماً جديداً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

يقبع السنوسي رئيس جهاز الاستخبارات بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، في سجن معيتيقة تحت إشراف «قوة الردع»، التي سمحت بنقله إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة وشكشك في لقاء سابق (حكومة الوحدة)

الانقسامات تطال ديوان المحاسبة الليبي

وسط صمت رسمي من السلطة التنفيذية بطرابلس، دخل ديوان المحاسبة في ليبيا دائرة الصراع على رئاسته بين رئيسه خالد شكشك، ووكيله الموقوف عطية الله السعيطي.

جمال جوهر (القاهرة)

تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا

أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)
أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)
TT

تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا

أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)
أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)

دأب رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، على التلميح إلى غياب «الرقابة والشفافية» عن مشروعات إعادة الإعمار بشرق البلاد، التي يديرها «صندوق» يشرف عليه بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني».

وقال الدبيبة أكثر من مرة، إن أجهزة «تبني مشروعات في بعض مدن ليبيا دون أن تمر على الأجهزة الرقابية»، وهو ما عدّه محللون إشارة ضمنية إلى مشروعات إعمار شرق ليبيا. وسبق ذلك تصريح آخر للدبيبة ضمن فعاليات أقيمت في 9 ديسمبر (كانون الأول)، قدر فيه حجم الإنفاق في هذه المشروعات بأكثر من 40 مليار دينار خلال العام الحالي (الدولار يساوي 4.91 دينار).

وفي حين تجنب الدبيبة توجيه اتهامات مباشرة للصندوق والقائمين عليه، آثر الحديث عما «خصص لإحدى الجهات، غير الخاضعة للرقابة، في دفعة واحدة، ما يتجاوز ميزانية التنمية في ليبيا لأكثر من 4 سنوات». ويأتي حديث الدبيبة في أجواء تتصاعد فيها الاتهامات بـ«الفساد» بين جبهتي شرق ليبيا وغربها.

في هذا السياق، عدّ أستاذ القانون بجامعة طرابلس، فرج حمودة، عدم إخضاع «جهاز الإعمار» في شرق ليبيا لأجهزة الرقابة، «تصرفاً خارج نطاق القانون؛ حتى إن صدر عن جهة تشريعية»، متسائلاً عن سبب عدم اللجوء إلى القضاء الدستوري.

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي «الوحدة الوطنية» في طرابلس، والأخرى مكلَّفة من مجلس النواب، وتدير المنطقة الشرقية وأجزاء من الجنوب، ويقودها أسامة حمّاد.

ويترأس بلقاسم حفتر «صندوق إعمار ليبيا» منذ بداية عام 2024، بتكليف من مجلس النواب الذي مُنح امتيازات واسعة، وفق قانون سنّه البرلمان يستثني كل الإجراءات، والتعاقدات من الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة؛ وهما أرفع جهازين رقابيين سياديين في ليبيا.

بلقاسم حفتر يتفقد مشروعات يشرف عليها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)

ويتمسك فرج حمودة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بالقول إن الأجهزة الرقابية تفرض رقابة سابقة ولاحقة على هذه المشروعات، حفاظاً على المال العام، محذراً مما يعتقد أنه «باب مفتوح على مصراعيه لمزيد من التجاوزات المالية، خصوصاً مع الإنفاق عالي التكلفة».

ولا توجد أرقام مفصلة لميزانية إعادة إعمار المنطقة الشرقية، التي ينفذها «الصندوق» بتعاون مع شركات عربية وأجنبية، لكن التكلفة الاستثمارية بلغت نحو 950 مليون دولار خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر (أيلول) الماضيين، وفق آخر أرقام مصرف ليبيا المركزي.

وفي مقابل ما ذهب إليه حمودة، يعتقد المحلل الاقتصادي الليبي، علي الصلح، أن إنشاء صندوق إعمار ليبيا «جاء متماشياً مع متطلبات المرحلة واحتياجات المواطنين، وفي ظل منافسة باتت واضحة، في مقارنة ما يبدو مع مشروعات تنفذها حكومة الدبيبة في العاصمة».

ورغم أن الصلح يقر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن «إصدار قانون خاص للصندوق واستثناءه من الرقابة أصبحا محل جدل»، إلا أنه «تخلص من قيود ومراجعات قد تكون دون جدوى، وسرّع وتيرة جهود البناء والإعمار، بما لقي ارتياح المواطنين»، وفق اعتقاده.

وذهب الصلح إلى القول إن أهمية «تحديد حجم نفقات المال العام وغرضها يأتيان أولوية قبل الرقابة، دون مساءلة ومحاسبة حقيقيتين»، متسائلاً في المقابل عما رآها «نفقات عامة لحكومة (الوحدة) لا تخضع لمعايير واضحة».

صورة توضح حجم الدمار الذي تعرضت له أحياء درنة جراء الإعصار (أ.ف.ب)

ومؤخراً، ذكرت وكالة التحقيق الأميركية «سنتري» أن تكلفة إعادة الإعمار أثقلت كاهل الميزانية العامة، مما تسبب في أزمة لمصرف ليبيا المركزي.

لكن، وعلى نحو أبعد من الحديث عن الأرقام والشفافية، تبدو «المناكفة» تفسيراً مرجحاً لتلميحات الدبيبة، وفق عضو المجلس الأعلى للدولة، بلقاسم قزيط، الذي أشار إلى «غياب تام للرقابة والشفافية في ليبيا».

ويبدو أن الهدف من هذه التلميحات، حسب تصريح قزيط لـ«الشرق الأوسط»، هو «حشد خصوم حفتر في غرب البلاد»، متوقعاً «تبخر هذه الاتهامات حال إتمام صفقة توحيد». كما تحدث عما قال إنه «تواصل لم ينقطع بين رئيس حكومة (الوحدة) وقائد الجيش الوطني وصفقات أنجزت بينهما».

ومن بين عدة مدن بشرق ليبيا، كانت مدينة درنة هي الأكثر في تكبد فاتورة الخسائر البشرية والمادية جراء فيضانات سبتمبر 2023، إذ اختفت أحياء بكاملها، ودمرت مدارس وأسواق وبنيات تحتية عامة؛ إلى جانب آلاف الوفيات، ونزوح آلاف آخرين من منازلهم.

لكن درنة شهدت مؤخراً افتتاح عدد من المشروعات، التي يشرف عليها «صندوق إعادة إعمار ليبيا»، من بينها «جسر وادي الناقة»، ومقرّ مديرية أمن درنة، بالإضافة إلى مسجد الصحابة.