كيف تناول الإعلام المصري دور مبارك في «حرب أكتوبر»؟

في الذكرى الـ50 للنصر

مبارك - أرشيفية
مبارك - أرشيفية
TT

كيف تناول الإعلام المصري دور مبارك في «حرب أكتوبر»؟

مبارك - أرشيفية
مبارك - أرشيفية

تحتفل مصر باليوبيل الذهبي لانتصارات حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وفي خضم تغطية إعلامية بارزة للحدث القومي، نال الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، هذا العام، جانباً لافتاً من الاحتفاء بصفته أحد «رموز أكتوبر»، بعد سنوات مما عُدَّ «تجاهلاً» لدوره، في أعقاب انتفاضة «25 يناير» عام 2011، التي أطاحت بحكمه.

ويعد مبارك اسماً بارزاً بين أبطال نصر أكتوبر 1973، ويُنسب له الفضل في التخطيط وإدارة وقيادة ضربة القوات الجوية خلال الحرب، التي مهدت للنصر لاحقاً، ووفق السجلات الرسمية، تمت ترقية مبارك في 6 أكتوبر عام 1973، استثنائياً، إلى رتبة فريق ثم اختاره الرئيس الراحل محمد أنور السادات نائباً لرئيس الجمهورية، ليتولى لاحقاً رئاسة الجمهورية في الرابع عشر من أكتوبر عام 1981.

أثناء حكم مبارك، الذي امتد ثلاثين عاماً، كانت الضربة الجوية وقائدها ينالان «نصيب الأسد» من التغطية الإعلامية، مما عدَّه خبراء في وقت لاحق «انتقاصاً» من دور أبطال أكتوبر الآخرين، لا سيما الفريق سعد الدين الشاذلي، الذي شغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق، وكان على رأس المخططين لحظة عبور قناة السويس، والهجوم المصري على خط الدفاع الإسرائيلي «بارليف» في حرب أكتوبر.

احتفى الإعلام الرسمي هذا العام بدور مبارك في الحرب من خلال عرض أفلام وثائقية في وسائل إعلام مصرية رسمية، مثل قنوات الأخبار «سي بي سي إكسترا» والموقع الرسمي للهيئة الوطنية للإعلام، وكذلك الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة، على «فيسبوك»، التي عرضت مقطع فيديو تناول دور «الفريق طيار محمد حسني مبارك»، قائد القوات الجوية أثناء حرب أكتوبر، وانطلق الفيلم من صوت الرئيس الراحل أنور السادات، وهو يقول: «سوف نسلم أعلامنا مرتفعة هاماتها عزيزة صواريها». ثم انتقل للقطات وعبارات مفعمة بالتفاصيل والكلمات والعبارات المتناولة السيرة الذاتية لمبارك، مؤكدة على دوره في تحقيق النصر.

ويرى اللواء سمير فرج، مدير الشؤون المعنوية الأسبق بالقوات المسلحة، أن الاحتفاء الإعلامي بدور مبارك في نصر أكتوبر يعد رد اعتبار «واجباً»، يقول فرج لـ«الشرق الأوسط»: «فضل مبارك في النصر جاء ربما قبل الحرب، فهو من أعد (نسور) الضربة الجوية، مديراً للكيلة الجوية ثم قائداً للضربة الجوية خلال الحرب».

ومضى فرج قائلاً: «بعد هزيمة الجيش المصري عام 1967، كان لدينا 200 طيار فقط، تمكن هو (مبارك) من مضاعفة العدد، بتدريب نحو 450 طياراً استعداداً لحرب أكتوبر». ولفت إلى «قيادة الكلية الجوية وتدريب الطيارين في وقت حرب الاستنزاف وفي مدى الطيران الإسرائيلي كان أمراً صعباً للغاية... مبارك أدار الكلية بين ثلاث مناطق، العام الأول في بلبيس، وطلبة العام الثاني في مرسى مطروح، أما العام الثالث كان في السودان، ليتنقل يومياً بين أماكن بعيدة ومترامية الأطراف للإيفاء بمهمة التدريب».

