«الأعلى للدولة» يروّج لمبادرة أممية جديدة بشأن الأزمة الليبية

«النواب»: أبلغنا البعثة الأممية أن مجلسنا أوفى بالتزاماته القانونية

باتيلي وموظفو البعثة الأممية في دقيقة صمت على ضحايا «أونروا» في غزة (إكس)
باتيلي وموظفو البعثة الأممية في دقيقة صمت على ضحايا «أونروا» في غزة (إكس)
TT

«الأعلى للدولة» يروّج لمبادرة أممية جديدة بشأن الأزمة الليبية

باتيلي وموظفو البعثة الأممية في دقيقة صمت على ضحايا «أونروا» في غزة (إكس)
باتيلي وموظفو البعثة الأممية في دقيقة صمت على ضحايا «أونروا» في غزة (إكس)

أعلن المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أن البعثة الأممية لدى البلاد بصدد إطلاق «مبادرة جديدة»، بشأن الأزمة السياسية المتعلقة بقانونَي الانتخابات الرئاسية والنيابية، في وقت يتحسب متابعون لهذه الخطوة، في ظل اعتراض مبكر من مجلس النواب عليها.

ونقل المجلس الأعلى اليوم (الاثنين) أن رئيسه محمد تكالة، ناقش هاتفياً مع مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عبد الله باتيلي، مجمل الأوضاع السياسية في البلاد، وقال إن «المبعوث الأممي قدّم مبادرة بعثة الأمم المتحدة المزمع إطلاقها في الفترة المقبلة».

تكالة يترأس مكتب رئاسة المجلس الأعلى للدولة في اجتماع سابق بطرابلس (المكتب الإعلامي للمجلس)

ولم يوضح المجلس الأعلى للدولة، فحوى المبادرة الأممية، التي يروج لها، وهل الطرح الجديد يختلف عن الخطة التي سبق وعرضها باتيلي من قبل في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن الدولي في مارس (آذار) الماضي.

ويتوقع محمد إمطيريد الباحث والمحلل السياسي الليبي، أن مبادرة باتيلي المتوقعة «لن تخرج عن خطته السابقة التي سبق وطرحها أمام مجلس الأمن في أبريل (نسيان) الماضي، المنقسمة إلى جزأين، الأول يبدأ بإسناد مهمة إنهاء قانونَي الانتخابات العامة إلى اللجنة السياسية المشتركة (6 + 6)، والثاني في حال فشلها تحال مهمة مناقشة القوانين إلى لجنة رفيعة المستوى تقوم البعثة على تشكيلها».

ورأى إمطيريد في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن «أي تغيير في هذه الخطة سوف يضع باتيلي في حرج أمام المجتمع الدولي، الذي سبق ودعمها، وأكد على مساندة أعمال اللجنة المشتركة، وبالتالي لن يستطيع باتيلي تغير أي شيء في خطته السابقة».

وسبق وأطلق باتيلي مبادرة تتضمن «إنشاء لجنة توجيهية رفيعة المستوى تجمع كل أصحاب المصلحة الليبيين بمن فيهم ممثلو المؤسسات السياسية، وأهم الشخصيات السياسية، والقادة القبليون، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية، والنساء والشباب».

وكان من المفترض أن تتولى اللجنة الأممية، وفقاً لمبادرة باتيلي الأولى، «تسيير اعتماد إطار قانوني وخريطة طريق بجدول زمني للانتخابات، بالإضافة إلى منصة لتعزيز اتفاق الآراء على مواضيع ذات صلة مثل أمن الانتخابات، واعتماد مدونة سلوك لكل المرشحين، بقصد الدفع بعملية إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في البلاد خلال العام الحالي».

