مجلس الأمن يمدّد ولاية بعثة «مينورسو» في الصحراء لمدة عام

واشنطن وباريس وأبوظبي تدعم مبادرة الحكم الذاتي... وموسكو ومابوتو تمتنعان عن التصويت

جانب من جلسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (وكالة أنباء العالم العربي)
جانب من جلسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (وكالة أنباء العالم العربي)
TT

مجلس الأمن يمدّد ولاية بعثة «مينورسو» في الصحراء لمدة عام

جانب من جلسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (وكالة أنباء العالم العربي)
جانب من جلسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (وكالة أنباء العالم العربي)

قرر مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، ليلة أمس (الاثنين)، تمديد ولاية بعثة المينورسو لمدة عام، مجدداً تكريس سمو المبادرة المغربية للحكم الذاتي من أجل طي نزاع الصحراء. وجاء في نص القرار رقم 2703، الذي صاغته الولايات المتحدة، أن مجلس الأمن «قرر تمديد ولاية بعثة المينورسو إلى غاية 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2024».

وتم تبني القرار بتصويت 13 دولة لصالحه، في مقابل امتناع اثنتين عن التصويت، هما روسيا وموزمبيق. وجدد مجلس الأمن في هذا القرار الجديد تأكيد دعمه المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي قدمها المغرب سنة 2007، بصفتها أساساً جاداً وذا مصداقية من شأنه وضع حد للنزاع حول الصحراء، كما تنص على ذلك قرارات مجلس الأمن.

كما جدد أعضاء المجلس دعمهم جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي إلى الصحراء، الهادفة إلى الدفع قدماً بالعملية السياسية في أفق التوصل إلى حل واقعي وعملي ودائم، قائم على التوافق. وكانت ممثلة الولايات المتحدة في مجلس الأمن قد قالت: إن واشنطن «ترحب بتأكيد مجلس الأمن دعمه جهود ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي لدى الأمين العام إلى الصحراء، وبعثة مينورسو، كما تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي كحل مقبول سياسياً». مضيفة، أن مجلس الأمن «وجّه رسالة اليوم بضرورة حل سياسي للملف، من دون أي تأخير، كما أنه يتأسف لعدم وجود إجماع حول قرار تجديد ولاية مينورسو».

كما شددت الممثلة على أن الولايات المتحدة «تدعم جهود دي ميستورا، وتدعو إلى تسوية سياسية قصد تحقيق الاستقرار في المنطقة». مبرزة أن واشنطن «قلقة من الأوضاع الإنسانية وظروف المعيشة، ونقص الوصول إلى المساعدات في مخيمات تندوف بالجزائر».

أما ممثل موزمبيق في مجلس الأمن، فقال: إن بلاده تعلم بأهمية تجديد ولاية بعثة «مينورسو»، لكنها ترى ضرورة توسيع صلاحياتها قصد إجراء الاستفتاء، كما ترى أن «القرار الحالي لن يساعد في الدفع بالعملية السياسية».

وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة في لقاء سابق مع ودي ميستورا (الشرق الأوسط)

بدوره، قال ممثل روسيا: إن موسكو «امتنعت عن التصويت بسبب أن الملاحظات التي قدمتها لواشنطن لم توضع في الحسبان، والقرار الحالي لن يساعد في الوصول إلى حل مقبول لدى الأطراف». مشدداً على أن موسكو «تتبنى موقفاً غير منحاز في ملف الصحراء، وتدعم الحل السياسي». من جانبه، قال ممثل الصين: إن بكين «ترى أن مينورسو قامت بتعزيز التسوية السياسية، والقرار الحالي يشير إلى دعم هذه العملية، كما نعبّر عن ترحيبنا بتمكينها من الوسائل اللوجيستية». مشيراً إلى أن «موقف الصين واضح من خلال دعم التسوية السياسية وفق القرارات الأممية».

أما ممثل فرنسا، فرحّب بقرار تمديد ولاية بعثة «مينورسو»، كما دعم جهودها، داعياً إلى «ضمان حرية تنقلها»، قبل أن يدين «خرق وقف إطلاق النار». ومجدداً دعم باريس مخطط الحكم الذاتي المغربي، وقال: إن الوقت قد حان للانطلاق فيه. بدوره، شدد ممثل الغابون على دعم حل واقعي ودائم للملف، وإعادة إطلاق المفاوضات بين الأطراف، مع دعم مخطط الحكم الذاتي المغربي، والتنويه بالتزام المغرب بوقف إطلاق النار.

