اشتباكات بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» في الجنينة بغرب دارفور

جانب من الدمار الذي سببته الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في دارفور الملاصقة لمنطقة كردفان (أ.ف.ب)
جانب من الدمار الذي سببته الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في دارفور الملاصقة لمنطقة كردفان (أ.ف.ب)
TT

اشتباكات بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» في الجنينة بغرب دارفور

جانب من الدمار الذي سببته الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في دارفور الملاصقة لمنطقة كردفان (أ.ف.ب)
جانب من الدمار الذي سببته الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في دارفور الملاصقة لمنطقة كردفان (أ.ف.ب)

اشتبك الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في قتال عنيف، منذ صباح الأربعاء، في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، بحسب سكان وشهود.

وقال سكان تحدثوا إلى وكالة «أنباء العالم العربي»، إن قوات «الدعم السريع» هاجمت الفرقة 15 مشاة، وهي مقر قيادة الجيش في الجنينة، بأعداد كبيرة من القوات، كما اشتبكت مع قوة من الجيش في محلية كرينك بشرق الجنينة، وانتشرت في المحلية التي تعد بوابة الولاية من الناحية الشرقية.

ويأتي هجوم قوات «الدعم السريع» في الجنينة بعد يوم واحد من إعلانها الاستيلاء على مقر قيادة الجيش في مدينة زالنجي بوسط دارفور، وبعد أيام قليلة من سيطرتها على مقر الفرقة 16 في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، ثاني أكبر المدن السودانية ومركز قيادة الجيش في الولايات الغربية.

ونزح غالبية سكان الجنينة إلى مدينة أدري في تشاد المجاورة منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في 15 أبريل (نيسان)، بعد أسابيع من التوتر بين الطرفين بسبب خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش، في الوقت الذي كانت فيه الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً.

وفي مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، أبلغ شهود وكالة «أنباء العالم العربي» بأن طيران الجيش قصف مواقع تابعة لقوات «الدعم السريع».

وقال شهود إن واحدة من القذائف سقطت على منزل في حي الوحدة شرق بالفاشر، مما أدى إلى وفاة صاحب المنزل وطفلة وتدمير المنزل بالكامل، بينما يجري البحث عن بقية أفراد العائلة تحت الأنقاض.

وتكثف قوات «الدعم السريع» عملياتها العسكرية للسيطرة على مقرات الجيش في أقاليم دارفور وكردفان والخرطوم، في وقت تتواصل فيه المحادثات بينها وبين الجيش السوداني في جدة برعاية السعودية والولايات المتحدة، والتي يشارك فيها أيضاً الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) والاتحاد الأفريقي وآخرون.

وقالت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، التي تتكون من حركات دارفور المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، والمعنية بحماية المدنيين في الإقليم، إنها تمكنت، الثلاثاء، من إجلاء طاقم من الأطباء الأتراك من مدينة نيالا في جنوب دارفور إلى الفاشر في الشمال، بعد اشتداد القتال في نيالا.

وذكرت في بيان أن طاقم الأطباء كانوا يعملون في المستشفى التركي في نيالا.

اتهمت وزارة الخارجية السودانية، الأربعاء، قوات «الدعم السريع» بتصفية عدد من أسرى الجيش.

وقالت في بيان: «في الوقت الذي تتواصل فيه محادثات جدة... نشرت الميليشيا المتمردة مقاطع مصورة لتصفيتها عدداً من أسرى القوات المسلحة»، مضيفة أن ذلك يمثل «جريمة حرب مكتملة، ترتكب مع سبق الإصرار والتصميم».

كما اتهمت الخارجية السودانية قوات «الدعم السريع» بمواصلة الاعتداء على المناطق السكنية في العاصمة وغيرها عبر القصف العشوائي.

وأضافت الخارجية في بيانها: «كل ذلك يضع المجتمع الدولي أمام تحد حقيقي لإلزام قوات (الدعم السريع) بمتطلبات إعلان جدة، وتنفيذ ما يمكن التوصل إليه من وقف إطلاق النار وإجراءات بناء الثقة، ومحاربة الإفلات من العقاب».

وفي وقت لاحق، الأربعاء، أعلن مجلس السيادة الانتقالي إعفاء 5 وزراء من مهامهم، بما في ذلك وزير الطاقة والنفط ووزيرة التموين.

