ملك المغرب يدعو للتفكير في سبل إعمال مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

في رسالة للمشاركين بمناظرة دولية بعنوان «30 التزاماً كونياً من أجل الكرامة الإنسانية»

آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب تتلو رسالة الملك محمد السادس الموجهة إلى المناظرة الدولية (ماب)
آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب تتلو رسالة الملك محمد السادس الموجهة إلى المناظرة الدولية (ماب)
TT

ملك المغرب يدعو للتفكير في سبل إعمال مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب تتلو رسالة الملك محمد السادس الموجهة إلى المناظرة الدولية (ماب)
آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب تتلو رسالة الملك محمد السادس الموجهة إلى المناظرة الدولية (ماب)

شدَّد العاهل المغربي، الملك محمد السادس، على الحاجة الماسّة والملحة لمواصلة التفكير في أنجع السبل الكفيلة بإعمال مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وأبرز ملك المغرب في رسالة إلى المشاركين بالمناظرة الدولية التي افتتحت أشغالها (الخميس) بالرباط، حول موضوع «30 التزاماً كونياً من أجل الكرامة الإنسانية: كونية حقوق الإنسان... فعلية تحققت أم مسار غير مكتمل؟»، أن الاحتفال بالذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان يأتي في خضم التوترات والمخاطر التي تستهدف أمن واستقرار ورخاء الشعوب.

وأشار العاهل المغربي في الرسالة التي تلتها آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى أن المجموعة الدولية لم تفلح بعد في ضمان تنزيل جميع مبادئ هذا الإعلان، موضحاً أن الأهمية التي تكتسيها المناظرة تفرضها الحاجة الملحَّة للتذكير مجدداً بضرورة تجديد التزام كوني لحماية حقوق الأفراد والجماعات، خصوصاً الفئات التي تعيش أوضاعاً هشة.

وسجل العاهل المغربي أن الاحتفاء بهذه الذكرى يُعد مناسبة للوقوف على ما تم تحقيقه من إنجازات في هذا المجال، وكذا على مكامن التقصير ومواطن الخلل التي شابت مسلسل الدفاع عن مكتسباته، ولرصد التحديات التي لا تزال تعترض سبيل المجتمع الدولي للنهوض الشامل بجميع قضايا حقوق الإنسان، مؤكداً أنه في ظل هذه التحديات «اختار المغرب أن يسلك مساراً حقوقياً خاصّاً به، عرف ولا يزال تطوراً ملحوظاً بصم التجارب الدولية في هذا المجال».

وأضاف العاهل المغربي أن «التزام المملكة المغربية بالنهوض بحقوق الإنسان على المستوى الوطني لم يتوقف عند تكريسها الدستوري فحسب، بل أصبح ركيزة للسياسات العمومية، ومحدداً رئيسياً للاختيارات الاستراتيجية، بما فيها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية».

في سياق ذلك، أوضح الملك محمد السادس أن «تشبثنا الراسخ بالدفاع عن هذه الحقوق وتكريسها لا يعادله إلا حرصنا الوطيد على مواصلة ترسيخ وتجويد دولة الحق والقانون، وتقوية المؤسسات، بوصفه خياراً إرادياً وسيادياً»، موضحاً أن المملكة المغربية حريصة على تعزيز رصيد هذه المكتسبات، بموازاة التفاعل المتواصل والإيجابي مع القضايا الحقوقية المستجدة، سواء على المستوى الوطني، أو ضمن المنظومة الأممية لحقوق الإنسان.

كما لاحظ الملك محمد السادس أنه على الرغم مما تم إنجازه في مجال حقوق الإنسان، فإن ما يكتسبه من أهمية، وما يتطلبه من جدية «ينتظر منا جميعاً المزيد من الالتزام لتحقيق الملحّ حالاً، واستشراف الممكن مستقبلاً، في إطار الخصوصيات والثوابت الوطنية».

وذكر عاهل المغرب أنه يتعين أيضاً «إدراك أن كل هذه الحقوق السياسية والمدنية لن تأخذ أبعادها الملموسة إلا بتكاملها مع النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية».

