السعودية تأمل التزام طرفي النزاع في السودان بـ«إعلان جدة»

«قوات الدعم السريع» تؤكد السيطرة على مواقع الجيش في نيالا كبرى مدن دارفور

ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)
ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)
TT

السعودية تأمل التزام طرفي النزاع في السودان بـ«إعلان جدة»

ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)
ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)

استأنف طرفا النزاع في السودان مفاوضاتهما في مدينة جدّة السعودية، بهدف إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من نصف عام، والتي أودت بحياة الآلاف وتسببت بنزوح ملايين المواطنين السودانيين. فمنذ 15 أبريل (نيسان)، أدى النزاع بين الجيش، بقيادة عبد الفتاح البرهان، ونائبه السابق قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو، إلى سقوط أكثر من تسعة آلاف قتيل وفق حصيلة للأمم المتحدة، ونزوح أكثر من 5.6 مليون شخص داخل البلاد أو لجوئهم إلى دول مجاورة.

وقالت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، إن الرياض ترحب باستئناف المحادثات بين ممثلين من القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» في مدينة جدة، بتيسير من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية. وأكّد طرفا النزاع، الأربعاء، قبولهما دعوة لاستئناف التفاوض، لكنّ الجيش شدّد على أن «استئناف التفاوض لا يعني توقف معركة الكرامة الوطنية». وأعلنت «قوات الدعم السريع»، في بيان أصدرته، عن الأمل في «أن يكون وفد الطرف الآخر قد جاء إلى جدة موحداً ومستقلاً برأيه عن إملاءات حزب المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم في عهد الرئيس السابق عمر البشير)، كما نأمل أن يملك التفويض اللازم للحديث باسم القوات المسلحة».

ولم تنجح حتى الآن كل محاولات الوساطة، بما فيها الوساطة الأميركية - السعودية، في إحراز أي تقدم على طريق وقف الحرب، وأقصى ما توصلت إليه هو فترات وقف إطلاق نار قصيرة. وذكرت الخارجية السعودية في بيانها أنّ المملكة «تحث القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على استئناف ما تم الاتفاق عليه بينهما في إعلان جدة الذي نص على الالتزام بحماية المدنيين في السودان، في 11 مايو (أيار)، وعلى اتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد الموقّع من الطرفين في مدينة جدة في 20 مايو 2023». وقالت الخارجية السعودية إنّ المملكة «تؤكد حرصها على وحدة الصف وأهمية تغليب الحكمة ووقف الصراع لحقن الدماء ورفع المعاناة عن الشعب السوداني». وتابعت أنها تأمل التوصل إلى «اتفاق سياسي يتحقق بموجبه الأمن والاستقرار والازدهار للسودان وشعبه الشقيق».

الأمير فيصل بن فرحان خلال لقائه عبد الفتاح البرهان في نيويورك (واس)

ويشارك في مفاوضات جدة أيضاً ممثلون عن منظمة «إيقاد»، وهو التكتل المعني بالتنمية في شرق أفريقيا، والذي تقوده كينيا.

مساعدات إنسانية دون عوائق

وقبل تعليق المباحثات السابقة في جدة، سادت خيبة أمل لدى الوسطاء بسبب إحجام الجانبين عن العمل من أجل التوصل إلى هدنة مستدامة. ورأى خبراء أن البرهان ودقلو اختارا بدلاً من ذلك حرب الاستنزاف، على أمل انتزاع تنازلات أكبر على طاولة التفاوض فيما بعد. وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي ساعد في الوساطة في بداية الأزمة، قد وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل المفاوضات خلال زيارته إلى السعودية مؤخراً لبحث الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس»، بحسب ما ذكرته (وكالة الصحافة الفرنسية).

بلينكن قام بجهود لتقريب وجهات النظر بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» (أرشيفية)

وقال مسؤولون أميركيون معنيون بأزمة السودان، إن المفاوضات الحالية، وهي الأولى منذ انهيار الجهود الدبلوماسية لإنهاء القتال في يونيو (حزيران)، هدفها التوصل إلى وقف لإطلاق النار، لكن من السابق لأوانه مناقشة حل سياسي دائم. وأشار مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية طلب عدم كشف هويته، الأربعاء، إلى أن «الجولة الجديدة ستركز على ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وتحقيق وقف لإطلاق النار، وإجراءات أخرى لبناء الثقة».