وقال المجلس على «تلغرام» إن رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان أصدر قراراً بإقالة وزير الطاقة والنفط محمد عبد الله محمود، ووزيرة التجارة والتموين آمال صالح سعد، ووزير النقل هشام أحمد علي، ووزيرة العمل والإصلاح الإداري سعاد الطيب حسن، ووزير الثروة الحيوانية الحافظ إبراهيم عبد النبي.

وبعد اندلاع الصراع قبل أكثر من 6 أشهر، نقلت معظم المؤسسات الحكومية وعلى رأسها مجلس السيادة أنشطتها مؤقتاً إلى بورتسودان، بعد أن تحولت الخرطوم إلى ساحة معارك وتعرضت البنية التحتية للتدمير جراء القصف المدفعي والضربات الجوية.


مقالات ذات صلة

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يحتفلون في مروي في الولاية الشمالية شمال السودان في 11 يناير 2025... بعد أن أعلن الجيش دخول عاصمة ولاية الجزيرة الرئيسية ود مدني (أ.ف.ب)

الجيش السوداني ينفي تورّطه في هجمات على مدنيين بولاية الجزيرة

نفى الجيش السوداني، اليوم (الثلاثاء)، تورطه في هجمات على مدنيين في ولاية الجزيرة التي استعاد عاصمتها ود مدني من «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

وثقت هيئة «محامو الطوارئ» (منظمة حقوقية) أكثر من 7 تسجيلات مصورة، قالت إنها «لانتهاكات وتصفيات عرقية في ولاية الجزيرة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم  (أرشيفية - أ.ب)

البرهان يرفض السلام قبل القضاء على «الدعم السريع»

أوضح البرهان، أنه قدم «شرحاً وتنويراً للقادة في دول غرب أفريقيا»، وأبلغهم أن السودان «يواجه غزواً واستعماراً جديدين»...

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا أعمدة من الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

أكثر من 120 قتيلاً بقصف على أم درمان

أفاد مسعفون سودانيون بأن أكثر من 120 شخصاً قُتلوا، أمس (الاثنين)، في قصف استهدف منطقة بأم درمان الواقعة ضمن الخرطوم الكبرى.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))

لماذا رفض البرلمان المصري «السوار الذكي» بديلاً للحبس الاحتياطي؟

مناقشات البرلمان المصري لقانون الإجراءات الجنائية (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
مناقشات البرلمان المصري لقانون الإجراءات الجنائية (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
TT

لماذا رفض البرلمان المصري «السوار الذكي» بديلاً للحبس الاحتياطي؟

مناقشات البرلمان المصري لقانون الإجراءات الجنائية (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
مناقشات البرلمان المصري لقانون الإجراءات الجنائية (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)

رفض مجلس النواب المصري (البرلمان)، مقترحاً بتطبيق «السوار الذكي»، بديلاً للحبس الاحتياطي، ضمن نصوص قانون «الإجراءات الجنائية» الجديد، وسط حالة من الجدل القانوني، بين نواب البرلمان وممثلي الحكومة.

وتباينت آراء برلمانيين، بشأن نظام «المراقبة الإلكترونية»، ما بين مواقف ترى أن هناك «صعوبة في تطبيقها مادياً وفنياً، لعدم توافر بنية تكنولوجية»، في حين رأى آخرون، أن تطبيق السوار الإلكتروني، أوفر اقتصادياً من الحبس الاحتياطي.

وانتهى البرلمان المصري، من إقرار 171 مادة، من قانون «الإجراءات الجنائية»، وسط جدل حقوقي. وفيما يُشكِّل استجابةً لمطالب حقوقية وسياسية، قلَّص مجلس النواب المصري، مدد الحبس الاحتياطي، بالقانون، بحيث لا تتجاوز «4 أشهر في قضايا الجنح، بدلاً من 6 أشهر في التشريع الحالي، و12 شهراً في قضايا الجنايات بدلاً من 16 شهراً، و18 شهراً في القضايا التي تصل عقوبتها للسجن المؤبد والإعدام، بدلاً من سنتين».

وخلال مناقشات القانون، لم يستجب نواب البرلمان لمقترحات بعض النواب، بتطبيق «السوار الذكي»، بوصفه أحد بدائل الحبس الاحتياطي، وأقرّ مجلس النواب (الاثنين)، ثلاثة بدائل أخرى في نص المادة 112، تشمل «إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه، وإلزامه بأن يقدم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة، وحظر ارتياد المتهم أماكن محددة».

