«الاستقرار» الليبية تتهم المبعوث الأممي بـ«التواطؤ» مع الدبيبة

باتيلي وصالح يناقشان إجراء الانتخابات العامة

عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا (المكتب الإعلامي للبعثة)
عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا (المكتب الإعلامي للبعثة)
TT

«الاستقرار» الليبية تتهم المبعوث الأممي بـ«التواطؤ» مع الدبيبة

عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا (المكتب الإعلامي للبعثة)
عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا (المكتب الإعلامي للبعثة)

في تصعيد جديد بين الحكومتين المتنازعتين على السلطة في ليبيا، اتهمت حكومة «الاستقرار»، غريمتها حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، بـ«إثارة النزاعات وتغذية الخلافات»، متهمة البعثة الأممية بـ«التواطؤ» معها، فيما اجتمع عقيلة صالح رئيس مجلس النواب مع المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، بشكل مفاجئ في مدينة القبة.

وقال عبد الله بليحق الناطق الرسمي باسم مجلس النواب، إن صالح ناقش مع باتيلي، «إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتشكيل حكومة موحدة تشرف على إجراء الانتخابات»، لافتاً إلى اتفاق الجانبين على «اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ الاستحقاق الانتخابي في القريب العاجل».

وقال مساعدون لصالح إن اجتماعه مع باتيلي، «استهدف أيضاً الوقوف على المبادرة التي يعتزم الأخير إعلانها لحسم الخلافات بين مجلسي النواب والدولة بشأن القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة، بالإضافة إلى بحث التوتر الأمني في غرب البلاد».

صالح مستقبلاً باتيلي في مكتبه بالقبة شرق ليبيا اليوم (الأحد) (مكتب صالح)

بدورها، طالبت حكومة «الاستقرار» برئاسة أسامة حماد، المجتمع الدولي والأمين العام للأمم المتحدة بالتدخل الفوري، من خلال الضغط على باتيلي، لإيقاف ما وصفته بـ«عرقلته خيارات الليبيين والتواطؤ مع حكومة منتهية الولاية، وخضوعه لأجنداتها التخريبية». في إشارة إلى حكومة «الوحدة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي اتهمتها أيضا بمحاولة «فرض سيطرتها على البلاد بالقوة».

وبعدما لفتت إلى أن بعض الأطراف يرى نفسه «الشرعية الوحيدة في البلاد»، استناداً إلى القوة التي تحميها وتعمل بإمرتها، رأت أن حكومة الدبيبة «تتحجج بفرض الأمن تارة ومحاربة الأعداء تارة أخرى»، مشيرة إلى أن «هذه الحجج الواهية لم تعد مقبولة، وأن خيار الحرب لا يصح أن يُسكت عنه بوصفه ذريعة لأي شرعية أو تحت أي اسم».

وعدّت أن «تهديدات حكومة الوحدة باستخدام القوة ضد أبناء الشعب الليبي أمر مرفوض ومدان، ويمثل جريمة يجب أن يعاقَب مرتكبوها»، وانتقدت ما وصفته بـ«تحيز البعثة الأممية، وغضها الطرف عن كل جرائمها وتجاوزاتها».

وحملت حكومة حماد، البعثة مسؤولية «كل ما يرتكب ضد الشعب الليبي في مدينة زوارة»، محذرة من مغبة «إشعال فتيل أزمة أمنية وسياسية واجتماعية عن طريق سلطات الأمر الواقع غرب البلاد».

أسامة حماد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب (الحكومة)

كما أكدت «أنّ تأمين الحدود والمنافذ الرسمية والذود عنها، مسؤوليةٌ مؤسسات الدولة»، ودعت البرلمان لاتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة لحماية المدن والمكونات الليبية غرب البلاد «من مغبة أي هجوم غادر قد يشن عليها».

وكان المجلس الرئاسي أعلن في وقت سابق بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، ترقية صلاح الدين النمروش إلى رتبة فريق، وتكليفه معاونا لرئاسة الأركان بالمنطقة الغربية، بالإضافة إلى عمله آمرا لمنطقة الساحل الغربي العسكرية.

من جانبها، حذرت «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا»، من مغبة جر حكومة «الوحدة»، البلاد إلى «حرب أهلية عرقيّة بين المكونات الاجتماعية»، مشيرة إلى أن التوتر الأمني في محيط بلدية زوارة ومنفذ رأس جدير الحدودي، «جاء على خلفية تحرك قوات تابعة لحكومة الدبيبة بدعوى استعادة السيطرة على المنفذ في خطوة غير مدروسة لعواقبها الوخيمة».

