السودان وإيران يستأنفان العلاقات الدبلوماسية

بعد قطيعة استمرت 7 سنوات

وزير الخارجية الإيراني ونظيره السوداني خلال لقائهما في يوليو الماضي بأذربيجان (الخارجية الإيرانية - تويتر)
وزير الخارجية الإيراني ونظيره السوداني خلال لقائهما في يوليو الماضي بأذربيجان (الخارجية الإيرانية - تويتر)
TT

السودان وإيران يستأنفان العلاقات الدبلوماسية

وزير الخارجية الإيراني ونظيره السوداني خلال لقائهما في يوليو الماضي بأذربيجان (الخارجية الإيرانية - تويتر)
وزير الخارجية الإيراني ونظيره السوداني خلال لقائهما في يوليو الماضي بأذربيجان (الخارجية الإيرانية - تويتر)

أعلنت الحكومة السودانية (الاثنين) استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران، منهيةً بذلك قطيعة دبلوماسية بين البلدين استمرت نحو 7 سنوات، كانت الدولتان قبلهما على علاقة سياسية وعسكرية وتسليحية كبيرة. وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان (الاثنين) حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «قرار استئناف العلاقات جاء بعد عدد من الاتصالات رفيعة المستوى بين البلدين»، معتبرة أنه «سيخدم مصالحهما المشتركة».

وفي يوليو (تموز) الماضي، بدأت أولى خطوات تطبيع العلاقات بين الدولتين الحليفتين السابقتين، والتقى وزير الخارجية السوداني على الصادق ونظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، على هامش «قمة مجموعة دول عدم الانحياز» التي عقدت في العاصمة الأذربيجانية باكو. وأُعلن وقتذاك أن البلدين يبحثان في سبل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الخرطوم وطهران على الفور، وإنهاء الخصومة الدبلوماسية التي استمرت عدة سنوات، وإنهاء ما سمّاه الطرفان «سوء التفاهم» من أجل تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية.

وترجع العلاقات بين الإسلاميين السودانيين والحكومة الإيرانية إلى عام 1979 عقب انتصار «الثورة الإيرانية»، وظلت العلاقات متينة لكنها توترت إبان الحرب العراقية - الإيرانية إثر مشاركة الجيش السوداني بقوات قاتلت إلى جانب العراق. وشهدت العلاقة تطوراً لافتاً بعد انقلاب 30 يونيو (حزيران) 1989 الذي نفذه الحليف التقليدي لإيران «الحركة الإسلامية» بقيادة حسن الترابي على الحكم. وإثر ذلك تطورت علاقات البلدين بشكل لافت لاعتبارات آيديولوجية وسياسية، وأسهمت إيران في مقاومة الحصار المفروض على النظام الحاكم في السودان، وزودته بالوقود والسلاح وتدريب الجيش. كما شاركت إيران في التصنيع الحربي السوداني، وظهر التنسيق التسليحي بين البلدين بجلاء بعد قصف الطيران الحربي الإسرائيلي لـ«مصنع اليرموك العسكري» في 2012، وزعمت جهات إسرائيلية أن أسلحة إيرانية يعاد إنتاجها فيه، ويتم تهريبها إلى حركة المقاومة الإسلامية «حماس» عبر سيناء المصرية.

ورداً على القصف رست سفن حربية إيرانية عدة في مدينة بورتسودان على البحر الأحمر، في ما عُدَّ وقتها أنها لدعم الجيش السوداني إزاء أي تطورات قد تطرأ على الأوضاع مع إسرائيل. لكن المراقبين فوجئوا بقرارات صادرة عن السلطات في الخرطوم سبتمبر (أيلول) 2012 قضت بإغلاق الملحقية الثقافية الإيرانية في الخرطوم، والمراكز الثقافية التابعة لها، وطرد الملحق الثقافي والعاملين في الملحقية خلال 72 ساعة.

وفي يناير 2016، أعلن وزير الخارجية السوادني إبراهيم غندور، قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وطرد السفير وكامل بعثته الدبلوماسية واستدعاء السفير السوداني من طهران، بعد الاعتداء على سفارة وقنصلية المملكة العربية السعودية في طهران، وأعلن استعداد السودان للتعاون مع الرياض في مواجهة «الإرهاب الإيراني».



تباين ليبي بشأن قانون لإنشاء «هيئة للطوارئ والأزمات»

صورة توضح حجم الدمار الذي تعرضت له أحياء درنة جراء الإعصار (أ.ف.ب)
صورة توضح حجم الدمار الذي تعرضت له أحياء درنة جراء الإعصار (أ.ف.ب)
TT

تباين ليبي بشأن قانون لإنشاء «هيئة للطوارئ والأزمات»

صورة توضح حجم الدمار الذي تعرضت له أحياء درنة جراء الإعصار (أ.ف.ب)
صورة توضح حجم الدمار الذي تعرضت له أحياء درنة جراء الإعصار (أ.ف.ب)

تباينت آراء سياسيين واختصاصيين ليبيين بشأن مناقشة مجلس النواب مقترح قانون إنشاء «الهيئة الليبية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث»، وسط مؤيد ومعارض.

وكان مجلس النواب قرر عقب إعصار «دانيال» الذي ضرب درنة ومدن ومناطق بالشرق الليبي، العام الماضي، تشكيل لجنة لدراسة مشروع قانون لإنشاء «هيئة وطنية للطوارئ والأزمات والكوارث»، وظل الأمر محل دراسة مجتمعية ومن قِبَل مختصين، لكن المجلس قرر الأسبوع الماضي إخضاع مشروع القانون للمناقشة تمهيداً لإقراره.

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (مكتب صالح)

والتباين في ردود الفعل عادة ينشأ في ليبيا على خلفية انقسام سياسي، لذا عندما رأى البعض أن تدشين هذه الهيئة «ضرورة لاستباق الكوارث»، ذهب آخرون إلى أن الأمر يفتح الباب لـ«مزيد من الإنفاق دون جدوى».

رئيس لجنة دراسة مشروع القانون، عضو مجلس النواب، عبد السلام نصية، يرى أن الكارثة التي أحلّت بدرنة، وحوادث أخرى شهدتها البلاد في السنوات الماضية، «أثبتت الحاجة الشديدة إلى هيئة منظمة تعنى بملف الكوارث والأزمات»، لافتاً إلى أن من شأنها «إطلاق التحذيرات ووضع خطط الاستعداد مروراً بالتعامل مع الأزمة أياً كانت درجة خطورتها، بفرق مدربة، وانتهاء بمرحلة معالجة الآثار والتداعيات».

وبمواجهة مَن يرون أن هناك مراكز علمية عدة، تهتم بإدارة الكوارث مما يجعل من إنشاء هيئة جديدة باباً للإنفاق الزائد، قال لـ«الشرق الأوسط» إن اللجنة وعلى مدار العام الماضي «درست أوضاع تلك المؤسسات والمراكز، واتضح أن أغلبها ذات طبيعة بحثية فقط»، منوهاً إلى أنها «لا تملك وضع الخطط لتفادي الكارثة أو التقليل من مخاطرها».

وفي رده على مَن يطالبون بالتمهل في تأسيس الهيئة لحين إجراء الانتخابات ومعالجة الانقسام الحكومي والمؤسسي الراهن، تساءل نصية: «وهل يمكن ضمان عدم وقوع كارثة جديدة؟»، وقال: «لن نؤجل تدشين الهيئة ونعرض حياة الليبيين للخطر لوجود خلاف سياسي».

ونوه إلى أن الهيئة «ستكون علمية؛ وبالتالي نتوقع ألا يتم إقحامها في أي تجاذبات سياسية، وبالتالي لن يتم الاعتراض على عملها الذي سيقدم لكل أبناء ليبيا؛ وسنبدأ بالتشريع ثم التدريب للعنصر البشري وجلب المعدات».

محيط مستشفى ترهونة العام بعدما أغرقته الأمطار 5 ديسمبر (مؤسسة رؤية لعلوم الفضاء)

وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا، الأولى: «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ويرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس بالغرب الليبي مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب بقيادة أسامة حماد.

بالمقابل، انتقد عضو المجلس الأعلى للدولة، علي السويح، «السعي لإنشاء مزيد من الهيئات في الوقت الراهن، في ظل وجود البديل الذي يمكن تفعيله»، متخوفاً من «عرقلة عملها أو حصره في إقليم أو مدن دون غيرها؛ أو مواجهتها كغيرها من المؤسسات بمصير محتوم من الانقسام في ظل التنازع على السلطة».

وقال السويح لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا هيئة الاستعلام الوطني، وهي تعنى بكل ما يخص الكوارث والأزمات، وبالتالي يمكن تفعيل إمكاناتها ومعالجة أي خلل بها، ولو مؤقتاً، لحين إجراء الانتخابات».

ويرى أن «أي كيان جديد يتطلب موارد مالية لتدشينه وتسيير عمله، ولم يتم توضيح مصير المراكز البحثية المعنية بهذا الملف، وما تضمه من خبراء ومتخصصين حال إنشاء تلك الهيئة الجديدة».

جلسة مجلس النواب في درنة

ويعتقد السويح أن «الأولوية حالياً يجب أن تتركز حول معالجة الأزمة السياسية وتوحيد السلطة التنفيذية، التي طالما ظلت منقسمة ستهدد أي عمل جاد يخدم الليبيين، خصوصاً مع وجود تحذير من قِبَل كل حكومة بعدم التعاطي مع منافستها».

وترى الباحثة بـ«المنظمة الليبية للعمل البيئي والمناخي» (ليكاو)، ياسمين الأحمر، أن ليبيا في حاجة إلى تطوير آليات الاستجابة للأزمات والكوارث الطبيعية التي قد تتعرض لها، وخصوصاً أن البلاد مرشحة لمواجهة أزمات متزايدة جراء التغيرات المناخية.

وعدَّت ياسمين الأحمر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن وجود هيئة متخصصة في الكوارث والطوارئ «سيكون له تأثير كبير في تحسين استجابة ليبيا للأزمات، عبر ما ستضعه من خطط استباقية لتقليل المخاطر، من خلال توفير تحذيرات علمية دقيقة»، كما ستعزز من قدرة البلاد على الاستجابة السريعة والفعالة في حالات الطوارئ، «مما يسهم في تقليل الخسائر».

وتعرضت مدن عدة في عموم ليبيا، وخصوصاً ترهونة وغريان، لأمطار غزيرة أسفرت عن خسائر بشرية ومادية. وعبر منصات التواصل دعا كثير من الليبيين لضرورة إيجاد حلول جذرية لمواجهة الكوارث الطبيعية من سيول وفيضانات، وأيضاً معالجة ضعف البنية التحتية.

إلا أن ياسمين الأحمر، دعت إلى الاستفادة من المراكز البحثية القائمة «وما تضطلع به من أدوار، مثل مركز الأرصاد الجوية، ومركز الزلازل، وهيئة السلامة الوطنية؛ وذلك عبر دمج الهيئة الجديدة مع هذه الهيئات لتعزيز الكفاءة وتقليل التكاليف».

وأوضحت الباحثة الليبية والأكاديمية بجامعة طرابلس، أن هناك بعض التحديات التي تواجه تأسيس الهيئة، من بينها التمويل المستدام لضمان عملها بفعالية، ونوهت إلى ضرورة «السعي لتحسين شبكات البنية التحتية في البلاد؛ وهو ما يعني أن نجاح الهيئة يعتمد على تضافر جهود الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الأكاديمي».