أثارت الانتقادات الأميركية لقائد الجيش الليبي، خليفة حفتر، عقب زيارته إلى موسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل أيام، تساؤلات بشأن مدى تعزيزها لمواقف خصوم حفتر وفي مقدمتهم رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة خلال الفترة المقبلة؟
عضو مجلس المؤتمر الوطني، عبد المنعم اليسير، استبعد «توجيه واشنطن لدعم مباشر للدبيبة نكاية في حفتر»؛ لكنه رأى أن «رئيس (حكومة الوحدة) قد يستفيد فعلياً بدرجة ما من ذلك عبر توظيف حلفائه في تركيا لتلك الزيارة».
وأوضح اليسير لـ«الشرق الأوسط» أن «أي توثيق للعلاقات بين المنطقة الشرقية وروسيا، سيقابله على الفور مزيد من توسيع نفوذ تركيا بالمنطقة الغربية في ظل فقدان الثقة بين القوى النافذة في شرق وغرب ليبيا». لافتاً إلى أن «أنقرة تدعم تيارات (الإسلام السياسي) في الغرب الليبي، والتي بدورها تصطف خلف الدبيبة وحكومته».
وكانت الإدارة الأميركية حذرت الأطراف الليبية كافة من «الاعتماد على روسيا ورئيسها»، ونقلت قناة «الحدث» عن مسؤول بالبيت الأبيض، قبل أيام، قوله إن «الإدارة الأميركية تعد أي تقارب ليبي - روسي غير مرغوب فيه».
ورغم وصف زميل أول بمعهد الدراسات الدولية في جامعة جونز هوبكنز، حافظ الغويل، سياسة حفتر للتقارب مع موسكو للحصول على تنازلات من واشنطن بأنها «سياسات قديمة وغير مجدية»؛ إلا أنه استبعد أن تحقق الزيارة أي «استفادة للدبيبة».
وأضاف الغويل لـ«الشرق الأوسط» أن «واشنطن تعد حكومة الدبيبة هي الحكومة الشرعية؛ كونها هي من تسيطر على العاصمة، لذا فهي تتعامل معها بشكل رسمي»؛ مستدركاً «ومع ذلك فإن واشنطن لن تؤيد الدبيبة بالطريقة التي يتوقعها؛ لأنها تدرك قدراته وأن حكومته لا تسيطر فعليا على كامل التراب الليبي».
وشرح الغويل أن «هدف واشنطن هو الوصول لحكومة ليبية موحدة (شرعية) تملك السيطرة على عموم البلاد، وتتمكن من عقد التحالفات معها بشأن قضايا استراتيجية تتعلق بمصالحها، ولن تغامر بعقد مثل هذه الاتفاقيات مع حكومة أو أي قوى لا تملك القدرة على تنفيذها».
وعندما سُئل الغويل بشأن آلية تعاطي أميركا مع حفتر، قال إن «الولايات المتحدة ربما لن تتحرك لمواجهة حفتر؛ إلا إذا استشعرت خطراً جدياً يهدد مصالحها جراء زيادة تقاربه مع موسكو، رغم امتلاكها لكثير من الأدوات العلنية والسرية في هذا الشأن (بوصفها محاولة لزعزعة نفوذه بالمنطقة الشرقية مما يؤثر على حظوظه في السباق الرئاسي)».
تنسيق واحتواء
رؤية أخرى بشأن الانتقادات الأميركية لحفتر، ذهب إليها المحلل السياسي الليبي، إسلام الحاجي، إذ قال لـ«الشرق الأوسط» إن «زيارة حفتر لموسكو تمت بعد أيام من لقائه في بنغازي مع قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، مايكل لانغلي، بحضور السفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند». مرجحاً أن يكون هدف الزيارة هو «محاولة التفاوض لإخراج (فاغنر) من الأراضي الليبية، خصوصاً وأن توجيه انتقادات عارضة من قبل مسؤول أميركي ليس مؤشراً على حقيقة ما يدور بالكواليس».
الحاجي لفت كذلك إلى أنه «إذا كانت الزيارة تمت من دون علم مسبق وتنسيق مع واشنطن، وتعدها الأخيرة تحدياً لها، فسوف نشهد (حرباً شرسة) تجاه حفتر، وتقارباً فعلياً من قبل واشنطن مع السلطة الموجودة بالمنطقة الغربية سواء حكومة الدبيبة أو التشكيلات المسلحة الموجودة هناك».
أما المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، فأعرب عن اعتقاده بأن «واشنطن ستحاول احتواء حفتر حتى لو انزعجت من زيارته لموسكو لتمنع المزيد من تقاربه مع روسيا»، مستبعداً «تقديم واشنطن أي دعم للدبيبة».
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد كارثة درنة بات إيجاد حكومة موحدة من التكنوقراط تقود البلاد للانتخابات مطلبا شعبيا لن يتم التنازل عنه، وواشنطن بالأساس تدرك أن دخول الدبيبة للسباق الرئاسي نهاية عام 2021 كان أحد أسباب إجهاض هذا الاستحقاق الانتخابي».