مفاوضات جدة ونيات طرفي القتال

وترى خلود خير، مؤسّسة مركز «كونفلوانس أدفايزوري» البحثي في الخرطوم، أن طرفي النزاع لم يكتفيا من الحرب بعد. وكتبت الخميس، على موقع «إكس» (تويتر سابقاً) أن قرار إحياء المحادثات يستند إلى افتراض أن الجيش و«قوات الدعم السريع» قد «اكتفيا من القتال بسبب الانهيار الوشيك للدولة والمعاناة والبؤس»، مضيفة: «لم يكتفيا بعد، رغم خطاب (الجيش) و(قوات الدعم السريع)، فإن أياً منهما لا يهتم بالتكاليف البشرية لشن هذه الحرب». من جهتها، قالت أميرة عبد الحليم، خبيرة الشؤون الأفريقية في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في القاهرة، إنّ طرفيّ النزاع «أصابهما الإنهاك». وقالت عبد الحليم لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الطرفين «بدآ في البحث عن أفق للخروج من مأزق الصراع، ووافقا على الانخراط في المفاوضات مرة أخرى». لكنّها قالت أيضاً إنّ «الوصول إلى حل يرتبط بقدرة الأطراف الإقليمية والولايات المتحدة على ممارسة ضغوط حقيقية لوقف إطلاق النار»، مشيرة إلى أنّ ذلك مرتبط بما إذا كان لدى الأطراف الخارجية «رغبة في تسوية الصراع والحد من الخسائر البشرية».

البرهان خلال جولة في قاعدة «فلامنغو» البحرية في بورتسودان في أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

ورحبت اللجنة التحضيرية لمؤتمر «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، الخميس، باستئناف منبر جدة التفاوضي بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع». وناشدت اللجنة في بيان طرفي النزاع التحلي بالمسؤولية والجدية في إيقاف هذه الحرب التي قالت إنه «لا منتصر فيها». وانطلقت اجتماعات اللجنة التحضيرية لتنسيقية القوى الديمقراطية يوم الأحد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بمشاركة رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك، ورئيس «حزب الأمة القومي» فضل الله برمة ناصر، وعدد من قيادات «قوى الحرية والتغيير» والحركات المسلحة والقوى المدنية والمهنية ولجان المقاومة. وأكدت اللجنة في بيان ختامي على أن المشاركين أجمعوا على المضي قدماً في مسار عقد «المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية»، لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية في البلاد.

تجدد القتال رغم المفاوضات

ومع استئناف المحادثات الخميس، أفاد شهود عيان عن تجدد القتال في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. وأعلنت «قوات الدعم السريع» أن مقاتليها سيطروا «بشكل كامل» على مواقع الجيش في نيالا، عاصمة جنوب دارفور، وثاني أكبر مدينة في السودان من حيث عدد السكان، الأمر الذي قد يشكل نقطة تحول في الحرب الممتدة منذ ستة أشهر، ويأتي في وقت يستأنف فيه الطرفان المفاوضات في جدة.

واستطاع الجيش حماية قواعده الرئيسية في الخرطوم، رغم انتشار «قوات الدعم السريع» على الأرض في أغلب أنحاء العاصمة. وفي الوقت نفسه، نقلت الحكومة أغلب مقراتها إلى بورتسودان، على ساحل البحر الأحمر. وقالت «قوات الدعم السريع» في بيان إنها سيطرت على مقر الجيش الرئيسي في نيالا، وصادرت كل عتاده. ونشرت مقطعاً مصوراً لم يتسن التحقق من صحته، لجنود يحتفلون بإطلاق الأعيرة النارية ويقولون إنهم اجتاحوا القاعدة. ونشرت «قوات الدعم السريع» أيضاً مقطعاً مصوراً للرجل الثاني في قيادتها، عبد الرحيم دقلو، الخاضع لعقوبات من الولايات المتحدة، وقالت إنه يتزعم الجهود العسكرية في المنطقة. وشهدت نيالا موجات من القتال العنيف، وأودى القصف الجوي والمدفعي بحياة العشرات، ودمر منازل المدنيين، وعطّل الخدمات الأساسية. ونيالا هي مركز تجاري يقول المراقبون إن «قوات الدعم السريع» قد تتخذها قاعدة لها. ولم يصدر تعليق من الجيش السوداني، الذي أعلن ليل الأربعاء /الخميس أن قواته في الفرقة 16 في نيالا صدت هجوماً من ميليشيا «الدعم السريع المتمردة»، وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

ونزح ما لا يقل عن 670 ألف شخص من سكان ولاية جنوب دارفور من منازلهم. وجنوب دارفور هي ثاني أكثر الولايات تضرراً بعد ولاية الخرطوم. واتُّهمت «قوات الدعم السريع»، التي تقع قواعدها القوية في جنوب إقليم دارفور، بارتكاب مذبحة عرقية في الجنينة، عاصمة غرب دارفور، وتأجيج التوتر في أنحاء المنطقة. وسيطرت «قوات الدعم السريع» أيضاً على زالنجي، عاصمة ولاية وسط دارفور. أما عاصمتا الولايتين الأخريين في الإقليم، فقد انتشرت «قوات الدعم السريع» في أنحاء مدينة الضعين، عاصمة ولاية شرق دارفور، على الرغم من احتفاظ الجيش بقواعده هناك، بينما تدور معارك ضارية في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.


