سياسيون: الحرب هي آخر استثمارات «المؤتمر» في السودان

وزراء ومحللون يصفون بيان وزارة الخارجية بـ«الفضيحة الدبلوماسية»

جانب من القمة الطارئة لمجموعة «إيغاد» (موقع إيغاد على منصة إكس)
جانب من القمة الطارئة لمجموعة «إيغاد» (موقع إيغاد على منصة إكس)
TT

سياسيون: الحرب هي آخر استثمارات «المؤتمر» في السودان

جانب من القمة الطارئة لمجموعة «إيغاد» (موقع إيغاد على منصة إكس)
جانب من القمة الطارئة لمجموعة «إيغاد» (موقع إيغاد على منصة إكس)

أثار وصف الخارجية السودانية للبيان الختامي لقمة الهيئة الحكومية للتنمية في أفريقيا «إيغاد» بأنه «مخالف لقانون الهيئة»؛ لأنه لم يتضمن مقترحات السودان، تكهنات عديدة تتعلق بدواعي إصداره، وتأثيراته على الأوضاع في السودان، وما إن كانت حكومة «الأمر الواقع» تريد من خلاله «إحراج» قائد الجيش، وإفشال جهود وقف الحرب، أم أن الأمر متفق عليه بوصفه واحدة من مناورات الإسلامويين الهادفة لإرباك المجتمع الدولي، وقطع الطريق أمام وقف الحرب.

وقال المتحدث باسم تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير» جعفر حسن لـ«الشرق الأوسط»، إن بيان الخارجية «يعبر عن غياب الدولة بعد الحرب مباشرة، وتحول مؤسساتها لجزر معزولة بعضها عن بعض، وبالتالي أصبح رئيس حكومة الواقع بلا سيطرة على مؤسسات الحكومة كافة».

وأرجع حسن قرار الخارجية «إلى سيطرة حزب المؤتمر الوطني - حزب الإسلاميين - الكاملة على الوزارة، وبالتالي فإن مواقفها تعبر عن موقفه، ومواقف صانعي الحرب الذين لا يريدون وقفها». وأضاف: «جاء بيان الخارجية الرافض للبيان الختامي لـ(إيغاد) تعبيراً عن غضب الإسلاميين من إعفاء كادرهم المهم، وكيل وزارة الخارجية دفع الله الحاج علي، والهدف منه إحراج القائد العام للجيش أمام العالم، إزاء الالتزامات التي تعهد بها».

جانب من القمة الطارئة لمجموعة «إيغاد» (موقع إيغاد على منصة إكس)

وأوضح أن «حزب (المؤتمر الوطني) و(الحركة الإسلامية) يعملان ضد وقف الحرب، وبالتالي إفشال أي تقارب قد يقود لوقفها». وتابع: «أي معادلة للتسوية سيكون المتضرر الأول منها، هو حزب (المؤتمر الوطني) الذي أشعل الحرب»، واستطرد: «انكشفت عورتهم، وسقطت ورقة التوت التي كانت تسترهم، وعرف كل العالم والسودانيون أنهم من أشعلوا الحرب، لذلك يعملون على استمرار القتال... هذه الحرب آخر استثمارات الحركة الإسلامية».

وأثار البيان غضب الإسلاميين وحزبهم «المؤتمر الوطني» ومؤيدي الجيش كافة، وحمّل الكثيرون منهم المسؤولية لوزير الخارجية علي الصادق، الذي نشطت وسائط التواصل الموالية لهم، في حملات تطالب بإقالته، فيما وجه بعضهم اتهامات لـ«إيغاد» بعدم الدقة إن لم يكن «التآمر» على السودان، بينما رأى محللون أن بيان الخارجية وتراجعها عما وافق عليه البرهان، مجرد «مناورة» لإرباك المجتمعين الدولي والإقليمي، والقوى الداعية لوقف الحرب عن طريق التفاوض.

رئيس «مجلس السيادة الانتقالي» السوداني يلتقي سكرتير «إيغاد» (الأحد) في جيبوتي (إعلام مجلس السيادة)

وحمل الصحافي طلال مدثر على صفحته في «فيسبوك» المسؤولية لوزير الخارجية علي الصادق، بقوله: «الوزير غادر مكان انعقاد القمة إلى السودان، بينما الجلسات مستمرة على مستوى الوزراء والسفراء، للتداول حول مسودة البيان الختامي»، وأضاف مستنكراً: «قمة استثنائية خاصة ببلدك ومنعقدة بخصوص أزمتك، وتتقاطع فيها المصالح، وتحتشد من أجلها أجندات كثيرة، فكيف تترك بيانها الختامي ليصاغ بليل؟».

