في سابقة تُعد الأولى من نوعها في مصر، تم إطلاق ماكينة سحب آلي (أيه تي إم) لشراء سبائك ذهبية توفر خدماتها للأفراد. وجاءت الخطوة نتيجة لإقبال المصريين على شراء المعدن الأصفر بهدف «التحوط» وحفظ قيمة المدخرات، لا سيما مع توقعات الخبراء بزيادة جديدة ربما تلحق بسعر الذهب مطلع العام المقبل.
وكان وزير التموين والتجارة الداخلية المصري علي المصيلحي، شهد (الأحد)، إطلاق أول ماكينة لـ«السبائك الذهبية» ضمن فعاليات معرض دولي للذهب والمجوهرات أقيم بالقاهرة.
وقال المصيلحي إن «الخطوة جاءت ضمن منظومة التحول الرقمي والشمول المالي التي تتبعها الدولة المصرية»، مشيراً في تصريحات صحافية إلى أن الماكينات من شأنها توفير «تجربة مريحة» للعملاء الراغبين في شراء السبائك الذهبية. وكشف وزير التموين أن هذا النموذج منتظر تعميمه في الأسواق التجارية الكبرى، وسط نظام تأميني شديد الدقة، كما أشار إلى أن هذا الإجراء جاء تلبية لحجم الطلب على الذهب.
ويوضح الدكتور ناجي فرج، مستشار وزير التموين لشؤون الذهب، أن ماكينات الصرف الآلي الخاصة بالسبائك الذهبية تهدف إلى تشجيع المواطنين على اقتناء الذهب. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «توفر الماكينات تجربة أكثر راحة، فلا داعي للذهاب إلى محال الذهب، في حين بات بإمكان المواطن المصري الراغب في اقتناء سبائك ذهبية، الذهاب إلى مول تجاري قريب، وبمجرد وضع القيمة المالية للسبيكة باستخدام كروت الائتمان يحصل عليها فوراً على شاكلة الاستخدام التقليدي لماكينات الصراف الآلي».
ويؤكد فرج أنه «لن توجد فروق في الأسعار بين السبيكة الذهبية المتوفرة في المحال وماكينة الصراف الآلي، ولا سيما أن السبائك محددة السعر بحسب الغرامات مع إضافة ضريبة ثابتة».
وتشهد أسعار الذهب في مصر حالة من الاستقرار منذ انطلاق تعاملات الأسبوع الحالي، بعدما مرت بفترات صعود وهبوط، لكن المصيلحي عدّ أسعار الذهب راهناً منطقية، وقال في مداخلة تلفزيونية، الأحد، إنها «باتت تتماشى مع السوق العالمية، بعد فترات من الارتفاع غير المبرر»، مرجعاً ذلك إلى تبعات «مبادرة دخول الذهب إلى مصر دون فرض جمارك، ما حقق وفرة في السوق انعكست على الأسعار»، وفق تقييمه.
وشهدت سوق الذهب في مصر انتعاشة نتيجة لزيادة الطلب الذي أرجعه مراقبون إلى الرغبة في «التحوط» وسط تذبذب أسعار الدولار بين السوق الرسمية والسوق الموازية (الدولار يعادل 30.9 جنيه مصري في البنوك).
وكشف تقرير صدر عن مجلس الذهب العالمي في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أن المصريين أجروا عمليات شراء للذهب تُقدر بـ24.9 طن، بنسبة ارتفاع تتخطى 87 في المائة مقارنة بالفترة عينها من العام الماضي.
الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، عدّ أن إطلاق ماكينات «ATM» لتوفير سبائك الذهب اتجاه إيجابي، لكن يحيطه كثير من العوائق، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «البنوك هي الجهة المعنية بآليات عمل ماكينات الصراف الآلي، التي تحتاج إلى نموذج محدد للضخ والتأمين يضمن تقديم الخدمة على نحو يُحقق الأهداف المرجوة، وهي الراحة والرواج وتشجيع عمليات الشراء». وأردف: «لكن البنوك لا تتعامل بالذهب، كذلك وزارة التموين، ما يطرح تساؤلاً حول فاعلية الخطوة وإمكانية تعميمها. وهل شركات الذهب قادرة من الناحية التنفيذية على متابعة منظومة الماكينات الآلية؟!».
ويرى جاب الله أن العالم يتجه لتعزيز مكانة الذهب، ليس مصر فحسب، وأوضح: «التغيرات الجيوسياسية التي يمر بها العالم، وتمدد مناطق الصراع، يدفعان للخوف من المستقبل ليصعد الذهب للواجهة كملاذ آمن ليس للأفراد فحسب، بل الدول أيضاً». وأردف: «المشهد العام دفع لتعزيز شراء السبائك على حساب المشغولات، من ثم تتجه الصناعة في مسارات تلبي الطلب، وكل هذا مقبول حال وضع ضمانات لآليات التنفيذ».
في السياق عينه، تتجه مصر لتعاقدات دولية بهدف تعزيز عمليات البحث والتنقيب عن الذهب، كان آخرها توقيع عقد مع شركة «لوتس» الكندية، الأحد، بحسب صحف محلية، للاستكشاف والتنقيب عن الذهب في صحراء مصر الشرقية.