تقارير دولية ومحلية تدين أوضاع المعتقلين بالسجون الليبية

أكدت تعرضهم للحرمان من المياه والطعام والمرافق الصحية

عبد الحميد الدبيبة ووزيرة العدل بحكومة «الوحدة» حليمة إبراهيم والنائب العام الصديق الصور (حكومة الوحدة)
عبد الحميد الدبيبة ووزيرة العدل بحكومة «الوحدة» حليمة إبراهيم والنائب العام الصديق الصور (حكومة الوحدة)
TT

تقارير دولية ومحلية تدين أوضاع المعتقلين بالسجون الليبية

عبد الحميد الدبيبة ووزيرة العدل بحكومة «الوحدة» حليمة إبراهيم والنائب العام الصديق الصور (حكومة الوحدة)
عبد الحميد الدبيبة ووزيرة العدل بحكومة «الوحدة» حليمة إبراهيم والنائب العام الصديق الصور (حكومة الوحدة)

بالتزامن مع كشف وزيرة العدل في حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة» الليبية، حليمة إبراهيم، عن أن «عدد الموقوفين بالسجون الليبية بات يتجاوز 20 ألفاً، ويتمتعون بظروف جيدة»، دعا حقوقيون ونشطاء ليبيون إلى «تحسين أوضاع السجناء في أماكن الاحتجاز»، خصوصاً في ظل تعارض حديث وزيرة العدل مع ما أشارت إليه تقارير محلية ودولية عن «وقوع انتهاكات داخل السجون».

وجاءت تصريحات وزيرة العدل خلال اجتماع عُقد بمكتب النائب العام الليبي، الصديق الصور، شارك فيه رئيس حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة؛ لمتابعة الأوضاع القانونية والمعيشة للموقوفين.

وانتقد وزير العدل الليبي الأسبق، صلاح المرغني، تصريحات الوزيرة حليمة إبراهيم، وعدّ أنها قدمت «صورة غير حقيقية عن واقع السجون»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الوزيرة أكدت أنه توجد حالات موقوفة من دون إجراءات قانونية تجاهها، أي أنه لا توجد حالات اختفاء قسري، وهذا ليس صحيحاً».

كما شدد المرغني على أن «هناك أعداداً كبيرة من المُخفين قسراً في السجون لم يقدموا لأي تحقيق قضائي، والبعض منهم محتجز في سجن معيتيقة»، مشيراً في هذا الصدد إلى تقرير بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا، الصادر في مارس (آذار) الماضي، والذي وثّق «العديد من حالات الاختفاء القسري».

عدد من المعتقلين داخل السجون الليبية (الشرق الأوسط)

ولفت المرغني أيضاً لما تضمنه التقرير الأممي بشأن الاحتجاز في ليبيا من تعرض البعض «للتعذيب والسجن الانفرادي، والمنع من الاتصال بالعالم الخارجي والأسرة، والحرمان من المياه والطعام، والمرافق الصحية، والرعاية الطبية، والاستشارة القانونية»، داعياً إلى «ضرورة المسارعة بالإفراج، وإنهاء معاناة المحتجزين قسراً، ومعاقبة مَن قام باحتجازهم بوصف ذلك أحد أهم مسارات تحسين أوضاع السجون».

من جهته، طالب رئيس مؤسسة «بلادي» لحقوق الإنسان، طارق لملوم، بوضع «خطوات حقيقية تُنهي ملف التوقيف والاحتجاز لسنوات من دون محاكمات». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الإشكالية الكبرى بهذا الملف «لا تنحصر في السجون الواقعة تحت إشراف وزارتي العدل والداخلية بحكومة الوحدة، بل في الأماكن السرية التي يديرها قادة تشكيلات مسلحة لا يخضعون لأي سلطة»، عادّاً أن هذا الوضع يفسح المجال «لارتفاع أعداد المحتجزين والسجناء بدرجة كبيرة، مقارنة بما ذكرته وزيرة العدل، فضلاً عن صعوبة التحقق من أوضاعهم».

المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي عبّر عن قلقه إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا (البعثة)

وسبق أن تحدّث المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي، عن «القلق إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا، وعدم الوصول بشكل أكبر إلى أماكن الاحتجاز في أرجاء البلاد كافة». ولفت باتيلي في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2022 إلى ما ورد للبعثة الأممية بشأن دخول «عشرات المعتقلين بسجن معيتيقة في إضراب عن الطعام؛ احتجاجاً على ظروف احتجازهم».

ووفق مراقبين ومتابعين للشأن الحقوقي في ليبيا «يُصنف سكان المنطقة الغربية سجن معيتيقة، الواقع في طرابلس، على أنه الأسوأ من حيث معاملة السجناء، وهي السمات ذاتها التي تطلق على سجنَي الكويفية وقرنادة في بنغازي».

