البعثة الأممية تدخل على خط «أزمة» قوانين الانتخابات الليبية

صالح: من حق سيف الإسلام الترشح للانتخابات الرئاسية

السفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند في لقاء سابق مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات الليبية (المفوضية)
السفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند في لقاء سابق مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات الليبية (المفوضية)
TT

البعثة الأممية تدخل على خط «أزمة» قوانين الانتخابات الليبية

السفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند في لقاء سابق مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات الليبية (المفوضية)
السفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند في لقاء سابق مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات الليبية (المفوضية)

دخل المبعوث الأممي لدى ليبيا، عبد الله باتيلي، على خط «أزمة» قوانين الانتخابات الليبية، بعدما أعلن مجلس «النواب» الليبي أنه «تم تسليم نسخة منها إليه بناءً على طلبه». وتزامن ذلك مع تجديد السفير والمبعوث الأميركي الخاص، ريتشارد نورلاند، دعوته لتشكيل «حكومة تكنوقراط»، تقود البلاد إلى الانتخابات، وحضّ مختلف الأطراف على الانضمام لمحادثات جديدة يعتزم باتيلي تنظيمها.

وأعرب نورلاند في مؤتمر صحافي عبر الإنترنت، مساء (الخميس)، عن اعتقاده بأن «الوضع مهيأ بالفعل لتطوير خريطة طريق متفق عليها، وذات مصداقية لإجراء الانتخابات»، موضحاً أن «العملية السياسية في ليبيا يجب أن تتقدم، وخاصة أن الأرضية جاهزة لإجراء الانتخابات». كما طالب بـ«الاتفاق على تشكيل حكومة تضمن الإشراف على الانتخابات»، محذراً من أن «أي محاولة لإقصاء أي من الأطراف ستؤدي لإراقة الدماء».

باتيلي طالب بالاطلاع على نسخة رسمية منقحة من القوانين التي أحالتها اللجنة المشتركة لمجلسي النواب و«الدولة» (البعثة)

كما كشف نورلاند النقاب عن أن باتيلي يحضّر للقاء القادة الليبيين، بهدف الاتفاق على خريطة طريق للذهاب إلى الانتخابات، لكنه لم يكشف عن موعدها أو مكان انعقادها، داعياً المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة»، ومجلسي النواب و«الدولة»، لإرسال ممثليهم للمشاركة في المناقشات، التي يرتب لها باتيلي. وعدّ أن جهود إعادة إعمار درنة في ظل حكومتين «لا تعد ناجحة، على عكس ما لو كانت هناك حكومة واحدة»، مشيراً إلى أن ما جرى في درنة زاد من اهتمام بلاده بالملف الليبي؛ إذ قدمت 12 مليون دولار للمساعدة.

وبعدما أوضح نورلاند أن الولايات المتحدة تريد التأكد من أن الأموال ستذهب لإعادة الإعمار، أكد «جاهزية البنك الدولي وصندوق الإنماء الأممي للانخراط في آلية إعادة الإعمار».

بموازاة ذلك، أعلن مجلس النواب على لسان الناطق الرسمي باسمه، عبد الله بليحق، في بيان مقتضب مساء (الخميس)، أنه تم تسليم نسخة من قانوني انتخاب رئيس الدولة ومجلس الأمة إلى باتيلي، بناءً على طلبه، وذلك بعد ساعات من إبلاغ باتيلي لعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، أنه «لن يستطيع التعليق على هذه القوانين لعدم حصوله على نسخة رسمية منها».

عقيلة صالح في لقاء سابق مع سفيرة بريطانيا (مجلس النواب)

وطالب باتيلي في رسالة رسمية، سربها مكتبه لوسائل إعلام محلية، ولم تنشرها البعثة الأممية، بالاطلاع على نسخة رسمية منقحة من القوانين التي أحالتها اللجنة المشتركة لمجلسي النواب و«الدولة» (6+6) إلى مجلس النواب. وقال باتيلي إنه «تفاجأ بإعلان المجلس من دون التنسيق مع البعثة الأممية، خلافاً لاتفاقه مع صالح خلال اجتماعهما في يوليو (تموز) الماضي في مدينة بنغازي (شرق)، على أن يتم تواصل الطرفين عبر القنوات الرسمية فقط».

