انتقادات واشنطن لحفتر... هل تخدم الدبيبة؟

عقب زيارة قائد الجيش الليبي إلى روسيا

نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف يستقبل قائد «الجيش الوطني» الليبي خليفة حفتر في روسيا أواخر سبتمبر الماضي (الجيش الليبي)
نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف يستقبل قائد «الجيش الوطني» الليبي خليفة حفتر في روسيا أواخر سبتمبر الماضي (الجيش الليبي)
TT

انتقادات واشنطن لحفتر... هل تخدم الدبيبة؟

نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف يستقبل قائد «الجيش الوطني» الليبي خليفة حفتر في روسيا أواخر سبتمبر الماضي (الجيش الليبي)
نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف يستقبل قائد «الجيش الوطني» الليبي خليفة حفتر في روسيا أواخر سبتمبر الماضي (الجيش الليبي)

أثارت الانتقادات الأميركية لقائد الجيش الليبي، خليفة حفتر، عقب زيارته إلى موسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل أيام، تساؤلات بشأن مدى تعزيزها لمواقف خصوم حفتر وفي مقدمتهم رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة خلال الفترة المقبلة؟

عضو مجلس المؤتمر الوطني، عبد المنعم اليسير، استبعد «توجيه واشنطن لدعم مباشر للدبيبة نكاية في حفتر»؛ لكنه رأى أن «رئيس (حكومة الوحدة) قد يستفيد فعلياً بدرجة ما من ذلك عبر توظيف حلفائه في تركيا لتلك الزيارة».

وأوضح اليسير لـ«الشرق الأوسط» أن «أي توثيق للعلاقات بين المنطقة الشرقية وروسيا، سيقابله على الفور مزيد من توسيع نفوذ تركيا بالمنطقة الغربية في ظل فقدان الثقة بين القوى النافذة في شرق وغرب ليبيا». لافتاً إلى أن «أنقرة تدعم تيارات (الإسلام السياسي) في الغرب الليبي، والتي بدورها تصطف خلف الدبيبة وحكومته».

وكانت الإدارة الأميركية حذرت الأطراف الليبية كافة من «الاعتماد على روسيا ورئيسها»، ونقلت قناة «الحدث» عن مسؤول بالبيت الأبيض، قبل أيام، قوله إن «الإدارة الأميركية تعد أي تقارب ليبي - روسي غير مرغوب فيه».

ورغم وصف زميل أول بمعهد الدراسات الدولية في جامعة جونز هوبكنز، حافظ الغويل، سياسة حفتر للتقارب مع موسكو للحصول على تنازلات من واشنطن بأنها «سياسات قديمة وغير مجدية»؛ إلا أنه استبعد أن تحقق الزيارة أي «استفادة للدبيبة».

وأضاف الغويل لـ«الشرق الأوسط» أن «واشنطن تعد حكومة الدبيبة هي الحكومة الشرعية؛ كونها هي من تسيطر على العاصمة، لذا فهي تتعامل معها بشكل رسمي»؛ مستدركاً «ومع ذلك فإن واشنطن لن تؤيد الدبيبة بالطريقة التي يتوقعها؛ لأنها تدرك قدراته وأن حكومته لا تسيطر فعليا على كامل التراب الليبي».

وشرح الغويل أن «هدف واشنطن هو الوصول لحكومة ليبية موحدة (شرعية) تملك السيطرة على عموم البلاد، وتتمكن من عقد التحالفات معها بشأن قضايا استراتيجية تتعلق بمصالحها، ولن تغامر بعقد مثل هذه الاتفاقيات مع حكومة أو أي قوى لا تملك القدرة على تنفيذها».

وعندما سُئل الغويل بشأن آلية تعاطي أميركا مع حفتر، قال إن «الولايات المتحدة ربما لن تتحرك لمواجهة حفتر؛ إلا إذا استشعرت خطراً جدياً يهدد مصالحها جراء زيادة تقاربه مع موسكو، رغم امتلاكها لكثير من الأدوات العلنية والسرية في هذا الشأن (بوصفها محاولة لزعزعة نفوذه بالمنطقة الشرقية مما يؤثر على حظوظه في السباق الرئاسي)».

تنسيق واحتواء

رؤية أخرى بشأن الانتقادات الأميركية لحفتر، ذهب إليها المحلل السياسي الليبي، إسلام الحاجي، إذ قال لـ«الشرق الأوسط» إن «زيارة حفتر لموسكو تمت بعد أيام من لقائه في بنغازي مع قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، مايكل لانغلي، بحضور السفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند». مرجحاً أن يكون هدف الزيارة هو «محاولة التفاوض لإخراج (فاغنر) من الأراضي الليبية، خصوصاً وأن توجيه انتقادات عارضة من قبل مسؤول أميركي ليس مؤشراً على حقيقة ما يدور بالكواليس».

الحاجي لفت كذلك إلى أنه «إذا كانت الزيارة تمت من دون علم مسبق وتنسيق مع واشنطن، وتعدها الأخيرة تحدياً لها، فسوف نشهد (حرباً شرسة) تجاه حفتر، وتقارباً فعلياً من قبل واشنطن مع السلطة الموجودة بالمنطقة الغربية سواء حكومة الدبيبة أو التشكيلات المسلحة الموجودة هناك».

أما المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، فأعرب عن اعتقاده بأن «واشنطن ستحاول احتواء حفتر حتى لو انزعجت من زيارته لموسكو لتمنع المزيد من تقاربه مع روسيا»، مستبعداً «تقديم واشنطن أي دعم للدبيبة».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد كارثة درنة بات إيجاد حكومة موحدة من التكنوقراط تقود البلاد للانتخابات مطلبا شعبيا لن يتم التنازل عنه، وواشنطن بالأساس تدرك أن دخول الدبيبة للسباق الرئاسي نهاية عام 2021 كان أحد أسباب إجهاض هذا الاستحقاق الانتخابي».


مقالات ذات صلة

السلطات الليبية تسارع لاحتواء تداعيات «فيضانات» غرب البلاد

شمال افريقيا جانب من السيول التي اجتاحت شوارع طرابلس نتيجة الأمطار الغزيرة (أ.ف.ب)

السلطات الليبية تسارع لاحتواء تداعيات «فيضانات» غرب البلاد

سارعت السلطات الليبية إلى احتواء تداعيات «فيضانات» بغرب البلاد، أسفرت عن سقوط قتلى ومفقودين.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا رئيس المجلس الرئاسي في ليبيا محمد المنفي خلال لقاء سابق مع ستيفاني خوري (المجلس الرئاسي)

ليبيون ينتقدون إقصاء بلدهم من اجتماع دولي خصص لبحث أزمتهم السياسية

وجه سياسيون ليبيون انتقادات إلى اجتماع دولي استضافته لندن على مدار ثلاثة أيام استهدف بحسب القائمين عليه تقديم نهج دولي منسق لتحقيق الاستقرار طويل الأمد في ليبيا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا متطوعو الهلال الأحمر الليبي يحاولون إبعاد سيارة عالقة بالمياه في مدينة الزاوية (الهلال الأحمر)

تحذير من «فيضانات» بعد أمطار غزيرة ضربت غرب ليبيا

أغرقت مياه الأمطار شوارع عديدة في غرب ليبيا، كما طوقت محيط مستشفى ترهونة التعليمي، وعزلت عديد المنازل، وسط جريان أودية وتحذير من «فيضانات محدودة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مشارِكات من غرب وجنوب ليبيا في جلسة تشاورية رعتها البعثة الأممية (البعثة)

الأمم المتحدة تشدد على دعم مشاركة الليبيات في الحياة السياسية

قالت ستيفاني خوري، إن ولاية البعثة الأممية في ليبيا تتضمن العمل مع المؤسسات والسلطات المحلية لضمان مشاركة المرأة الكاملة والفعالة والآمنة على جميع المستويات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من التحضير لمؤتمر «لم الشمل» عقده موالون للنظام السابق (من صفحات موالية لنظام القذافي)

قبائل غرب ليبيا تطالب بإخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية

صعّدت قبائل موالية لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي ضد وجود «المرتزقة» والقوات الأجنبية في ليبيا، مطالبين بإخراج هذه العناصر، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجزائر لمحاربة «أوكار الأموال المشبوهة» بإجراءات صارمة

أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)
أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)
TT

الجزائر لمحاربة «أوكار الأموال المشبوهة» بإجراءات صارمة

أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)
أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

بتاريخ الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل، ستبدأ الجزائر بتطبيق إجراءات جديدة لامتصاص كتلة نقدية ضخمة في السوق الموازية، بغرض دمجها في البنوك، وذلك في سياق إجراءات لمحاربة غسل الأموال، كانت انطلقت في 2020 بمسعى يتمثل في استرداد أموال عامة مودعة في الخارج، يعتقد بأنها محل شبهة فساد سياسيين من مرحلة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019).

