اجتماعات رفيعة بين الجزائر وواشنطن لبحث محاربة الفساد والإرهاب

259 إنابة قضائية جزائرية إلى الخارج لاسترداد «الأموال المنهوبة»

وزير خارجية الجزائر مع مساعد وزير الخارجية ديريك شولي في شهر أغسطس الماضي (الخارجية الجزائرية)
وزير خارجية الجزائر مع مساعد وزير الخارجية ديريك شولي في شهر أغسطس الماضي (الخارجية الجزائرية)
TT

اجتماعات رفيعة بين الجزائر وواشنطن لبحث محاربة الفساد والإرهاب

وزير خارجية الجزائر مع مساعد وزير الخارجية ديريك شولي في شهر أغسطس الماضي (الخارجية الجزائرية)
وزير خارجية الجزائر مع مساعد وزير الخارجية ديريك شولي في شهر أغسطس الماضي (الخارجية الجزائرية)

بينما بدأت، أمس، في واشنطن اجتماعات «الحوار الاستراتيجي» بين مسؤولين سياسيين وأمنيين جزائريين وأميركيين؛ لبحث ملفات مرتبطة بمحاربة الفساد والإرهاب، كشف الوزير الأول الجزائري أيمن بن عبد الرحمن عن أن بلاده وجهت 259 إنابة قضائية إلى 31 بلداً منذ 2020، تخص تجميد أرصدة وودائع وجهاء بالنظام متهمين بـ«الرشوة وتحويل مال عام إلى الخارج».

وقالت وزارة الخارجية الجزائرية، اليوم (الأربعاء)، في بيان، إن أمينها العام لوناس مقرمان، ترأس في اليوم نفسه مع مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، باربارا ليف، أعمال «الدورة السادسة للحوار الاستراتيجي الجزائري - الأميركي»، مشيرا إلى أن خمسة ملفات مطروحة للبحث بينهما، وهي الطاقة والتعليم العالي والشركات الناشئة والثقافة والنقل، مؤكداً أنها «المحاور الرئيسية للتعاون الجزائري - الأميركي».

وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف مع منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبيت الأبيض شهر أغسطس الماضي (الخارجية الجزائرية)

وأوضح البيان نفسه أن «وفداً جزائرياً كبيراً متعدد التخصصات»، يشارك في الاجتماع، الذي لم تحدد وزارة الخارجية مدته، مبرزاً أن المباحثات ستتوسع لتشمل الأوضاع الإقليمية والدولية، وأيضاً التعاون في ميدان محاربة الإرهاب. علماً بأنه في العادة تتناول اجتماعات «الحوار الاستراتيجي الثنائي» قضايا أخرى عديدة، منها التنسيق الأمني بين الحكومتين ضد غسل الأموال، وتجفيف منابع الإرهاب، والمساعدة على استرداد الأموال التي مصدرها فساد، والتي يتم إيداعها في بلدان غربية.

ويأتي الاجتماع بعد لقاءات عالية المستوى، عقدها وزير الخارجية أحمد عطاف بواشنطن في أغسطس الماضي، مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومساعده ديريك شولي، ومنسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبيت الأبيض، بريت ماكغورك. وجرت هذه اللقاءات في إطار «الشراكة الاستراتيجية»، وتناولت الأزمة في ليبيا ومالي والانقلاب العسكري في النيجر، وتداعيات مشكلات الساحل على الأمن بالمنطقة، ومدى قدرة الجماعات الجهادية على استغلال الاضطرابات المحلية لفائدتها.

الوزير الأول الجزائري خلال عرضه حصيلة أعمال حكومته السنوية أمام البرلمان (البرلمان)

وفي سياق ذي صلة بمكافحة الفساد واسترداد عائدات أموال ذات مصدر فساد، أكد الوزير الأول الجزائري خلال عرضه حصيلة أعمال حكومته السنوية أمام البرلمان، يومي الثلاثاء والأربعاء، أن السلطات رفعت 259 إنابة قضائية دولية إلى 31 دولة، يعتقد أنها تمثل ملاذاً آمناً لأموال عامة، هربها وجهاء من النظام ينتمون لفترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، مؤكداً أنه تم تنفيذ 62 إنابة، حددت الحكومة الجزائرية بفضلها حجم الأموال ومكان وجودها، وطالبت الدول المعنية بمصادرتها، تمهيداً لإعادتها إلى الجزائر، وفق تصريحات المسؤول نفسه.

ولم يذكر الوزير الأول المبالغ التي تم رصدها، فيما كان الرئيس عبد المجيد تبون قد أكد للصحافة نهاية العام الماضي، أن بلاده تمكنت من استرجاع قرابة 22 مليار دولار من «الأموال المنهوبة» الموجودة داخل البلاد، بفضل مصادرة أرصدة وأملاك رجال أعمال ومسؤولين، مارسوا مسؤوليات كبيرة في العشرين سنة الماضية.

رجال الأعمال (من اليمين) محيي الدين طجكوت وعلي حداد وطارق خنينف المسجونون بتهم فساد (الشرق الأوسط)

كما أكد الرئيس تبون «وجود مساعٍ لاسترداد أموال خارج البلاد، تم تهريبها بطرق غير شرعية في فترة النظام السابق»، موضحاً أن «الجزائر دخلت فعلاً في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن استرجاع الأموال المنهوبة». كما قال إن إسبانيا وافقت على تسليم الجزائر 3 فنادق فخمة من فئة 5 نجوم، يملكها أحد رجال الأعمال الموجودين في السجن، من دون ذكر اسمه، لكن فهم من كلامه أنه يقصد رجل الأعمال الكبير علي حداد، الذي دانته المحاكم بالسجن في عدة قضايا فساد.

وكان القضاء الجزائري قد أصدر مذكرة اعتقال دولية ضد وزير الطاقة سابقاً شكيب خليل وزوجته، اللذين يقيمان بالولايات المتحدة، بعد أن دانهما غيابيا بعقوبات ثقيلة بالسجن، على أساس وقائع فساد تخص رشى وعمولات بقيمة 190 مليون دولار، دفعت في صفقة محروقات بين شركة «سوناطراك» الجزائرية و«صايبام» الإيطالية عام 2012.



​التونسيون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية يغيب عنها الحماس

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
TT

​التونسيون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية يغيب عنها الحماس

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)

بدأ التونسيون، الأحد، الاقتراع من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها الحماس، مما زاد المخاوف من انعكاس فقدان الحماس على نسبة الاقتراع، مثلما حدث في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية عام 2022 وبداية 2023، حين بلغت نسبة المشاركة نحو 12 في المائة فقط.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9.7 مليون الإدلاء بأصواتهم عند الثامنة صباحاً في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقاً لهيئة الانتخابات.

وبدا أن عدداً كبيراً من المقترعين، في عدد من مراكز الاقتراع في العاصمة، من الكهول والشيوخ الذين يمثلون نحو نصف الناخبين، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال النوري المصمودي (69 عاماً) في مركز اقتراع في العاصمة: «جئت مع زوجتي لدعم قيس سعيّد، العائلة بأكملها ستصوت له». وعلى مسافة قريبة منه، أفصحت فضيلة (66 عاماً) بأنها جاءت «من أجل القيام بالواجب، والرد على كل من دعا إلى مقاطعة الانتخابات».

في مركز آخر، أعرب حسني العبيدي (40 عاماً) عن خشيته من حصول عمليات تلاعب بالتصويت، لذلك: «قدمت بالتصويت حتى لا يتم الاختيار في مكاني». وتقول الطالبة وجد حرّار (22 عاماً): «في الانتخابات السابقة لم يكن لي حق التصويت والناس اختاروا رئيساً سيئاً. هذه المرة من حقي التصويت».

وأدلى سعيّد بصوته ترافقه زوجته في مركز اقتراع بمنطقة النصر في العاصمة بعد نحو ساعة من فتحه. وأفادت رئيسة المركز عائشة الزيدي بأن «الإقبال محترم للغاية». وتحدث رئيس الهيئة العليا للانتخابات فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي بعد فتح المراكز عن «توافد بأعداد لافتة».

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية «على أقصى تقدير» الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

3 متنافسين

المرشح الرئاسي التونسي زهير المغزاوي يدلي بصوته بأحد مراكز الاقتراع في المرسى بالقرب من تونس العاصمة (أ.ف.ب)

ويتنافس سعيّد (66 عاماً) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاماً)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ 47 عاماً والمسجون بتهم «تزوير» تواقيع تزكيات. ولا يزال سعيّد، الذي انتخب بما يقرب من 73 في المائة من الأصوات، و58 في المائة من نسبة المشاركة في انتخابات عام 2019 يتمتّع بشعبية كبيرة لدى التونسيين حتى بعد أن حلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور 5 سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين يتهمونه بتكريس كثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، خاصة حزب «النهضة» الإسلامي الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديمقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في عام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية، بـ«الانجراف السلطوي» في بلد مهد ما سمّي بـ«الربيع العربي»، من خلال تسليط الرقابة على القضاء والصحافة، والتضييق على منظمات المجتمع المدني، واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى «موعد مع التاريخ»، قائلاً: «لا تترددوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات»، لأنه «سيبدأ العبور، فهبّوا جميعاً إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد».

أحد مراكز الاقتراع في المرسى بالقرب من تونس العاصمة (أ.ف.ب)

حملة باهتة

في الطرف المقابل، حذّر يوم الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي: «في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات... إيّاكم والعبث بصوت التونسيين». وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين، مثلما كانت عليه الحال في عام 2019.

ويعتقد البعض أن الرئيس سعيّد «وجّه» عملية التصويت لصالحه، «ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات»، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب «النهضة» إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات. وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت إلى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قراراً قضائياً بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس يوم الجمعة للتنديد بـ«القمع الزائد». وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف. وتشير إحصاءات منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى أن «أكثر من 170 شخصاً محتجزون لدوافع سياسية أو لممارسة الحقوق الأساسية» في تونس.