«إعلان نواكشوط» يقرّ تشكيل لجنة للإصلاح في بؤر التوتر والنزاع بأفريقيا

أقرَّه كبارُ مفتيّ وعلماء 55 دولة في ختام مؤتمر الرابطة الذي دشنه الرئيس الموريتاني والشيخ العيسى

«إعلان نواكشوط» يقرّ تشكيل لجنة للإصلاح في بؤر التوتر والنزاع بأفريقيا
TT

«إعلان نواكشوط» يقرّ تشكيل لجنة للإصلاح في بؤر التوتر والنزاع بأفريقيا

«إعلان نواكشوط» يقرّ تشكيل لجنة للإصلاح في بؤر التوتر والنزاع بأفريقيا

أكد «إعلان نواكشوط»، الصادر عن مؤتمر السيرة النبوية في موريتانيا، مبادرة كبار العلماء والمشايخ لإصلاح ذات البين وحَلّ النزاعات ودياً، محذراً من تنامي الصراعات في البلدان المسلمة، لا سيما بلدان قارة أفريقيا ذات الأكثرية المسلمة، التي كانت أول دار للهجرة، وأكثر القارات ثراءً بالموارد المادية والبشرية.

ودعا الإعلان المسلمين في أفريقيا للإنصات إلى ما قاله نبيُّهم الأكرم عليه الصلاة والسلام، وهو يأمر بنَبذ العصبية، حينما قال: «دعوها فإنها مُنتنة»، وهو يحذّر من الاحتراب البيني بقوله: «أَلَا لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً ‌يَضْرِبُ ‌بَعْضُكُمْ ‌رِقَابَ بَعْضٍ»، وهو يمثِّل الأمّة بالجسد الواحد، ويسُنّ نظام المؤاخاة، ويضع أول دستور لتعايش المتساكنين المتباينين في معتقداتهم، ويُبرم عقود الصلح مع مَن يقبَلون الصلح، ويَجنح للسِّلم مع مَن يَجنَحون لها.

وأبدى المشاركون في ختام مؤتمرهم الذي حمل عنوان: «دور العلماء والمشايخ في إصلاح ذات البين وتعزيز الروابط الإسلامية بين الشعوب والأمم - أفريقيا نموذجاً»، ودشَّنه الأمين العام لـ«رابطة العالم الإسلامي»، الدكتور محمد العيسى، بحضور الرئيس الموريتاني راعي وداعم المؤتمر، قلقَهم مِن توسُّع حملات الإساءة إلى الإسلام، وتصاعُد موجات الغلو والعنف، داعين إلى التعاون والتعاضد بين العلماء والعقلاء والمصلحين في محاربة التعصب ومكافحة خطابات الكراهية والتفرقة.

 

وقَدَّم الإعلانُ مجموعة من الأساليب والآليات لتنفيذها، وذلك بالرجوع إلى الدِّين الحنيف أولاً، ثم باستحضار بنود «وثيقة مكة المكرمة»، التي أطلقتها رابطة العالم الإسلامي، التي يمثل «إعلان نواكشوط» ثمرة من ثمرات سعيها الحميد المشترك مع التجمع الثقافي الإسلامي بموريتانيا وغرب أفريقيا.

 

وأقرّ الإعلان تشكيل لجنة من دعاة الإصلاح وسعاة الخير لإصلاح ذات البين في عددٍ من بؤر التوتر والنزاع في القارة الأفريقية، وتشكيل لجنة من العلماء والمشايخ المؤثرين للسعي لإصلاح ذات البين، وفض النزاعات المحلية بما هو متاح من أساليب الوقاية والعلاج، والسعي لدى الحكومات لمراجعة المناهج التربوية، وتعزيز التربية القِيَمِيَّة بشكل خاص.

 

كما أقرَّ الإعلان العملَ على غرس قيم الوحدة والتآخي والإنصاف في مسائل الخلاف، بتحسين وتطوير مناهج تدريس السيرة النبوية العطرة، وتطوير منهج خاص جامع لتكوين الدعاة والخطباء، والسعي لتوفير مرجع جامع يستفاد منه في صياغة مناهج الدعوة والتربية القِيَمِيِّة، والعمل على تفعيل آليات التضامن الإسلامي، والسعي الجاد مع الدول المحبة للسلام كافة، ومع المنظمة الأممية؛ لسد منابع الاستفزاز والحيف، وتجريم الإساءة إلى المقدسات.

