«معبر رفح»: استعداد وترقب لعبور قوافل الإغاثة إلى غزة

غوتيريش يدعو من العريش لدخول المساعدات بشكل يومي

شحنات من «برنامج الأغذية العالمي» في مطار العريش بانتظار فتح ممر إنساني لتوصيلها لقطاع غزة (برنامج الأغذية العالمي على «إكس»)
شحنات من «برنامج الأغذية العالمي» في مطار العريش بانتظار فتح ممر إنساني لتوصيلها لقطاع غزة (برنامج الأغذية العالمي على «إكس»)
TT

«معبر رفح»: استعداد وترقب لعبور قوافل الإغاثة إلى غزة

شحنات من «برنامج الأغذية العالمي» في مطار العريش بانتظار فتح ممر إنساني لتوصيلها لقطاع غزة (برنامج الأغذية العالمي على «إكس»)
شحنات من «برنامج الأغذية العالمي» في مطار العريش بانتظار فتح ممر إنساني لتوصيلها لقطاع غزة (برنامج الأغذية العالمي على «إكس»)

ساعات من الترقب والقلق عاشها عشرات المتطوعين وأطقم الشاحنات، التي تتكدس منذ أكثر من أسبوع، أمام الجانب المصري من معبر رفح، بانتظار السماح لها بـ«العبور» نحو الجانب الفلسطيني من المعبر في قطاع غزة.

وبلغت لحظات الترقب أقصاها، صباح الجمعة، بعدما تواترت الأنباء عن اقتراب «ساعة الصفر» التي انتظرها العاملون المصريون، رافعين شعار «مرابطون حتى الإغاثة»؛ من أجل مد يد الدعم لأبناء القطاع الفلسطيني، إلا أن الساعات مرّت دون تقدم يُذكر، في حين توقعت «الأمم المتحدة» أن يبدأ دخول المساعدات، السبت، بينما طالب أمينها العام، أنطونيو غوتيريش، من أمام معبر رفح، بضرورة أن «تدخل شاحنات الإمداد غزة بأسرع وقت».

ووفق تصريح سابق للرئيس الأميركي جو بايدن، فقد كان مقرراً أن يبدأ دخول شاحنات الإغاثة المصرية والدولية غزة، الجمعة، بعد الاتفاق الذي أشار إليه بايدن مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وقال بايدن، خلال توقف الطائرة الرئاسية في ألمانيا، في طريق عودته إلى واشنطن، الأربعاء، إن شاحنات الإغاثة «لن تعبر على الأرجح قبل الجمعة؛ لأن الطريق حول المعبر يحتاج لتصليحات»، موضحاً أن «الأمم المتحدة» ستوزع هذه المساعدات داخل قطاع غزة، وأن «دخول دفعة ثانية يتوقف على كيف ستسير الأمور».

فنانون مصريون أمام معبر رفح يعلنون تضامنهم مع الفلسطينيين (نقابة المهن التمثيلية في مصر)

من جانبه، أعلن غوتيريش، في كلمة له أمام معبر رفح، وأخرى لدى مغادرته عبر مطار العريش، بعد الجمعة، أن «شاحنات الإمداد يجب أن تدخل غزة بأسرع وقت»، مشيراً إلى أن أكثر من مليوني شخص دون ماء أو طعام أو وقود في قطاع غزة. وشدد على أن إدخال المساعدات هو «الفارق بين الحياة والموت لكثيرين في غزة». وأضاف غوتيريش أن «الأمم المتحدة» تتصل بكل الأطراف، وخصوصاً أميركا ومصر وإسرائيل، من أجل «رفع الشروط والقيود التي تحدد دخول المساعدات»، وأنه «من الضروري العمل على دخول الشاحنات يومياً إلى غزة؛ لإغاثة السكان هناك على نحو مستمر»، ملمحاً إلى أهمية حل أزمة الوقود لحركة شاحنات الإغاثة.

وأثنى الأمين العام للأمم المتحدة على دور الجانب المصري في محاولات إدخال شاحنات الإغاثة غزة، مؤكداً أن مصر بلد ذات سيادة ويجب الإقرار بالقوانين المصرية، مضيفاً «سندخل المساعدات لغزة وفق قوانينها».

في غضون ذلك، توقعت «الأمم المتحدة» أن يبدأ دخول الشحنات الأولى من المساعدات إلى قطاع غزة، عبر معبر رفح، السبت، «على أقرب تقدير»، وفق ما أعلن منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، مارتن غريفيث، الجمعة، لـ«وكالة الأنباء الفرنسية»، في حين أعلنت إسرائيل أنه «سيجري تحديد موعد لدخول تلك المساعدات».

