«لقاءات الرياض»... هل تُعزز مسار تقارب مصر مع سوريا وإيران؟

السيسي التقى الأسد ورئيسي للمرة الأولى بشكل ثنائي

الرئيس المصري يلتقي نظيره الإيراني في الرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري يلتقي نظيره الإيراني في الرياض (الرئاسة المصرية)
TT

«لقاءات الرياض»... هل تُعزز مسار تقارب مصر مع سوريا وإيران؟

الرئيس المصري يلتقي نظيره الإيراني في الرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري يلتقي نظيره الإيراني في الرياض (الرئاسة المصرية)

على هامش القمة العربية - الإسلامية في الرياض للتضامن مع فلسطين، السبت، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع الرئيس السوري بشار الأسد، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، للمرة الأولى بشكل ثنائي. ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت «لقاءات الرياض» ستُعزز مسار تقارب مصر مع سوريا وإيران.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في مصر، الدكتور طارق فهمي، أن اللقاءين يأتيان في إطار «بروتوكولي دبلوماسي»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «رغم أن كل لقاء يعد الأول من نوعه منذ سنوات، فإن لكل واحد منهما دلالة مختلفة، تبعاً لاختلاف طبيعة العلاقات المصرية مع كل من دمشق وطهران».

وبحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، السبت، فقد ركزت مباحثات السيسي والأسد على «رفض تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين، مع ضرورة تحقيق وقف إطلاق النار». كما تطرق اللقاء للعلاقات الثنائية بين البلدين وتطورات الأوضاع في سوريا. وأكد السيسي «حرص مصر على التسوية السياسية الشاملة بما يحقق المصالح العليا للشعب السوري الشقيق ويحفظ وحدة وسلامة سوريا ويستعيد الأمن والاستقرار بها».

ومنذ تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا في فبراير (شباط) الماضي، شهدت العلاقات المصرية - السورية تطوراً مع زيارات متبادلة لوزيري خارجية البلدين.

وهنا يشير فهمي إلى أن لقاء السيسي والأسد «متوقع»، ويأتي «في إطار التواصل بين البلدين وتأكيداً على حضور مصر في الملف السوري». وأشار إلى أن «الفترة الأخيرة شهدت تطوراً في العلاقات بين البلدين اتسم بعدم التعجل في تنميتها، حيث لم يتم عقد لقاءات على مستوى اللجان المشتركة أو الدفع في اتجاه تعزيز العلاقات بشكل كبير، ولم يزر أي من الرئيسين الآخر، وهو ما يتماشى أيضاً مع تطورات علاقة سوريا بدول الخليج، التي لم تشهد نمواً متسارعاً بعد عودة دمشق للجامعة العربية».

لكن أستاذ العلوم السياسية أكد في نفس الوقت أنه «رغم كون لقاء السيسي والأسد بروتوكولياً، فإنه قد يعطي دفعه لتنمية العلاقات بين البلدين»، متوقعاً أن «تشهد الفترة المقبلة نمواً في العلاقات المصرية - السورية على مستوى رئاسي».

السيسي خلال مباحثات مع الأسد في الرياض (الرئاسة المصرية)

وفي مايو (أيار) الماضي، أقر مجلس وزراء الخارجية العرب استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا. لكن القرار ترك للدول العربية تحديد توقيت وطريقة عودة العلاقات على المستوى الثنائي.

وعلى هامش القمة العربية - الإسلامية، السبت، التقى الرئيس المصري ونظيره الإيراني. وبحسب «الرئاسة المصرية»، فإن «اللقاء شهد تبادل وجهات النظر حول الأوضاع في قطاع غزة، ومسارات العمل من أجل تخفيف وطأة المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها الفلسطينيون في القطاع». وتطرقت المباحثات بين الرئيسين إلى «أهمية عدم اتساع دائرة الصراع في المنطقة والحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي».

وهنا يقول أستاذ العلوم السياسية في مصر، إن «إيران سبق أن طلبت عقد مثل هذا اللقاء أكثر من مرة، لكن مصر كانت متحفظة»، مشيراً إلى أن «طهران تسعى لتطوير العلاقات مع مصر، وهو ما تقابله القاهرة بقدر من التحفظ والتمهل والثبات». وأضاف أنه «رغم وجود نوع من التطور في الفترة الأخيرة عبر لقاءات بين مسؤولي البلدين، والعمل على تشجيع السياحة الإيرانية لمصر، فإن حدوث انفراجة في العلاقات أمر غير متوقع في الأمد القريب»، موضحاً أن «هناك كثيراً من الملفات التي تعوق تطوير العلاقات»، لافتاً أن «العلاقات بين البلدين يتم تقييمها من آن لآخر لدراسة موقف طهران من الملفات المختلفة بالإقليم»، مؤكداً أن «لقاء السيسي ورئيسي بروتوكولي وليست له أي دلالات أو تأثير مرتقب على العلاقات».

