خلاف في تونس حول مشروع قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل

الرئيس سعيّد قال إنه «سيضر بمصالح البلاد»

جانب من نقاشات نواب البرلمان بخصوص المصادقة على مشروع قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل (أ.ف.ب)
جانب من نقاشات نواب البرلمان بخصوص المصادقة على مشروع قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

خلاف في تونس حول مشروع قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل

جانب من نقاشات نواب البرلمان بخصوص المصادقة على مشروع قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل (أ.ف.ب)
جانب من نقاشات نواب البرلمان بخصوص المصادقة على مشروع قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل (أ.ف.ب)

عبّر عدد من النواب التونسيين، الجمعة، عن تمسكهم بالمصادقة على مشروع قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل، لكن الرئيس قيس سعيّد قال، بحسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، إن ذلك «سيضر بمصالح البلاد». وانطلقت جلسات مناقشة مشروع القانون صباح الخميس، قبل أن يرفع رئيس البرلمان، إبراهيم بودربالة، الجلسة بعد المصادقة على فصلين فحسب، على أن يتم استئنافها الجمعة، لكنها ظلت معلقة.

الرئيس قيس سعيّد قال إن مشروع القانون «سيضر بمصالح البلاد» (د.ب.أ)

ونقلت وسائل إعلام حكومية، الجمعة، عن النائب عبد الرزاق عويدات، المنتمي لمجموعة النواب الذين تقدموا بمشروع القانون، قوله: «نحن نتمسك بمبادئ هذا القانون وبتمريره»، مؤكداً أنه «لا يتعارض مع مصالح تونس المعلنة، ولا يؤثر على السير العادي لعجلات الدولة، ولعلاقاتها وممارساتها طالما أنه ليست لنا علاقات مع الكيان الصهيوني».

والخميس، أكد رئيس البرلمان أن الرئيس سعيّد أبلغه أن «مقترح القانون سيضر بالمصالح الخارجية لتونس»، وأن الأمر «يتعلق بخانة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي، والمسألة اتخذت طابعاً انتخابياً لا أكثر ولا أقل».

إبراهيم بودربالة رئيس البرلمان التونسي (أ.ف.ب)

ويتضمن «مقترح قانون يتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف به والتعامل معه» 6 فصول، وتم تقديمه من قبل مجموعة من النواب الداعمين للرئيس سعيّد. ويعرف الفصل الثاني من مشروع القانون «التطبيع اعترافاً وتعاملاً جريمة يعدّ مرتكباً لها كل شخص تعمد القيام أو المشاركة، أو محاولة القيام بالتواصل، أو الاتصال أو الدعاية، أو التعاقد أو التعاون بكل أشكاله، بمقابل أو من دونه، بصفة عرضية أو متواترة بشكل مباشر، أو بواسطة من قبل الأشخاص الطبيعيين والمعنويين، الذين ينتمون للكيان الصهيوني، أفراداً ومؤسسات ومنظمات وجمعيات وهيئات حكومية، أو غير حكومية عمومية أو خاصة، باستثناء فلسطينيي الداخل»، من دون مزيد من التوضيح. كما يجرم المشاركة بأي شكل من الأشكال في الأنشطة والفعاليات والتظاهرات والملتقيات، والمعارض والمسابقات بأنواعها «التي تقام على الإقليم الذي تحتله أو تتحكم فيه سلطات الكيان الصهيوني». ووجه تهمة «الخيانة العظمى» إلى كل من «تخابر مع الكيان الصهيوني»، ويعاقب مرتكب «جريمة التطبيع» بالسجن مدى الحياة، أو لمدة تتراوح بين 6 سنوات و12 سنة، وبغرامة مالية تصل إلى مائة ألف دينار (نحو 30 ألف يورو).

وتساءل وزير الخارجية نبيل عمّار، الأربعاء، قائلاً: «مَن نجرم؟ نحن ليست لدينا علاقات مع الكيان الصهيوني، فماذا نجرم؟». وتدعم تونس، التي استضافت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الراحل ياسر عرفات ما بين 1982 و1994، القضية الفلسطينية بقوة. وقد ردّد الرئيس سعيّد في مرات كثيرة أن التطبيع «خيانة عظمى».



​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
TT

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

يأمل ليبيون في إخضاع متهمين بـ«ارتكاب جرائم» خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي إلى «محاكمة عادلة وسريعة».

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، تحدث ضمن إحاطة أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، عن «خريطة طريق» لمحاكمة المتهمين في ليبيا من بينهم المتورطون في «المقابر الجماعية» في ترهونة (غرب البلاد).