في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، إن مصر «ليست مسؤولة عن إغلاق معبر رفح بينها وبين قطاع غزة، رغم أن إسرائيل استهدفته أربع مرات وترفض دخول المساعدات». وأضاف، في تدوينة له عبر منصة التواصل الاجتماعي «إكس (تويتر سابقاً)»، الجمعة: «اليوم يتم تحميل مصر مسؤولية إعاقة خروج رعايا الدول الثالثة، المَعبر مفتوح، ومصر ليست مسؤولة عن عرقلة خروجهم».

وأكد أبو زيد أن الإعلام الغربي «يستهدف مصر منذ بداية الأزمة»، مشيراً إلى «ترويج لسيناريو التهجير»، موضحاً أن «الفرصة متاحة في (قمة القاهرة للسلام) لتصحيح المسار وصحوة الضمير».

لقطات لعمليات الإصلاح التي تقوم بها آليات مصرية للجانب الفلسطيني من المعبر لتسهيل عبور شاحنات الإغاثة (قناة القاهرة الإخبارية)

ووفق مصادر مصرية مطّلعة عند معبر رفح، فقد عملت الآليات والفنيون المصريون، طوال ليل الخميس - الجمعة، على إصلاح ما دمّرته الغارات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من المعبر؛ حتى تتمكن الشاحنات الثقيلة من دخول القطاع دون عوائق. وأوضحت المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، أن حجم الدمار في البنية التحتية على الجانب الفلسطيني «كان كبيراً وتسبَّب في حُفر عميقة بالطرق التي ستستخدمها الشاحنات»، ما تطلّب دخول آليات كبيرة وشاحنات للرصف وتعبيد الطريق. وبثّت قناة «القاهرة الإخبارية» المصرية لقطات جوية لعمليات إصلاح المعبر على الجانب الفلسطيني، حيث ظهرت روافع وآليات مصرية تقوم بسد الحُفر بالطريق ورصفه.

من جانبه قال عضو مجلس الشيوخ «الغرفة الثانية للبرلمان المصري» عن محافظة شمال سيناء، فايز أبو حرب، إن كل الاستعدادات على الجانب المصري من معبر رفح «مكتملة تماماً بانتظار التوجيه بالتحرك نحو الجانب الفلسطيني لإغاثة الأشقاء في غزة». وأضاف أبو حرب، لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك حالة من التصميم والترقب تسود أبناء سيناء الذين «تربطهم علاقات عميقة إنسانياً وعائلياً من أبناء قطاع غزة»، أو بين مئات المتطوعين، موضحاً أن الإرجاء المتكرر لدخول شاحنات الإغاثة «لا يزيد المرابطين أمام المعبر إلا تصميماً على إتمام مهمتهم الإنسانية، مهما طال الانتظار».


مقالات ذات صلة

«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

شمال افريقيا فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)

«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

فجَّر إعلان إسرائيل العثور على جثث رهائن بقطاع غزة موجة احتجاجات واسعة؛ رفضاً لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

أدانت مصر «استمرار الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي أدت لاستشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين على مدار الأيام الماضية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية متظاهر في تل أبيب مساء السبت يرتدى قناعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنديد بسياسته في ملف المحتجزين لدى «حماس» (د.ب.أ)

جثث المختطفين الستة تؤجج الغضب ضد نتنياهو

في أعقاب تباهي الجيش الإسرائيلي والحكومة باسترداد «ستة جثامين» لمحتجزين لدى «حماس»، خرجت عائلات في موجة مظاهرات شوّشت الحياة الاقتصادية في شتى أنحاء البلاد.

نظير مجلي (تل أبيب)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس وزراء فلسطين

 تلقى الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، اتصالاً هاتفيًا، الأحد، من رئيس وزراء فلسطين وزير الخارجية والمغتربين الدكتور محمد مصطفى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية العسكرية في جنين بالضفة الغربية (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي خلال عمليته في الضفة الغربية

أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، مقتل أحد جنوده في رابع أيام عمليته في الضفة الغربية المحتلة حيث يتركز القتال في مخيم جنين للاجئين.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)
عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)
TT

الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)
عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)

تنتهي الثلاثاء حملة انتخابات الرئاسة الجزائرية المقررة يوم 7 سبتمبر (أيلول) الجاري، في غياب الاستقطاب السياسي الحاد، الذي يتابعه الجزائريون عادةً في الانتخابات الفرنسية، التي تعد النموذج الأقرب إليهم بحكم القرب الجغرافي، زيادة على الاعتبارات التاريخية ذات الصلة بالاستعمار.

واجتهد الرئيس المنتهية ولايته، المرشح لدورة ثانية، عبد المجيد تبون، والمرشح الإسلامي عبد العالي حساني، والمرشح اليساري يوسف أوشيش في تجمعاتهم، لإقناع الناخبين بـ«أهمية التصويت بكثافة لمنح الرئيس، الذي سيفرزه الصندوق، الشرعية اللازمة التي تمكنَه من حل المشكلات الداخلية، ومواجهة التحديات في الجوار». في إشارة إلى الاضطرابات في مالي والنيجر وليبيا، التي يُجمع المرشحون على أنها «مصدر تهديد لأمننا القومي».