في حين رحب ممثل الإمارات العربية المتحدة بقرار مجلس الأمن، قائلاً: إن نص القرار «متوازن، وأخذ على عاتقه التطورات كافة». مضيفاً، أن «دولتنا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي، بكونه حلاً واقعياً وجاداً، وتشيد بتعاون المغرب مع البعثة، مع دعوة جبهة البوليساريو إلى التعامل بالمثل والالتزام بوقف إطلاق النار... وأبوظبي تدعم سيادة المملكة المغربية على كامل ترابها الوطني».

من جهتها، أشادت الرباط بتبني مجلس الأمن قرار تمديد بعثة «مينورسو»، وقالت: إنه يأتي «في سياق يتسم باستمرار الدينامية الإيجابية التي يشهدها الملف»، تحت قيادة الملك محمد السادس. وقال بيان لوزارة الخارجية المغربية، صدر مساء الاثنين: إن «الدعم الدولي المتنامي من نحو مائة بلد للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، وفتح أكثر من ثلاثين قنصلية عامة بالعيون والداخلة، وعدم اعتراف أكثر من 84 في المائة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالكيان الوهمي (في إشارة إلى الجمهورية الصحراوية التي أعلنتها جبهة البوليساريو الانفصالية عام 1976 من جانب واحد بدعم من الجزائر وليبيا)، فضلاً عن النهضة التنموية الاقتصادية والاجتماعية، التي تشهدها المنطقة في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية المغربية، يكرّس فعلياً المقاربة التي تنهجها المملكة في معالجة هذه القضية».

ستيفان دي ميستورا المبعوث الشخصي لدى الأمين العام إلى الصحراء (أ.ف.ب)

وأضاف البيان، أن مجلس الأمن يكرّس من خلال القرار الذي تم تبنيه مقاربته فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، سواء من حيث تحديد الأطراف، أو تكريس إطار المسلسل، أو تأكيد غايتها.

كما أن القرار، يضيف البيان، حدد بوضوح أطراف العملية السياسية، الذين يجب أن يتحملوا مسؤوليتهم السياسية والقانونية والأخلاقية في البحث عن حل نهائي لنزاع الصحراء، حيث ذكر الجزائر تحديداً ست مرات، وهو عدد المرات نفسه الذي ذكر فيها المغرب؛ مما يؤكد أن الجزائر هي بالفعل الطرف الرئيسي في هذا النزاع المفتعل.

وعلاوة على ذلك، يكرّس القرار الجديد، حسب البيان ذاته، الموائد المستديرة بوصفها الإطار الوحيد للمسلسل السياسي، لا سيما بمشاركة الجزائر، كطرف معني بشكل مباشر. وأخيراً، ذكر بيان الخارجية المغربية، أن مجلس الأمن أكد أن الحل السياسي النهائي لا يمكن أن يكون إلا «حلاً سياسياً واقعياً وعملياً ودائماً وقائماً على التوافق»، مسجلاً أن هذه المعايير تقترن، من جديد، بدعم مجلس الأمن للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي وصفها بـ«الجادة وذات المصداقية».

ومن المهم الإشارة، في هذا السياق، يقول البيان ذاته، إلى أن الكثير من بلدان العالم تعرب بوضوح عن دعمها هذه المبادرة كأساس لا غنى عنه لأي حل لهذا النزاع الإقليمي.

من جهة أخرى، وجّه القرار الجديد تحذيراً لـ«البوليساريو» في ما يتعلق بانتهاكاتها وفرضها قيوداً على حرية تنقل بعثة «المينورسو»، وطالب، من جديد، الجزائر بالسماح بتسجيل سكان مخيمات تندوف. وخلص البيان إلى أن المملكة المغربية انطلاقاً من مكتسباتها وثبات مقاربة مجلس الأمن، تظل ملتزمة تماماً بدعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثها الشخصي الرامية إلى إعادة إطلاق مسلسل المائدة المستديرة؛ بهدف التوصل إلى حل سياسي، على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وفي احترام تام للوحدة الترابية والسيادة الوطنية للمملكة.


