مصر وأميركا تدعمان «تسوية سياسية» بين أفرقاء الأزمة الليبية

طرابلس تستنكر توقيع مذكرة تفاهم بين القاهرة وسول بشـأن تصدير النفط

المبعوث الأميركي إلى ليبيا نورلاند يلتقي شكري وزير الخارجية المصري في واشنطن (الخارجية المصرية)
المبعوث الأميركي إلى ليبيا نورلاند يلتقي شكري وزير الخارجية المصري في واشنطن (الخارجية المصرية)
TT

مصر وأميركا تدعمان «تسوية سياسية» بين أفرقاء الأزمة الليبية

المبعوث الأميركي إلى ليبيا نورلاند يلتقي شكري وزير الخارجية المصري في واشنطن (الخارجية المصرية)
المبعوث الأميركي إلى ليبيا نورلاند يلتقي شكري وزير الخارجية المصري في واشنطن (الخارجية المصرية)

تترقب الأوساط السياسية في ليبيا الإعلان عن موعد ومكان انعقاد اجتماع «الخمسة الكبار»، الذي دعا إليه عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي إلى البلاد، بقصد مناقشة نقاط الخلاف حول قانوني الانتخابات، ويأتي هذا الترقب وسط تأكيد مصري وأميركي على دعم مسار التسوية السياسية بين أفرقاء الأزمة.

والتقى السفير ريتشارد نورلاند، المبعوث الأميركي إلى ليبيا، بوزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال زيارته الحالية إلى واشنطن. وقال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث باسم الخارجية المصرية، مساء أمس (الخميس) إن شكري أكد خلال اللقاء على موقف مصر «الثابت والداعم لمسار الحل الليبي - الليبي، دون أي إملاءات خارجية».

وتبدي القاهرة تمسكها بـ«عدم تجاوز دور المؤسسات الليبية، استناداً إلى المرجعيات الليبية للتسوية، وخاصة اتفاق (الصخيرات) (وقع في المغرب نهاية عام 2015)، وبما يفضي إليه من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في ليبيا في أقرب وقت».

وأضاف المتحدث أن شكري شدد على ضرورة «وقف التدخلات الخارجية في ليبيا، وخروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة منها في مدى زمني محدد، حرصاً وتأكيداً على سيادة واستقرار ليبيا».

ومن جانبه، أكد المبعوث الأميركي إلى ليبيا «على التعاون القائم والمستمر بين مصر والولايات المتحدة من أجل التوصل إلى السبل الناجعة للتعامل مع الأزمة الليبية بهدف إرساء الاستقرار في جميع أرجاء البلاد بشكل مستدام، وفقاً للمرجعيات ذات الصلة»، مثمناً وفقا للخارجية المصرية «الدور المحوري»، الذي تضطلع به القاهرة و«جهودها المستمرة» من أجل دعم مسار التسوية في ليبيا.

الدبيبة خلال لقاء سابق مع باتيلي في طرابلس للبحث في أزمة الانتخابات (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)

واستمع باتيلي على مدار الأيام الماضية إلى وجهة نظر غالبية الأطراف السياسية في ليبيا بشأن معضلة عقد الاستحقاق الرئاسي والنيابي المُنتظر، وسط «تباينات عميقة واشتراطات» يراها بعض المتابعين «كفيلة بنسف فكرة الاجتماع بسبب تمسك كل طرف بما يعتقد أنه هو الصواب».

وظلت الأوساط السياسية في ليبيا تترقب تحرك البعثة الأممية حيال حالة الجمود المسيطرة على المشهد السياسي، بعد فشل مجلسي النواب و«الدولة» في التوصل إلى حل بشأن قانونَي الانتخابات، إلى أن أعلن باتيلي في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن توجيهه دعوات إلـى «الخمسة الكبار»، بوصفهم «فاعلين رئيسيين»، إلى عقد اجتماع لمناقشة الخطوات المقبلة للاستحقاق المنتظر. وهؤلاء الخمسة هم محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، والقائد العام لـ«الجيش الوطني» خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بالإضافة إلى عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ومحمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة.

لكن عددا من السياسيين يتوقعون «فشل» مبادرة باتيلي، بالنظر إلى تمسك كل فصيل بوجهة نظره؛ حيث يؤكد الدبيبة على رؤية حكومته التي تتمثل في إجراء انتخابات «نزيهة، وفق قوانين عادلة»، في حين يربط صالح مشاركته في الاجتماع بدعوة الحكومة المكلفة من قبل مجلس النواب، التي يترأسها أسامة حمّاد. ومن جانبه صعّد صالح في مواجهة البعثة، عادّا حكومة حمّاد هي «الحكومة الشرعية، ومن تمثل الليبيين في المحافل الدولية».

في شأن مختلف، عبرت وزارة النفط والغاز التابعة لحكومة «الوحدة» بغرب ليبيا، عن استنكارها بشأن ما قالت إنها اتفاقية مبرمة بين مصر وكوريا الجنوبية، تتعلق «بتصدير النفط الليبي عبر ميناء جرجوب المصري».

محمد عون وزير النفط والغاز في حكومة الدبيبة (المكتب الإعلامي للوزارة)

ونوّهت وزارة النفط التابعة للدبيبة في بيان مساء أمس (الخميس) إلى أن «الجزئية المتعلقة بليبيا في البيان المصري تتمثل في إنشاء خط أنابيب بترول من الأراضي الليبية وحتى ميناء جرجوب، وإعادة التصدير للدول الأوروبية». وقالت: «إنها وهي تستنكر ما جاء بخصوص دولة ليبيا في البيان المصري، توضح وتؤكد على أن الوزارة لم يكن لديها علم بهذا الشأن، فهي لم تُـعلـم، ولم تُـستـشر، ولم يُـرجع إليها في أي حال».

وانتهت وزارة النفط إلى أن ليبيا لديها سبعة موانئ نفطية على البحر المتوسط، يتم من خلالها تصدير النفط الخام، وبالتالي ليست بحاجة إلى ميناء آخر خارج حدودها، أو مد خطوط نفط برية لأجل تصدير النفط؛ خصوصاً أن الموانئ الليبية قريبة جداً من السواحل الأوروبية، كما هو الحال تحديداً مع ميناء الحريقة.

وسبق لوزارة النقل المصرية الإعلان في 28 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة النقل، ستوقع مذكرة تفاهم مع حكومة كوريا الجنوبية ممثلة في شركة (STX) الكورية الجنوبية بشأن أعمال التنمية والشراكة الاستراتيجية بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بجرجوب، وتشمل منطقة لوجيستية صناعية وميناء جرجوب البحري.

وقالت الوزارة المصرية إن التعاون الاستثماري مع الشركة الكورية سيتضمن «إنشاء خط أنابيب بترول من الأراضي الليبية وحتى ميناء جرجوب، وإعادة التصدير للدول الأوروبية»، وهو ما أثار استنكار وزارة النفط الليبية.


مقالات ذات صلة

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

شمال افريقيا اجتماع الدبيبة مع سفير تركيا وملحقها العسكري (حكومة الوحدة)

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

وصول آليات عسكرية مفاجئة إلى طرابلس وقوات «الوحدة» تعزز مواقعها في الزاوية

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)

ليبيون يتخوفون من احتمال انهيار «اتفاق وقف النار» بين الحكومتين المتنازعتين

عوامل عديدة دفعت الليبيين خلال الأيام القليلة الماضية للقلق والخوف من احتمالية من عودة الاقتتال بين السلطتين المتنازعتين على السلطة في شرق البلاد وغربها.

جاكلين زاهر (القاهرة )
تحليل إخباري وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

تحليل إخباري بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة بحوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

يتداول حقوقيون ليبيون صوراً ومقاطع فيديو تظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء يتعرضون للضرب بخراطيم وأعواد خشبية وآخرين على أجسادهم آثار تعذيب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا طائرة عسكرية روسية تقترب من قاعدة حميميم الجوية على ساحل اللاذقية بسوريا في 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها بعد سقوط حليفها الأسد

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على بلدات في الجزيرة

سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على بلدات في الجزيرة

سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

شن الجيش السوداني، الأربعاء، هجوماً برياً كبيراً من عدة محاور على أطراف ولاية الجزيرة وسط البلاد، استعاد على أثرها، السيطرة على عدد من البلدات والقرى على تخوم العاصمة ودمدني، من سيطرة «قوات الدعم السريع»، حسب مصادر تابعة للجيش.

وأفادت المصادر بأن الجيش حرر بالكامل بلدة الحاج عبد الله جنوب مدني، فيما تقدمت قواته وأحكمت سيطرتها على القرى المجاورة لها. وبثت عناصر من الجيش السوداني مقاطع فيديو على موقع «فيسبوك» من داخل السوق الرئيسية للبلدة. ولم يتسنَّ الـتأكد من هذه الأنباء من مصدر مستقل، فيما لم تنف أو تؤكد مصادر من «الدعم السريع».

وفي محور أم القرى شرق الجزيرة، دارت معارك شرسة بين «قوات درع السودان»، المتحالفة مع الجيش، بقيادة أبو عاقلة كيكل، و«قوات الدعم السريع»، ولا تزال الاشتباكات جارية بين الطرفين حتى كتابة هذا التقرير، مساء الأربعاء. وقالت «درع السودان» في بيان على موقعها بـ«فيسبوك»، إن قواتها طوقت بلدة (أم القرى) حيث تتمركز «قوات الدعم السريع» في المنازل والأعيان وسط المدينة. وأشارت إلى أن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني تدخل وشن غارات جوية لقطع طرق إمداد «الدعم السريع» بالأسلحة والقوات من الناحية الغربية للمدينة، حيث تجري المعركة في منطقة مكشوفة. وأكدت «درع السودان» سقوط عدد من القتلى والجرحى وسط قواتها.

نازحون في مدينة بورتسودان (شرق) في طريق عودتهم إلى مناطقهم التي استعادها الجيش السوداني (أ.ف.ب)

وجاء الهجوم الذي يعد الأكبر منذ أشهر، بعد يومين من تفقد مساعد القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، الخطوط الأمامية لقوات الجيش في المحاور المتقدمة باتجاه بولاية الجزيرة. وأطلق الجيش السوداني والفصائل المتحالفة بعد أشهر من الاستعدادات والتحشيد، فجر الثلاثاء، عملية واسعة النطاق على المناطق المحيطة بعاصمة الجزيرة، وتمكنت قواته للمرة الأولى من التوغل في العمق والسيطرة على مواقع عدة.

ومنذ أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2023، سيطرت «قوات الدعم السريع» على 6 محليات في ولاية الجزيرة، ولم يتبق للجيش سوى محلية المناقل التي ما زالت تحت سيطرته، ويسعى لاستعادة الولاية كاملة.

قصف جوي جنوب الخرطوم

وقتل 7 أشخاص وأصيب 17 آخرون في غارات جوية للجيش السوداني جنوب العاصمة الخرطوم خلال 24 ساعة الماضية، وفق ما أعلنته غرفة طوارئ جنوب الحزام الأخضر بالعاصمة. وقالت الغرفة: «لليوم الثاني يستهدف القصف الجوي الأحياء المأهولة بالسكان، مأ أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين». وأضافت في بيان على موقعها على «فيسبوك»: «فجر الأربعاء، قتل أيضاً 6 أشخاص، من بينهم أطفال، وأصيب العشرات في سلسلة غارات جوية نفذها الطيران الحربي للجيش السوداني».

وقال سكان في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة. وأضافوا أن «الطيران الحربي ظل منذ اندلاع الحرب يشن غارات جوية بالبراميل المتفجرة على عدد من مناطق جنوب الحزام الأخضر، ما أوقع ضحايا بالمئات بين قتيل وجريح». ونُقل بعض المصابين والجثامين إلى مستشفى بشائر الوحيد الذي يعمل في منطقة جنوب الحزام.

وأطلق متطوعون نداءات للكوادر الطبية للتوجه إلى المستشفى لإسعاف عشرات الجرحى بإصابات متفاوتة بعضها خطرة. وتعد المرة الخامسة خلال أقل من شهر تتعرض فيها الأحياء السكنية في مناطق جنوب الحزام الأخضر لضربات جوية من الجيش. ومنذ أبريل (نيسان) 2023، أسفرت الحرب الدائرة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» عن مقتل عشرات الآلاف في العاصمة.