ووصف مدثر موقف الخارجية السودانية بأنه «خطأ لا يغتفر»؛ لأن كلفته عالية، ستغرق السودان في لجج الصراع مع العالم والإقليم، وتابع: «السيد وزير الخارجية أنت أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض، وحدث ما حدث، ولن يجدي الآن التباكي على (البيان) المسكوب».

أما وزير الإعلام في حكومة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، فيصل محمد صالح، فقد ذكر في تعليقه على بيان الخارجية رداً على البيان الختامي لقمة «إيغاد» الطارئة، إن أي بيان ختامي هو موضع اهتمام السكرتارية التنفيذية والدولة التي ترأس القمة، ومن حق الدول الأعضاء تكليف بعض دبلوماسييها بالحضور والمتابعة، وأضاف: «من الطبيعي أن تكون الدولة التي لها قضايا نوقشت في الاجتماع هي الأحرص، وربما تتابع الأمر على مستوى الوزراء، وإذا سجلت الاعتراضات قبل صدور البيان، يمكن إبلاغ رئاسة القمة حتى لا تجاز المسودة وتوزع»، وأضاف: «لست ملماً بما حدث بالضبط، لكن المؤكد أن هناك تقصيراً قد حدث».

محمد حمدان دقلو (حميدتي) أعلن قبوله وقف النار ولقاء البرهان (أ.ب)

ورأى صالح أن النقطة المتعلقة باشتراط البرهان وقف إطلاق النار قبل ملاقاة «حميدتي»، وخروج قواته من العاصمة وتجميعها خارجها، «كان يجب إدراجها بالشكل الذي قالت به الخارجية، إذا كان قد اشترط مثل هذا الشرط، ومن الواجب تضمينه في البيان الختامي».

ووصف صالح بيان «الخارجية» بأنه «فضيحة دبلوماسية كاملة الدسم»، وقال: «مع الأسف الشديد، هو دليل جديد على التدهور الذي ضرب كل جوانب حياتنا، ووصل إلى معقل الدبلوماسية السودانية العريق».


مقالات ذات صلة

السودان... تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر

شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم 26 سبتمبر (رويترز)

السودان... تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر

تصاعدت حدة القتال، الجمعة، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في عدد من الجبهات مع سقوط عشرات القتلى والجرحى خلال الـ24 ساعة الماضية بصفوف الجانبين.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان يدلي بخطابه في الأمم المتحدة بنيويورك 26 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

البرهان: لا شروط مسبقة للحوار ونطالب بتنفيذ «اتفاق جدة»

أكد رئيس مجلس السيادة قائد القوات المسلحة السودانية الفريق عبد الفتاح البرهان أنه «لا يضع شروطاً مسبقة» للحوار، وطالب «قوات الدعم السريع» بتنفيذ «اتفاق جدة».

علي بردى (نيويورك)
الخليج الربيعة يلقي كلمة السعودية في اجتماع بشأن الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان (واس)

الربيعة: السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإعادة الأمل للسودانيين

أكد الدكتور عبد الله الربيعة المشرف على «مركز الملك سلمان للإغاثة» أن السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإيجاد سبل لإعادة الأمل إلى شعب السودان منذ بداية أزمة بلادهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة play-circle 01:27

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

عاش سكان العاصمة السوداني الخرطوم شللاً مفاجئاً، فيما قال شهود ومصادر عسكرية إن الجيش السوداني شن قصفاً مدفعياً وجوياً في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الخميس.

محمد أمين ياسين (نيروبي) أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو أيام تحالفهما (أرشيفية)

البرهان: أدعم جهود إنهاء «احتلال» قوات «الدعم السريع» أراضي بالسودان

قال قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، اليوم (الخميس)، إنه يؤيد الجهود الرامية لإنهاء الحرب المدمرة في بلده.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (نيويورك)

ارتياح مصري - تركي لتقدم العلاقات الثنائية

محادثات عبد العاطي وفيدان في نيويورك (الخارجية المصرية)
محادثات عبد العاطي وفيدان في نيويورك (الخارجية المصرية)
TT

ارتياح مصري - تركي لتقدم العلاقات الثنائية

محادثات عبد العاطي وفيدان في نيويورك (الخارجية المصرية)
محادثات عبد العاطي وفيدان في نيويورك (الخارجية المصرية)

أبدت مصر وتركيا ارتياحهما للتقدم الذي تشهده العلاقات الثنائية. وأكدت محادثات جرت بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره التركي هاكان فيدان، في نيويورك، «تطلع القاهرة وأنقرة لمواصلة العمل على دفع العلاقات الاقتصادية والاستثمارية، والوصول بحجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 15 مليار دولار، وزيادة حركة السياحة، وتعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، وبما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين».