مقالات ذات صلة

السعودية تدعو لشراكة جادة تحقق السلام في المنطقة

الخليج وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة لمجلس الأمن بشأن غزة في نيويورك (الأمم المتحدة)

السعودية تدعو لشراكة جادة تحقق السلام في المنطقة

أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن بلاده تؤمن بأن تنفيذ حل الدولتين هو الأساس لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

جبير الأنصاري (الرياض)
العالم العربي ممثل كوريا الجنوبية لدى الأمم المتحدة هوانغ جون-كوك يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن (الأمم المتحدة)

كوريا الجنوبية تصف التصعيد في المنطقة بـ«غير المسبوق»

قال ممثل كوريا الجنوبية لدى الأمم المتحدة هوانغ جون-كوك، إن الضربة في الضاحية الجنوبية لبيروت «أدت إلى تعميق مشاغلنا»، واصفا التصعيد في المنطقة بـ«غير المسبوق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يلقي كلمة أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك (أ.ف.ب)

لافروف: الشرق الأوسط على شفا «حرب شاملة»

حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الجمعة، من أن الشرق الأوسط على شفا «حرب شاملة» مع قيام إسرائيل بشن هجمات على «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية لقاء بين إردوغان والأسد في 2010 (أرشيفية)

أميركا لا تدعم التطبيع بين أنقرة ودمشق قبل الحل السياسي في سوريا

أحدثت التصريحات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان التي كرر فيها استعداده للقاء الرئيس السوري بشار الأسد من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين ردود فعل متباينة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حضر اجتماع غداء في الأمم المتحدة (رويترز)

ماكرون يدعو لتقييد حق استخدام «الفيتو» بمجلس الأمن في حالات «القتل الجماعي»

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الأربعاء)، إلى إصلاح مجلس الأمن الدولي عبر تقييد حقّ استخدام «الفيتو» في حالات «القتل الجماعي».

«الشرق الأوسط» (باريس)

كيف يؤثر تسهيل تراخيص البناء على السوق العقارية المصرية؟

يتوقع أن يسهم القرار في استئناف أعمال البناء بشكل مكثف (وزارة الإسكان)
يتوقع أن يسهم القرار في استئناف أعمال البناء بشكل مكثف (وزارة الإسكان)
TT

كيف يؤثر تسهيل تراخيص البناء على السوق العقارية المصرية؟

يتوقع أن يسهم القرار في استئناف أعمال البناء بشكل مكثف (وزارة الإسكان)
يتوقع أن يسهم القرار في استئناف أعمال البناء بشكل مكثف (وزارة الإسكان)

قررت الحكومة المصرية تسهيل اشتراطات ترخيص البناء عبر العودة للعمل بقانون البناء الصادر عام 2008، بعد عرض دراسة مشتركة بين وزارتي «الإسكان» و«التنمية المحلية»، الجمعة، على رئيس الجمهورية تضمنت الموافقة على العودة للقانون لما به من «تبسيط للإجراءات وأنه يسهم في إحداث انتعاش بحركة العمران»، بحسب تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية للمتحدث باسم «التنمية المحلية» خالد قاسم.

وينبني على هذه العودة إيقاف قانون «البناء الموحد» الذي جرى اعتماده في مارس (آذار) 2021 ووضع اشتراطات عدة لأعمال البناء أدت لتراجع الأعمال الإنشائية بالعديد من المدن الرئيسية، خلال السنوات الماضية، وفق مراقبين اعتبروا الاشتراطات والضوابط التي حددها هذا القانون عائقاً أمام عمليات البناء التي يقوم بها الأفراد والشركات العقارية ذات الأنشطة المحدودة.

وفي الفترة الأخيرة تصاعدت مخاوف لدى اقتصاديين ومسؤولين بالقطاع العقاري من «فقاعة» عقارية مع ازدياد الأسعار بشكل كبير في الشهور الماضية، وسط وجهات نظر متباينة تصل لدرجة التناقض بين من يرى العقار مقيماً بأكثر من قيمته، الأمر الذي سيدفع نحو انخفاض الأسعار في المستقبل القريب، ومن يرى أن الأسعار ستواصل قفزتها في الفترة المقبلة.

