البرهان يسعى لتبريد التوتر مع رؤساء دول الجوار

أنهى قطيعة مع الرئيس الكيني... والتقي آبي أحمد في إثيوبيا

 رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان الأربعاء في أديس أبابا (الحكومة الإثيوبية)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان الأربعاء في أديس أبابا (الحكومة الإثيوبية)
TT

البرهان يسعى لتبريد التوتر مع رؤساء دول الجوار

 رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان الأربعاء في أديس أبابا (الحكومة الإثيوبية)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان الأربعاء في أديس أبابا (الحكومة الإثيوبية)

في محاولة لتبريد التوتر في العلاقات مع بعض رؤساء دول الجوار، كثّف رئيس «مجلس السيادة السوداني» وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، من تحركاته الخارجية التي جاء أحدثها، الأربعاء، في أديس أبابا، حيث التقى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.

واستهل البرهان جولاته في دول الجوار بزيارة إلى كينيا، الثلاثاء، التقى خلالها الرئيس ويليام روتو، بعد قطيعة امتدت لشهور. وأفاد «مجلس السيادة السوداني»، في بيان الأربعاء، بأن مباحثات رئيسه مع رئيس الوزراء الإثيوبي «تناولت العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتطويرها، وتطورات الأوضاع في السودان في ظل الأزمة التي يعيشها (بسبب تمرد ميليشيا الدعم السريع الإرهابية)».

وذكر المجلس أن المباحثات تطرقت إلى «تداعيات الأزمة التي يشهدها السودان، والتدمير الممنهج للدولة السودانية وتخريب وتدمير البنيات التحتية»، بحسب البيان. وجدد البرهان، بحسب البيان، «التأكيد على تعاون الحكومة مع جميع المبادرات من أجل إيجاد حلول لهذه الأزمة التي يمر بها السودان، مشيراً إلى مبادرات الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، والمبادرة السعودية - الأميركية، والتي ترعى (منبر جدة)».

وفي يوليو (تموز) الماضي، عبّرت الخارجية السودانية عن «دهشتها للتصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإثيوبي بأن هناك فراغاً في قيادة الدولة، ما يعني عدم الاعتراف بقيادة الدولة الحالية»، مستنكرة حينها ما قالت إنه «دعوة رئيس الوزراء الإثيوبي لفرض حظر جوي ونزع المدفعية الثقيلة، خلافاً لمواقفه وتفاهماته المباشرة القائمة مع رئيس مجلس السيادة».

كما نقل «مجلس السيادة» عن رئيس الوزراء الإثيوبي إشارته إلى أن «زيارة البرهان تأتي في إطار تعزيز وتطوير مسيرة العلاقات والتعاون الثنائي بين الدولتين»، مؤكداً حرص بلاده على «استدامة الأمن والاستقرار في السودان».

ومثل معظم زياراته التي أعقبت خروجه من القيادة العامة أغسطس (آب) الماضي، رافق البرهان إلى أديس أبابا كل من: وزير الخارجية المكلف علي الصادق، ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق أحمد إبراهيم مفضل، إضافة إلى حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، الذي ظهر برفقته للمرة الأولى في زيارة خارجية في نيروبي.

إنهاء قطيعة

وأنهى البرهان قطيعة امتدت لأشهر مع «كينيا» نتجت عن اتهامات وجهها الجيش السوداني ووزارة الخارجية للرئيس ويليام روتو، بأنه «غير محايد في موقفه من الحرب بين الجيش و(الدعم السريع)، وبموالاته لقائد قوات (الدعم السريع) محمد حمدان دقلو (حميدتي)».

وقال روتو عبر حسابه صفحته على منصة «إكس»، عقب لقائه البرهان، (الثلاثاء)، إن «هناك حاجة مُلحة لإيجاد حل مستدام للنزاع في السودان، وتسريع (مفاوضات جدة) لوقف العدائيات في السودان».