 

كما توجهوا في المؤتمر، بالشكر الخالص لـ«رابطة العالم الإسلامي»، مشيدين بكلمة أمينها العام التي شكَّلت وثيقة أساسية من وثائق المؤتمر، شاكرين للرابطة عملها الدؤوب للربط بين أبناء الأمّة، وسعيها للإصلاح والتجديد في مناهج الدعوة وحُسن البلاغ عن الله ورسوله، منوهين في هذا الصدد بالتعاون بين الرابطة والتجمع الثقافي الإسلامي في موريتانيا وغرب أفريقيا، داعين لتعزيز هذا التعاون، ومقدّرين للتجمع الثقافي الإسلامي السنّةَ الحسنةَ التي سنَّها وحافظ عليها طيلة مسيرته الحافلة بخدمة الدين الحنيف.

 

وبدأَت جلسات المؤتمر بكلمة للرئيس الغزواني، رحب فيها بالضيوف القادمين من خمسٍ وخمسين دولة لحضور مؤتمر السيرة النبوية؛ مؤكداً أن أهل موريتانيا قد جُبِلوا على محبة الرسول محمد، والتشبث بسنته، والعناية بها، تبليغاً، ودرساً وتدريساً.

 

ولفت إلى أهمية الموضوع الذي عَنوَن المؤتمر، موضّحاً أن أفريقيا والعالم كله بأمسّ الحاجة إلى تعزيز دور العلماء والمشايخ في إصلاح ذات البين؛ مُبيّناً أن قيام المجتمعات البشرية ينبني في الأصل على إرادة مشتركة في التعايش، قوامها الإنصاف والتسامح والاعتدال، وتقبُّل الاختلاف والتعاون في تآخٍ وتعاضد.

 

تلت ذلك كلمة للشيخ العيسى استهلها بالتعبير عن سعادته بهذا اللقاء الحافل بمادته النبوية الشريفة، ثم بقاماته العلمية الراسخة، وتجلياتهم المنيفة حول واقعات سيرة سيدنا ونبينا محمد، التي أضاءت العالمين بهديها الكريم، ففاح عَبَقُها ليصوغ السلوك الإسلامي بنفحات أُنسِه، حتى استقامت قناة أهله، فباتوا كأنهم شامةٌ بين الناس.

وأشار الدكتور العيسى إلى أن نبينا، اسمٌ جامعٌ للفضائل كافة، وهو يشمل - فيما يشمل - قيمَ الاعتدال في القول والعمل، لا سيما السماحة والعفو، واللين، والقصد والحكمة، وتأليف القلوب والرأفة بها، بل ويشمل معاقدَ السعادة في الدنيا والآخرة.

 

ولفت الأمين العام لـ«رابطة العالم الإسلامي»، إلى أن السيرة العطرة لرسول الله هذّبها أدبٌ ربانيٌ قبل البعثة، لتنسجم قيمُها التربوية - في نشأتها الأولى - مع قيمها التشريعية، فحلّت الرسالة محلها. و«الله أعلم حيث يجعل رسالته».

 

وتطرق العيسى إلى أفكار فئات محسوبة في الظاهر على الإسلام، وقال إنها سُبُل شتى تدعو إلى ضلالها كل من خفّ وزنه في علم أو عقل، مشيراً إلى أنهُم جُملةُ لفيف زاغوا عن المحجة البيضاء، فهلكوا وأهلكوا أقرانهم في الجهل والضلال، لفيف اتبعوا أهواء قومٍ قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل. شعوذةٌ تخطرُ على حِجلين، وفتنةٌ تمشي على رجلين.

 

ألقى رئيس التجمع الثقافي الإسلامي، الشيخ محمد الحافظ النحوي كلمةً في افتتاح المؤتمر، دعا فيها للتمثّل بسيرة النبي في مواجهة المشكلات الكبرى التي يمر بها العالم اليوم، ولتحسين الأجيال الناشئة، وتوفير المناعة الفكرية للشباب، ولأخذ الدروس العظيمة من حياة النبي الأكرم، مؤكداً أن هذا هو هدف المؤتمر.


مقالات ذات صلة

باكستان: اعتقال شخص بتهمة إهانة القرآن بعد محاولة حشد إعدامه

آسيا الشرطة الباكستانية تُلقي القبض على رجل متهم بإهانة القرآن (إ.ب.أ)

باكستان: اعتقال شخص بتهمة إهانة القرآن بعد محاولة حشد إعدامه

ألقت الشرطة الباكستانية القبض على رجل متهم بإهانة القرآن، في شمال غربي البلاد، اليوم الثلاثاء، بعدما تلقت بلاغاً يفيد بأن مجموعة من الناس تسعى لإعدامه.

«الشرق الأوسط» (بيشاور (باكستان))
الخليج الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى حل ضيفَ شرفٍ على نادي 44 للدراسات الفكرية (الشرق الأوسط)

العيسى يناقش «تفهم الاختلاف ومعالجة سوء الفهم بين الإسلام والغرب» في سويسرا

حَلّ الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى ضيفَ شرفٍ على نادي 44 للدراسات الفكرية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب (رويترز)

متعهداً بإنهاء صراع الشرق الأوسط... ترمب يسعى لأصوات المسلمين في ميشيغان

سعى المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب إلى استمالة الناخبين المسلمين في ولاية ميشيغان.

«الشرق الأوسط» (ديترويت)
أوروبا مظاهرة لدعم غزة في ميدان ترافالغار بلندن (رويترز)

دراسة: نصف مسلمي الاتحاد الأوروبي يتعرضون للتمييز

أفاد نحو نصف المسلمين المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي بأنهم يتعرضون للتمييز في حياتهم اليومية، مع تسجيل «زيادة حادة في الكراهية» عقب حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الخليج الدكتور محمد العيسى دشن أعمالَ المؤتمر الدولي «الإيمان في عالم متغير» (الشرق الأوسط)

العيسى يدشن المؤتمر الدولي «الإيمان في عالم متغير» للتصدي لشبهات الإلحاد

دشن الشيخ الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، أعمالَ المؤتمر الدولي «الإيمان في عالم متغير».

«الشرق الأوسط» (الرباط)

«مفوضية الانتخابات» الليبية: نسب التصويت كانت الأعلى في تاريخ «البلديات»

السايح خلال إعلان نتائج الانتخابات في 58 بلدية ليبية (مفوضية الانتخابات)
السايح خلال إعلان نتائج الانتخابات في 58 بلدية ليبية (مفوضية الانتخابات)
TT

«مفوضية الانتخابات» الليبية: نسب التصويت كانت الأعلى في تاريخ «البلديات»

السايح خلال إعلان نتائج الانتخابات في 58 بلدية ليبية (مفوضية الانتخابات)
السايح خلال إعلان نتائج الانتخابات في 58 بلدية ليبية (مفوضية الانتخابات)

أعلن عماد السايح رئيس «المفوضية العليا للانتخابات» في ليبيا، أن نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية للمجموعة الأولى، التي «تجاوزت 77.2 في المائة، هي الأعلى في تاريخ المحليات»، فيما برز خلاف جديد بين «الرئاسي» و«النواب» حول قانون المصالحة الوطنية.

وقال السايح في مؤتمر صحافي عقده الأحد بالعاصمة طرابلس، إن نسبة التصويت «هي أعلى نسبة تسجلها المفوضية حتى الآن»، مشيراً إلى أن نسبة المشاركين من الرجال في عملية التصويت بلغت 71.3 في المائة، و29 في المائة من النساء، وعد هذه الأرقام دلالة قطعية على «ارتفاع مستوى الوعي بأهمية العملية الانتخابية».

وأعلن السايح إلغاء الانتخابات في بلدية الشويرف، بسبب التعدي على أصوات الناخبين بمراكز الاقتراع، وأرجع التأخير في إعلان النتائج إلى «التدقيق»، موضحاً أن 92 حالة تطلبت المراجعة في 58 مركزاً، وهو ما استدعى زيادة ثلاثة أيام من أجل التدقيق، وليس بهدف الكشف عن التزوير، لافتاً إلى أن المرحلة الثانية من الانتخابات ستجري في 25 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وقال السايح: «نسعى لتطبيق صحيح للقانون، وأن تكون الآليات والإجراءات المتخذة تخدم مصلحة العملية الانتخابية، وليس لنا أي مصلحة في فوز طرف على طرف آخر أو قائمة على أخرى». وأضاف: «نعمل بمراحل انتقالية تخضع لها الدولة بشكل عام، ومبدأ الحياد هو الأساس في تواصلنا مع الأطراف السياسية».

صورة وزعها مكتب السايح لاجتماعه مع مبعوث ألمانيا الخاص بطرابلس

وقبل إعلان النتائج، أدرج السايح زيارة المبعوث الخاص للحكومة الألمانية كرستيان بوك، إلى مقر المفوضية بطرابلس، في «إطار دعم المجتمع الدولي للمسار الديمقراطي في ليبيا، والاطلاع على مستوى جاهزية المفوضية، لتنفيذ المرحلة الثانية من انتخابات المجالس البلدية».

ونقل السايح عن بوك: «تقدير حكومته لجهود المفوضية لإنجاح المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية»، وفق ما وصفه بـ«أعلى المعايير المعمول بها في العالم»، مجدداً «استعدادها لتقديم الدعم الفني والاستشاري مما يعزز جاهزية المفوضية لتنفيذ الاستحقاقات المرتقبة».

وكانت المفوضية، قد دعت مجدداً مرشحي الانتخابات البلدية، لتقديم تقرير مالي مفصل ومصدق من محاسب قانوني، يتضمّن إجمالي الإيرادات التي حصلوا عليها أثناء حملتهم الانتخابية والمصروفات خلال عشرة أيام من تاريخ يوم الاقتراع.

لقاء صالح بالقبة الليبية مع وفد المنطقة الغربية (مجلس النواب)

في المقابل، وبعد ساعات من إعلان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، خلال لقائه مساء السبت، بمدينة القبة، مع وفد من المنطقة الغربية، أن مجلسه سيصدر في الأيام المقبلة قانون «العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية»، طالب رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، صالح بإقرار قانون «المصالحة الوطنية» الذي أحاله في شهر فبراير (شباط) الماضي، في جلسة المجلس المزمع عقدها الاثنين.

وطالب المنفي، في رسالة وجهها مدير مكتبه إلى صالح: «بإقرار القانون دون إجراء أي تعديلات عليه في جلسة شفافة صحيحة الانعقاد»، وعدّ أن طبيعة المرحلة الانتقالية «لا تستلزم إصدار أي قوانين تمس حقوق الإنسان، أو البنية الاقتصادية والمالية للدولة»، ودعا إلى «العودة إلى الاتفاق السياسي والاحتكام إليه والتوقف عن الإجراءات الأحادية».

وكان صالح، قد أبلغ أعيان وحكماء ومكونات وأعضاء البلديات من المنطقة الغربية خلال اجتماع مساء السبت في مدينة القبة، أن تنفيذ قانون «العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية»، الذي سيصدره مجلس النواب في جلسته المقبلة، سينهي كثيراً من القضايا العالقة.

وعدّ، أن ليبيا في حاجة لنظام سياسي واقتصادي «لا يُظلم فيه أحد ولا يُقصى ولا يُهمش، وكل المدن والقرى لها الحق في التنمية والإعمار والتطوير والتحديث»، لافتاً إلى أن «الصراع السياسي لن يتوقف، فالوصول إلى السلطة مطلب الجميع المشروع».

ورأى أن «ذلك يتحقق بدستور وقوانين تحقق التداول السلمي عبر صناديق الانتخاب حتى لا يخرج الصراع عن جادة الصواب ويتحول إلى فوضى».

وقال إن «من يفرط في تراب الوطن وسيادة ليبيا التي لا تتجزأ، وكرامة أهلها، ويعمل بعقلية الغنيمة على حساب مصالح الوطن العليا، ويغلب النفع الخاص على النفع العام، ويعرقل المصالحة الوطنية ولم الشمل، فهو خائن لوطنه، وملعون على ألسنة الأنبياء والمرسلين والناس أجمعين»، مؤكداً أن «ليبيا ليست للمساومة، وهي غير قابلة للتصرف والتقسيم».

من جهة أخرى، أعلن «اللواء 444 قتال»، التابع لحكومة «الوحدة»، تمكنه من إلقاء القبض على المدعو محمد الصالحين، المطلوب لدى محكمة «الجنايات الدولية» ومكتب النائب العام، ومن أكبر المطلوبين في قضايا «المقابر الجماعية» بمدينة ترهونة، مشيراً إلى أنه متورط في تصفية 60 مواطناً في سجن ترهونة.

ولفت إلى أنه تم تسليمه إلى مكتب النائب العام، كما تعهد بمواصلة اعتقال على كل المطلوبين المتورطين فيما وصفه بـ«قضية العصر في ليبيا».

وكانت شعبة الإعلام بـ«الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، أعلنت إرسال شحنة إغاثة ومساعدات إنسانية إلى المناطق المنكوبة في إسبانيا، في إطار تقديم الدعم للمتضررين وتخفيف معاناتهم في مواجهة الظروف القاسية، التي خلفتها كارثة الفيضانات المدمرة، وأسفرت عن خسائر بشرية ومادية كبيرة.