وهنا أشار الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، إلى «عدم تنفيذ عدد من قرارات الإفراج عن سجناء محسوبين على النظام السابق، وأيضاً بعض مَن سُجنوا على ذمة قضايا تتعلق بفترات الصراع السياسي والمسلح بالبلاد في السنوات الأولى، التي أعقبت (ثورة فبراير/ شباط 2011)، أو حتى تمكينهم من حضور جلسات محاكمتهم».

ووصف القماطي دعوة الدبيبة بـ«ضرورة إنهاء حالات الاختفاء القسري كافة» بأنها «حديث مليء بالتفاؤل». وشدد على إنهاء هذا الملف. وقال لـ«الشرق الأوسط» بهذا الخصوص، إنه «لن يتحقق ذلك إلا بعد إيجاد سلطة، وكذلك حكومة موحدة بالبلاد، تمتلك مؤسسات أمنية قوية تستطيع تأمينها، والتصدي لقوة التشكيلات المسلحة (المتهمة) في حوادث الخطف والاحتجاز خارج إطار القانون».


مقالات ذات صلة

مقتل 7 مهاجرين في انهيار بناية غرب العاصمة الليبية

شمال افريقيا الدبيبة في موقع انهيار البناية في جنزور غرب طرابلس (حكومة «الوحدة»)

مقتل 7 مهاجرين في انهيار بناية غرب العاصمة الليبية

قال الهلال الأحمر الليبي، إن فرق الإنقاذ التابعة له تواصل جهودها المكثفة للبحث عن ناجين تحت الأنقاض، بعد سقوط عقار في مدينة جنزور غرب طرابلس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا أعيان ومشايخ الزنتان طالبوا الدبيبة بسرعة الإفراج عن العميد مصطفى الوحيشي (الوحدة)

الزنتان تُصعّد ضد «الوحدة» الليبية بعد خطف مسؤول في الاستخبارات

طالبت مدينة الزنتان بسرعة الإفراج عن العميد مصطفى الوحيشي مدير إدارة الأمن بجهاز الاستخبارات العامة الذي «خطفه» مجهولون في طرابلس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا قبيل انطلاق الرالي الصحراوي في الجفرة الليبية (اللجنة المنظمة)

انفجار لغم بمشاركين في رالي للسيارات بليبيا... و4 إصابات

الحدث رسالة محبّة لشباب العالم، ودعوة لكل الليبيين بأنّ الجفرة تُجدّد النداء للالتقاء على أرضها من أجل الحوار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة ورئيس أركان قواته (حكومة «الوحدة»)

مجهولون في طرابلس يخطفون عميداً بالاستخبارات الليبية

أدان أعضاء جهاز الاستخبارات الليبي، التابع لإدارة الأمن المركزية بغرب البلاد، واقعة خطف العميد مصطفى الوحيشي، وهو في طريقه إلى منزله بعدما فرغ من عمله.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)

ليبيا: «صراع قوة» بين الدبيبة وميليشيات «متمردة» يلهب أجواء طرابلس

عكست تصريحات وزير الداخلية بحكومة الدبيبة، جانباً مما يجري في الكواليس من أزمة مكتومة مع تشكيلات مسلحة دفعته للقول: «لدي القوة لشنّ معركة وتخرب على الكل».

جمال جوهر (القاهرة)

«الشيوخ» المصري لمناقشة «آليات الانضباط» بالمدارس

طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)
طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)
TT

«الشيوخ» المصري لمناقشة «آليات الانضباط» بالمدارس

طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)
طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)

يعتزم مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان) مناقشة سياسات الحكومة المصرية بشأن «آليات تحقيق الانضباط داخل المدارس»، خصوصاً عقب وقوع حوادث بين الطلاب أخيراً.

وأدرج «الشيوخ» على أجندته، الأحد والاثنين المقبلين، طلب أكثر من 20 عضواً، لمراجعة «الانضباط في مراحل التعليم قبل الجامعي»، في وقت رهن برلمانيون وخبراء تحقيق الانضباط داخل المدارس المصرية بـ«ضرورة تحقيق إصلاح شامل لمنظومة التعليم في البلاد».

فمع بداية العام الدراسي في مصر، نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، تعهد وزير التربية والتعليم المصري، محمد عبد اللطيف، بالعمل على «عودة الانضباط في المدارس، وتقليل الكثافات داخل الفصول الدراسية».

وتتزامن مناقشات «الشيوخ» مع حالة جدل أثيرت في البلاد عقب حوادث داخل مدارس، حيث شهدت إحدى المدارس الابتدائية بالقاهرة، الخميس، تعدي طالب على زميلته، ما أدى إلى «فقء عينها اليسرى»، وسبقت ذلك واقعة مأساوية شهدتها محافظة بورسعيد (شمال مصر) بقيام طالب في إحدى مدارس التعليم الفني بطعن زميله بسلاح أبيض، ما أدى إلى وفاته.