ويؤكد فرج أن «القوات المسلحة المصرية لم تسمح بالعبث بالتاريخ ولم تنكر يوماً دور أبطالها، وهو ما انعكس بوضوح في التغطية الإعلامية سواء العام الحالي، أو منذ تولي الرئيس السيسي الحكم».

وتنحى مبارك عن الحكم في فبراير (شباط) 2011 عقب احتجاجات شعبية واسعة انطلقت في 25 يناير من العام عينه. وأعقب ذلك فترة اضطرابات انتهت بوصول الرئيس السابق محمد مرسي إلى الحكم، وهو أحد رموز جماعة «الإخوان»، التي تصنفها السلطات الحالية بـ«الإرهابية».

ويرى مراقبون أن الفترة التي أعقبت الثورة شابها بعض تخوفات من الحديث عن دور «مبارك» في حرب أكتوبر، غير أن كل هذا تلاشى مع بداية حكم السيسي.

يقول الكاتب الصحافي أكرم القصاص، رئيس مجلس إدارة صحيفة اليوم السابع: «خلال فترة حكم مبارك، ربما كان هناك احتفاء بالضربة الجوية على حساب بقية أدوار قادة القوات المسلحة وقت الحرب، انعكست الآية بعد 25 يناير 2011 بسبب ما آلت إليه الظروف، وبات الحديث عن مبارك مقترناً ببعض التردد، غير أن الرئيس السيسي، والقوات المسلحة تحديداً تعاملت بحكمة مع سيرة رموزها دون إقصاء، مفرقة بين الاحتجاج الشعبي على سياسة مبارك وبين دوره في تحقيق نصر أكتوبر».

وأردف القصاص في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «ليس مبارك وحده، بينما يمكن القول إنه خلال التسع سنوات الماضية احتفت الدولة وقائدها وقواتها المسلحة بجميع رموز أكتوبر على حد سواء». وأضاف: «توجه الدولة المصرية انعكس في التغطية الإعلامية التي شاهدناه هذا العام، بل والأعوام الماضية».


مقالات ذات صلة

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

شمال افريقيا مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أدى قرار استبعاد المئات من الإدراج على «قوائم الإرهاب» في مصر، بقرار من محكمة الجنايات، إلى إعادة الجدل بشأن إمكانية «المصالحة» مع جماعة «الإخوان».

أحمد عدلي (القاهرة)
رياضة عالمية أشرف صبحي (وزارة الشباب والرياضة المصرية)

مصر: لم نرخص لشركات المراهنات في كرة القدم

أكدت وزارة الرياضة المصرية أن جميع اللوائح المنظمة لإجراءات إشهار الشركات الرياضية تمنع تماماً إشهار أي شركة يتعلق مجال عملها بالمراهنات في كرة القدم أو غيرها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يتحدث خلال مؤتمر حوارات المتوسط ​​في روما بإيطاليا 25 نوفمبر 2024 (رويترز)

مصر تشدد على ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية لاستعادة وضعها في قطاع غزة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية من استعادة وضعها في قطاع غزة، قائلاً إن مصر ترفض تماماً تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.

«الشرق الأوسط» (روما)
شمال افريقيا اللنش السياحي «سي ستوري» (محافظة البحر الأحمر - فيسبوك)

إنقاذ 28 شخصاً والبحث عن 17 آخرين بعد غرق مركب سياحي في مصر

أفادت وسائل إعلام مصرية، اليوم (الاثنين)، بغرق أحد اللنشات السياحية بأحد مناطق الشعاب المرجانية بمرسي علم بالبحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)
تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)
TT

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)
تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

هاجم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وجهاء النظام من فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، من دون تسمية أحدهم، قائلاً إن «العصابة وأبواقها سممت الأوضاع على المسيرين النزهاء في الجزائر».