الرئيس الكيني ويليام روتو ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان الثلاثاء في نيروبي (حساب روتو على «إكس»)

وكانت «إيغاد» شكّلت في يونيو (حزيران) الماضي، لجنة رباعية برئاسة روتو لوقف الحرب في السودان، لكن الجيش السوداني أعلن رفضه لرئاسة الرئيس الكيني للجنة الرباعية، واعتبره غير «محايد»، وطالب بتولي رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، لرئاسة اللجنة.

وقال نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار في مقابلة تلفزيونية، آنذاك، إن «السودان يرفض رئاسة كينيا للرباعية لأنها غير محايدة»، فيما انتقد عضو مجلس السيادة ياسر العطا «اقتراحاً كينياً تضمن الاستعانة بقوات التدخل السريع لشرق أفريقيا للفصل بين القوات في السودان».

ووفقاً لتقارير صحافية، فإن البرهان وروتو بحثا «تسريع مفاوضات جدة»؛ للوصول لوقف إطلاق نار، واتفقا على عقد «قمة طارئة» لرؤساء «إيغاد»؛ لإنهاء الحرب عبر حوار سياسي.

ترحيب مدني

ولقيت زيارة البرهان إلى كينيا ترحيباً من «الجبهة المدنية»، وقال القيادي بالجبهة ياسر سعيد عرمان، عبر حسابه على منصة «إكس»، إن زيارة البرهان إلى نيروبي ولقاءه بالرئيس الكيني «خطوة في الاتجاه الصحيح بعيداً عن نهج الفلول في افتعال المعارك مع دول الإقليم التي لا تفيد السودان في شيء مهما كانت الأسباب».

ودعا عرمان البرهان لاتخاذ «نهج شامل جديد لتصحيح الخطأ الفادح في الانقلاب والحرب، والجرائم التي يقف خلفها (الفلول)»، واعتبرها «فرصة أخيرة لإعلان رؤية شاملة لإعادة تأسيس الدولة السودانية، لوقف الحرب ومخاطبة جذور الأزمة الإنسانية، وبناء قوات مسلحة وقطاع أمني مهني وغير مسيس، وبناء دولة المواطنة».


مقالات ذات صلة

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

للمرة الثالثة تستضيف مدينة جنيف السويسرية ما عرفت باجتماعات «المائدة المستديرة» بين القوى السياسية السودانية، تهدف لتقريب وجهات النظر بين أطراف الحرب لوقفها.

أحمد يونس (كمبالا )
شمال افريقيا امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية بالقاهرة)

المدارس السودانية في مصر بانتظار انفراجة بعد 3 شهور من إغلاقها

تأمل الجالية السودانية في مصر انفراجة في أزمة المدارس السودانية العاملة في البلاد، والمغلقة منذ نحو 3 أشهر لحين استيفائها الشروط المطلوبة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

آلاف الأسر تفرقت حيث خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية

وجدان طلحة (بورتسودان)

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
TT

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)

للمرة الثالثة تستضيف مدينة جنيف السويسرية ما عرفت باجتماعات «المائدة المستديرة» بين القوى السياسية والمدنية السودانية، وتهدف لتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة السودانية، مواصلة للاجتماعين السابقين اللذين نسقتهما منظمة «بروميديشن» الفرنسية، في القاهرة وجنيف، وتهدف الاجتماعات لتحقيق توافق على وقف الحرب عبر التفاوض وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين.

وتشارك في الاجتماعات، التي بدأت يوم الاثنين وتستمر ليومين، كل من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، وتحالف «الكتلة الديمقراطية» الموالية للجيش، وحركات مسلحة تابعة للكتلة، مع إعلان بعض الأطراف مقاطعة هذه الاجتماعات.

وانشقت «الكتلة الديمقراطية» قبل سنوات عن تحالف «قوى الحرية والتغيير» الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بحكومة الرئيس عمر البشير.

وتتكون «الكتلة الديمقراطية» أساساً من حركات مسلحة وقوى سياسية أيدت انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي ناهضه التحالف الرئيس «الحرية والتغيير» الذي تطور بعد الحرب إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم».

وصدرت مواقف متضاربة بين أعضاء تحالف «الكتلة الديمقراطية» تراوحت بين الرفض والقبول للمشاركة في اجتماعات جنيف. وأعلن المتحدث باسم الكتلة، محمد زكريا، الذي ينتمي لـ«حركة العدل والمساواة»، اعتذار كتلته عن المشاركة، بينما

استنكر القيادي في الحزب «الاتحادي الديمقراطي» عمر خلف الله، وهو أيضاً ناطق رسمي باسم «الكتلة الديمقراطية» تصريح زكريا، قائلاً إن الموضوع لم يناقش في قيادة الكتلة، وأكد مشاركتهم في اجتماعات جنيف «من أجل رؤية تعزز المشروع الوطني».

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

تباين مواقف «الكتلة الديمقراطية»

وإزاء مواقف «الكتلة الديمقراطية»، قال قيادي في الكتلة لـ«الشرق الأوسط» إن المشاركة في اجتماعات جنيف كشفت تباينات حادة داخل الكتلة، وأن «حركة العدل والمساواة» بقيادة وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم سنت لنفسها خطاً منفرداً يمكن وصفه بـ«الانشقاق» داخل الكتلة، مضيفاً أن «رفض المشاركة يعبر عن موقف الحركة وليس موقف الكتلة».

وقال القيادي في «تقدم» والأمين السياسي لحزب «المؤتمر السوداني» شريف محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة جنيف السويسرية شهدت صباح يوم الاثنين الاجتماع الرابع لسلسلة الاجتماعات التي تنسقها «بروميديشن»، وينتهي يوم الثلاثاء، ويهدف إلى تقريب المسافات بين القوى المناهضة للحرب وتلك التي انحازت لأحد طرفي القتال، في إشارة إلى الجيش.

ووفقاً للقيادي في «تقدم»، فإن الاجتماعات تعمل على تحقيق توافق على إنهاء الحرب عبر الحلول السلمية التفاوضية، والتي تبدأ بالوصول إلى وقف العدائيات بغرض إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وفتح مسارات آمنة، باعتبارها خطوات تمهيدية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب سلمياً.

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

مشاركة واسعة

وأوضح عثمان أن طيفاً واسعاً من المدنيين يشارك في الاجتماع وعلى رأسهم قيادات تحالف القوى الديمقراطية المدنية الأكبر في البلاد «تقدم»، ويمثلها كل من رئيس حزب «المؤتمر السوداني» عمر الدقير، ورئيس حزب «التجمع الاتحادي» بابكر فيصل، ورئيس «حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي» الهادي إدريس. كما يشارك في الاجتماعات «حزب الأمة القومي»، و«الحزب الاتحادي الأصل» بقيادة جعفر الميرغني، و«التحالف الديمقراطي للعدالة» بقيادة مبارك أردول، و«حركة تحرير السودان - جناح مناوي»، ويمثلها علي ترايو، إضافة لممثلين عن حزب «المؤتمر الشعبي» الإسلامي المنشق عن حزب الرئيس المعزول عمر البشير، و«حزب الأمة – جناح مبارك الفاضل».

وتوقع عثمان توصل المجتمعين لبيان ختامي متوافق عليه بشأن قضيتي إنهاء الحرب سلمياً، ووقف عدائيات إنساني يسهل وصول المساعدات الإنسانية.

وكانت العاصمة المصرية القاهرة قد شهدت في أكتوبر (تشرين الأول) اجتماعاً مماثلاً، توصل إلى بيان ختامي وقعته القوى المشاركة، باستثناء حركة تحرير السودان – مناوي، وحركة العدل والمساواة – جبريل إبراهيم اللتين رفضتا توقيع بيان القاهرة رغم مشاركتهما في الاجتماعات.

و«بروميديشن» منظمة فرنسية مدعومة من الخارجية الفرنسية والخارجية السويسرية، ظلت تلعب أدواراً مستمرة في الشأن السوداني، وعقدت عدداً من اجتماعات المائدة المستديرة بين الفرقاء السودانيين، بدأتها منذ يونيو (حزيران) 2022 بمفاوضات بين حركات مسلحة دارفورية، ثم طورت اجتماعاتها لتشمل القوى السياسية والمدنية السودانية بعد الحرب.