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أنقرة، مطلع الشهر الجاري، بدعوة من نظيره التركي رجب طيب إردوغان، في زيارة عكست تطور العلاقات بين البلدين، بعد زيارة الرئيس التركي للقاهرة في فبراير (شباط) الماضي.

وأكدت القاهرة حينها أن زيارة السيسي التاريخية لتركيا «تمثل محطة جديدة في مسار تعزيز العلاقات بين البلدين، وللبناء على زيارة الرئيس إردوغان التاريخية لمصر، وتأسيساً لمرحلة جديدة من الصداقة والتعاون المشترك، سواء على المستوى الثنائي، أو على المستوى الإقليمي، الذي يشهد تحديات جمة تتطلب التشاور والتنسيق بين البلدين».

الرئيس المصري خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي في أنقرة الشهر الحالي (الرئاسة المصرية)

التأكيد المصري - التركي جاء خلال لقاء عبد العاطي وفيدان على هامش أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة. ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، الجمعة، فإن الوزيرين أعربا عن الارتياح للتقدم الذي تشهده العلاقات الثنائية خلال الفترة الأخيرة على ضوء زيارة السيسي إلى تركيا في سبتمبر (أيلول) الجاري، والتوقيع على الإعلان المشترك للاجتماع الأول لـ«لجنة التعاون الاستراتيجي» رفيعة المستوى، وكذا زيارة الرئيس التركي إلى مصر في فبراير الماضي.

وشهدت علاقات مصر وتركيا اتجاهاً متصاعداً نحو التطبيع، بعد عقد كامل من الانقطاع والتوتر، بسبب دعم أنقرة جماعة «الإخوان» التي تحظرها السلطات في مصر منذ نهاية عام 2013. وتسارع مسار التطبيع منذ مصافحة إردوغان والسيسي خلال افتتاح مونديال كأس العالم في قطر عام 2022. وأعلن البلدان في يوليو (تموز) من العام الماضي، ترفيع العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى السفراء.

وقالت الحكومة المصرية، الشهر الجاري، إن «هناك رغبة صادقة لمصر وتركيا في إحداث المزيد من تطوير العلاقات والتعاون بينهما خلال المرحلة المقبلة». وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع للحكومة في العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، أن «زيارة الرئيس السيسي لتركيا، التي تعد أول زيارة له لأنقرة، تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون والتكامل بين البلدين». وأضاف أن «هذه الزيارة سيكون لها أثر إيجابي في إرساء وتوطيد التعاون بمختلف المجالات، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي والتبادل التجاري».

فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها بين الأنقاض (أ.ف.ب)

تطورات منطقة الشرق الأوسط، والتصعيد الإسرائيلي في لبنان، واستمرار العدوان على الفلسطينيين، كانت حاضرة بقوة خلال مناقشات «عبد العاطي - فيدان». وتوافق الوزيران على «ضرورة تحقيق وقف ‏فوري وشامل ودائم لإطلاق النار في غزة ولبنان، وتجنيب المنطقة الانزلاق إلى حرب إقليمية، وأهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته لاحتواء هذا التصعيد الخطير».

وسبق أن توافق «السيسي - إردوغان» خلال محادثاتهما في أنقرة، على ضرورة «الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ورفض التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، والدعوة للبدء في مسار يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، وعاصمتها (القدس الشرقية)، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، فضلاً عن التعاون المستمر لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، رغم المعوقات المستمرة التي تفرضها إسرائيل».

وأكدت «الخارجية المصرية» في بيانها، الجمعة، أنه تم خلال لقاء عبد العاطي وفيدان في نيويورك «تبادل الرؤى حول عدد من القضايا والأزمات التي تمر بها المنطقة في السودان، وليبيا، وسوريا، واليمن، والبحر الأحمر، فضلاً عن التطورات في منطقة القرن الأفريقي». واتفق الوزيران على «استمرار التنسيق والتعاون إزاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية».