مجلس حقوق الإنسان يعتمد لجنة تقصي انتهاكات الحرب في السودان

رحّب به الجميع وقيادة الجيش تقرر التدابير اللازمة للتعامل معه

جنرالا الحرب في السودان البرهان وحميدتي (رويترز)
جنرالا الحرب في السودان البرهان وحميدتي (رويترز)
TT

مجلس حقوق الإنسان يعتمد لجنة تقصي انتهاكات الحرب في السودان

جنرالا الحرب في السودان البرهان وحميدتي (رويترز)
جنرالا الحرب في السودان البرهان وحميدتي (رويترز)

على الرغم من رفض الخرطوم، اعتمد مجلس حقوق الإنسان، يوم الأربعاء، قراراً بإنشاء بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان، مشدداً على الحاجة الملحة للتحقيق فيما ارتكب من انتهاكات لحقوق الإنسان ومكان وقوعها. وسارعت أحزاب سياسية وهيئات قانونية للترحيب بالقرار، وعدّته خطوة لتحقيق العدالة وضمان عدم الإفلات من المحاسبة.

وقتل أكثر من 7 آلاف، وأصيب آلاف جراء اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل (نيسان) الماضي، بحسب أحدث إحصائيات «الأمم المتحدة».

ويواجه طرفا القتال؛ القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان ضد المدنيين خلال النزاع المستمر بينهما.

وكانت وزارة الخارجية السودانية استبقت صدور القرار، عندما كان في طور المشروع، بالرفض القاطع، ووصفته بـ«المتطرف» في التحامل على القوات المسلحة السودانية.

وصوّتت 19 دولة بالموافقة لصالح على القرار، فيما رفضته 16 دولة، وامتنعت 3 دول عن التصويت.

ودعا القرار أطراف النزاع إلى التعاون بصورة كاملة مع بعثة تقصي الحقائق في أداء عملها. وحثّ المجتمع الدولي على أن يقدم الدعم الكامل للبعثة في سبيل تنفيذ ولايتها.

وتتكون البعثة من 3 أعضاء من ذوي الخبرة في القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، يتم تعيينهم من رئيس مجلس حقوق الإنسان في أقرب وقت ممكن لفترة أولية، مدتها عام.

وتم تكليف البعثة الدولية بالتحقيق وإثبات الحقائق والظروف والأسباب الجذرية لجميع المزاعم حول انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات وانتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك المرتكبة ضد اللاجئين.

ووفقاً للقرار، على البعثة تحديد الأفراد والكيانات المسؤولة عن الانتهاكات أو غيرها من الجرائم ذات الصلة بهدف ضمان محاسبة المسؤولين.

وينص القرار على أن تقدم بعثة التقصي توصيات بشأن تدابير المساءلة حسب الاقتضاء والمسؤولية الجنائية الفردية ووصول الضحايا إلى العدالة.

ترحيب بالقرار

ورحّب محامو الطوارئ (هيئة قانونية)، في بيان، بموافقة المجلس التابع للأمم المتحدة على إنشاء لجنة تقصٍ بشأن الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي تم ارتكابها منذ اندلاع الحرب.

وأثنى محامو الطوارئ على الدول التي صوّتت بالموافقة على القرار، في مقدمتهم بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا والنرويج من أجل تحقيق شفاف وعادل يضمن عدم الإفلات من العقاب.

وبدوره، وصف «التجمع الاتحادي»، أحد فصائل تحالف قوى الحرية والتغيير، القرار بأنه خطوة مهمة لكشف الحقائق حول الانتهاكات الإنسانية الجسيمة التي ارتكبت خلال الحرب، مشدداً على تقديم كل من يثبت تورطه للعدالة.

ودعا القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع للتعاون الكامل مع اللجنة لتأدية عملها والقيام بكافة المهام المنوطة بها حتى تتحقق العدالة والإنصاف المستحقين لكل الضحايا والمتضررين.

وكانت وزارة الخارجية السودانية رفضت القرار في طور المشروع، ووصفته بـ«المتطرف» في التحامل على القوات المسلحة السودانية.

وتتهم الخارجية قوات «الدعم السريع المتمردة» بارتكاب فظائع ضد المدنيين، مِن تطهير عرقي ومجازر جماعية في دارفور، وجرائم القتل والاغتصاب والتعذيب والتشريد لآلاف المدنيين.

وفي 5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي تقدمت كل من الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا والنرويج بطلب أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، لإرسال بعثة خبراء تابعة للأمم المتحدة إلى السودان لمراقبة خروقات حقوق الإنسان، والبحث عن جرائم محتملة ارتكبت ضد النساء واللاجئين والأطفال.

وكررت الأمم المتحدة التحذيرات من أن السودان على وشك الانزلاق إلى «حرب أهلية شاملة» تزعزع الاستقرار في المنطقة.

تدخل دولي

ويرى رئيس الحزب الناصري، ساطع الحاج، أن تكوين لجنة تقصي الحقائق في الانتهاكات رسالة للأطراف المتحاربة بأن الاستمرار في القتال يسمح بالتدخلات الأجنبية، ما قد يصل إلى مرحلة التدخل العسكري وفق البند السابع.

ويقول لــ«الشرق الأوسط» إن رفض الخرطوم للقرار لا يمنع لجنة تم تشكيلها وفق القانون الدولي من أن تؤدي مهامها، لكن نخشى من الأجندات الخفية وراء مثل هذه اللجان، التي تساهم في تفكك البلاد.

ويضيف أن اللجنة المكونة من مجلس حقوق الإنسان في الظاهر، وهو قرار جيد، وفي باطنه تدخل سافر، يضعف البلاد ويعود بها إلى المربع السابق في عهد نظام الرئيس المعزول، عمر البشير.

ويقول ساطع الحاج إن مثل القرارات لها دلالات قاسية تؤثر على الوطن وسلامته وتماسكه، ويجب على أطراف الصراع وقف الحرب فوراً، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي لا يعمل بجدية لوقف الحرب في السودان، التي يرى أنها لا تنفصل عن كل الحروب التي تشهدها المنطقتين العربية والأفريقية.

وفي غضون ذلك، أعلن مجلس السيادة في السودان، يوم الخميس، اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة بخصوص قرار مجلس حقوق الإنسان.

وقال إعلام مجلس السيادة إن عضو المجلس إبراهيم جابر ترأس يوم الخميس، بمدينة بورتسودان، الاجتماع الثالث للجنة العليا للتعامل مع الأمم المتحدة، بحضور رئيس الوزراء «المكلف»، عثمان الحسين، ووزير الخارجية بالإنابة، علي الصادق، والنائب العام خليفة أحمد خليفة، وعدد من قادة الأجهزة النظامية والعدلية.

وقال وزير الثقافة والإعلام «المكلف» جراهام عبد القادر، في تصريح صحافي، إن الاجتماع تداول حول القرار المقدم من بريطانيا لمجلس حقوق الإنسان وما تم بشأنه.

وأضاف أن الاجتماع أحيط علماً بفحوى القرار حيث تم اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة في هذا الشأن. وقال إن الاجتماع وقف على جهود اللجنة الوطنية للجرائم والانتهاكات وجهود النائب العام خلال مشاركته في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان بجنيف.


مقالات ذات صلة

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.