وذكّر باتيلي بالتزام صالح بمشاركة البعثة الأممية، ومشاركته شخصياً، لمشاريع هذه القوانين، لافتاً إلى أن العملية الانتخابية «ينبغي أن تستند إلى قوانين انتخابية قابلة للتنفيذ». وعدّ أنه بات لزاماً على القادة الليبيين احترام تعهداتهم بمنح الشعب مؤسسات شرعية وخاضعة للمساءلة، مؤكداً استمرار التزام البعثة الأممية بتنفيذ ولايتها، وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

في المقابل، عدّ صالح أنه يتعين على الليبيين «تشكيل حكومة واحدة تُشرف على الانتخابات»، لافتاً إلى أن «المطلوب اليوم هو حكومة تكنوقراط صغيرة العدد، تتكون من 15 إلى 18 وزيراً فقط». وقال بهذا الخصوص: «لا أحد يملك السلطة، أو يفرض على الليبيين تشكيل القوانين»، داعياً الأمم المتحدة لـ«قبول قوانين الانتخابات التي تم إقرارها،» وجادل بأنه «لا أحد يستطيع التشكيك بنزاهة هذه القوانين، التي تم إحالتها إلى مفوضية الانتخابات».

سفير فرنسا خلال اجتماعه مع رئيس مفوضية الانتخابات الليبية (السفير الفرنسي)

وتوقع صالح عقد الانتخابات خلال الأشهر الثمانية المُقبلة، وقال إنه «من حق سيف الإسلام، النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي، الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية»، مضيفاً أن «للجميع الحق بالترشح، والكلمة للشعب الليبي».

بدوره، قال السفير الفرنسي، مصطفى مهراج، إنه بحث (الجمعة) في طرابلس مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، «التحضير لانتخابات تتسم بالحرية والعدالة والشفافية والنزاهة»، مؤكداً دعم فرنسا للمفوضية.


مقالات ذات صلة

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

أوروبا أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

قرر الاشتراكيون الديمقراطيون دعم أولاف شولتس رغم عدم تحسن حظوظ الحزب، الذي تظهر استطلاعات الرأي حصوله على نحو 15 في المائة فقط من نوايا التصويت.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)

زعيم المعارضة الموريتانية يبحث مع الوزير الأول تحضير «الحوار السياسي»

الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
TT

زعيم المعارضة الموريتانية يبحث مع الوزير الأول تحضير «الحوار السياسي»

الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)

ناقش الوزير الأول الموريتاني، المختار ولد اجاي، ملف «الحوار السياسي» مع زعيم المعارضة الموريتانية، حمادي ولد سيدي المختار، خلال لقاء يعد الأول من نوعه منذ إعادة انتخاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني رئيساً للبلاد في يونيو (حزيران) الماضي، وتعهده بتنظيم «حوار وطني» مع المعارضة.

ويعد هذا الحوار أحد أهم مطالب المعارضة الموريتانية، خاصة بعد أعمال عنف وتوتر سياسي أعقبت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي فاز بها ولد الشيخ الغزواني من الشوط الأول بنسبة 56 في المائة من الأصوات، وهو فوز اعترف به مرشحو المعارضة، باستثناء الناشط الحقوقي، بيرام الداه اعبيد، صاحب المرتبة الثانية بنسبة 22 في المائة.

مرشح المعارضة الناشط الحقوقي بيرام الداه اعبيد (أ.ف.ب)

وبعد الانتخابات الأخيرة دعت أحزاب المعارضة إلى حوار سياسي يناقش جميع الملفات، وخاصة الملف الانتخابي، بسبب ما تقول المعارضة إنها اختلالات كبيرة تعاني منها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وتورطها في «شبهات» تزوير.

تحضير للحوار

عين ولد الغزواني بعد تنصيبه في أغسطس (آب) الماضي حكومة جديدة، بقيادة الوزير الأول المختار ولد اجاي، وأسند إليه الملف السياسي، حيث بدأ الأخير عقد لقاءات مع عدة سياسيين، شملت قادة أحزاب الأغلبية الرئاسية، وشخصيات بارزة في المعارضة التقليدية، وصولاً إلى زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية، والهيئة الدستورية المشكلة من أحزاب المعارضة، الممثلة في البرلمان الموريتاني.

زعيم المعارضة متحدثاً للإعلام العمومي بُعيد اللقاء (الوزارة الأولى)

حضر اللقاء الأخير مع زعيم المعارضة الديمقراطية جوب أمادو تيجان، وعبد السلام ولد حرمة، العضوان في مكتب تسيير مؤسسة المعارضة الديمقراطية، وقائدا حزبين معارضين، حصلا خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة على أكثر من 12 مقعداً في البرلمان.

وقال زعيم المعارضة في تصريح صحافي إن اللقاء مع الوزير الأول «يدخل في إطار اللقاءات الدورية، التي نص عليها القانون بين الوزارة الأولى ومؤسسة المعارضة»، مبرزاً أنه كان «فرصة لنقاش العديد من القضايا، من أبرزها الحوار السياسي المرتقب ودور مؤسسة المعارضة فيه، حيث إن المشرع الموريتاني جعل لها نصيباً في تنظيم الحوارات السياسية ما بين المعارضة والحكومة».

وأكد زعيم المعارضة أن الوزير الأول «عبر عن استعداده لاتخاذ التدابير اللازمة من أجل تنظيم حوار سياسي على الوجه الأكمل، وفق ما تتيحه القوانين»، مؤكداً أن ذلك «هو ما تأمله مؤسسة المعارضة».

ملفات سياسية

خلال الحديث مع الوزير الأول، طرح زعيم المعارضة ملفات تتعلق بصعوبة ترخيص الأحزاب السياسية، وما يواجه ذلك من تأخير في أروقة وزارة الداخلية، وهي قضية تثير الكثير من انتقادات الناشطين السياسيين المعارضين الذين يتهمون الدولة بعرقلة الترخيص لأحزابهم السياسية منذ عدة سنوات.

وكان حوار سياسي بين الحكومة والمعارضة نظم عام 2011 قد أسفر عن سن قوانين تهدف إلى تقليص عدد الأحزاب السياسية في البلاد، ووضع عراقيل أمام ترخيص الأحزاب الجديدة، لكن في الفترة الأخيرة بدأت أصوات ترتفع متهمة وزارة الداخلية باستهداف المعارضين لحرمانهم من الحق في تأسيس أحزاب سياسية.

من لقاء سابق لقادة المعارضة في موريتانيا (الشرق الأوسط)

وقال زعيم المعارضة إن «الاجتماع كان فرصة أيضاً للحديث عن ترخيص الأحزاب السياسية، وضرورة تسريعها وحماية الحريات العامة»، مشيراً في السياق ذاته إلى أنه طرح على الوزير الأول أزمة «ارتفاع الأسعار وخدمات المياه الكهرباء والفيضانات».

انفتاح على المعارضة

نشرت الوزارة الأولى بياناً عن اللقاء، وقالت إنه «استعرض جميع القضايا المتعلقة بالشأن العام السياسي والاجتماعي للبلد، وما تطرحه المعارضة من تساؤلات، أو ملاحظات حول عمل الحكومة»، وفق نص البيان، مشيرة إلى أن الوزير الأول «قدم عرضاً مفصلاً يجيب على جميع التساؤلات المطروحة، وأوضح ما تقدمه الحكومة من حلول استعجالية، أو استراتيجية على المدى القريب أو المتوسط لمختلف القضايا المطروحة، بتعليمات مباشرة ومواكبة قريبة من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني».

وأبدى الوزير الأول تفهمه للانتقادات التي تعبر عنها المعارضة حيال عمل الحكومة، وقال إن الجميع «مدعو للمشاركة بالنقد البناء والتحسيس حول الإجراءات التي تمس حياة المواطنين مباشرة»، قبل أن يؤكد «انفتاح الحكومة على كل ما من شأنه أن يحسن من أداء العمل».

وخلص الوزير الأول إلى التأكيد على أهمية أن يشارك الجميع في «الرقابة على المسار، وصيانة المنجز والمبادرة الجدية للإشارة لتصحيح المسارات، مواكبة لعمل الحكومة»، وفق البيان الصادر عن الوزارة الأولى.

صعوبات الحوار

ورغم اتفاق الحكومة والمعارضة على ضرورة تنظيم حوار وطني يشارك فيه الجميع، ويناقش كافة الملفات، فإنه لم يعلن -حتى الآن- أي سقف زمني محدد لتنظيم هذا الحوار المرتقب.

الرئيس ولد الشيخ الغزواني تعهد بتنظيم «حوار وطني» مع المعارضة (أ.ب)

ومع أنه خلال الأيام الأخيرة بدأت تقطع خطوات لتحضير الحوار السياسي، خاصة من طرف الوزير الأول، إلا أن هذا الحوار لم تتضح بعد ملامحه العامة، ولا أجندته وملفاته، ولا حتى الجهة التي ستتولى الإشراف عليه وتنسيقه.

وفيما سبق برزت خلافات حول بعض الملفات «الحساسة»، كقضايا الإرث الإنساني والعبودية، حيث تصر المعارضة على طرحها على طاولة الحوار، فيما تعارض ذلك أطراف داخل السلطة، وهو ما يعتقد أنه عصف بمحاولات سابقة للحوار.