ومن هذا المنطلق، يبرز الملك محمد السادس أن المغرب دشن مرحلة جديدة من الإصلاحات البنيوية تم وضعها على رأس أولويات السياسات العمومية، على غرار ورش تعميم التغطية الصحية والحماية الاجتماعية، ودعم الفئات الهشة، بوصفها مشروعاً مجتمعياً يضمن فعلية الولوج للخدمات الاجتماعية والصحية، ويقوي دعامات المنظومة التضامنية الوطنية.

كما أشار الملك محمد السادس إلى دعوته لإطلاق مشاورات مجتمعية واسعة لمراجعة مدونة الأسرة، بعد مرور عقدين من الزمن على إقرارها «بما يصون حقوق المرأة والطفل، ويضمن مصلحة الأسرة، باعتبارها نواة للمجتمع».


مقالات ذات صلة

حكيمي يجدّد عقده مع سان جيرمان حتى 2029

رياضة عربية الظهير الأيمن المغربي أشرف حكيمي (إ.ب.أ)

حكيمي يجدّد عقده مع سان جيرمان حتى 2029

مدّد الظهير الأيمن المغربي أشرف حكيمي عقده مع باريس سان جيرمان بطل فرنسا لكرة القدم حتى عام 2029.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الخلافات السياسية تعرقل صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر

كانت الجزائر تستورد ما بين مليونين و6 ملايين طن قمح فرنسي سنوياً؛ مما جعلها من أكبر زبائن فرنسا. غير أن الكميات المستوردة انخفضت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رضوان الحسيني مدير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بوزارة الشؤون الخارجية المغربية (الشرق الأوسط)

المغرب يؤكد «التزامه الراسخ» بمكافحة الإرهاب النووي والإشعاعي

المغرب يؤكد التزامه بالأهداف الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب النووي، التي تدعو إلى نهج استباقي ومتعدد الأبعاد، لمحاربة هذه الآفة.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
رياضة عربية زكريا أبو خلال لاعب تولوز انضم لتشكيلة منتخب المغرب (أ.ف.ب)

الركراكي يستدعي أبو خلال لتشكيلة المغرب بدلاً من أخوماش

أعلن الاتحاد المغربي لكرة القدم الثلاثاء أن وليد الركراكي مدرب المنتخب الأول استدعى زكريا أبو خلال لتعويض غياب إلياس أخوماش.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
رياضة عربية حسين الشحات لاعب الأهلي (صفحة اللاعب على فيسبوك)

مصر: الصلح يُنهي أزمة الشحات والشيبي بعد 18 شهراً من «الخِصام»

بعد نحو عام ونصف العام من «الخِصام» بينهما، أنهى الصلح أزمة المصري حسين الشحات، لاعب الأهلي، والمغربي محمد الشيبي.

محمد عجم (القاهرة)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
TT

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

عمَّق اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، من الفجوة في العلاقات بين الجزائر وباريس، إلى حد يصعب معه توقع تقليصها في وقت قريب، حسب تقدير مراقبين.

ومنذ السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يوجد الكاتب السبعيني في مقار الأمن الجزائري، حيث يجري استجوابه حول تصريحات صحافية أطلقها في فرنسا، حملت شبهة «تحقير الوطن»، على أساس مزاعم بأن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وأن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها مرتكبين بذلك حماقة». كما قال إن «بوليساريو» التي تطالب باستقلال الصحراء عن المغرب، «من صنع الجزائر لضرب استقرار المغرب».

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وكان يمكن أن تمر «قضية صنصال» من دون أن تسهم في مزيد من التصعيد مع فرنسا، لولا ما نسبته وسائل إعلام باريسية للرئيس إيمانويل ماكرون، بأنه «قلق» من اعتقال مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، وبأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه.