عضو مجلس «الشيوخ» المصري، النائبة هبة شاروبيم، تقدمت بطلب للمجلس، تمت تزكيته من أكثر من 20 عضواً لاستيضاح «سياسة الحكومة المصرية الخاصة بآليات تحقيق الانضباط في المدارس». وطالبت النائبة البرلمانية بضرورة «توضيح إجراءات الانضباط داخل المدارس، وغياب المعلمين، في ظل استمرار ما أسمته (التحايل على القوانين)»، إلى جانب «التعرف على إجراءات مواجهة ظاهرة (الدروس الخصوصية)، كما دعت لمناقشة الجدل المثار بشأن المناهج الدراسية، وخصوصاً التأثير السلبي الناتج عن إلغاء (مادة اللغة الأجنبية الثانية) من قوائم المواد الأساسية المضافة للمجموع في المرحلة الثانوية (التي تسبق الجامعة)».

وزير التعليم المصري خلال جولة بإحدى مدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

وأعلنت وزارة التربية والتعليم المصرية، في وقت سابق، سلسلة من الإجراءات الجديدة، تحت مسمى «خطة تطوير نظام التعليم»، تضمنت «انتظام العملية التعليمية، وحلّ إشكالية عجز المعلمين وضمان وجودهم داخل المدارس، ومكافحة (الدروس الخصوصية)»، إلى جانب «تخفيض عدد المواد الدراسية، في مرحلة الثانوية لتخفيف العبء على الطلاب».

عضو مجلس «الشيوخ» المصري، النائبة رشا إسحاق، ترى أن «مناقشة المجلس لإشكاليات التعليم والانضباط داخل المدارس ضروري الآن»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحدث من إجراءات حكومية، تدخل ضمن محاولات تطوير العملية التعليمية، لم يصل بعد إلى مستوى التطوير الفعلي للمنظومة». وطالبت بـ«ضرورة صياغة الحكومة استراتيجية واحدة لإصلاح التعليم، ينفذها الوزراء، بدلاً من إسناد أمر التطوير، وفقاً لسياسات كل وزير»، وشدّدت على ضرورة «منح ملف التعليم أولوية لتحقيق الانضباط وسدّ عجز المعلمين في المدارس»، مشيرة إلى أنه «إذا سارت الحكومة على نفس الطريقة، فسنجد العام المقبل، مدارس بلا معلمين أو إداريين».

وقدّر وزير التعليم المصري نسبة العجز في المعلمين داخل المدارس بنحو 655 ألف معلم، وأشار في تصريحات صحافية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى مواجهة الأزمة «بحلول فنية، والتوسع في تعيين معلمين جدد، والتعاقد مع معلمي الحصة (بشكل مؤقت)»، معتبراً أن تلك الحلول «ساهمت في حلّ العجز بنحو 90 في المائة بالمدارس الحكومية».

غير أن رشا إسحاق رأت أن تلك «الإجراءات غير كافية»، وقالت إن «التعاقد مع (معلمي الحصة) ليس حلاً واقعياً أو نهائياً، باعتبارهم خارج المنظومة التعليمية»، لافتة إلى أن «هذا الإجراء يفتح أبواب أخرى لظاهرة (الدروس الخصوصية)».

بداية اليوم الدراسي داخل مدرسة في مصر (وزارة التربية والتعليم)

في سياق ذلك، ترى الخبيرة التربوية المصرية، بثينة عبد الرؤوف، أن عودة الانضباط داخل المدارس مرهون بإصلاح شامل لمنظومة التعليم، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «شعارات الانتظام والانضباط حاضرة منذ سنوات، وهناك لوائح تنظمها داخل المدارس، غير أن التطبيق الفعلي لا يحقق تلك الأهداف»، وعدّت جولات وزير التعليم المصري الميدانية داخل المدارس «بعيدة عن الواقع، ولا تظهر حقيقة ما يحدث داخل المدارس».

ومنذ بداية العام الدراسي الحالي، أجرى وزير التعليم المصري سلسلة من الجولات بمحافظات مختلفة، لمتابعة سير الدراسة، كانت أحدثها جولة داخل مدارس محافظة القليوبية (شمال القاهرة)، الأسبوع الماضي، تابع خلالها «انتظام حضور الطلاب، ومستوى تحصيلهم الدراسي، وانضباط المنظومة التعليمية»، وفق إفادة لوزارة التعليم.

واعتبرت الخبيرة التربوية أن «ضبط المنظومة التعليمية يبدأ بتحقيق أساسيات التعليم، وأهمها توفير العدد الكافي من المعلمين المؤهلين»، إلى جانب «بيئة تعليمية جيدة، بتوفير مدارس وفصول دراسية مناسبة، وإعطاء أولوية للأنشطة التعليمية داخل المدارس».