الرئيس التونسي يعرض على معتقلين دفع أموال لمغادرة السجن

انتقد المعارضة واتهمها بـ«العمالة للخارج»

الرئيس سعيد خلال استقباله رئيس الحكومة ووزيرة المالية (الرئاسة)
الرئيس سعيد خلال استقباله رئيس الحكومة ووزيرة المالية (الرئاسة)
TT

الرئيس التونسي يعرض على معتقلين دفع أموال لمغادرة السجن

الرئيس سعيد خلال استقباله رئيس الحكومة ووزيرة المالية (الرئاسة)
الرئيس سعيد خلال استقباله رئيس الحكومة ووزيرة المالية (الرئاسة)

قال الرئيس التونسي قيس سعيد إنه سيصدر مرسوما لتعديل قانون الصلح الجزائي، يفرض على رجال الأعمال، الموقوفين في قضايا فساد وجرائم مالية، دفع الأموال المطالبين بإعادتها مقابل مغادرتهم السجون، بحسب ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية».

وعرض الرئيس التونسي ما سماه بالصلح الجزائي في مرسوم أصدره في 2022 على عدد من رجال الأعمال، الملاحقين في قضايا فساد مالي يفرض عليهم إطلاق مشاريع استثمارية في المناطق الفقيرة. لكن تعثر تطبيق هذا القانون منذ صدوره، لتعقبه بعد ذلك حملة إيقافات. ويقبع في السجن منذ سنوات رجال أعمال على صلات بنظام الحكم السابق قبل ثورة 2010، وفشلت جلسات التحكيم التي عرضوها مع الدولة. وقال سعيد في اجتماع مع رئيس الحكومة ووزيرتي العدل والمالية، إنه سيعرض تعديلا في اجتماع مجلس الوزراء المقبل. مشددا على أنه يتعين على الموقوف أن «يدفع أموال الشعب ليخرج من السجن... فتهريب الأموال لا يزال مستمرا... هم يريدون تجويع الشعب وخلق المشاكل داخل البلاد، ولذلك فإن المطلوب منا اليوم هو تطهير البلاد... طفح الكيل». ويردد سعيد في تصريحاته بأن الفساد متفش على نطاق واسع في مؤسسات الدولة. وفي 2021 قدر حجم الأموال التي يطالب باستعادتها من قائمة تضم 460 من رجال أعمال متورطين في جرائم مالية، بـ 13.5 مليار دينار تونسي (نحو 4.5 مليار دولار أميركي) نهبت من المال العام.

الرئيس سعيد اتهم المعارضة التونسية بالتعامل مع عملاء بالخارج وادعاء مناصرة الشعب الفلسطيني (إ.ب.أ)

من جهة ثانية، انتقد الرئيس سعيد بشدة المعارضة التونسية، واتهمها بالتعامل مع عملاء خارج تونس، وادعاء مناصرة الشعب الفلسطيني. وقال على هامش لقاء جمعه مساء أمس (الجمعة) بأحمد الحشاني، رئيس الحكومة، وليلى جفّال وزيرة العدل، وسهام نمسية وزيرة المالية، إن الجميع «في سباق ضد الساعة لصناعة تاريخ جديد لتونس».

وتابع الرئيس موضحا أن هناك من «يدعون اليوم أنهم من (جبهة الإنقاذ)، وكان حرّيا بهم إنقاذ أنفسهم من الفساد... هؤلاء كانوا يتعاملون مع عملاء صهاينة في الخارج وهذا أمر موثق، وها هم اليوم يدعون أنهم يناصرون الشعب الفلسطيني»، بحسب ما بثه فيديو منشور على موقع رئاسة الجمهورية التونسية.

أحمد نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة (إ.ب.أ)

ويرى مراقبون أن الرئيس سعيد خلط بين «جبهة الإنقاذ»، التي تشكلت منذ سنة 2017 من قبل عدد من الأحزاب اليسارية، ولم يعد لها أي تأثير في الوقت الحالي، و«جبهة الخلاص الوطني» المعارضة، التي تشكلت سنة 2022، والتي يرأسها أحمد نجيب الشابي، الذي يعد أحد أهم رموز المعارضة لنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وهي جبهة سياسية مدعومة من قبل حركة النهضة، التي أزيحت من المشهد السياسي. ورجحوا أن تكون انتقادات الرئيس سعيد موجهة لـ«جبهة الخلاص الوطني»، التي تعد أهم طرف معارض لمساره السياسي، الذي أقره منذ 25 يوليو (تموز) 2021.

