«الجيش» و«الدعم السريع» يتوافقان على التشكيك في بيان «إيغاد»

لجنة «الصليب الأحمر» مصدومة من استهداف قافلتها

جانب من أنشطة (الصليب الأحمر) في السودان (الموقع الرسمي للصليب الأحمر)
جانب من أنشطة (الصليب الأحمر) في السودان (الموقع الرسمي للصليب الأحمر)
TT

«الجيش» و«الدعم السريع» يتوافقان على التشكيك في بيان «إيغاد»

جانب من أنشطة (الصليب الأحمر) في السودان (الموقع الرسمي للصليب الأحمر)
جانب من أنشطة (الصليب الأحمر) في السودان (الموقع الرسمي للصليب الأحمر)

أظهرت إفادتان منفصلتان لـ«الخارجية السودانية» الموالية للجيش، و«قوات الدعم السريع» بشأن بيان لقمة عقدتها مجموعة الهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد»، السبت، حول الأزمة السودانية، توافقاً نادراً بين الطرفين على التشكيك في نص مخرجاتها، خصوصاً ما يتعلق بشروط قيادتَي الجانبين لعقد اجتماع مشترك.

كان بيان ختامي صادر عن «إيغاد» قد أفاد بتعهد قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بالاجتماع في أقرب وقت ممكن والوقف «غير المشروط» لإطلاق النار.

لكنَّ «الدعم السريع» قالت في بيان إن قبول حميدتي الاجتماع كان «مشروطاً بعدم حضور البرهان بصفته رئيساً لـ(مجلس السيادة) الحاكم»؛ وجاء ذلك بعد تشكيك آخر من «الخارجية» السودانية التي أعربت عن رفضه، وقالت إن السودان «غير معني به».

وحددت «الخارجية السودانية» عدداً من نقاط التحفظ، منها الإشارة إلى مكالمة جمعت بين رؤساء «إيغاد» وقائد «الدعم السريع»، وقالت: «إن هذه المكالمة جرت بين الرئيس الكيني (ويليام روتو)، وقائد التمرد (تقصد حميدتي)، وبعد انتهاء القمة، وبالتالي لا تعد من أعمال القمة، حتى يشار إليها في البيان الختامي».

ورغم ذلك، أعلنت «قوى الحرية والتغيير» ترحيبها ببيان «إيغاد»، وبشكل خاص بما ورد حول إعلان القائد العام للقوات المسلحة وقائد قوات «الدعم السريع» التزامهما وقف إطلاق النار غير المشروط واعتماد خيار الحل السلمي السياسي». وأضافت أنه «في حال الالتزام بما ورد في البيان في هذا السياق سيكون تطورا إيجابياً وملحوظاً ويمكن البناء عليه».

معارك محدودة

على صعيد ميداني دارت معارك محدودة، الاثنين، بين الجيش و«قوات الدعم» في أحياء الخرطوم ووسط مدينة أمدرمان، وقصف الجيش بالمُسيّرات مواقع وأهدافاً تابعة لـ«الدعم السريع» في جنوب ووسط العاصمة، فيما دارت اشتباكات بالأسلحة الخفيفة وسط أمدرمان.

وقال شهود عيان لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إن «طائرات مُسيّرة تابعة للجيش قصفت مواقع وأهداف لـ(قوات الدعم) في أحياء بري والمنشية شرق الخرطوم، والمجاهدين والأزهري جنوبها، وأجزاء من أحياء جبرة والصحافة في محيط سلاح المدرعات».

وذكر الشهود أن أعمدة الدخان تتصاعد بكثافة من أحياء وسط الخرطوم. وأفادوا بأن الجيش نفّذ قصفاً مدفعياً من منطقة كرري العسكرية شمال مدينة أمدرمان باتجاه تمركزات لقوات «الدعم السريع» في أحياء غرب المدينة.

ويحاول الجيش التقدم براً من محوري منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال مدينة أمدرمان، والمهندسين في الجنوب، في مسعى للسيطرة على وسط وغرب المدينة لقطع الإمدادات عن «الدعم السريع» من غرب البلاد، خصوصاً بعد تدمير جسر شمبات الشهر الماضي الذي تبادل الطرفان الاتهام بشأن استهدافه.

الصليب الأحمر

في غضون ذلك، أعربت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» عن «صدمتها وجزعها» جراء استهداف قافلة تابعة لها في أثناء إجلاء مدنيين من العاصمة السودانية، وأعلنت إلغاء عملياتها لتقييم الأوضاع بعد الهجوم الذي وقع (الأحد) وأسفر عن مقتل شخصين، وإصابة 7 آخرين من بينهم 3 من موظفي اللجنة.

كان الجيش السوداني قد أعلن إصابة عدد من من موظفي «الصليب الأحمر» جراء إطلاق عناصره النار على موكب إجلاء مدنيين من بينهم أجانب من جنسيات مختلفة بمنطقة الشجرة جنوب الخرطوم «لعدم التزامهم بالمسار المحدد المتفق عليه إلى نقطة التسليم»، على حد وصف بيان الجيش.

وحمّل الجيش موظفي «الصليب الأحمر» جانباً من المسؤولية عن الحادث، وقال إن قافلتهم «حضرت برفقة عربة مسلحة تتبع (قوات الدعم السريع) عليها مدفع رشاش مما أدى إلى تعرض الموكب لإطلاق نار وحدوث عدد من الإصابات بين ممثلي المنظمة».

وأوضحت لجنة «الصليب الأحمر» أن القافلة «كانت تجلي أكثر من 100 من المدنيين من الخرطوم إلى مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (وسط البلاد) عندما تعرضت للهجوم عند دخولها منطقة الإجلاء على الرغم من أن القافلة كانت تضم ثلاث سيارات وثلاث حافلات للجنة تميّزها شارة الصليب الأحمر».

وقال رئيس اللجنة الدولية في السودان، بيير دوريس، إن «هذا الهجوم غير مقبول، وقلوبنا تنفطر حزناً وألماً لهذا المصاب». مضيفاً: «أشعر بالصدمة إزاء الاستخفاف الصارخ بشارة (الصليب الأحمر) التي لا بد من احترامها وحمايتها وفق القانون الدولي الإنساني».

وقال: «كانت مهمتنا نقل هؤلاء المدنيين إلى مكان آمن، لكن ما يؤسَف له أن أرواحاً أزهقت»، مؤكداً استعداد اللجنة لمواصلة تنفيذ الإجلاء بالسودان، شريطة أن «تحترم أطراف النزاع شارتَي (الصليب الأحمر) و(الهلال الأحمر) اللتين لا يجوز مُطلقاً استهداف حامليهما».

ووفقاً للأمم المتحدة قُتل 19 شخصاً من العاملين في مجال الإغاثة في 17 هجوماً، منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) الماضي.


مقالات ذات صلة

مصر تجدد دعمها الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان خلال استقبال بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مصر تجدد دعمها الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

تعد زيارة بدر عبد العاطي إلى بورتسودان، الثانية خلال شهرين، حيث كانت الأولى مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بهدف «تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين».

أحمد إمبابي (القاهرة ) وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا سودانيون في شوارع بورتسودان (أ.ف.ب)

وزير خارجية مصر يؤكد دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

أكد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، اليوم، على دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السودانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يحتفلون في مروي في الولاية الشمالية شمال السودان في 11 يناير 2025... بعد أن أعلن الجيش دخول عاصمة ولاية الجزيرة الرئيسية ود مدني (أ.ف.ب)

الجيش السوداني ينفي تورّطه في هجمات على مدنيين بولاية الجزيرة

نفى الجيش السوداني، اليوم (الثلاثاء)، تورطه في هجمات على مدنيين في ولاية الجزيرة التي استعاد عاصمتها ود مدني من «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أعمدة من الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

أكثر من 120 قتيلاً بقصف على أم درمان

أفاد مسعفون سودانيون بأن أكثر من 120 شخصاً قُتلوا، أمس (الاثنين)، في قصف استهدف منطقة بأم درمان الواقعة ضمن الخرطوم الكبرى.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
TT

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)

في حين تغرق العلاقات بين الجزائر وباريس في دوامة من التوترات، جدّد جزائريون يعيشون بوسط فرنسا حملة سبق أن أطلقوها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لنزع اسم حاكم عسكري بالجزائر خلال القرن الـ19، اشتهر بالبطش ضد قبائل قادت ثورات عسكرية، بهدف طرد الاستعمار الفرنسي من البلاد.

مبادرة الجالية الجزائرية في فرنسا تأتي في وقت تتفاقم فيه التوترات بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

القصة بدأت قبل عدة أسابيع، عندما بدأت «جمعية فرنسيين من أصول جزائرية» تنشط بمدينة ليون، تضغط على عمدتها غريغوري دوسيه، من أجل استبدال اسم المارشال توماس بيجو (1784-1849) من شارع رئيسي بالدائرة السادسة بالمدينة، بحجة أن «الإبقاء عليه تمجيدٌ لمجرم حرب، وإهانة لنا، ولجميع الفرنسيين الذين يؤمنون بقيم الجمهورية والقيم الإنسانية لبلدنا فرنسا»، وفق ما كتبه ناشطو الجمعية في حساباتهم بالإعلام الاجتماعي.

ونظم مئات الأشخاص، عدد منهم يحمل جنسيتي البلدين، وآخرون هاجروا من الجزائر إلى فرنسا في بداية الألفينات، مظاهرة الأحد الماضي في الشارع، الذي يحمل اسم بيجو، لمطالبة رئيس البلدية دوسيه بإلغاء اسمه من المكان، على أساس أنه «عرف بمجازره التي ارتكبها في الجزائر في القرن التاسع عشر».

ووصف المتظاهرون أنفسهم بأنهم «أبناء مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، الذين تم خنقهم وحرقهم أحياء على يد مارشال فرنسا توماس بيجو»، الذي حكم الجزائر من 1830 إلى 1840.

اسم المارشال بيجو على اللوحة في باريس قبل نزعه (متداولة)

ويناضل المحتجون ليحمل الشارع، الذي يقع بالقرب من القنصلية الجزائرية، اسم «شارع 17 أكتوبر 1961»، تكريماً لـ297 جزائرياً نكّل بهم محافظ شرطة باريس، موريس بابون، عندما خرجوا في مظاهرات في ذلك التاريخ لدعم ثورة التحرير (1954-1962)، التي كانت على وشك الحسم مع الاستعمار.

ووفق الصحافة المحلية في ليون، فقد أعلن غريغوري دوسيه منذ فترة عن دعمه لفكرة تغيير تسمية شارع بيجو، وأكدت أنه «من المتوقع أن تطلق مدينة ليون في الأسابيع المقبلة لجنة من الخبراء لإجراء جرد للشارع والتماثيل، وكذا اللوحات والمواقع التي تُثير الجدل، وتقديم حلول لكل منها».

عمدة مدينة ليون غريغوري دوسيه (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

من جهته، أعلن «الاتحاد الجزائري»، وهو جمعية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، عزمه رفع دعوى قضائية ضد دوسيه بتهمة «تمجيد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية»، مقترحاً أن يصبح شارع بيجو «شارع كاميل بلان»، عمدة إيفيان-ليه-بان، الذي جرى اغتياله عام 1961 من قِبَل «منظمة الجيش السري»، في حين كان يناضل من أجل السلام في الجزائر.

وقتلت هذه المنظمة المئات من الأشخاص في الجزائر غداة الإعلان عن استقلالها عام 1962، رافضة فكرة خروج فرنسا منها.

عمدة باريس تشرف على إعادة تسمية الشارع بالدائرة 16 (بلدية باريس)

وفي حين يستمر الجدل في ليون، حسمت عمدة باريس، آن هيدالغو، القضية نفسها عندما نزعت في 14 من أكتوبر الماضي، اسم المارشال بيجو من طريق رئيسي بالدائرة رقم 16 «بسبب دوره السيئ في الجزائر؛ حيث ارتكب ما يمكن أن يعد اليوم جرائم حرب»، وفق بيان للعمدة التي تنتمي لليسار، والتي سمّت الطريق نفسه باسم هوبرت جيرمان، أحد رموز تحرير فرنسا من ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

وتتزامن هذه التطورات مع اقتراب العلاقات بين البلدين من القطيعة، بعد أن اشتدت الأزمة بين البلدين في يوليو (تموز) الماضي، عندما أعلنت باريس دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وهو ما أثار سخط الجزائر، التي سحبت سفيرها فوراً، وألغت ترتيبات زيارة كانت ستقود الرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا في خريف العام الماضي.

جانب من المظاهرة بدعم من الحزب الشيوعي الفرنسي (متداولة)

ومع ذلك ظل هدير الأزمة صامتاً، على الرغم من الحملات التي شنّها اليمين الفرنسي المتطرف بهدف إلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يؤطر مسائل الإقامة والدراسة والعمل والتجارة، و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.