في شأن مختلف، قال محمد تكالة رئيس «المجلس الأعلى للدولة»، إنه ناقش مع الجالية الليبية بالولايات المتحدة، التي يزورها حاليا، الأوضاع السياسية في ليبيا، والدور الذي تستطيع الجالية القيام به لتعزيز التواصل بين البلدين.

من جهة أخرى، ورغم تأكيد أسامة الأزرق، نقيب أعضاء هيئة التدريس بجامعة طرابلس، استئناف الدراسة بداية من الأحد، وإشارته للتوصل إلى تفاهم مع حكومة «الوحدة» بشأن مطالب الأعضاء، قالت جامعة طرابلس إن استئناف الدراسة وفتح منظومة تنزيل المواد الدراسية، سيتم الاثنين.

اجتماع أمني سابق برئاسة المنفي في طرابلس (المجلس الرئاسي)

وكان عثمان ميكائيل النقيب العام لأعضاء الهيئة المكلف، قد أبلغ رسميا مجلس النواب في خطاب، إلغاء إعلان رفع الاعتصام، وقال إن إعلان الأزرق الذي ظهر في تصريح متلفز مساء السبت، مقدماً اعتذاره لجهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة الوحدة على ما بدر منه من تصريحات مسيئة، «تم تحت التهديد».

وأدانت نقابة أعضاء هيئة التدريس، ما وصفته بـ«أعمال الخطف والإخفاء القسري بحق أعضائها»، ورفعت شكوى للنائب العام للتحقيق في هذه الجرائم، كما أكدت استمرار الاعتصام الشامل والمفتوح بمؤسسات التعليم العالي حتى تنفيذ مطالب الأعضاء.


مقالات ذات صلة

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

الدبيبة يؤكد أن بلاده «لن تكون ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، ولن تستخدم ورقة ضغط في الصراعات الدولية والإقليمية».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)
تحليل إخباري بلقاسم حفتر ملتقياً القائم بالأعمال الأميركي (السفارة الأميركية)

تحليل إخباري لماذا تَكثّفَ الحراك الدبلوماسي الأميركي في بنغازي؟

تتخذ مباحثات المبعوث الأميركي الخاص السفير ريتشارد نورلاند، والقائم بالأعمال برنت جيرمي، طابعاً دورياً مع الأفرقاء الليبيين، إلا أن هذه المرة لها وقع مختلف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

كانت محكمة إيطالية قضت عام 2015 بالسجن 30 عاماً على خمسة لاعبين ليبيين بتهمة «الاتجار بالبشر»، ومنذ ذاك التاريخ وهم قيد الحبس إلى أن تحركت السلطات الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
TT

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد، بما يضمن التمهيد لإجراء الانتخابات العامة بالبلاد.

وجاء الاتفاق، الذي توصّل له المجتمعون في مدينة بوزنيقة المغربية، بعد أيام قليلة من طرح المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، «مبادرة جديدة»، تستهدف كسر الجمود الراهن بالأزمة السياسية، والمضي قدماً نحو إجراء الاستحقاق الانتخابي المنتظر.

من جلسة سابقة لأعضاء المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

ووسط تباين ردود الفعل حول مخرجات اجتماع المجلسين، بين مرحّب بها، بوصفها «خطوةً لتجاوز الأزمة السياسية»، ومَن عدّها تدشيناً لمسار مضاد لمبادرة خوري، ومحاولة مكررة من البرلمان لإزاحة حكومة «الوحدة الوطنية»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، في ضوء تصاعد الخصومة بينهما، تركزت التساؤلات حول مدى إمكانية تفعيل مخرجات هذا الاتفاق، خصوصاً في ظل افتقاره لأي دعم دولي أو إقليمي.

بداية، يرى رئيس لجنة الشؤون السياسية بالمجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن اجتماع بوزنيقة التشاوري هو «امتداد لسلسلة اجتماعات سابقة، عقدها أعضاء بالبرلمان مع كتلة من أعضاء (الأعلى للدولة) في كل من تونس والقاهرة خلال الأشهر الماضية»، مشيراً إلى أنها «لم تسفر عن أي جديد، ولم يتم تنفيذ أي من مخرجاتها، التي تَقدَّمها أيضاً مقترح تشكيل حكومة جديدة، ودعوة البرلمان لفتح باب الترشح لرئاستها».

ويعتقد معزب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «الهدف الرئيسي لهؤلاء المجتمعين، الذين تجاوز عددهم 50 شخصاً، هو تغيير الحكومة القائمة بطرابلس، وليس العمل على الوصول للانتخابات»، لافتاً إلى أن بنود الاتفاق «تجاهلت الاعتراضات على القانونَين المنظِّمَين للاستحقاق الانتخابي». كما تم «التغافل عن سعي خوري لتشكيل لجنة استشارية لحلحلة المسائل العالقة بالقانونَين».

عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي (مجلس النواب)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي «الوحدة» ومقرها طرابلس، والأخرى مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب.

ويعدّ ملف تشكيل «حكومة جديدة» من القضايا الخلافية بين القوى والأطراف الرئيسية في ليبيا، حيث يتمسّك البرلمان بضرورة تشكيلها بهدف إجراء الانتخابات، لكن في المقابل يرفض الدبيبة القوانين الانتخابية التي أقرّها البرلمان، ويصفها بأنها «غير عادلة»، ويطالب بقوانين تُجرى على أساسها الانتخابات، وبعدها يُسلِّم السلطة.

وانتقدت بعض الأوساط السياسية تغافل المجتمعين في بوزنيقة وجود نزاع منظور أمام القضاء، منذ 4 أشهر على رئاسة «الأعلى للدولة»، بين كل من خالد المشري ومحمد تكالة، ومعارضة الأخير لأي تقارب مع البرلمان قبل تعديل القوانين الانتخابية.

خالد المشري (المكتب الإعلامي للمجلس)

من جانبه، ذهب الناشط السياسي الليبي، أحمد التواتي، إلى أن ما ورد في بنود اتفاق المجلسين في بوزنيقة من «تشكيل لجان مختلفة لوضع تقارير خلال شهر حول كيفية معالجة قضايا متجذرة، منها محاربة الفساد، وإعادة تكليف المناصب السيادية، يثير كثيراً من التساؤلات حول أهداف ونوايا المجلسين، قبل قدرتهما على تفعيل تلك المخرجات».

وقال التواتي لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان المجلسان لا يهدفان للتشويش على مبادرة خوري، بالعمل على استنزاف الوقت لحين انتهاء مهمة البعثة في نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل، فهذا يعني أنهما عرقلا طيلة السنوات السابقة التوافق بينهما بشأن معالجة الملفات المصيرية، التي كانت سبباً في معاناة الليبيين». واستبعد التواتي أن يؤدي هذا الاتفاق «لتحقيق هدف المجتمعين، المتمثل في إزاحة حكومة الدبيبة؛ التي جاءت باتفاق سياسي برعاية أممية، وفي الأغلب لن تغادر دون اتفاق مماثل».

ليبيون عدّوا مخرجات اجتماع بوزنيقة تدشيناً لمسار مضاد لمبادرة خوري (البعثة)

بالمقابل، دافع عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، عن الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في المغرب، عادّاً أنه «سيقود البلاد نحو إجراء الانتخابات».

وقال الزرقاء لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجان التي انتهى إليها الاتفاق بدأت عملها؛ وبعد شهر ستضع رؤيتها لمعالجة كثير من القضايا التي سبق أن عرقلت إجراء الانتخابات»، ومن بينها توفير الموارد لمشروع التعداد الوطني.

وانتقد الزرقاء ما يتردد حول أن مخرجات بوزنيقة «هي خطوة لعرقلة مبادرة خوري»، وقال موضحاً: «بالعكس من ذلك... الاتفاق بمثابة خطة داعمة للمبادرة. واجتماع ممثلي المجلسين يرسخ استعادة القوى الوطنية زمام المبادرة لحل الأزمة السياسية، بعيداً عن أي تدخلات دولية».

ورغم إقراره بوجود خصومة بين البرلمان وحكومة الدبيبة، فقد شدَّد الزرقاء على أن «الهدف الرئيسي للاجتماع هو إيجاد حكومة موحدة تمهِّد للانتخابات، ومن ثم ستزيح الدبيبة وأيضاً حكومة أسامة حماد».

وانضم الزرقاء إلى آراء كثيرين من أعضاء البرلمان، الذين اعترضوا على دعوة خوري لتشكيل لجنة استشارية لحلحلة القضايا العالقة بقانونَي الانتخابات، موضحاً أن القوانين التي أقرّها البرلمان «هي نتاج لجنة مؤلفة من أعضاء المجلسين، ومعظمهم شارك في اجتماع بوزنيقة، وتوافقوا حول مخرجاته، وهو ما يفنِّد الاحتياج للجنة جديدة».

وأوضح: «نفضِّل أن تركز البعثة في مساعدة الليبيين على الوصول للاستحقاق، عبر دعم حلول وطنية، لا المساس بقوانين تم إقرارها من سلطة تشريعية منتخبة، وصرَّحت المفوضية الوطنية للانتخابات بأنها قابلة للتنفيذ».