وتابع الرئيس سعيد قائلا: «يقتضي الواجب والعهد الذي قطعته مع ربي ومع الشعب التونسي ونفسي أن نخوض حربا بلا هوادة ضدّ المفسدين، الذين ما زالوا إلى حد اليوم يتخفون وراء بعض الأشخاص». وواصل هجومه على المعارضة بقوله: «أعلم جيدا اللوبيات التي تعمل من خلال مجموعة من الجمعيات أو وسائل الإعلام... وكل يوم تصلني عشرات الملفات المتعلقة بالفساد، وهي ملفات ما كانت لتصل لرئاسة الجمهورية لو تحمل المسؤولون المسؤولية... هناك عدم شعور بالواجب، وباللحظة التاريخية التي نعيشها اليوم».

على صعيد آخر، كشف أحمد جعفر، رئيس مؤسسة «فداء»، التي تنظر في ملفات شهداء وجرحى الثورة والتعويض لضحايا العمليات الإرهابية، أن المؤسسة درست حتى الآن 165 ملف جريح منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. مبرزا أن المؤسسة تعمل حاليا على إعادة بناء المسار المهني لفائدة أولي الحق من ضحايا العمليات الإرهابية والجرحى، الذين أحيلوا على التقاعد لأسباب صحية.



قمة مصرية - قبرصية - يونانية تطالب بوقف «حرب غزة» وعملية سياسية في سوريا

قمة ثلاثية لقادة مصر وقبرص واليونان في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)
قمة ثلاثية لقادة مصر وقبرص واليونان في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)
TT

قمة مصرية - قبرصية - يونانية تطالب بوقف «حرب غزة» وعملية سياسية في سوريا

قمة ثلاثية لقادة مصر وقبرص واليونان في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)
قمة ثلاثية لقادة مصر وقبرص واليونان في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)

دعت قمة ثلاثية جمعت قادة مصر وقبرص واليونان، في القاهرة، الأربعاء، إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار في غزة، إلى جانب إطلاق عملية سياسية في سوريا، تشمل جميع الأحزاب الوطنية، ودون تدخل أجنبي. كما بحثت في تطورات الأوضاع في ليبيا والسودان والبحر الأحمر، إلى جانب تعميق التعاون المشترك بين الدول الثلاث، خصوصاً في المجالات الاقتصادية.

عُقدت القمة، التي تعد العاشرة من نوعها، برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره القبرصي نيكوس خريستودوليديس ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس.

ودشّنت الدول الثلاث آلية للتعاون الثلاثي على مستوى القمة، عُقد الاجتماع الأول لها في القاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، وتناوبت الدول الثلاث على استضافة اجتماعاتها على مدار السنوات الماضية، حيث عُقدت الجولة التاسعة منها في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بالعاصمة اليونانية أثينا.

الرئيس المصري مع نظيره القبرصي (الرئاسة المصرية)

وسيطرت تطورات الأوضاع الإقليمية على فعاليات قمة القاهرة. وأعربت الدول الثلاث، في البيان الختامي، عن «قلقها بشأن الحرب في غزة، والوضع الإنساني الكارثي الناتج عنها»، ودعت إلى «تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، خصوصاً الوقف الفوري والكامل والشامل لإطلاق النار بالقطاع، وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين والسجناء، وتوزيع المساعدات الإنسانية بشكل آمن»، كما طالب البيان بـ«تنفيذ حل الدولتين لمعالجة أسباب عدم الاستقرار بالشرق الأوسط».

وفي الشأن السوري، أكد البيان ضرورة «إطلاق عملية سياسية شاملة، بملكية وطنية سورية، دون تدخل أجنبي، تشمل جميع الأحزاب السورية»، مع «ضرورة احترام وحدة سوريا واستقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها».

ودعا البيان إلى «حكومة وطنية موحدة وجديدة في ليبيا، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في آن واحد»، كما طالب «بوقف إطلاق النار الشامل والدائم في السودان، واستئناف العملية الانتقالية، وتجنب انتشار التهديدات الأمنية للبحر الأحمر والقرن الأفريقي، إلى جانب استئناف عملية تسوية شاملة للقضية القبرصية، بملكية وإدارة قبرصية».

