البرلمان المغربي يحتضن لقاءً دراسياً حول العنف ضد النساء

شدد على ضرورة اعتماد مقاربة متعددة الأبعاد لمحاربته

جانب من اليوم الدراسي حول العنف ضد النساء بالبرلمان المغربي (الشرق الأوسط)
جانب من اليوم الدراسي حول العنف ضد النساء بالبرلمان المغربي (الشرق الأوسط)
TT

البرلمان المغربي يحتضن لقاءً دراسياً حول العنف ضد النساء

جانب من اليوم الدراسي حول العنف ضد النساء بالبرلمان المغربي (الشرق الأوسط)
جانب من اليوم الدراسي حول العنف ضد النساء بالبرلمان المغربي (الشرق الأوسط)

شدد عدد من المشاركين في لقاء دراسي نظمه مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان)، الثلاثاء، حول «شروط وظروف تطبيق القانون المؤطر لمحاربة العنف ضد النساء»، على ضرورة اعتماد مقاربة متعددة الأبعاد، والتقائية تدخلات القطاعات الحكومية المعنية، من أجل تطبيق سليم لهذا النص التشريعي، يحقق الأهداف المتوخاة منه.

وأبرز المشاركون في هذا اللقاء، المنظم بشراكة مع الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، أن مواجهة العنف ضد النساء تستلزم كذلك وضع برامج للتمكين الاقتصادي والقانوني للمرأة، وفق مقاربة تشاركية بين مختلف الفاعلين، مثمنين في هذا السياق العلاقة القائمة بين القطاعات الحكومية والبرلمان التي يطبعها التعاون والشراكة، في أفق تحقيق الإدماج الفعال، والتمكين الفعلي للنساء والفتيات، مع تقليص مؤشرات التمييز والعنف المبني على النوع.

وقال وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، إن الوزارة وضعت قضية محاربة العنف ضد النساء، والوقاية من زواج القاصرات، ضمن أولويات عملها، واتخذت لذلك مقاربة شمولية تنبني على المداخل الأربعة المتعارف عليها دولياً، والمتمثلة في: الوقاية، والحماية، والتكفل، وزجر مرتكبي العنف.

عبد اللطيف وهبي وزير العدل المغربي (الشرق الأوسط)

وأبرز وهبي في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه رئيس مصلحة قضايا المرأة والطفل بمديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، رشيد مزيان، أن موضوع الحماية الجنائية للمرأة «يعتبر من القضايا ذات الأولوية في السياسة الجنائية»؛ مشيراً إلى أن الوزارة عملت على مراجعة هذه السياسة، وإعادة النظر في المبادئ التي تؤطرها، من خلال وضع آليات قانونية كفيلة بزجر كل أنواع الإساءة التي يمكن أن تقع المرأة ضحيتها، سواء في إطار المراجعة الشاملة لسياسة التجريم والعقاب، أو من خلال قوانين خاصة، كالقانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، والقانون المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، بهدف توفير الحماية القانونية للمرأة.

وفي إطار تنزيل مقتضيات القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، لفت وهبي إلى أن الوزارة واكبت صدور هذا النص، وسعت إلى تطبيق مقتضياته بشكل سليم، سواء فيما يتعلق بتعزيز مكانة المرأة في المجتمع وتمكينها من حقوقها، أو من خلال وضع مخطط إصلاح يهدف إلى إرساء خطة عمل للتكفل بالنساء ضحايا العنف.

من جهتها، أكدت مديرة مديرية المرأة بوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، سلمى التازي، أنه على الرغم من الأهمية التي تكتسيها المقاربة الزجرية في التصدي للعنف ضد النساء، باعتبار القانون أداة ردعية وضبطية، فإن «القانون وحده لا يكفي، كما لا تكفي المقاربة الوقائية»، داعية إلى «نهج مقاربة متعددة الأبعاد لوقف انتشار وتقليص مؤشراته إلى أدنى المستويات الممكنة».

وأوضحت التازي أن هذا ما سعت الحكومة إلى بلوغه، من خلال اعتماد الإطار الاستراتيجي للخطة الحكومية الثالثة للمساواة 2023- 2026 من طرف اللجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة التي شاركت في بلورتها القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية، كما اعتمدت توصيات المجتمع المدني والفاعلين المعنيين بموضوع حقوق المرأة.

ويتضمن هذا الإطار الاستراتيجي -حسب التازي- 3 محاور أساسية، تتعلق بالتمكين والريادة للمرأة، من خلال برنامج التمكين الاقتصادي والريادة، عبر 129 إجراء، والوقاية، وحماية النساء، ومحاربة العنف ضدهن من خلال توفير بيئة حمائية، والولوج إلى الرفاه الاجتماعي. بالإضافة إلى تعزيز القيم ومحاربة الصور النمطية، والنهوض بحقوق النساء ومحاربة كل أشكال التمييز.

من جانبه، أكد ممثل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، خالد عبودي، الأهمية التي توليها الوزارة للبرنامج الوطني للصحة للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف الذي يحدد خريطة طريق واضحة المعالم، تضمن النجاعة المطلوبة في مجموع تدخلات المؤسسات الصحية، وكل شركائها على المستوى الوطني والترابي.

وبعدما نبه إلى أن العنف ضد النساء يظل معضلة من معضلات الصحة العمومية والاجتماعية التي تشكل عائقاً أمام تحقيق التنمية المستدامة، أبرز عبودي أن البرنامج الوطني يرتكز على القضاء على العنف المبني على النوع الاجتماعي ضد النساء والأطفال، وتمكين وتسهيل ولوج كل النساء والفتيات لحقهن في الصحة، ترسيخاً للمبادئ الدستورية والقانونية.

ويقوم البرنامج أيضاً -كما يضيف عبودي- على الانخراط الحازم لجميع الشركاء، لتفعيل مجموع التزامات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ببرامج عمل لفائدة مجموعة من الفئات الأكثر عرضة لهذه الظاهرة، لا سيما القاصرات والنساء في وضعية هشة، والنساء المهاجرات، وكذلك ضحايا الاتجار بالبشر.

ويشكل هذا اللقاء الدراسي مناسبة لعرض ومناقشة مختلف الآراء والتصورات والمقاربات، بشأن وضعية تطبيق القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، ورصد الإشكاليات القانونية والتنظيمية والعملية المرتبطة بتنفيذه، والوقوف على السبل والآليات الممكنة والملائمة لتجاوزها.

ويتوخى اللقاء الذي شارك فيه ممثلو مختلف المكونات السياسية لمجلس النواب، والقطاعات الوزارية، والمؤسسات الدستورية المعنية مباشرة بتطبيق هذا النص القانوني، إلى جانب شركاء دوليين وخبراء، إغناء النقاش العمومي الذي يواكب عملية تقييم هذا النص، وهي المهمة التي أوكلها مكتب مجلس النواب لمجموعة عمل موضوعاتية، تتكون من ممثلي مختلف الفرق والمجموعة النيابية.



​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
TT

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

قال رئيس منظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، إن كثيراً من النساء وأطفالهن يعانون من صدمات نفسية سيئة جراء الحرب الدائرة في السودان، مشيراً إلى أن بعض الأطفال الذين لا تتعدى أعمارهم بضعة أشهر تعرضوا لإصابات بالذخيرة الحية في مناطق الرأس والصدر.

وأضاف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أننا إزاء أسوأ أزمة إنسانية شهدتها المنظمة على الإطلاق... آلاف الأسر تفرقت، خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً، أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم، ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية، يبدو هذا الأمر مستحيلاً في بعض أجزاء البلد.

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم زمزم للنازحين (أ.ف.ب)

ورأى أن «الحرب تعد مشكلة حقيقية للنساء والأطفال تحديداً... أجرينا في أحد المستشفيات العاملة بالعاصمة الخرطوم فحوصات لنحو 4200 امرأة وطفل، ووجدنا أن ثلثهم يعاني من سوء التغذية الحاد، وهذا القياس يدل على أن كل الذين أجريت لهم فحوصات، يعانون من سوء التغذية المتوسط والحاد بدرجات متفاوتة».

وأوضح أن «واحداً من كل 6 جرحى يعالجون في المستشفى ذاته، يعاني من أمراض مصاحبة... لدينا أطفال لا تتعدى أعمارهم شهوراً تعرضوا لإصابات بالرصاص في الرأس أو الصدر، وللأسف في بعض الأحيان لا تتوفر المواد الطبية اللازمة لعلاجهم، في ظل حالة الحصار على المستشفى، ومنع وصول المعونات الطبية إليه».

الوضع في دارفور

وكشف الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، عن ارتفاع نسبة حالات الإصابة بسوء التغذية وسط النساء الحوامل والمرضعات والأطفال الرضع في إقليم دارفور (غرب البلاد)، «وهو ما يتسبب في الوفيات لأسباب بسيطة يمكن علاجها لو توفرت الإمدادات الطبية».

امرأة وطفلها في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان (أرشيفية - رويترز)

وقال إن «نسبة انتشار أمراض سوء التغذية وفقر الدم أعلى بكثير من قدرة فرقنا على علاجها».

وأضاف كريستو: «في أغسطس (آب) الماضي، أجرينا فحوصات لنحو 30 ألف طفل في عمر سنتين وأقل، حيث أثبتت أن ثلث هذا العدد يعاني من سوء تغذية حاد».

وكشف تقرير سابق لمنظمة «أطباء بلا حدود» في فبراير (شباط) الماضي عن وفاة طفل كل ساعتين في «مخيم زمزم» للنازحين في ولاية شمال دارفور.

ووفقاً للمنظمة، فإن الصراع في إقليم دارفور «أخذ طابعاً عرقياً، وعلى وجه الخصوص أحداث العنف التي جرت في ولاية غرب دارفور، وأدت إلى مقتل الآلاف ولجوء أكثر من 500 ألف شخص إلى تشاد».

وتجاوزت نسبة وفيات الأمهات في جنوب دارفور منذ مطلع العام الحالي التي سجلتها مرافق «أطباء بلا حدود»، 7 في المائة، وبينت الفحوصات التي أُجريت لرصد سوء التغذية بين الأطفال، معدلات هائلة تتجاوز عتبات الطوارئ.

وحض كريستو المجتمع الدولي «على بذل مزيد من الجهود للضغط على الأطراف المتحاربة للسماح بمرور المساعدات الإنسانية العاجلة؛ لتوفير الغذاء والدواء للآلاف من المدنيين في السودان».

وعالجت فرق «أطباء بلا حدود» أكثر من 4214 إصابة ناجمة عن العنف، بما في ذلك الأعيرة النارية وانفجارات القنابل، وشكلت نسبة الأطفال دون سن الخامسة عشرة، 16 في المائة منهم.