أظهرت أعمال اللجنة التحضيرية لـ«المؤتمر الوطني الجامع للمصالحة الوطنية» في ليبيا جانباً من الخلافات بين مؤيدين لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، والمجلس الرئاسي، بصفته الراعي لأعمال المؤتمر.
واتهم بعض المؤيدين للنظام السابق المجلس الرئاسي «بعدم التحرك باتجاه رفع القيود المفروضة على أسرة القذافي»، وأبدوا استغرابهم من فرض مجلس الأمن الدولي «قيوداً» على عجوز تجاوزت السبعين من عمرها، في إشارة إلى أرملة القذافي، صفية فركاش.
وأدت الخلافات حول بعض النقاط المتعلقة بالجلسات التحضيرية للمؤتمر، الذي انعقد منتصف الأسبوع الماضي في مدينة سبها (جنوب) إلى انسحاب الفريق الممثل لسيف الإسلام القذافي من المؤتمر، اعتراضاً على ما وصفه بـ«عدم جدية المجلس الرئاسي في إتمام المصالحة الوطنية»، بحسب ما ذهب إليه الشيخ علي أبو سبيحة، رئيس الفريق، ورئيس «المجلس الأعلى لمدن فزان».
وتحدث أبو سبيحة عن كواليس التحضير للمؤتمر، وأسباب انسحابهم، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، اليوم (الجمعة)، إن المجلس الرئاسي «لم يلتزم بما اتفق عليه في ملتقى طرابلس في يناير (كانون الثاني) الماضي، الذي عرضت فيه دراسة حول آليات عملية المصالحة في ليبيا»، مشيراً إلى أنهم انتهوا إلى مجموعة من التوصيات التي تمت صياغتها، «لكن للأسف شابها التحريف، فسجلنا أول اعتراض، لكن مضينا في استكمال أعمالنا في الجلسات التحضيرية المتتالية».
وأضاف أبو سبيحة موضحاً أن الاتحاد الأفريقي تحرّك لدى الأطراف السياسية في ليبيا، وحدد 7 أطراف، يشكلون اللجنة التحضيرية للإعداد، لـ«المؤتمر الوطني العام للمصالحة». هم مجلس النواب، و«القيادة العامة»، واللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، وحكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومجلس الدولة، بالإضافة إلى المرشح الرئاسي سيف الإسلام القذافي.
وتابع أبو سبيحة: «طوال الفترة الماضية كنا نطالب، كطيف سياسي للدكتور سيف، المجلس الرئاسي بإبداء حسن النية لإتمام المصالحة، وذلك بالسعي للإفراج عن المعتقلين، والمعتقلين السياسيين منذ عام 2011». وتحدث عن «إجراء محاكمات شكلية لبعض السجناء، تتم تحت تهديد السلاح»، كما تطرق أبو سبيحة إلى قضية عبد الله السنوسي (73 عاماً)، صهر القذافي، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق، الذي تستدعيه المحكمة للمثول أمامها، لكن المتحكمين في السجن يمنعونه من ذلك.
وكان مفترضاً عرض السنوسي على محكمة استئناف طرابلس في أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية، لكن «قوة الردع»، وهي ميليشيا مسلحة برئاسة عبد الرؤوف كارة، لم تحضره إلى المحكمة مع منصور ضو، رئيس الأمن المكلف حماية القذافي، فقررت تأجيل النظر في القضية للمرة السابعة على التوالي.
ورأى أبو سبيحة أن المحكمة الجنائية الدولية «تتعقب» سيف القذافي منذ 2011 «ظلماً وعدواناً، لغرض سياسي ودون سند من القانون، ولا يزال ممنوعاً عليه التنقل والسفر خارج البلاد... وقلنا للمجلس الرئاسي في إطار إبداء حسن النية إنه لا بد أن تتحدثوا مع لجنة العقوبات الدولية كي تسمح للدكتور سيف بالسفر والتحرك، ووقف متابعته من المحكمة الدولية، لكن ذلك لم يحدث».
كما تطرق أبو سبيحة إلى أسرة القذافي، وقال إن أرملته صفية فركاش، وابنته عائشة، ونجله محمد، «لا يزالون تحت قيود المنع من السفر، إلا بإذن من مجلس الأمن»، وقال متسائلاً: «هذه كارثة، كيف لمجلس الأمن أن يسمح لنفسه بأن يتعقب عجوزاً تجاوزت السبعين من عمرها؟!».
ومنحت لجنة العقوبات بمجلس الأمن الدولي أرملة القذافي وابنه محمد، في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إعفاء مؤقتاً من حظر السفر، المفروض عليهما بدعوى أنهما «يمثلان خطراً على الأمن الدولي». ويسري مفعول إلغاء قيود السفر لمدة 6 أشهر، اعتباراً من الأول من ديسمبر (كانون الأول) 2023، حتى 31 مايو (أيار) 2024.
كما أوضح أبو سبيحة أنهم طالبوا «بوقف متابعة أسرة (الشهيد) القذافي، كما طالبنا بالكشف عن القبر الذي دفن به الرئيس الراحل ورفيقاه، نجله المعتصم بالله، ووزير دفاعه أبو بكر يونس»، لافتاً إلى وجود «كثير من المغيبين الذين لا تعلم أسرهم أين هم، وكل هذه الملفات لم يبدِ فيها المجلس الرئاسي أي بادرة، ولو إجراءات للبحث عنهم كي نسير في طريق المصالحة».
ما ذهب إليه أبو سبيحة، طالب به أيضاً مؤيدون آخرون للنظام السابق، من بينهم أحد مشايخ قبيلة القذاذفة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنهم عقدوا لقاءات كثيرة مع جميع المسؤولين في ليبيا، من أجل «رفع الضغوط والقيود الدولية» عن أسرة القذافي، بما يمكّنهم من الحياة بحرية، «لكن دون تحرك من أحد، رغم حصولهم على وعود كثيرة».
وأوضح الشيخ، الذي رفض ذكر اسمه، أن مجلس الأمن «يمنحهم الإذن بالتنقل لمدة 6 أشهر، وكأنهم أجرموا. والأمر لا يعدو كونه تصفية حسابات مع النظام السابق».