وعلى صعيد التعاون الثلاثي، أكد البيان «ضرورة ضمان أمن واستقرار المجال البحري في شرق المتوسط»، إلى جانب «مكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة»، و«تعزيز آلية التعاون الثلاثي، خصوصاً في مجالات التجارة والاستثمار، والتوسع في جهود أمن الطاقة من خلال استكشاف الطاقة في المتوسط».

ووقعت الدول الثلاث 4 اتفاقيات تعاون، في مجالات تطوير الموارد المائية، والرعاية الصحية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والعلاقات الاستثمارية. بينما وقعت مصر وقبرص 7 اتفاقيات تعاون ثنائي، في مجالات التعليم والبحث، والاتصالات، وتمكين المرأة، والسياحة، وحماية البيئة، والموارد المائية، والإنذار المبكر للحوادث النووية.

الرئيس المصري مع رئيس الوزراء اليوناني (الرئاسة المصرية)

وعدّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي آلية التعاون الثلاثي «نموذجاً للتعاون الإقليمي المتكامل»، وقال في افتتاح القمة إن «التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث حالياً ضروريان لمواجهة التحديات غير المسبوقة بالمنطقة»، وأشاد بالتعاون في مجال الطاقة، معتبراً أن «تعاون بلاده مع قبرص واليونان في مجال الغاز والربط الكهربائي نقطة تحول إقليمي، ويمثل خطوة مهمة لتمديد الطاقة إلى أوروبا».

ووقعت مصر في أغسطس (آب) 2020 اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية مع اليونان، بينما يعود اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع قبرص إلى عام 2003، إلى جانب مشروع الربط الكهربائي إلى أوروبا. ودفعت شراكة الدول الثلاث إلى تدشين «منتدى غاز شرق المتوسط» عام 2019.

وفي مؤتمر صحافي مشترك، أعقب القمة، قال السيسي إنه «لا سبيل لتحقيق الاستقرار في المنطقة، إلا بوقف شامل لإطلاق النار في غزة، ووقف أي ممارسات تؤدي للتهجير القسري للفلسطينيين»، مؤكداً أن «بلاده لن تقبل بهذه الممارسات».

وعبّر الرئيس القبرصي عن «رفض الدول الثلاث أي تدخل خارجي في شؤون الدول الأخرى، وكذلك انتهاك سيادتها ووحدة أراضيها»، وقال إن «هدف آلية التعاون الثلاثي الوقف الفوري للأعمال العدائية، وتهدئة الأوضاع، والحل السلمي للنزاعات، على أساس القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة».

بينما حذر رئيس وزراء اليونان من خطورة تجدد الصراع في سوريا، وأكد «ضرورة تحقيق الاستقرار في سوريا بمشاركة الجميع، وحماية الأقليات الدينية والعرقية»، وقال إن «بلاده تدعم الجهود المصرية لوقف إطلاق النار في غزة».

ويرى رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير محمد العرابي أن «التنسيق السياسي هو أكثر المجالات تقدماً ونجاحاً، في آلية التعاون المصرية القبرصية اليونانية»، وأكد أهمية توقيت انعقاد قمة القاهرة، مشيراً إلى أنها تأتي «في مرحلة يعاد فيها تشكيل الإقليم، وفي ظل توترات كثيرة تشهدها المنطقة».

ويعتقد العرابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «القمة جاءت للاستعداد لأي متغيرات حادة بالمنطقة، خصوصاً بعد التغيير الذي شهدته سوريا، وتولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مهامه رسمياً»، منوهاً بأن «قبرص واليونان تعبران عن المصالح المصرية داخل الاتحاد الأوروبي».

وفي اعتقاد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة طارق فهمي أن «قمة القاهرة قدمت رسائل عديدة لدول الإقليم على وقع التوترات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً في غزة وسوريا»، مشيراً إلى أن «مخرجات القمة أكدت وجود تحالف ثلاثي في شرق المتوسط يمكن البناء عليه، لدعم مسار التهدئة».

وتطرق فهمي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى مخرجات القمة في ملف الطاقة، وقال إن «نتائجها تعيد إحياء منتدى غاز المتوسط، في وقت تسعى بعض الدول للدخول في عضويته، مثل تركيا».

ووفق البيان الختامي للقمة، فإن «منتدى غاز شرق المتوسط يستند إلى احترام حقوق الدول الأعضاء في مواردهم الطبيعية... وهو مفتوح لعضوية جميع الدول التي تشارك في الأهداف ذاتها، وترغب في التعاون».