وتعوّل الحكومة الجزائرية على تفعيل هذه الإجراءات، التي يشملها قانون المالية لسنة 2025، عن طريق محاربة السوق غير الرسمية، وتبييض الأموال والتهرب من دفع الضرائب، وهي آفات تثقل كاهل الاقتصاد الجزائري، وتؤدي إلى تشويه المنافسة بين الفاعلين الاقتصاديين، وتُعد مصدراً للثراء غير المشروع.

الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (الشرق الأوسط)

وفي تقرير حديث للبنك المركزي، فإن نسبة الأنشطة غير الرسمية في السوق الجزائرية «بلغت حداً مذهلاً»، تعتقد الأجهزة الحكومية المختصة بمراقبة المال العام، بأنها ملاذ لأموال غير مشروعة.

وبحسب التقرير ذاته، الذي يخص مسارات الكتلة النقدية الموازية لعام 2023، فإن المبالغ المتداولة خارج النظام المصرفي، تصل إلى 8.273 مليار دينار، وبسعر الصرف الحالي يمثل ذلك ما يقارب 62 مليار دولار، وهو مبلغ هائل يفلت من السيطرة، علماً بأن التقرير يؤكد أن قيمة إجمالي الأنشطة التجارية التي تشملها التغطية البنكية تصل إلى 24.330 مليار دينار (182 مليار دولار).

وفي عام 2021 صرّح الرئيس عبد المجيد تبون، بأن الأموال المتداولة خارج النظام القانوني، تقدر بنحو 90 مليار دولار. ولم يذكر يومها مصدر هذا الرقم، وقال إن بلاده «لن تلجأ إلى الاستدانة الخارجية، وإذا تحتم عليها، فستذهب إلى الدين الداخلي لأن هناك أموالاً طائلة مخبأة، حان الوقت لضخها في الاقتصاد الذي هو بحاجة إلى سيولة».

الجزائر عازمة على محاربة أوكار المال المشبوه (أ.ف.ب)

ورغم صعوبة قياس حجم الأموال خارج النظام الرسمي، فإن تقديرات خبراء «المجلس الاقتصادي والاجتماعي» (جهاز يساعد السلطات على إيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية)، تشير إلى أن حصة الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة المالية، لا تقل عن 30 المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وهذه مشكلة كبيرة، في نظرهم، تستدعي خطوات صارمة لاحتوائها، تفادياً لاتساع رقعة «أوكار الأموال المشبوهة»، خصوصاً أن هذه الأموال، موضع ارتياب بتوظيفها في أنشطة إرهابية، وفق تقارير أمنية.

واستهدفت الإجراءات الحكومية الجديدة، أربعة أنواع من المنتجات، سيكون لزاماً أن تمر عبر النظام المصرفي. وتشمل المعاملات العقارية (العقارات المبنية وغير المبنية)، وبيع السيارات واليخوت، وتسديد التأمينات الإجبارية.

كما تتضمن التدابير، فرض الدفع بالشيك أو وسائل الدفع المصرفي أو الإلكتروني، والتي من شأنها أيضاً تقليص حجم التهرب الضريبي، حسب الحكومة. ففي سوق العقارات، مثلاً، تجري معاملات ضخمة خارج النظام القانوني، مع العلم بأنه في الوقت الراهن، تقل نسبة المعاملات المالية التي تتم عبر الوسائل الإلكترونية في البلاد، عن 20 في المائة.

الرئيس تبون تعهد بالتصدي للأموال محل الشبهة خلال ولايته الثانية (الرئاسة)

وقد نشب قلق في أوساط النشطاء في هذه السوق، منذ الإعلان عن الإجراءات الجديدة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. فالتحول المرتقب، سيحرمهم من عائدات كبيرة استفادوا منها لزمن طويل.

وأكد خبير بـ«المجلس الاقتصادي»، فضّل عدم نشر اسمه، أن «التعاون مطلوب بين السلطات العامة والبنوك، وممثلي المجتمع المدني، لإحداث مناخ مناسب لهذا التحول». ومن خلال دمج الكتلة النقدية الموازية الكبيرة في النظام الرسمي، يصبح بإمكان الحكومة، حسب الخبير نفسه، توسيع قاعدتها الضريبية، وتوفير استقرار لعملتها، وتعزيز قدرات الاستثمار في البنية التحتية والخدمات العامة.