لماذا لم تتوقف عمليات تهريب المهاجرين من ليبيا إلى أوروبا؟

بعد غرق 61 شخصاً بينهم أطفال ونساء قُبالة ساحل غرب طرابلس

ترحيل مهاجرين غير نظاميين من ليبيا إلى بلدهم بنغلاديش (المنظمة الدولية للهجرة)
ترحيل مهاجرين غير نظاميين من ليبيا إلى بلدهم بنغلاديش (المنظمة الدولية للهجرة)
TT

لماذا لم تتوقف عمليات تهريب المهاجرين من ليبيا إلى أوروبا؟

ترحيل مهاجرين غير نظاميين من ليبيا إلى بلدهم بنغلاديش (المنظمة الدولية للهجرة)
ترحيل مهاجرين غير نظاميين من ليبيا إلى بلدهم بنغلاديش (المنظمة الدولية للهجرة)

جدد الإعلان عن وفاة 61 مهاجراً على الأقل قبالة ساحل مدينة زوارة الليبية، التساؤلات حول أسباب تسرب قوارب تقل مهاجرين غير نظاميين باتجاه الشواطئ الأوروبية، رغم الجهود التي تقول السلطات المحلية إنها تبذلها لوقف تدفقهم، والحد من عمليات التهريب عبر سواحلها.

والتزم جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة في ليبيا الصمت، حيال إعلان المنظمة الدولية للهجرة عن غرق 61 مهاجراً، بينهم نساء وأطفال، كان يقلهم قارب قبالة سواحل غرب ليبيا.

ورفض مسؤول بالجهاز إعطاء معلومات بشأن القارب الذي قالت المنظمة إنه كان يقل 86 شخصاً، وانطلق من ساحل مدينة زوارة قرابة (120 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس)، لكنه قال لـ«الشرق الأوسط» إن الدوريات الأمنية: «تكافح عصابات تهريب البشر ليل نهار، وتنجح في القبض على كثير منها».

وأرجع أسباب عدم توقف عمليات تهريب المهاجرين، إلى «السماسرة» الذين قال إنهم «ينتشرون بالقرب من سواحل البلاد، ولديهم علاقات وتربيطات داخلية وخارجية» من دون أن يفصح عن المزيد.

ومبكراً، أعلن مكتب المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، الأحد، غرق قارب، كان يقل وفق ناجين نحو 86 شخصاً، بعد انطلاقه من زوارة الليبية.

وزوارة الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، تعد من أهم نقاط انطلاق المهاجرين غير النظاميين إلى دول أوروبا، بجانب مدن أخرى مثل الزاوية وزوارة ومصراتة والخمس والقرة بوللي.

وقالت المنظمة الدولية في بيان لها: «البحر المتوسط لا يزال أحد أخطر طرق الهجرة في العالم».

ومن بين الحوادث التي شهدت سقوط قتلى هذا العام حادث وقع في يونيو (حزيران) عندما غرق قارب صيد مكتظ بمئات المهاجرين قبالة اليونان بعد مغادرته من طبرق في ليبيا.

ترحيل مهاجرين غير نظاميين من ليبيا إلى بلدهم بنغلاديش (المنظمة الدولية للهجرة)

ووفقاً لتقرير للمنظمة الدولية للهجرة حينها، فقد أسفرت الرحلة، التي كان من المفترض أن تنتهي في إيطاليا، عن تسجيل مقتل 78، بينما لا يزال مصير 518 آخرين مجهولاً.

ويشير التقرير إلى أن الغرق كان هو السبب الرئيسي للوفاة على طرق الهجرة على مستوى العالم في النصف الأول من عام 2023، حيث سُجلت 2200 حالة وفاة في تلك الفترة.

وجاء في التقرير أن الطريق عبر وسط البحر المتوسط هي الأكثر حصداً للأرواح، حيث شهد وسط البحر المتوسط مقتل واختفاء 1727 على طول شواطئه في تلك الفترة. وأضاف أن غالبية الوفيات سُجلت في تونس تليها ليبيا...»، والأرقام لا تزال أقل من الواقع».