وشهدت الفترة الأخيرة خطوات للتقارب بين مصر وإيران، إذ التقى وزير الاقتصاد الإيراني مع وزير المالية المصري، في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد أيام من لقاء بين وزيري خارجية البلدين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وكان الرئيس الإيراني قد وجّه في مايو الماضي خارجية بلاده باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز العلاقات مع مصر... وقطع البلدان العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1979 واستؤنفت من جديد بعد ذلك بـ11 عاماً لكن على مستوى القائم بالأعمال ومكاتب المصالح.


مقالات ذات صلة

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

شمال افريقيا تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الرئاسة المصرية)

السيسي: الأوضاع المضطربة في المنطقة تفرض بناء قدرات شاملة لحماية مصر

أشاد الرئيس عبد الفتاح السيسي بالجهود التي تبذلها القوات المسلحة لـ«حماية الحدود المصرية من أي تهديدات محتملة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الرئيس التونسي يطالب بـ«حلول جذرية» في مستوى انتظارات الشعب

الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
TT

الرئيس التونسي يطالب بـ«حلول جذرية» في مستوى انتظارات الشعب

الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)

شدّد رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد خلال اللقاء الذي جمعه، أمس الخميس، بقصر قرطاج، برئيس الحكومة، كمال المدوري، على ضرورة مضاعفة الجهود في كل المجالات، واستنباط «حلول جذرية في جميع القطاعات التي تم تدميرها». مؤكداً على أن تكون التشريعات، التي يتم إعدادها، في مستوى تطلّعات الشعب التونسي، وأن يشعر كل مسؤول، مهما كانت درجة مسؤوليته، أنّ تونس تعيش مرحلة تاريخية جديدة، وأن يستحضر في كل وقت معاناة التونسيين، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية.

كما أكد سعيد العمل على اقتراح حلول جذرية، «بعيداً عن الترقيع والرتق»، لأوضاع تحتاج إلى بناء صلب «في مستوى انتظارات الشعب، الذي نهبت ثرواته وتم الاستيلاء على مقدراته، وما زالت بعض الدوائر تسعى إلى عرقلة جهود الدولة لزرع بذور اليأس والإحباط»، حسب نص البلاغ. مشيراً أيضاً إلى أنه «لا مجال للتسامح مع كل مسؤول يُعطّل تقديم الخدمات للمواطنين، ومن يتعمد مثل هذه الممارسات فلا بد أن يتحمل تبعاتها القانونية».

في سياق ذلك، تم التعرض خلال اللقاء إلى وضع حد للحالة التي آلت إليها الأملاك المصادرة، ووضع إطار قانوني جديد، «تعود بموجبه الأملاك للدولة وإلى الشعب التونسي وهي من حقه المشروع، فكثيرة هي العقارات التي تم إهمالها، فتقلصت قيمتها في ترتيب مفضوح للتفويت فيها بأبخس الأثمان، وهو ما يجب التصدي له، ومحاسبة كل من تسبب في هذه الجرائم النكراء»، وفق ما جاء في البلاغ.

والتقى رئيس الجمهورية، أمس الخميس بقصر قرطاج، وزيرة العدل، ليلى جفال، وبحث معها الزمن القضائي الذي يستغرقه البت في العديد من القضايا. وأكد وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية، أنه «لا يُمكن تطهير البلاد إلا بقضاء عادل، فلا يُظلم أحد ولا يفلت من المحاسبة أحد»، مشيراً في هذا السياق، إلى وجود كثير من القضاة الشرفاء، الذين يعون «أهمية وظيفتهم النبيلة في إرساء العدل، ويتساوى أمامهم كلّ المتقاضين، فالعدل أساس العمران وغيابه مؤذن بخرابه».

في سياق آخر، أكّد رئيس الجمهورية إعادة مشروع تنقيح مجلة الشغل، بما يضمن حقّ العمال بإنهاء عقود المناولة، ومع التحسّب في هذا المشروع لكلّ من يستبدل بعمّالٍ آخرين، حتى لا تنطبق عليه الأحكام الجديدة مع ترتيب آثار جزائية على هذه الممارسات.

وشدد الرئيس سعيد في هذا السياق على وضع حدّ لما يسمى العقود المحدودة في الزمن في أسرع الأوقات، «لأن العلاقة الشغلية يجب أن تكون عادلة، ولأن العامل له الحقّ في أجر مجز، وفي حياة مستقرّة مع التحسّب أيضاً في مشروع نصّ القانون للحالات، التي يمكن أن يستغلّها ليغمطوا العمّال حقوقهم».

وخلّص رئيس الجمهورية إلى التأكيد على أن الاستقرار الاجتماعي «لا يمكن أن يتحقّق إلا على أساس العدل».