خبيرة أممية «تأسف» لمنعها من لقاء ناشطين حقوقيين في الجزائر

سلطات البلاد أكدت «تقديم كل التسهيلات» لإنجاح زيارتها

الخبيرة الأممية تتوسط نشطاء ومحامين بمدينة تيزي وزو (حسابات ناشطين)
الخبيرة الأممية تتوسط نشطاء ومحامين بمدينة تيزي وزو (حسابات ناشطين)
TT

خبيرة أممية «تأسف» لمنعها من لقاء ناشطين حقوقيين في الجزائر

الخبيرة الأممية تتوسط نشطاء ومحامين بمدينة تيزي وزو (حسابات ناشطين)
الخبيرة الأممية تتوسط نشطاء ومحامين بمدينة تيزي وزو (حسابات ناشطين)

أكدت وزارة الخارجية الجزائرية أن حكومة البلاد «قدمت كل التسهيلات» لمقررة أممية حقوقية زارت الجزائر مؤخراً لإنجاز مهمة لها، تتعلق بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وذلك رداً على تصريحاتها التي أبدت فيها «أسفاً» لعدم السماح لناشطين بالالتحاق باجتماع عقدته في منطقة القبائل، وفق بيان أصدرته الثلاثاء الماضي.

وأفادت الخارجية في بيان، أمس (الأربعاء)، أن ميري لولور، المقررة الخاصة للأمم المتحدة، المعنية بأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان، التي أقامت في الجزائر بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والخامس من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، «حظيت بكل التسهيلات من أجل لقاء ممثلين عن المجتمع المدني وفاعلين آخرين، اختارتهم بنفسها، بما في ذلك خلال تنقلاتها خارج الجزائر العاصمة».

وزير الداخلية الجزائري مع الخبيرة الحقوقية الآيرلندية (الداخلية الجزائرية)

ويُفهم من هذا الكلام أنه بمثابة رد ضمني، على ما ورد في بيان للخبيرة الآيرلندية، عرضت فيه حصيلة عملها، وقالت إنها «تشعر بالحزن لأن مجموعة من المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين حاولوا السفر إلى تيزي وزو، حيث كنت أعقد اجتماعات، مُنعوا من القيام بذلك، واحتُجزوا لمدة 10 ساعات».

كانت لولور قد تنقلت خارج العاصمة خلال تأدية مهمتها، إذ زارت وهران (غرب)، وتيزي وزو (شرق)، وبحثت مع ناشطين مستقلين محليين وضعهم ميدانياً وعلاقتهم بالحكومة. وفي كلتا المحطتين، حاول ناشطون من مدن أخرى الالتحاق بها طمعاً في نقل انشغالاتهم إليها.

وأكدت الوزارة أن لولور التقت عدداً كبيراً من المسؤولين بوزارات الخارجية والداخلية والعدل، وأعضاء بالمجتمع المدني، وآخرين من هيئات وتنظيمات عاملة في مجال البيئة ومحاربة الفساد. مشيرةً إلى أن هذه الزيارة سادتها «نقاشات صريحة وبنّاءة بين السلطات الجزائرية والمقررة الأممية الخاصة، حول مواضيع وقضايا تتعلق بعهدتها (...)، ما سمح لها بالوقوف على المجهودات المبذولة من طرف الدولة، وعلى التقدم الكبير الذي أحرزته الجزائر في مجال حماية حقوق الإنسان واحترامها، وكذا حماية المدافعين عنها».

الخبيرة الأممية مع وزير الاتصال الجزائري (وزارة الاتصال)

ووفق بيان الوزارة «تبقى الجزائر مستعدة لتكثيف جهودها بغية تجاوز التحديات في مجال حماية حقوق الإنسان، واحترامها وحماية المدافعين عنها، واستكمال مواءمة ترسانتها القانونية الوطنية، بغرض تكييفها مع أحكام الدستور»، الذي أدخلت عليه تعديلات في 2020، قالت السلطات يومها إنها «تحمل جرعة نوعية في مجال حقوق الإنسان».

وتضمَّن بيان الخبيرة الأممية انتقادات للسلطات، ولفت إلى وجود «أربعة أنماط رئيسية من الانتهاكات القامعة للمدافعين عن حقوق الإنسان: المضايقات القضائية المستمرة، وحل منظمات حقوق الإنسان الرئيسية، والقيود المفروضة على حرية التنقل، والترهيب والمراقبة، مما يؤدي إلى آثار سلبية شديدة على صحتهم العقلية وصحة أسرهم». كما أشار بيانها أيضاً إلى فترة تسعينات القرن الماضي عندما واجهت البلاد إرهاباً مدمراً، بقولها: «من الواضح أن القوانين الصارمة المتعلقة بالإرهاب ضرورية، ومع ذلك من المخيِّب للآمال أن القوانين المصمَّمة لمنع الإرهاب تبث الرعب في المدافعين عن حقوق الإنسان، بسبب تعريفات فضفاضة وغامضة للغاية لما يشكل الإرهاب في قانون العقوبات».

وتابع صحافيون ومراقبون تطوراً وُصف بـ«المهم»، خلال وجود لولور بالجزائر، وذلك بتبرئة ناشطين من تهمتَي «الإرهاب» و«المس بالنظام العام»، بعد متابعات دامت لسنوات بالنسبة لبعضهم، وكانت قد التقت عدداً منهم مثل عضو «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» قدور شويشة، وزوجته الصحافية جميلة لوكيل، والصحافي سعيد بودور. في حين جرت إدانة الناشط الحقوقي حسان بوراس، بالسجن خلال الأيام الماضية.


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
آسيا نيلا إبراهيمي ناشطة في مجال حقوق الفتيات الأفغانيات تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال (أ.ف.ب)

فرت وعائلتها هرباً من «طالبان»... أفغانية تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال

فازت فتاة مراهقة فرت مع عائلتها من أفغانستان بعد عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، بجائزة «كيدز رايتس» المرموقة لنضالها من أجل حقوق المرأة.

«الشرق الأوسط» (كابل - أمستردام)
شمال افريقيا أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)

مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

عطاف اتصل هاتفياً بنظيره الأميركي، وأبلغه بأن «معلوماته بشأن الحرية الدينية في الجزائر، خاطئة وغير دقيقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي البروفسور نظام محمود

جرّاح بريطاني يصف استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال في غزة

روى جراح متقاعد من لندن ما شاهده خلال عمله التطوعي في مستشفى بغزة، وتحدث عن استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال بعد القصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
TT

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

يأمل ليبيون في إخضاع متهمين بـ«ارتكاب جرائم» خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي إلى «محاكمة عادلة وسريعة».

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، تحدث ضمن إحاطة أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، عن «خريطة طريق» لمحاكمة المتهمين في ليبيا من بينهم المتورطون في «المقابر الجماعية» في ترهونة (غرب البلاد).

وقفة احتجاجية لعدد من أهالي ضحايا ترهونة بغرب ليبيا (رابطة ضحايا ترهونة)

ورغم تعهد خان في إحاطته، بالعمل على «قدم وساق لتنفيذ خريطة طريق لاستكمال التحقيقات في جرائم حرب حتى نهاية 2025»، فإنه لم يوضح تفاصيلها، إلا أن عضو «رابطة ضحايا ترهونة» عبد الحكيم أبو نعامة، عبّر عن تفاؤل محاط بالتساؤلات على أساس أن «4 من المطلوبين للجنائية الدولية في جرائم حرب وقعت بالمدينة منذ سنوات لا يزالون خارج قبضة العدالة».

ويقصد أبو نعامة، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» قائد الميليشيا عبد الرحيم الشقافي المعروف بـ«الكاني»، إلى جانب فتحي زنكال، ومخلوف دومة، وناصر ضو، فيما يخضع عبد الباري الشقافي ومحمد الصالحين لتصرف النيابة، بعد القبض على الأخير السبت.

ومن بين ملفات اتهام متنوعة في ليبيا، قفزت منذ أشهر إلى مقدمة أجندة المحكمة الدولية جرائم «مقابر جماعية» ارتكبت في ترهونة (غرب ليبيا) إبان سيطرة ما تعرف بـ«ميليشيا الكانيات» بين أبريل (نيسان) 2019 ويونيو (حزيران) 2020، علماً بأن الدائرة التمهيدية لـ«الجنائية الدولية» قرّرت رفع السرية عن ستة أوامر اعتقال لمتهمين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وينتاب من يتهمون بهذا الملف وأسر ضحايا في ترهونة، القلق مما يرونه «تسييس عمل المحكمة الدولية، وغياب الآلية الفعّالة لتنفيذ مذكرات القبض ضد المتهمين، في ظل وجودهم في بعض الدول»، وفق ما أفاد علي عمر، مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» لـ«الشرق الأوسط».

يُشار إلى أن خان، أبلغ مجلس الأمن الدولي عن اتفاقه مع النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، على آلية جديدة للتعاون بين الطرفين، لكنه لم يكشف عن تفاصيلها.

إلى جانب مخاوف «التسييس»، يبدو أن تحديد المدعي العام للجنائية الدولية إطاراً زمنياً للانتهاء من التحقيقات نهاية العام المقبل، قد يكون مثار قلق أكبر لعائلات الضحايا.

ووفق عمر: «قد يفاقم الإفلات من العقاب ويشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»، مع إيحاء سائد لدى البعض «بعدم وجود نية لملاحقة مرتكبي الجرائم أو فتح جميع ملفات الجرائم التي تندرج تحت اختصاص المحكمة».

ومن بين الاتهامات التي تلاحق «ميليشيا الكانيات» كانت تصفية أغلب نزلاء سجن «القضائية»، و«الدعم المركزي» بترهونة، في 14 سبتمبر (أيلول) 2019، في رواية نقلتها «رابطة ضحايا ترهونة».

ويلاحظ متابعون، أن ظلال الانقسام السياسي انعكست على زيارة خان إلى طرابلس، وفق أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الواحد القمودي. وعلى نحو أكثر تفصيلاً، يشير مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» علي عمر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن غياب التعاون من قِبل السلطات في شرق ليبيا وغربها، من بين عراقيل أخرى تقف أمام «نزاهة التحقيقات».

مقبرة جماعية مكتشفة بترهونة (غرب ليبيا) (هيئة التعرف على المفقودين في ليبيا)

في غضون ذلك، فرض الدور الروسي الزائد في ليبيا نفسه على إحاطة خان، أمام مجلس الأمن، بعدما شككت مندوبة روسيا في ولاية المحكمة على الملف الليبي، مذكرة بأن ليبيا «ليست طرفاً في نظام روما الأساسي».

وفي حين يستبعد أمين «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في ليبيا عبد المنعم الحر دوراً روسياً معرقلاً للمحاكمات، فإنه يتفق مع مندوبة روسيا في أن «الإحالة من جانب مجلس الأمن لم تعط المحكمة الجنائية الدولية ولاية مطلقة على ليبيا»، مشيراً إلى أنها «اقتصرت على جرائم حصلت قبل تاريخ 19 فبراير (شباط) 2011».

ويستند الحر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الذي أجاز «التحقيق في جريمة أو أكثر ارتكبت»، وهو «ما يجعل القضايا التي وقعت بعد هذا التاريخ خارج ولاية المحكمة».

وقد يبدو «التفاؤل محدوداً» بمثول المطلوبين في جرائم الحرب بليبيا أمام المحكمة في لاهاي، وفق «مدير منظمة رصد الجرائم»، لكنه يشير إلى مخرج من هذا المأزق، وهو «اتخاذ خطوات أكثر جرأة، تشمل دعماً دولياً لضمان استقلالية التحقيقات، ووضع آلية فعّالة لتنفيذ مذكرات القبض».

وعلى نحو يبدو عملياً، فإن أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا يقترح «حلاً قانونياً بتشكيل محكمة خاصة مختلطة يترأسها قاض ليبي تضم في هيئتها قضاة ليبيين ودوليين، على غرار المحكمة الدولية التي تم إنشاؤها للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005».