وقفة احتجاجية لعدد من أهالي ضحايا ترهونة بغرب ليبيا (رابطة ضحايا ترهونة)

ورغم تعهد خان في إحاطته، بالعمل على «قدم وساق لتنفيذ خريطة طريق لاستكمال التحقيقات في جرائم حرب حتى نهاية 2025»، فإنه لم يوضح تفاصيلها، إلا أن عضو «رابطة ضحايا ترهونة» عبد الحكيم أبو نعامة، عبّر عن تفاؤل محاط بالتساؤلات على أساس أن «4 من المطلوبين للجنائية الدولية في جرائم حرب وقعت بالمدينة منذ سنوات لا يزالون خارج قبضة العدالة».

ويقصد أبو نعامة، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» قائد الميليشيا عبد الرحيم الشقافي المعروف بـ«الكاني»، إلى جانب فتحي زنكال، ومخلوف دومة، وناصر ضو، فيما يخضع عبد الباري الشقافي ومحمد الصالحين لتصرف النيابة، بعد القبض على الأخير السبت.

ومن بين ملفات اتهام متنوعة في ليبيا، قفزت منذ أشهر إلى مقدمة أجندة المحكمة الدولية جرائم «مقابر جماعية» ارتكبت في ترهونة (غرب ليبيا) إبان سيطرة ما تعرف بـ«ميليشيا الكانيات» بين أبريل (نيسان) 2019 ويونيو (حزيران) 2020، علماً بأن الدائرة التمهيدية لـ«الجنائية الدولية» قرّرت رفع السرية عن ستة أوامر اعتقال لمتهمين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وينتاب من يتهمون بهذا الملف وأسر ضحايا في ترهونة، القلق مما يرونه «تسييس عمل المحكمة الدولية، وغياب الآلية الفعّالة لتنفيذ مذكرات القبض ضد المتهمين، في ظل وجودهم في بعض الدول»، وفق ما أفاد علي عمر، مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» لـ«الشرق الأوسط».

يُشار إلى أن خان، أبلغ مجلس الأمن الدولي عن اتفاقه مع النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، على آلية جديدة للتعاون بين الطرفين، لكنه لم يكشف عن تفاصيلها.

إلى جانب مخاوف «التسييس»، يبدو أن تحديد المدعي العام للجنائية الدولية إطاراً زمنياً للانتهاء من التحقيقات نهاية العام المقبل، قد يكون مثار قلق أكبر لعائلات الضحايا.

ووفق عمر: «قد يفاقم الإفلات من العقاب ويشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»، مع إيحاء سائد لدى البعض «بعدم وجود نية لملاحقة مرتكبي الجرائم أو فتح جميع ملفات الجرائم التي تندرج تحت اختصاص المحكمة».

ومن بين الاتهامات التي تلاحق «ميليشيا الكانيات» كانت تصفية أغلب نزلاء سجن «القضائية»، و«الدعم المركزي» بترهونة، في 14 سبتمبر (أيلول) 2019، في رواية نقلتها «رابطة ضحايا ترهونة».

ويلاحظ متابعون، أن ظلال الانقسام السياسي انعكست على زيارة خان إلى طرابلس، وفق أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الواحد القمودي. وعلى نحو أكثر تفصيلاً، يشير مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» علي عمر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن غياب التعاون من قِبل السلطات في شرق ليبيا وغربها، من بين عراقيل أخرى تقف أمام «نزاهة التحقيقات».

مقبرة جماعية مكتشفة بترهونة (غرب ليبيا) (هيئة التعرف على المفقودين في ليبيا)

في غضون ذلك، فرض الدور الروسي الزائد في ليبيا نفسه على إحاطة خان، أمام مجلس الأمن، بعدما شككت مندوبة روسيا في ولاية المحكمة على الملف الليبي، مذكرة بأن ليبيا «ليست طرفاً في نظام روما الأساسي».

وفي حين يستبعد أمين «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في ليبيا عبد المنعم الحر دوراً روسياً معرقلاً للمحاكمات، فإنه يتفق مع مندوبة روسيا في أن «الإحالة من جانب مجلس الأمن لم تعط المحكمة الجنائية الدولية ولاية مطلقة على ليبيا»، مشيراً إلى أنها «اقتصرت على جرائم حصلت قبل تاريخ 19 فبراير (شباط) 2011».

ويستند الحر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الذي أجاز «التحقيق في جريمة أو أكثر ارتكبت»، وهو «ما يجعل القضايا التي وقعت بعد هذا التاريخ خارج ولاية المحكمة».

وقد يبدو «التفاؤل محدوداً» بمثول المطلوبين في جرائم الحرب بليبيا أمام المحكمة في لاهاي، وفق «مدير منظمة رصد الجرائم»، لكنه يشير إلى مخرج من هذا المأزق، وهو «اتخاذ خطوات أكثر جرأة، تشمل دعماً دولياً لضمان استقلالية التحقيقات، ووضع آلية فعّالة لتنفيذ مذكرات القبض».

وعلى نحو يبدو عملياً، فإن أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا يقترح «حلاً قانونياً بتشكيل محكمة خاصة مختلطة يترأسها قاض ليبي تضم في هيئتها قضاة ليبيين ودوليين، على غرار المحكمة الدولية التي تم إنشاؤها للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005».