وتضاعف عدد المهاجرين الوافدين عبر البحر إلى إيطاليا تقريباً في عام 2023 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث وصل نحو 140 ألفاً إلى شواطئها حتى الآن. وجاء نحو 91 بالمائة منهم من تونس، وتحملت جزيرة لامبيدوزا الإيطالية الصغيرة العبء الأكبر لأعداد الوافدين.

ترحيل مهاجرين غير نظاميين من ليبيا إلى بلدهم بنغلاديش (المنظمة الدولية للهجرة)

ووقّع الاتحاد الأوروبي وتونس اتفاق «شراكة استراتيجية» في يوليو (تموز) يتضمن مكافحة تهريب البشر، وتشديد الرقابة على الحدود البحرية في ظل الزيادة الحادة في عدد القوارب التي تنطلق من تونس إلى أوروبا.

وسبق لجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة بغرب ليبيا إعادة نحو 1000 مهاجر الأسبوع الماضي، كانوا قد دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية إلى مصر ونيجيريا. وبلغ مجموع عدد المهاجرين الذين جرى ترحيلهم 964، هم 664 مصرياً و300 نيجيري، وفق مسؤولين في الجهاز. كما رحّل بطبرق (شرق البلاد)، الأحد، 7 مهاجرين مصريين إلى بلدهم عبر منفذ «أمساعد - السلوم» البري.

وتؤكد المنظمة الدولية للهجرة أن البيانات التي جمعتها الأمم المتحدة بين مايو (أيار) ويونيو 2023، تشير إلى وجود أكثر من 700 ألف مهاجر على الأراضي الليبية.


مقالات ذات صلة

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

الدبيبة يؤكد أن بلاده «لن تكون ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، ولن تستخدم ورقة ضغط في الصراعات الدولية والإقليمية».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)
تحليل إخباري بلقاسم حفتر ملتقياً القائم بالأعمال الأميركي (السفارة الأميركية)

تحليل إخباري لماذا تَكثّفَ الحراك الدبلوماسي الأميركي في بنغازي؟

تتخذ مباحثات المبعوث الأميركي الخاص السفير ريتشارد نورلاند، والقائم بالأعمال برنت جيرمي، طابعاً دورياً مع الأفرقاء الليبيين، إلا أن هذه المرة لها وقع مختلف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

كانت محكمة إيطالية قضت عام 2015 بالسجن 30 عاماً على خمسة لاعبين ليبيين بتهمة «الاتجار بالبشر»، ومنذ ذاك التاريخ وهم قيد الحبس إلى أن تحركت السلطات الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)
البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)
TT

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)
البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

تشهد العاصمة السودانية المؤقتة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال ووقف الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وتوحيد الاتفاقات الدولية ومبادرات السلام.

ووصل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، إلى المدينة لعقد سلسلة لقاءات مع المسؤولين السودانيين، وفي الوقت نفسه اجتمع نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، الذي وصل البلاد في زيارة قصيرة استغرقت عدة ساعات.

لعمامرة الذي تمتد زيارته إلى يومين ينتظر أن يلتقي خلالها نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، وعضو المجلس إبراهيم جابر، وتختتم بلقاء رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.

وتأتي الزيارة عقب الاجتماع التشاوري الذي عُقد في العاصمة الموريتانية نواكشوط، الأربعاء الماضي، وشارك فيه ممثلون عن الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، وجيبوتي (الرئيس الحالي للهيئة الحكومية المعنية بالتنمية «إيغاد»)، والأمم المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والبحرين والولايات المتحدة الأميركية.

البرهان مستقبلاً المبعوث الأممي إلى السودان رمطان لعمامرة في يناير الماضي (وكالة السودان للأنباء)

وتُعد زيارة لعمامرة إلى بورتسودان الثانية له لبورتسودان منذ اتخاذها عاصمة مؤقتة للحكومة السودانية، ويُنتظر أن تتناول مباحثاته هناك تطور الأوضاع واستمرار الحرب والحركات الدولية الهادفة لوقفها، وذلك عقب اجتماع نواكشوط التشاوري بشأن السودان، تحت اسم «المنظمات متعددة الأطراف الراعية لمبادرات السلام في السودان»، وهدفه توحيد مبادرات السلام الإقليمية والدولية.

ويُنتظر أن يبحث لعمامرة مجدداً محاولة «إحياء» استئناف المفاوضات المباشرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، على أن يقودها «شخصياً»، والوصول في الحد الأدنى لاتفاق لحماية المدنيين، ما يفتح الباب أمام مباحثات لوقف الأعمال العدائية، وإنهاء الحرب سلمياً.

حرص سعودي على السودان

وفي السياق ذاته، قال إعلام مجلس السيادة الانتقالي إن البرهان التقى ببورتسودان، السبت، نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي الذي وصل البلاد في زيارة قصيرة، لبحث العلاقات السودانية - السعودية وتعزيزها وترقيتها، والتعاون المشترك بين البلدين. ونقل الإعلام السيادي عن الخريجي قوله إن المملكة العربية السعودية حريصة على استتباب الأمن والاستقرار في السودان.

البرهان لدى لقائه الوفد السعودي برئاسة نائب وزير الخارجية وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

ولم تكشف بورتسودان عما دار في الاجتماع، بيد أن المسؤول السعودي كان قد ذكر إبان مشاركته في اجتماع نواكشوط التشاوري الأسبوع الماضي، وفقاً لما نقلته «الشرق الأوسط»، أن بلاده تبذل جهوداً حثيثة لحل الأزمة السودانية، مشيراً إلى «مباحثات جدة 1» التي تمخضت عن «إعلان جدة الإنساني» و«مباحثات جدة 2» التي استهدفت إيجاد حل سياسي مستدام، يضمن أمن واستقرار السودان وتماسك الدولة ومؤسساتها، ومواصلة التنسيق بين الدول العربية والإسلامية والصديقة من أجل وقف القتال في السودان، ورفع المعاناة عن شعب السودان.الخريجي: وقف القتال أولوية

وأكد الخريجي أن حل الأزمة السودانية يبدأ بوقف القتال وتعزيز الاستجابة الإنسانية، والتمهيد لمستقبل سياسي يضمن أمن واستقرار البلاد ووحدتها وسيادتها ووقف التدخلات الخارجية.

وكان اجتماع نواكشوط قد دعا للتنسيق الإقليمي والدولي، وعقد اجتماعات تشاورية، تتناول الأوضاع في السودان والجهود والمساعي والمبادرات من أجل وضع حد للاقتتال في السودان، وفي الوقت نفسه كانت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان»، المعروفة اختصاراً بـ«ALPS» في سويسرا، منتصف الشهر الحالي، قد أجرت مشاورات مع فاعلين في المجتمع المدني والنساء والشباب لبحث تصوراتها بشأن خطط من أجل استئناف المباحثات بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

وتأتي الجهود الدبلوماسية التي يقودها مبعوث غوتيريش في بورتسودان، في ظل تصاعد العمليات القتالية بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بما في ذلك الخرطوم والجزيرة ودارفور.

ولا توجد إحصائيات رسمية عن أعداد الضحايا المدنيين بسبب الحرب التي توشك على إكمال عامها الثاني، وتقدرها منظمات دولية بعشرات الآلاف من القتلى والجرحى، بينما يقدر عدد النازحين داخل البلاد بأكثر من 11 مليوناً، وعدد الذين لجأوا لبلدان الجوار بنحو 3 ملايين، من جملة سكان البلاد البالغ عددهم 45 مليوناً، ويعاني نحو 25 مليوناً منهم كارثة إنسانية غير مسبوقة في التاريخ حسب الأمم المتحدة.