مصر لتجاوز «حادثي سيناء»... تحذيرات للخارج وطمأنة للداخل

السيسي دعا لاحترام سيادة بلاده وكشف عن جهود لإطلاق سراح الأسرى

السيسي خلال افتتاح الملتقى والمعرض الدولي السنوي للصناعة السبت (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال افتتاح الملتقى والمعرض الدولي السنوي للصناعة السبت (الرئاسة المصرية)
TT

مصر لتجاوز «حادثي سيناء»... تحذيرات للخارج وطمأنة للداخل

السيسي خلال افتتاح الملتقى والمعرض الدولي السنوي للصناعة السبت (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال افتتاح الملتقى والمعرض الدولي السنوي للصناعة السبت (الرئاسة المصرية)

برسائل تحذيرية للخارج وأخرى لطمأنة الداخل، سعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتجاوز حادثي الانفجار، اللذين شهدتهما مدينتا طابا ونويبع بجنوب سيناء، صباح أمس (الجمعة)، وسط تصعيد إسرائيلي للحرب على غزة. ووجه السيسي حديثه للمصريين قائلاً: «أحب أن أطمنكم... لا أحد يقدر»، في إشارة إلى ما يبدو مخاوف من محاولات لجر مصر إلى الصراع.

وحذر السيسي خلال مؤتمر «اتحاد الصناعات»، اليوم (السبت)، من اتساع نطاق الصراع، قائلاً إن «هذا ليس في مصلحة المنطقة»، مضيفاً: «إذا اتسع نطاق الصراع فستكون المنطقة عبارة عن قنبلة موقوتة تؤذي الجميع».

وأصيب 6 أشخاص جراء انفجار في طابا، تبعه انفجار آخر بنويبع بالقرب من الحدود الإسرائيلية. وأظهرت تحقيقات مصرية أن الحادثين ناجمان عن «سقوط طائرتين مسيرتين كانتا متجهتين من جنوب البحر الأحمر إلى الشمال».

وقال المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية إنه «جرى استهداف إحدى المسيرتين خارج المجال الجوي المصري بمنطقة خليج العقبة، ما أسفر عن سقوط بعض حطامها بمنطقة غير مأهولة بالسكان في نويبع، في حين سقطت الطائرة الأخرى بطابا». فيما قالت إسرائيل، أمس (الجمعة)، إن «الطائرات المسيرة كانت تستهدفها»، وألقت باللوم في الهجوم على جماعة «الحوثي» اليمنية، المدعومة من إيران.

وفي تعليقه الأول على الحادثين، شدد السيسي على أن «الدولة المصرية، بفضل شعبها وجيشها، قادرة على حماية مقدراتها تماماً»، وقال: «لا تقلقوا وواصلوا العمل من أجل البناء والتعمير... وأطمئنكم بأن لا أحد يستطيع إيذاء مصر».

وأظهرت ردود فعل مصرية على مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الغضب، ومطالبات بالرد على «انتهاك» الحدود المصرية، وقال السيسي إنه تابع تعليقات وتفاعل الشباب والمواطنين على مواقع التواصل، مبرزاً أن ما لفت نظره هو «حالة القلق المزدادة، وأنا أشارككم هذه الحالة، وهي ظاهرة إيجابية ولكن دوري أن أطمئنكم»، مضيفاً: «أمس (الجمعة) كانت هناك طائرات مسيرة دخلت إلى البلاد وتم إسقاطها، وأياً كان المكان الذي جاءت منه، فقد حذرت قبل ذلك من أن اتساع نطاق الصراع ليس في مصلحة المنطقة، وستكون المنطقة عبارة عن قنبلة موقوتة تؤذينا جميعاً».

كما شدد السيسي على أن «مصر دولة قوية جداً لا تمس، وذات سيادة، وأرجو أن يحترم الجميع سيادتها ومكانتها، وهذا كلام ليس للتباهي»، مبرزاً أن الدولة المصرية تقوم بدور إيجابي في ملف إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين في قطاع غزة، قائلاً: «هناك كثير من التفاصيل، وليس كل شيء يتم الإعلان عنه»، مؤكداً أن الدولة المصرية تبذل جهوداً كبيرة من أجل تهدئة الاقتتال في قطاع غزة، وإدخال أكبر حجم من المساعدات التي يحتاجونها.

في سياق ذلك، أعرب السيسي عن شكره لكل الدول، التي أرسلت مساعدات إنسانية لإدخالها إلى قطاع غزة. وقال بهذا الخصوص: «نبذل جهوداً كبيرة من أجل الاستجابة لمتطلبات 2.3 مليون فلسطيني في غزة تحت الحصار، دون ماء ووقود ومواد طبية ضرورية»، مشيراً إلى أن إدخال 20 شاحنة يومياً ليس كافياً، «بل هناك حاجة إلى قدر أكبر من المساعدات للدخول إلى قطاع غزة».

كما رحب السيسي بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الداعي لوقف الاقتتال والتهدئة وإقرار هدنة في الأراضي الفلسطينية، مؤكداً «أهمية هذا القرار لأن حالة الغضب والاندفاع في رد الفعل قد تجعلنا نندم بعد ذلك، عندما تخرج الأمور عن السيطرة، وهو ما أريد تسجيله والتحذير منه».

وعدّ عادل اللمعي، عضو مجلس الشيوخ المصري، تصريحات السيسي عن أحداث سيناء «رسالة طمأنة للشعب المصري... جاءت في توقيت مهم»، وشدد في تصريح له، على أن مصر «دولة قوية ذات سيادة، ولم ولن تتهاون في حماية أمنها القومي»، داعياً إلى أخذ تحذيراتها المتكررة من عواقب التصعيد العسكري والصراع الحالي على المنطقة بأكملها على محمل الجد.

في السياق ذاته، قالت رحاب موسى، عضو مجلس النواب، إن «السيسي وجه رسائل قوية للشعب المصري والعالم بأن الأمن القومي المصري خط أحمر، وأن الجيش المصري قادر على حماية الدولة المصرية».

بدوره، حذر رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، محمد العرابي، من «محاولات إدخال أطراف أخرى في الصراع، ما سيزيد الأمور في المنطقة تعقيداً»، وقال العرابي في بيان، إن الوضع الراهن يتطلب الآن «عملاً فورياً لتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، والمؤيد لهدنة إنسانية فورية ومستدامة، تفضي إلى وقف القتال ووصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».


مقالات ذات صلة

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده في معارك بشمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، مقتل أحد جنوده في معارك في شمال قطاع غزة. وأضاف أن الجندي القتيل يدعى رون إبشتاين (19 عاماً) وكان ينتمي إلى لواء غيفعاتي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.