توقعات بانتعاشة في أعمال البناء خلال الفترة المقبلة (وزارة الإسكان)

وشهدت أسعار الوحدات ارتفاعاً في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى نحو 83 في المائة بمدينة السادس من أكتوبر، و95 في المائة بالقاهرة الجديدة خلال عام، مع ارتفاع أسعار الإيجارات بنسب تتخطى 40 في المائة بالمنطقتين، وفق تقرير صدر في مايو (أيار) الماضي لمؤسسة «جي إل إل» العالمية المتخصصة في دراسات سوق العقارات.

ويرى رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري محمد الفيومي أن «التراجع الحكومي بمثابة عودة للمسار الصحيح»، واصفاً القانون الصادر عام 2021 بـ«المعيب». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «قانون 2021 تسبب في عدم استخراج المواطنين لتراخيص بناء، وساهم في زيادة البناء العشوائي، وفتح أبواباً للفساد، وقلّص من الشقق المعروضة للبيع بالعديد من المناطق».

وعن تأثير القرار الجديد بعودة القانون القديم على أسعار العقارات قال: «هذا التأثير لن يتضح على الفور، ولكنه بحاجة لبعض الوقت حتى يجري الحصول على تراخيص البناء وتبدأ عمليات البيع للوحدات العقارية الجديدة»، مشيراً إلى أن «توفر وحدات جديدة سيؤدي حتماً لزيادة المعروض، ووفق القواعد الاقتصادية سيؤدي زيادة المعروض لثبات الأسعار وربما انخفاضها على المدى الطويل».

وتتضمن الإجراءات التي جرى العودة لتطبيقها ودخلت حيز التنفيذ على الفور، اختصار خطوات الحصول على ترخيص البناء إلى 8 إجراءات فقط، وتقديم الطلبات في المراكز التكنولوجية للحصول على رخصة البناء.

واعتبرت وزيرة التنمية المحلية منال عوض أن القرار «سيسهم في تخفيف العبء على المواطنين والإجراءات الخاصة باستخراج تراخيص البناء وتشجيع منظومة العمران التي ترتبط بالعديد من المهن الخاصة بصناعة البناء، بالإضافة إلى توفير المزيد من فرص العمل للعاملين في هذا المجال وإتاحة المزيد من فرص العمل التجارية وتنمية الاقتصاد المحلي»، وفق بيان مساء (الجمعة).

شهدت حركة البناء في مصر تقييدات بسبب القانون الصادر عام 2021 (وزارة الإسكان)

وبحسب المتخصص في شؤون العقارات محمود الجندي، فإن «العودة للقانون القديم تنهي أزمات عدة واجهتها عملية البناء، خصوصاً في القرى والمدن التي تعرضت لما يشبه حالة الشلل بسبب القيود التي فرضها القانون الصادر عام 2021، والذي جرى إيقافه سواء فيما يتعلق بالارتفاعات أو بضوابط واشتراطات البناء»، لافتاً إلى أن «الكثير من الذين اشتروا أراضي قبل 2021 لم يتمكنوا من استخراج تصاريح بالبناء».

وأضاف أن «توجه هؤلاء للاستفادة من العودة للقانون القديم سيتيح آلاف الوحدات الجديدة للمواطنين بمواقع اقتصر فيها البيع خلال الفترات الماضية على الوحدات المشيدة بالفعل، مما سيسهم في ضبط الأسعار، خصوصاً أن هناك الكثير من الأمور التي يجب وضعها في الاعتبار عند النظر إلى مسألة التسعير بداية من أسعار مستلزمات البناء وصولاً لقيمة الأراضي المشتراة».

وأكد رئيس لجنة الإسكان بالبرلمان «ضرورة إجراء تعديلات على قانون البناء وضوابطه خلال دور الانعقاد التشريعي المقبل في ضوء عدم إمكانية إلغاء قانون وافق عليه البرلمان بقرار وزاري»، متوقعاً «طرح اللجنة التشريعية التعديلات اللازمة على القانون لإقرارها في أقرب وقت».