وكان الرئيس يتحدث إلى جمع من القضاة ورجال القانون، الاثنين، بمقر «المحكمة العليا» بالعاصمة، بمناسبة بدء «السنة القضائية»، حيث أكد أن «الجزائر استكملت بناء منظومة قضائية جمهورية، مُحصّنة بثقة الشعب»، في إشارة إلى مؤسسات جديدة جاء بها دستور سنة 2020، تتمثل أساساً في «المحكمة الدستورية» التي استخلفت «المجلس الدستوري»، وهي أعلى هيئة قضائية مكلفة بدارسة مدى مطابقة القوانين مع الدستور.

تبون أثناء خطابه في المحكمة العليا (الرئاسة)

وعندما أشار إلى «العصابة» و«المسيرين النزهاء»، فهو يقصد سجن عشرات الكوادر في الشركات والأجهزة الحكومية، بتهم «اختلاس مال عام»، و«استعمال النفوذ بغرض التربح غير المشروع»، وبأن ذلك تم بسبب «مؤامرات ودسائس»، كان وراءها مسؤولون في الحكم، بينما هم بريئون من هذه التهم، في تقدير الرئيس.

وأكد تبون بهذا الخصوص: «منذ سريان الدستور الجديد، تعززت مكانة العدالة وتجذرت بأحكامه استقلالية القضاء».

ويشار إلى أن كثيراً من المحامين والمنظمات الحقوقية، ترى عكس ما يقول تبون، فغالباً ما احتجت على «خضوع القضاة لإملاءات فوقية»، بشأن معالجة ملفات فساد وملاحقة مسؤولين بارزين من فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019). زيادة على التنديد بسجن نحو 200 ناشط من الحراك الشعبي، فهم في نظرهم سجناء رأي، بينما تبون نفسه يرفض التسليم لهم بهذه الصفة، وبأن التهم التي وجهتها لهم النيابة ليست سياسية، كما تقول أحزاب المعارضة.

وبحسب تبون، فإن «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة... فلكم مني أفضل تحية». وأضاف: «يمكنني التحدث باطمئنان عن الخطوات التي قطعناها، لاستعادة ثقة الدولة وتوطيد مقتضيات الحوكمة».

الرئيس أثناء إطلاقه السنة القضائية الجديدة (الرئاسة)

ويأتي حديث تبون عن أداء القضاء، في سياق جدل حول إطلاق متابعة قضائية ضد الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، بتهمة «سرقة قصة» امرأة جزائرية من ضحايا الإرهاب، وإسقاطها في روايته «حوريات» التي نال بها جائزة «غونكور» الفرنسية المرموقة.

وتناول تبون في خطابه، نصوصاً تشريعية كثيرة صدرت هذا العام، عددها 12، وأبرزها تعديل قانون العقوبات، فقال إنه «جسّد وعوده التي تعهد بها أمام الشعب بخصوص أخلقة الحياة العامة، ومكافحة الفساد والانحرافات بلا هوادة»، مشيداً «بالتزام المنتسبين لقطاع العدالة وبحرصهم على أداء الواجب الأخلاقي والمهني، وإدراكهم للأمانة الملقاة عليهم في سبيل إرساء دولة القانون».

ووفق تبون، فقد بذلت الحكومة «جهوداً من أجل تحديث ورقمنة قطاع العدالة»، وأن ذلك تجلى، حسبه، في «حسن مستوى الأداء، وتجاوز الأساليب التقليدية البيروقراطية... ويحذوني اليقين بمزيد من الإنجازات في قطاع العدالة بالفترة المقبلة، وبخاصة في مجالي التحديث والرقمنة». وتابع أنه يتعهد «بحل كل المشاكل الاجتماعية والشخصية والعائلية للقضاة، ليؤدوا مهامهم النبيلة على أكمل وجه».

وتطرق تبون إلى مذكرات الاعتقال التي أصدرتها حديثاً، المحكمة الجنائية الدولية، ضد مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، بناء على تهم تخص الجرائم التي ارتكبوها في غزة، مؤكداً أن «نداء الجزائر سمع من طرف قتلة الشعب الفلسطيني... فالشكر لهؤلاء الرجال النزهاء عبر العالم، ومنهم إخواننا في جنوب أفريقيا».