السودان يرفض اتهامات أميركية لجيشه بارتكاب جرائم حرب

رحب باتهام «الدعم السريع» بأعمال إبادة وضد الإنسانية

لقطة من فيديو بثته «الدعم السريع» لقواتها في مقر للجيش استولت عليه
لقطة من فيديو بثته «الدعم السريع» لقواتها في مقر للجيش استولت عليه
TT

السودان يرفض اتهامات أميركية لجيشه بارتكاب جرائم حرب

لقطة من فيديو بثته «الدعم السريع» لقواتها في مقر للجيش استولت عليه
لقطة من فيديو بثته «الدعم السريع» لقواتها في مقر للجيش استولت عليه

أعلن السودان رسميا، رفضه لاتهام وزارة الخارجية الأميركية لجيشه بارتكاب جرائم حرب، وعدّه «لا أساس له من الصحة»، وساوى بين القوات المسلحة و«الميليشيا» في ممارسة الانتهاكات من دون دليل، وفي الوقت ذاته رحب باتهامات الخارجية الأميركية لـ«قوات الدعم السريع» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

كان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اتهم في بيان الأربعاء، الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» بالقيام بأعمال عنف ودمار وقتل مروعة ضد المدنيين في جميع أنحاء السودان، ووصف القتال بين الطرفين بأنه «لا داعي له»، وأن التحقيقات الدقيقة التي أجرتها وزارته، حددت أن أفراد القوات المسلحة ارتكبوا جرائم حرب في السودان، وأن أفرادا تابعين لـ«قوات الدعم» وميليشيات متحالفة معها ارتكبوا «جرائم ضد الإنسانية» بما في ذلك التطهير العرقي.

وطالب بلينكن من الجيش وقوات الدعم السريع بـ«وقف الصراع الآن»، مع الامتثال لالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان، ومحاسبة المسؤولين عن الأعمال الوحشية، بما في ذلك الإيفاء بتعهداتهم بالسماح بمرور المساعدات الإنسانية دون عوائق، وتنفيذ تدابير بناء الثقة المنصوص عليها في بيان «جدة»، وطالب الأطراف الدولية والإقليمية بوقف تسليح ودعم طرفي القتال، لأن هذا الدعم لن يؤدي إلاّ لإطالة أمد القتال في حرب ليس لها حل عسكري مقبول.

تصاعد لهيب النار والدخان وسط العاصمة الخرطوم خلال القتال (أرشيفية: أ.ف.ب)

وأعلنت وزارة الخارجية السودانية، في بيان الخميس، ترحيبها بالخطوة الأميركية، في الجانب المتعلق منها باتهامها لـ«الميليشيا المتمردة»، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك «جرائم تطهير عرقي، وجرائم عنف جنسي ومهاجمة واختطاف النساء والفتيات، واستهداف النازحين والفارين من القتال، بما يشبه الإبادة الجماعية».

بيد أن الخارجية السودانية، أبدت استغرابها ورفضها لاتهام الجيش بارتكاب جرائم حرب، وقالت: «هو اتهام لا أساس له من الحقيقة»، ووصفته بأنه «مزاعم معممة تساوي بين القوات المسلحة والميليشيا المتمردة في المسؤولية عن إطلاق العنان للعنف المروع والموت والدمار... تلك الممارسات هي ما تقوم به الميليشيا المتمردة حصريا، واتهام القوات المسلحة بها لا يستند إلى أي دليل».

سودانية (22 عاماً) أم لطفلين تتحدث في مخيم للاجئين في تشاد عن تعرضها لعنف جنسي في غرب دارفور (أرشيفية: رويترز)

واستنكرت وزارة الخارجية ما سمته «تجاهل البيان الإشارة لواجب وحق القوات المسلحة، الجيش الوطني الشرعي، في الدفاع عن البلاد والشعب وحماية مقار قياداته»، بمواجهة عدوان يستهدف مقومات الحياة وسيادة البلاد، وعدّت اتهام الجيش بأنه «تبرير أميركي لعدوان همجي... ضد شعب أعزل».

ومنذ نشوب الحرب مع «الدعم السريع» ظل الجيش السوداني يدفع بأنه صاحب الشرعية في الدفاع عن البلاد وسيادتها، في مواجهة «ميليشيا متمردة»، فيما تدفع «الدعم السريع» بأنها جزء من القوات المسلحة السودانية وأن حربها تستهدف قادتها من الإسلاميين، واستعادة الانتقال المدني الديمقراطي.

يذكر أن «قوات الدعم السريع» قبيل اندلاع القتال مع الجيش منتصف أبريل (نيسان)، كانت قوة «نظامية» معترفا بها قانونا، وكان قائدها محمد حمدان دقلو «حميدتي» يشغل منصب نائب رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.

وقالت الخارجية السودانية إن الاتهام الأميركي لم يتضمن «ذكر جرائم خطيرة أخرى للميليشيا، مثل احتلالها لمئات الآلاف من مساكن المواطنين في العاصمة وتشريد ما لا يقل عن 5 ملايين من سكانها، وتحويل المستشفيات والجامعات ودور العبادة وغيرها من الأعيان المدنية إلى ثكنات عسكرية، في انتهاك لما التزمت به في إعلان جدة للمبادئ الإنسانية الموقع منذ 11 مايو (أيار) الماضي».

سودانية (19 عاماً) في مخيم للاجئين في تشاد قالت إنها كانت ضحية عنف جنسي في غرب دارفور (أرشيفية: رويترز)

ودأب مفاوضو الجيش السوداني في منبر جدة، على الدفع بأن القتال يتوقف فقط حال «خروج قوات الدعم السريع» من منازل المواطنين والأعيان المدنية، فيما تقول «قوات الدعم» إن أسباب انهيار المفاوضات سببه تراجع الجيش عن التزامه بإلقاء القبض على قادة نظام الرئيس السابق عمر البشير الفارين من الحرب.

ونددت الخارجية السودانية بـ«عدم الإشارة للدول التي تواصل إمداد الميليشيا المتمردة بالأسلحة والمرتزقة، ولها علاقات وثيقة بالولايات المتحدة»، واستنكرت عدم الإشارة لها على الرغم من أنها «شريكة ومسؤولة عن الجرائم ضد الإنسانية، والتطهير العرقي الذي ترتكبه الميليشيا المتمردة».

والأسبوع الماضي، اتهم مساعد قائد الجيش السوداني، الفريق أول ياسر العطا، في خطاب لجنوده في منطقة وادي سيدنا العسكرية، دولا إقليمية بتسليح وتمويل «قوات الدعم السريع» وهدد برد الصاع صاعين لهذه الدول، مذكرا إياها بمقدرة «استخباراته» في التأثير على أمنها واستقرارها.

ورغم هذا الانتقاد أبدت الخارجية السودانية استعدادها لـ«الانخراط الإيجابي مع حكومة الولايات المتحدة لتوضيح حقائق ما يجري في البلاد، ووسائل إنهاء الأزمة».


مقالات ذات صلة

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في دارفور

شمال افريقيا دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في دارفور

لقي أكثر من 60 شخصاً مصرعهم، وأُصيب أكثر من 250 مدنياً، جرّاء قصف الطيران الحربي السوداني لمنطقة الكومة بولاية شمال دارفور.

أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)

بيرييلو لـ«الشرق الأوسط»: عناصر من عهد البشير يمدّدون الحرب للعودة إلى السلطة

قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا قنوات اتصال مفتوحة مع الاتحاد الأفريقي بشأن آلية لمراقبة الاتفاقيات الحالية».

هبة القدسي (واشنطن) أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا اجتماع سابق لمجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي (أرشيفية - الخارجية المصرية)

مباحثات أفريقية رفيعة لوقف حرب السودان

يُجري وفد من «مجلس الأمن والسلم الأفريقي»، الذي وصل إلى بورتسودان للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، مباحثات مع المسؤولين السودانيين تتعلق بسبل إنهاء الحرب.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)

المبعوث الأميركي: «فتحنا قنوات اتصال مع الاتحاد الأفريقي بشأن السودان»

كشف المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو، عن خطوة جديدة في المرحلة المقبلة تتعلق بوقف النزاع في السودان.

محمد أمين ياسين
شمال افريقيا امرأة وطفلها في مخيم «زمزم» للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان مطلع العام (رويترز)

السودان بين أعلى 4 دول تعاني «سوء التغذية الحاد»

رسمت منظمة تابعة للأمم المتحدة صورة قاتمة للأوضاع الإنسانية في السودان، وصنّفته بين الدول الأربع الأولى في العالم التي ينتشر فيها سوء التغذية الحاد.

أحمد يونس (كمبالا)

مجزرة في شمال دارفور

دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
TT

مجزرة في شمال دارفور

دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)

قتل وأصيب مئات السودانيين جراء قصف الطيران الحربي السوداني أمس، لمناطق مليط وود أبو صالح شمال ولاية شمال دارفور، وأم ضوا بان في الخرطوم.

وتحدث شهود لـ«الشرق الأوسط» هاتفياً من مليط، عن قصف سوق منطقة الكومة صبيحة الجمعة بـ«البراميل» المتفجرة، ما أدى لإحراق السوق ومقتل أكثر من 60 شخصاً، وجرح أكثر من 250 مدنياً، جراحُ بعضهم خطيرة. ووصف الشهود ما حدث بأنها «مجزرة» غير معهودة، استهدفت، عن قصد، المدنيين. وفي مدينة مليط، قال شهود عيان إن الطيران الحربي استهدف يوم الجمعة أيضاً، «حفل عرس»، ما أدى لمقتل نحو 13 شخصاً وجرح آخرين.

ووجهت قوى سياسية وحركات مسلحة وتنظيمات حقوقية انتقادات حادة لتصعيد العمليات الجوية للجيش السوداني في إقليم دارفور خاصة، وطالبت بفرض حظر للطيران الحربي في الإقليم.