وهاجمت الصحافة الجزائرية الصادرة الأحد، في معظمها، الطيف السياسي الفرنسي، بسبب «تعاطف اليمين المتطرف واللوبي الصهيوني»، مع الكاتب، قياساً إلى قربه من هذه الأوساط منذ سنين طويلة، وقد أكد ذلك بنفسه، بموقفه المؤيد للعدوان الإسرائيلي على غزة، منذ «طوفان الأقصى» (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، فضلاً عن معارضته مطلب سلطات بلده الأصلي، الجزائر، «باعتراف فرنسا بجرائمها خلال فترة الاستعمار» (1830- 1962).

وتزامنت «أزمة صنصال» مع أزمة كاتب فرنسي جزائري آخر، هو كمال داوود، الفائز منذ أسابيع قليلة بجائزة «غونكور» المرموقة عن روايته «حور العين». وفجَّر هذا العمل الأدبي غضباً في الجزائر، بحجة أنه «انتهك محظور العشرية السوداء»؛ بسبب تناول الرواية قصة فتاة تعرضت للذبح على أيدي متطرفين مسلحين. علماً أن جزائرية أعلنت، الخميس الماضي، عن رفع دعوى قضائية ضد كمال داوود بتهمة «سرقة قصتها» التي أسقطها، حسبها، على الشخصية المحورية في الرواية.

كما يلام داوود الذي عاش في الجزائر حتى سنة 2021، على «إفراطه في ممارسة جلد الذات إرضاءً للفرنسيين»، خصوصاً أنه لا يتردد في مهاجمة الجزائريين بسبب «العنف المستشري فيهم». ولامس داوود التيار العنصري والتيارات الدينية في فرنسا، بخصوص الحرب في غزة. وصرح للصحافة مراراً: «لا أنتمي إلى جيل الثورة، وعلى هذا الأساس لست معنياً بمسألة تجريم الاستعمار والتوبة عن ممارساته».

ويرى قطاع من الجزائريين أن فرنسا منحت داوود جنسيتها (عام 2020 بقرار من الرئيس ماكرون)، «في مقابل أن يستفز بلاده في تاريخها وسيادتها (الذاكرة والاستعمار)، ويثخن في جرح غائر (مرحلة الاقتتال مع الإرهاب) لم تشفَ منه بعد».

الروائي الفرنسي الجزائري كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وكانت العلاقات بين البلدين معقَدة بما فيه الكفاية منذ الصيف الماضي، عندما سحبت الجزائر سفيرها من باريس؛ احتجاجاً على اعترافها بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وحينها شجبت «قيام حلف بين الاستعمار القديم والجديد»، وتقصد البلدين، علماً أن العلاقات بين العاصمتين المغاربيتين مقطوعة رسمياً منذ 2021.

وفي الأصل، كان الخلاف الجزائري - الفرنسي مرتبطاً بـ«الذاكرة وأوجاع الاستعمار»، وهو ملف حال دون تطبيع العلاقات بينهما منذ استقلال الجزائر عام 1962. وقامت محاولات لإحداث «مصالحة بين الذاكرتين»، على إثر زيارة أداها ماكرون إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022، لكن «منغصات» كثيرة منعت التقارب في هذا المجال، منها مساعٍ أطلقها اليمين التقليدي واليمين المتشدد، خلال هذا العام، لإلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يسيّر مسائل الإقامة والدارسة والتجارة و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.

وعدَّت الجزائر هذا المسعى بمثابة استفزاز لها من جانب كل الطبقة السياسية الفرنسية، حكومة وأحزاباً، حتى وإن لم يحققوا الهدف. ومما زاد العلاقات صعوبة، رفض فرنسا، منذ أشهر، طلباً جزائرياً لاسترجاع أغراض الأمير عبد القادر الجزائري، المحجوزة في قصر بوسط فرنسا، حيث عاش قائد المقاومة الشعبية ضد الاستعمار في القرن الـ19، أسيراً بين عامي 1848 و1852. وتسبب هذا الرفض في إلغاء زيارة للرئيس الجزائري إلى باريس، بعد أن كان تم الاتفاق على إجرائها خريف هذا العام.