وعدّ وزير الشؤون النيابية والقانونية المصري، المستشار محمود فوزي، أن «البنية التكنولوجية اللازمة لتطبيق (السوار الإلكتروني) غير جاهزة لتطبيقه حالياً»، مشيراً خلال جلسة البرلمان، إلى «إمكانية تطبيقه، من خلال القرارات التنفيذية»، ورأى عضو اللجنة الفرعية التي أعدَّت قانون الإجراءات الجنائية، المستشار عمرو يسري، أن «تطبيق السوار الإلكتروني، يمثل انتهاكاً لحرمة الحياة الخاصة، للمتهم وأسرته، في حالة مراقبته بكاميرات في منزله».

غير أن نائب رئيس «الحزب المصري الديمقراطي» عضو مجلس النواب المصري، فريدي البياضي، عدّ المبررات الحكومية لرفض تطبيق السوار الإلكتروني، «غير موضوعية»، مشيراً إلى أن «تطبيق المراقبة الإلكترونية لا يحتاج لتكنولوجيا معقدة، وكان يمكن النص عليه في القانون، وتنفيذه في المستقبل القريب».

ويعتقد البياضي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «السوار الإلكتروني، أكثر كرامةً من الحبس والبدائل الأخرى، التي قد يُساء استخدامها». وقال: «في تطبيقه توفير اقتصادي عن الحبس الاحتياطي»، مشيراً إلى أن «هناك دولاً عدة بالمنطقة، تُطبِّق المراقبة الإلكترونية، مثل الجزائر والأردن ولبنان».

بينما عدّ وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إيهاب الطماوي، أن «نجاح تطبيق المراقبة الإلكترونية في بعض الدول، لا يعني تطبيق المراقبة في مصر»، مشيراً إلى أن «هناك عدداً من الضوابط، التي يجب مراعاتها قبل الحديث عن تطبيق السوار الإلكتروني، وأهمها القدرة على التنفيذ فنياً بجميع المحافظات».

وباعتقاد الطماوي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الرقابة الإلكترونية، سواء بالكاميرات أو السوار الذكي، سينتج عنها المساس بحرمة الحياة الخاصة»، وقال: «حال فقد السوار أو تلفه، سيتم تفتيش المنزل؛ للتأكد من وجوده أو عدمه، ما يمس حرمة المنازل».

وأشار إلى سلبيات أخرى في التطبيق، من بينها «نظرة المجتمع لمَن يحمل السوار، وصعوبة المساواة بين فترة مراقبة الشخص إلكترونياً، وفترة الحبس الاحتياطي، بخصم هذه المدة من فترة العقوبة، حال الحكم على المتهم».

ولا يؤيد ذلك عضو اللجنة التشريعية، عاطف مغاوري، مشيراً إلى أن «مبررات رفض السوار الإلكتروني غير مقنعة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «وزير العدل المصري أشار، خلال الجلسات، إلى وجود محاكم تعمل بالأنظمة الرقمية حالياً، ما يعني توافر البنية التكنولوجية». وقال: «المراقبة الإلكترونية تشير إلى إحداثيات وجود المتهم، ولا تعني الرقابة بالصوت والصورة».

وفي وقت سابق، أوصى الحوار الوطني بمصر (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بضرورة التوسُّع في تطبيق بدائل الحبس الاحتياطي. وضمَّت التوصيات، التي تم رفعها إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مقترحات بديلة للحبس، من بينها «المراقبة الإلكترونية، (باستخدام السوار، أو البصمة الصوتية) كلما كان ذلك ممكناً وعملياً من الناحية الفنية».

واستجابةً لتوصيات الحوار الوطني، أكد السيسي، في أغسطس (آب) الماضي، على «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، وتفعيل تطبيق بدائل الحبس المختلفة»، حسب إفادة للرئاسة المصرية.

بينما رأى المحامي الحقوقي عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، نجاد البرعي، أن «نصوص تشريع الإجراءات الجنائية، لم تأخذ بتوصيات الحوار الوطني». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدم إقرار السوار الإلكتروني، جاء لعدم توافر التكلفة المالية لتطبيقه»، مشيراً في الوقت نفسه، إلى «ضرورة أن تأخذ مناقشات التشريع الجديد فترة أكبر بين مختلف الجهات والأطراف المعنية؛ لضمان صدوره بصيغة تحفظ حقوق الجميع».