مقالات ذات صلة

مقتل 6 مدنيين بقصف لـ «قوات الدعم السريع» في السودان

شمال افريقيا عناصر من الدفاع المدني السوداني ينقلون جثثاً عثر عليها في بئر في الخرطوم (أ.ف.ب)

مقتل 6 مدنيين بقصف لـ «قوات الدعم السريع» في السودان

قُتل 6 مدنيين بينهم طفلان وجُرح 36 آخرون في قصف لـ«قوات الدعم السريع» على أم درمان شمال الخرطوم، بحسب ما أفاد مصدر طبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

«الشرق الأوسط» (أم درمان)
شمال افريقيا مشاورات سياسية بين وزيري خارجية مصر والسودان في القاهرة خلال فبراير الماضي (وزارة الخارجية المصرية)

سودانيون بالقاهرة يقترحون مشاركة مصرية واسعة في إعادة إعمار بلدهم

اقترح سودانيون مقيمون في القاهرة منح الأولوية أمام الشركات المصرية، للمساهمة بشكل موسع في عمليات «إعادة الإعمار»، بعد انتهاء الحرب الحالية في بلدهم.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا زعيم «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أرشيفية - الشرق الأوسط)

قائد «قوات الدعم السريع»: الحرب الآن داخل الخرطوم ولن نخرج من القصر الجمهوري

قال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) اليوم (السبت)، إن الحرب ضد الجيش السوداني باتت الآن داخل الخرطوم، مشدداً على أن قواته لن تخرج منها.

خاص الهادي إدريس عضو مجلس السيادة السوداني السابق (الشرق الأوسط)

خاص الهادي إدريس لـ«الشرق الأوسط»: «الحكومة الموازية» لتفادي الانقسام في السودان

يقول عضو مجلس السيادة السوداني السابق الدكتور الهادي إدريس في حوار مع «الشرق الأوسط» إن الحكومة الموازية المزمع إنشاؤها هدفها الرئيسي تقديم الخدمات للمحرومين.

عيدروس عبد العزيز (لندن)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: حرب السودان أسوأ أزمة إنسانية في العالم

قالت كاثرين راسل المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) اليوم (الخميس) إن الحرب الدائرة في السودان تسببت في أكبر أزمة إنسانية في العالم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

الجزائر تطلق تدابير للخروج من «اللائحة الرمادية» لمكافحة الأنشطة الإجرامية

المصرف المركزي الجزائري (متداولة)
المصرف المركزي الجزائري (متداولة)
TT

الجزائر تطلق تدابير للخروج من «اللائحة الرمادية» لمكافحة الأنشطة الإجرامية

المصرف المركزي الجزائري (متداولة)
المصرف المركزي الجزائري (متداولة)

أطلقت الجزائر تدابير جديدة للخروج من «اللائحة الرمادية» لـ«مجموعة الإجراءات المالية» التي تصنف البلدان «الأقل انخراطاً» في جهود مكافحة غسل الأموال وعائدات تمويل الإرهاب، وذلك بهدف جذب المستثمرين الأجانب الذين يشترطون «الأمان».

وتضمن العدد الجديد من «الجريدة الرسمية»، مرسوماً وقَّعه رئيس الوزراء، يتعلق بـ«إجراءات التجميد و/ أو حجز الأموال في إطار الوقاية من تمويل الإرهاب، وانتشار أسلحة الدمار، الشامل ومكافحتهما».

جانب من العاصمة الجزائرية (متداولة)

ويهدف هذا المرسوم إلى تعزيز الترسانة القانونية الجزائرية في هذا المجال، ويُعدُّ خطوة مهمة، في تقدير مراقبين، لاستعادة ثقة الشركاء الأجانب؛ خصوصاً أن الجزائر قد سنَّت قانوناً جديداً للاستثمار، تسعى من خلاله إلى جذب المستثمرين الأجانب.

ويشدد النص الجديد على «الاستجابة الفورية» من المؤسسات المالية للتدابير الواردة فيه، ويكون ذلك من خلال «تجميد الأموال المتعلقة بالأشخاص والكيانات المعنية (بغسل الأموال وتمويل الإرهاب) فوراً ومن دون تأخير أو إشعار مسبق»، بما في ذلك أيام العطل.