وعبّر إمطيريد، عن اعتقاده بأن «أي مبادرة أخرى قد يطلقها تكالة، تظل حبراً على ورق؛ ولن تخرج للنور بشكل ملموس»، وذهب إلى أن أي مبادرة تتعارض مع التعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري المعتمد من مجلسي النواب و(الدولة) سوف «تسبب نكسة سياسية أكبر مما هو عليه راهناً». وانتهى المحلل السياسي الليبي، إلى وجود ما سمّاه بوجود «انغلاق سياسي مفتعل» من (مجلس الدولة) لجهة رفضه مخرجات لجنة «6 + 6» التي أنهت مهمتها رسمياً بالإعلان عما توصلت إليه بشأن قانوني الانتخاب.

ولم تكشف البعثة الأممية عن تفاصيل المبادرة التي يروج لها المجلس الأعلى للدولة، لكن المبعوث الأممي قال عبر حسابه على منصة «إكس» (الاثنين) إنه أجرى محادثة هاتفية مع رئيس المجلس الأعلى للدولة، تم خلالها مناقشة التطورات السياسية الأخيرة في ليبيا، كما تم التباحث حول «الخطوات المقبلة للمضي قدماً في العملية السياسية».

اجتماع سابق لصالح مع السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات الليبية (مجلس النواب)

وتبدو أن الأمور متجهة في ليبيا إلى مزيد من التصعيد، حال إعلان مبادرة أممية جديدة، دون توافق الأطراف المختلفة بشأنها.

وقال فوزي النويري، النائب الأول لرئيس مجلس النواب في جلسة عقدت (الاثنين)، إنه «أوضح للبعثة الأممية أن القوانين الانتخابية تمثل الأطراف كافة وفق الظروف المتاحة»، مضيفاً «أبلغت نائب المبعوث الأممي، خلال لقائي به الأسبوع الماضي، أن مجلس النواب أوفى بكل التزاماته فيما يتعلق بقوانين الانتخابات».

وتابع: «أخبرته أيضاً أن هناك إجراءات يجب أن تساعد على عقد عملية انتخابية ناجحة لا تقودنا إلى صدام مسلح». وتعاني ليبيا من «انسداد سياسي» على خلفية عدم التوافق بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» بشأن قانوني الانتخابات.

وبجانب ما عدّته البعثة الأممية إلى ليبيا «نقاطاً خلافية» في قانونَي الانتخابات، توجد خلافات عميقة أيضاً بين مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة»، حيث يعترض الأخير على التعديلات التي أُدخلت على القوانين الانتخابية التي أقرها مجلس النواب، ويصر على أن النسخة الموقّعة في بوزنيقة المغربية، هي التي ينبغي أن تُعتمد.

ويرى عبد الله باتيلي المبعوث الأممي، أن رفض المجلس الأعلى للدولة التعديلات التي أدخلتها لجنة «6 + 6» بعد لقاء بوزنيقة «يُشكل خياراً سياسياً يعرّض للخطر كل المكاسب التي حققها المجلسان والحلول الوسط التي توصلا إليها بشق الأنفس». وينوه المبعوث الأممي أن تشكيل «حكومة جديدة» في ليبيا يعدّ «قضية خلافية إلى حد كبير، ولا يمكن أن تأتي إلا نتيجة تفاوض بين أصحاب الشأن الرئيسيين. فضلاً عن ذلك، من المنطقي أن إتاحة فرص متكافئة للمرشحين جميعاً تستلزم حكومة موحدة تتمتع بثقة الشعب لقيادة البلاد إلى الانتخابات».

في شأن مختلف، اصطف العاملون في بعثة الأمم المتحدة في ليبيا اليوم (الاثنين) يتقدمهم باتيلي، للوقوف دقيقة صمت؛ حداداً على 101 من زملائهم في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) الذين فقدوا أرواحهم في الحرب الدائرة في قطاع غزة. كما تم تنكيس علم الأمم المتحدة تكريماً لذكراهم.


مقالات ذات صلة

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)
تحليل إخباري بلقاسم حفتر ملتقياً القائم بالأعمال الأميركي (السفارة الأميركية)

تحليل إخباري لماذا تَكثّفَ الحراك الدبلوماسي الأميركي في بنغازي؟

تتخذ مباحثات المبعوث الأميركي الخاص السفير ريتشارد نورلاند، والقائم بالأعمال برنت جيرمي، طابعاً دورياً مع الأفرقاء الليبيين، إلا أن هذه المرة لها وقع مختلف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

كانت محكمة إيطالية قضت عام 2015 بالسجن 30 عاماً على خمسة لاعبين ليبيين بتهمة «الاتجار بالبشر»، ومنذ ذاك التاريخ وهم قيد الحبس إلى أن تحركت السلطات الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في مدينة بوزنيقة المغربية (رويترز)

«إزاحة» المنفي والدبيبة... محاولة ليبية على وقع انقسام سياسي

تجاهلت سلطات العاصمة الليبية التعليق على اتفاق بين ممثلين لمجلسي النواب و«الدولة» في المغرب يقضي بإزاحتها من الحكم، وسط ترحيب من جبهة شرق البلاد.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة (الوحدة)

الدبيبة: لدينا مخاوف من تحول ليبيا إلى ساحة قتال بين الدول

أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، اليوم الخميس، عدم السماح بدخول أي قوات أجنبية لليبيا «إلا باتفاقات رسمية وضمن إطار التدريب».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)
جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)
TT

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)
جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة إلى ليبيا ستيفاني خوري، لتحريك العملية السياسية المتجمدة بالبلاد، وجمع الأفرقاء على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي، منتصف الأسبوع الماضي، وسط مخاوف بشأن الصراع الدائر على مقر ديوان المحاسبة في طرابلس.

وفي أول لقاء بعد إطلاق مبادرتها أمام مجلس الأمن، أعلنت خوري، اليوم (الجمعة)، عن اجتماعها مع النائب بالمجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، لمناقشة آخر تطورات العملية السياسية التي تيسرها بعثة الأمم المتحدة.

أعضاء اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» خلال اجتماعهم في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

لكن المجلس الرئاسي لديه تساؤلات بشأن «لجنة الخبراء»، التي دعت لها خوري، للنظر في تعديل قانوني الانتخابات العامة، ومعايير اختيارات الممثلين بها، بالإضافة إلى مخاوفه من «فشلها».

وقالت خوري، التي أنهت لقاءات عدة مع الأطراف السياسية الليبية، إنها أكدت في اجتماعها باللافي أن العملية الأممية التي أطلقتها «تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتوحيد مؤسسات الدولة، وتعزيز الانتخابات الوطنية الشاملة».

وأضافت عقب اجتماعها باللافي: «اتفقنا على أهمية تعزيز المصالحة الوطنية لإعادة بناء الثقة، والمساهمة في توحيد مؤسسات الدولة».

وتشمل مبادرة خوري «تشكيل لجنة فنية من خبراء ليبيين لوضع خيارات تفضي إلى معالجة القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية، بما يضمن كيفية الوصول إلى الانتخابات في أقصر وقت ممكن».

في غضون ذلك، ازدادت مخاوف الليبيين بشأن السيطرة على «ديوان المحاسبة»، بعد نقل أرشيفه من مقره بمنطقة الظهرة إلى مبنى بمجمع قصور الضيافة في منطقة حي دمشق بالعاصمة طرابلس.

جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ورغم نفي الديوان في بيان رسمي ما أثير بشأن نقل أرشيفه «عنوة في جنح الظلام» إلى المقر الجديد، فإن البعثة الأممية أعربت عن «قلقها البالغ إزاء تفاقم الوضع المتعلق بديوان المحاسبة»، والذي قالت إنه «يشكل تهديداً حرجاً لسلامة هذه المؤسسة السيادية».

وحثت البعثة على استقلالية الديوان في عمله، باعتباره المؤسسة المكلفة حماية الشفافية والمساءلة والحوكمة الرشيدة. ودعت جميع الأطراف ذات الصلة إلى «احترام ولاية المؤسسة، وتجنب تسييس الهيئات السيادية الحيوية لاستقرار ليبيا».

وكانت السفارة الأميركية قد دخلت على خط الأزمة، وعبرت عن «قلقها» على لسان القائم بالأعمال، جيريمي برنت، «بشأن الضغوط التي تُمارس ضد نزاهة واستقلال ديوان المحاسبة والمؤسسات التكنوقراطية الليبية الحيوية الأخرى»، وفق قوله.

وانضم برنت لدعوة البعثة الأممية إلى «ضرورة احترام جميع الأطراف المعنية ولاية ديوان المحاسبة، وتجنب تسييس المؤسسات السيادية الأساسية لاستقرار ليبيا وحُكمها».

شكشك رئيس ديوان المحاسبة الليبية والقائم بالأعمال الأميركي (السفارة الأميركية)

ويعد ديوان المحاسبة أكبر جهاز رقابي في ليبيا، ويصدر تقارير شبه دورية تكشف عن تغول الفساد في جل القطاع والوزارات بالبلاد الغنية بالنفط، والمنقسمة بين حكومتين.

وفي شأن مختلف، قالت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، إنها استضافت اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) في روما أمس (الخميس).

وأوضحت البعثة، اليوم (الجمعة)، أن الاجتماع هدف إلى تسليط الضوء على الشراكة المستمرة بين الاتحاد الأوروبي وليبيا، «لتعزيز وحدة واستقرار البلاد»، تنفيذاً لاتفاق «وقف إطلاق النار» الموقع عام 2020، مشيرة إلى أن حوار أعضاء اللجنة العسكرية تمحور حول 3 مواضيع؛ هي دعم الاتحاد لتنفيذ «اتفاق وقف إطلاق النار»، والحفاظ على وقف إطلاق النار، بما في ذلك دعم إدماج القوات والعمليات المشتركة.

كما تم عرض أنشطة عملية «إيريني» على اللجنة، لا سيما فيما يتعلق باستعداد العملية لدعم بناء قدرات المؤسسات البحرية الليبية وتدريبها.

و«إيريني» عملية أوروبية تستهدف مراقبة حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا، من خلال السفن العابرة في البحر المتوسط.

كما لفتت البعثة إلى أنه تم بحث «الإنجازات الحالية والإمكانات المستقبلية» للبرنامج، الممول من الاتحاد الأوروبي، والذي حقق منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2021، إعادة فتح الطريق الساحلي، وبناء الثقة بين الجهات الأمنية الفاعلة، وتيسير الترتيبات الأمنية والعسكرية المشتركة بين شرق ليبيا وغربها.

في سياق قريب، نظمت البعثة الأممية على مدار اليومين الماضيين، لقاءً شارك فيه ممثلون من سلطات أمن الحدود الليبية، ومكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية من جميع الأنحاء، إلى جانب خبراء قسم المؤسسات الأمنية التابع للبعثة.

وقالت البعثة إنه تم خلال اللقاء، الذي عقد في بنغازي، التباحث حول متطلبات إنشاء آلية أمنية مشتركة لتعزيز تأمين حدود ليبيا. كما تضمن الاجتماع عرضاً قدمته المنظمة الدولية للهجرة، سلط الضوء على دورها بدعم الجهود الليبية في إدارة الهجرة وإدارة الحدود.

وتوصل المشاركون إلى عدة نتائج رئيسة، بما في ذلك الاتفاق على آلية للتنسيق مع اقتراح تشكيل فريق تنسيق فني مشترك، يمثل الجهات العسكرية والأمنية المعنية بأمن الحدود الليبية، وتحديد مهام وأدوات ذلك الفريق. كما تضمن الاقتراح إنشاء وسيلة اتصال مباشرة بين ذات الجهات.