عبد المجيد تبون (حملة المرشح)

وفي بعض التجمعات واللقاءات المباشرة مع المواطنين في الشوارع، بدا اهتمام المرشحين منصبّاً أكثر على الانتخابات بوصفها فعلاً سياسياً أو «واجباً وحقاً» كما ورد في خطاباتهم، أكثر من إقناع الناخبين ببرامجهم وبتعهداتهم.

وساد الهدوء الأسبوعين الأولين من الحملة، التي استمرت 21 يوماً حسب القانون، كما كان متوقعاً، من دون أحداث بارزة. وفي اللقاءات المقررة للأسبوع الثالث التي يجرى أغلبها في العاصمة، لم تُعقد أي تجمعات جماهيرية كبيرة، باستثناء المهرجان الانتخابي الذي نظمه تبون في وهران، كبرى مدن غرب البلاد، يوم 25 من الشهر المنقضي، حيث جمع، حسب مديرية حملته الانتخابية، أكثر من 17 ألف شخص داخل قاعة للألعاب الرياضية، وحيث لوحظ حضور بعض المشاهير من بينهم بطلة أولمبياد باريس صاحبة الميدالية الذهبية في الملاكمة، إيمان خليف التي أثارت جدلاً أخذ بُعداً عالمياً بسبب حملة التنمر ضدها.

يوسف أوشيش مرشح «القوى الاشتراكية» في لقاء مع سكان حي بشرق البلاد (حملة المرشح)

وتجنب المرشحون تبادل الهجمات سواء كانت شخصية أو تتعلق بالبرامج، في التجمعات الميدانية أو في التدخلات الدعائية عبر وسائل الإعلام، الأمر الذي أفقد الانتخابات نكهة التشويق... واللافت، بهذا الخصوص، أن المرشحين أوشيش وحساني لم يوجّها أي انتقاد لحصيلة الولاية للرئيس تبون. أما الصحافة، فقد عدَّ معظمها أنها «كانت إيجابية»، ووفرت تغطية واسعة لعدد كبير من مؤيدي تبون، الأمر الذي استهجنه المرشح الإسلامي، عادّاً وسائل الإعلام «منحازة» إلى الرئيس المترشح، لكن من دون ذكره بالاسم.

وفي مناسبات عديدة، أبدى المرشحان المعارضان استياء من تعليقات ساخرة في وسائل الإعلام الاجتماعي، عدَّت «اللعبة محسومة للرئيس تبون»، وأنهما «يشاركان في الاستحقاق لغرض الديكور الانتخابي، ولمرافقة تبون إلى الأمتار الأخيرة من السباق ليفوز في النهاية».

وهيمنت القضايا الاقتصادية والاجتماعية على الحملة، وبخاصة القدرة الشرائية والإسكان، والبطالة وإنعاش الاقتصاد وتطوير بعض القطاعات مثل الزراعة، وفك العزلة عن المناطق النائية.

وأضفى رئيس «حركة البناء الوطني» عبد القادر بن قرينة، وهو أشد مؤيدي تبون ولاءً، مسحةً من الهزل على الحملة الدعائية بتصريحات أثارت جدلاً، كقوله إن «التملق (للرئيس) شعبة من شعب الإيمان»، أو الحديث الذي جمعه بأحد المواطنين في الشارع، حينما قال له إن «راتب 30 ألف دينار الذي تتقاضاه في بلدك، أفضل من 5 آلاف يورو التي يأخذها جزائري يعيش في سويسرا».

المرشح الإسلامي عبد العالي حساني مع أنصار حزبه جنوب غربي البلاد (حملة المرشح)

كما تم التركيز في الحملة على بعض القضايا الساخنة على الصعيد الدولي، مثل الوضع في غزة وفلسطين، فضلاً عن القضية الصحراوية التي أوجدت خلافاً شديداً مع المغرب، والتصريحات المتعلقة بفلسطين التي أدلى بها الرئيس المنتهية ولايته في قسنطينة (شرق)، وعبّر فيها عن «استعداد الجزائر لإنشاء ثلاثة مستشفيات ميدانية في غزة إذا تم فتح الحدود»، التي أثارت جدلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الأجنبية.

واضطرت حملة الرئيس المرشح إلى التحرك بسرعة لاحتواء الجدل الذي بدأ يتشكل على وسائل التواصل الاجتماعي، عندما تم تصوير شاب وهو يسجد أمام ملصق انتخابي لعبد المجيد تبون في الجزائر العاصمة. وكتبت الحملة في بيان نُشر يوم الثلاثاء 27 أغسطس (آب): «المرشح المستقل عبد المجيد تبون لا يمكنه قبول هذا النوع من التصرفات التي لطالما ناضل ضدها ورفضها، حتى وإن كانت صادرة عن مؤيديه».