كما يفرض النص رقابة صارمة على القطاع المصرفي؛ إذ يلزم البنوك وبعض المهن غير المالية، مثل المحاماة ووكلاء العقارات، بالتأكد باستمرار مما إذا كان عملاؤهم مدرجين في قائمة العقوبات. وفي حال وجود تطابق، يتم تجميد أو مصادرة الأموال على الفور، ويجب إعلام الهيئة المختصة بذلك من دون تأخير. وتتماشى هذه الإجراءات مع التوصية رقم «10» لـ«مجموعة الإجراءات المالية» التي تفرض زيادة في العناية لمكافحة الشركات الوهمية والحسابات المجهولة.

اجتماع لقضاء جزائريين حول تطبيق أحكام قانون مكافحة غسل الأموال (صورة أرشيفية)

إلى جانب تجميد الأصول، ينص المرسوم على «إدارة مركزية للأموال المصادرة»، والتي يجب نقلها إلى الخزينة المركزية لضمان تتبعها، وتجنب أي احتمال لتحويلها بطريقة غير شرعية. ورغم ذلك، يسمح النص بهامش مرونة للأشخاص الخاضعين للعقوبات، للوصول إلى موارد محدودة لتلبية احتياجاتهم الأساسية، مثل السكن والطعام والرعاية الطبية، بشرط الحصول على إذن خاص من وزير المالية والهيئات المختصة في الأمم المتحدة.

زيادة على ذلك، يفرض المرسوم قيوداً صارمة على أنشطة وتحركات الأشخاص الخاضعين للعقوبات، عن طريق حظر ممارسة أي نشاط اقتصادي، وإغلاق الفروع المعنية على الفور، وسحب جواز السفر ومنع مغادرة الأراضي الوطنية. كما يُمنع الأجانب المدرجون في قوائم العقوبات من دخول الأراضي الجزائرية. وتهدف هذه التدابير إلى «تحييد أي قدرة على التحرك للأفراد المتورطين في تمويل الإرهاب»، وفق المرسوم نفسه.

ومنذ إدراجها في هذه «اللائحة الرمادية» في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، بذلت الجزائر جهوداً مضاعفة للامتثال للمعايير الدولية المرتبطة بمكافحة تمويل الأنشطة الإجرامية. وتم وضع «خطة عمل وطنية» بالتشاور مع «مجموعة الإجراءات المالية»، سمحت بتقليص الأعمال ذات الأولوية الواجب تطبيقها من 74 إلى 13.

سليمة مسراتي رئيسة سلطة الوقاية من الفساد (الشرق الأوسط)

وسبق هذا المرسوم «نظام» أصدره «البنك المركزي الجزائري» في أغسطس (آب) 2024، يخص «مكافحة غسل الأموال والوقاية منه، ومحاربة تمويل الإرهاب، وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل»، وألزم البنوك والمؤسسات المالية وخدمات «بريد الجزائر» بأن تؤدي فيها دوراً حاسماً، وحظر عليهم «فتح حسابات مجهولة أو مرقمة، أو حسابات بأسماء وهمية».

وعزَّز هذا «النظام» تدابير «قانون مكافحة الفساد والوقاية منه» الذي لا يزال جارياً منذ 2006، وصدوره يعكس -حسب مصادر قضائية متخصصة في ملفات الإجرام المالي- إرادة للتصدي لأشكال جديدة من غسل الأموال وتمويل الإرهاب وشراء الأسلحة الحربية، مع تطور التكنولوجيات الحديثة.

ومن المعروف أن «مجموعة الإجراءات المالية» تم إطلاقها عام 1989 وهي بمنزلة «منتدى» يضم أكبر اقتصادات العالم. ورغم أنها ليست منظمة حكومية دولية رسمية، مثل الأمم المتحدة أو منظمة التجارة العالمية، فإنها تتمتع بدعم وشرعية «مجموعة العشرين»، ما يمنحها سلطة كبيرة في وضع المعايير والسياسات الدولية لمكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وانتشار أسلحة الدمار الشامل.

وتتكفل هذه الآلية بوضع مجموعة من التوصيات الدولية، تُستخدم مرجعاً للدول في جهودها لتعزيز أنظمتها المالية والقانونية، لمكافحة إساءة استخدام التدفقات المالية. وتشمل هذه التوصيات جوانب، مثل: الشفافية في المؤسسات المالية، ومراقبة المعاملات المشبوهة، والتعاون الدولي لمكافحة الأنشطة الإجرامية المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب.