كتائب «الإخوان» تقاتل إلى جانب الجيش السوداني

اتهامات بتنسيقها مع تنظيمات إرهابية تستهدف الأجانب والمدنيين

الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير (أ.ف.ب)
الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير (أ.ف.ب)
TT

كتائب «الإخوان» تقاتل إلى جانب الجيش السوداني

الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير (أ.ف.ب)
الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير (أ.ف.ب)

أول مرة يعلن فيها عن وجود «كتائب الظل»، التابعة لتنظيم الحركة الإسلامية السودانية، جاء إبان اندلاع ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، حين أعلن الأمين العام السابق للحركة، علي عثمان محمد طه، مقولته الشهيرة: «لدينا كتائب ظل تعرفونها». انحنت هذه الكتائب، والمجموعات المدنية المسلحة، والذراع المسلحة للتنظيم، التي كانت تقود فعلاً الجيش وقوات الدفاع الشعبي، لعاصفة الثورة، فأخفت وجودها العسكري، بيد أنها استمرت في التواصل ولم تنقطع علاقاتها بعضها ببعض، وظلت تعمل على زعزعة الحكومة الانتقالية المدنية حتى انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) 2021 حيث ظهرت للعلن مرة أخرى، وأعلنت تأييدها له.

وعندما اندلعت الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، أعلنوا عن أنفسهم وعن مشاركتهم في القتال إلى جانب الجيش ضد قوات الدعم السريع، وضد من يسمونهم «الخونة والعملاء»، وهم من المدنيين الذين أسهموا في إسقاط حكمهم، وخاصة تحالف «الحرية والتغيير» المدني، وأعلن بشكل مباشر عن كتيبة ظل تحمل اسم «كتيبة البراء بن مالك».

و«كتائب الظل» هي ميليشيات «إخوانية» كانت تقاتل إلى جانب الجيش في حروبه في جنوب السودان والنيل الأزرق وجنوب كردفان، إلى جانب لعب الأدوار الخفية في تصفية المتظاهرين والمعارضين السياسيين، وقد نشأت عن قوات الدفاع الشعبي، سيئة الصيت.

البرهان خلال جولة بقاعدة «فلامنغو» البحرية في بورتسودان أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

السيطرة على الجيش

إلى جانب «الكتائب»، يتهم كثيرون في السودان الحركة الإسلامية بالسعي إلى السيطرة على الجيش وتحويله من جيش وطني إلى «جيش تنظيم»، واتبعت في ذلك سلسلة حيل، بدأتها بإحالة آلاف الضباط الوطنيين إلى التقاعد، بل اغتالت أعداداً كبيرة منهم، ثم اتجهت إلى السيطرة على الدخول للكلية الحربية، بجانب استقطاب الضباط عن طريق الإغراء والتهديد، وفي النهاية حين سقط نظام الرئيس السابق عمر البشير، ترك للسودان جيشاً تحكمه «آيديولوجيا الإخوان»، وتسيطر عليه «اللجنة الأمنية» المكونة من عناصرهم.

وفقاً للكاتب الإسلامي السابق أشرف عبد العزيز، فإن الأمين العام الحالي لـ«الحركة الإسلامية» علي أحمد كرتي، الذي صدرت بحقه عقوبات أميركية الأسبوع الماضي، منذ أن كان طالباً في الجامعة، كان مفرغاً للعمل وسط الضباط والجيش، هو واثنان آخران، هما أحمد محمد علي الفششوية، والزبير أحمد الحسن، وكانوا يعرفوا وقتها باسم «السواقين»، يقومون بالإشراف على تنظيم «الضباط الإخوان» داخل الجيش.

ومع احتفاظه بوظيفته بين «السواقين»، فإن كرتي عمل منسقاً لقوات الدفاع الشعبي، التي كانت تمثل ميليشيا «إخوانية»، تزعم أنها مساندة للجيش، بما مكّنه من تمتين علاقته مع المنظومة العسكرية، من خلال علاقته بتنظيم «الضباط الإخوان» أو قوات الدفاع الشعبي، ما جعل يده على الأجهزة الأمنية والعسكرية الأخرى هي الأقوى.

وقال عبد العزيز إن كرتي من خلال إشرافه على التنظيم العسكري لـ«الإخوان» أدخل كثيراً من أبناء منطقته في الجيش والأجهزة النظامية الأخرى، خاصة جهاز الأمن والمخابرات، ما وسّع نطاق سيطرته على العسكريين، فأصبح وحده الآمر الناهي في الشأن العسكري لـ«الإخوان».

علي كرتي الأمين العام لـ«الحركة الإسلامية» في السودان (غيتي)

تفويض علي كرتي

بعد سقوط حكم الرئيس السابق عمر البشير، تم تفويض كرتي «أميناً عاماً للحركة الإسلامية»، بعد القبض على قياداتها، ومن بينهم البشير، وإلقائهم في السجن. لم تفلح أجهزة أمن الحكومة الانتقالية في القبض على كرتي، على الرغم من أنه كان أحد كبار المطلوبين، وظل مختبئاً، وتردد أن قيادات في الجيش موالية لـ«الإخوان» كانت توفر له الملاذ الآمن. ووفقاً لعبد العزيز، فإن الرجل بالتنسيق مع القيادات العسكرية أفلح في عرقلة جهود الحكومة الانتقالية، وأفلح في إفشال «الاتفاقية الإطارية» بشن الحرب الحالية.

ويؤكد عبد العزيز أن كرتي بعد أن شعر بأن توقيع الاتفاق الإطاري قد يكون النهاية لمطامع تنظيمه في العودة للحكم أو الحياة السياسية مجدداً، حرّك كتائبه لإطلاق رصاصة الحرب لقطع الطريق على تنفيذ الاتفاق الإطاري، فظهرت للعلن كتيبة «البراء بن مالك» والمجاهدون الذين يشاركون في القتال مع الجيش الآن.

ويوضح عبد العزيز أن «كتيبة البراء بن مالك» هي الكتيبة الوحيدة المتبقية للإسلاميين، التي بمقدورها القتال مع الجيش، بيد أنه يقول: «من خلال بعض البيانات التي أصدرها عبد الرؤوف أبو زيد محمد حمزة، وذكر فيها أن جماعته (النصرة) تشارك في هذه الحرب، ومقتل محمد الفضل عبد الواحد ابن أخ وزير الخارجية السابق مصطفى عثمان إسماعيل في معارك سلاح المدرعات بمنطقة الشجرة، المعروف بعلاقته المستمرة بتنظيم (داعش)، وفي ذات الوقت يشغل منصب أمين الفكر في الحركة الإسلامية، هناك ثمة إشارات لمشاركة التنظيمات الإرهابية في القتال إلى جانب الجيش».

وأصيب أمير كتيبة «البراء بن مالك»، المصباح أبو زيد طلحة، في معارك المدرعات، وزاره بعد خروجه من الحصار مباشرة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وهو يستشفي من إصابته في مدينة عطبرة. يقول عبد العزيز: «يزعم أمير (كتيبة البراء) أن عددها يتجاوز 20 ألفاً من المجاهدين، لكن الحقيقة أن قوتها الفعلية لا تتجاوز 2000 مقاتل، وتعمل على استقطاب الشباب المستنفرين للقتال مع الجيش، لتضخيم عددها».

جانب من احتجاجات سابقة في ذكرى إسقاط نظام الرئيس المعزول عمر البشير في أبريل 2019 (أ.ف.ب)

كتيبة «البراء بن مالك»

أرجع عبد العزيز ما أسماه «تحقيق بعض الثبات للجيش في بعض المناطق» إلى قتال «كتيبة البراء بن مالك» إلى جانبه، لأنهم يقاتلون باعتبار الحرب عملية «انتحارية» بالنسبة لهم، ولا يملكون خياراً غير الانتصار فيها، يسخرون لها آلتهم الإعلامية والعسكرية، ويضيف: «لكن في الآونة الأخيرة برزت خلافات بينهم وبين ضباط الجيش، كامتداد لخلافات قديمة بين أفراد الدفاع الشعبي وقيادات الجيش، فقيادات الجيش بدأت تشعر أن هناك تمييزاً بينهم وبين أفراد الجيش، وتتذمر من محاولاتهم فرض سيطرتهم على الجيش»، وتابع: «هذه الخلافات تسببت في حالات تسرب من الجيش».

من جهته، أوضح خبير في الجماعات الإسلامية، طلب عدم كشف اسمه، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن أصل «كتيبة البراء بن مالك» هو قوات الدفاع الشعبي، وأن أغلب المنضوين لها هم مقاتلون سابقون في الميليشيا «الإخوانية» الشهيرة، وقاتلوا مع الجيش في جنوب السودان ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان، بقيادة جون قرنق دمبيور. وتابع الخبير: «بعد حل (الدفاع الشعبي) وإلغاء قانونه، اكتفت الكتيبة بالعمل الاجتماعي، وتركت العمل القتالي، واقتصر نشاطها على لقاءات أخوية، ليالي قمرية، لقاءات، زيارات لأسر الشهداء»، وأضاف: «هناك جزء منهم يعمل في الإسناد المدني ضد الكوارث والفيضانات، لكن تواصلهم لم ينقطع كتنظيم بعد سقوط النظام».

وتعمل إلى جانب «كتيبة البراء» مجموعات من المقاتلين السابقين المتطرفين، من بينهم جماعة «الدبابين» التي ذاع صيتها إبان الحرب في جنوب السودان، وجماعة «الطيارين» الذين كانوا يعملون في شرق السودان. ويقول الخبير إن نشاط كتائب الإسلاميين تزايد بصورة مكثفة بعد الحرب، وإنها استقطبت مقاتلين سابقين، من بينهم مهندسون وفنيون عملوا على تطوير الأسلحة في التصنيع الحربي، بما في ذلك «المسيرات»، على نفس منوال حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، يصنعون أسلحة خاصة بهم.

عمر البشير إبان محاكمته في الخرطوم (أرشيفية - الشرق الأوسط)

آيديولوجيا «الإخوان»

ويرى الخبير أن الكتائب التي تقاتل الآن أقرب إلى حزب المؤتمر الشعبي من حزب المؤتمر الوطني، وتحكمها آيديولوجيا «الإخوان»، وأميرهم الحالي المصباح أبو زيد طلحة، وقتل من بين قياداتها في القتال على المدرعات أكثر من 4 قادة، أشهرهم محمد الفضل، وهو ابن أخي وزير الخارجية الأسبق مصطفى عثمان إسماعيل. وقال إن المجموعات الجهادية الإسلامية كانت تقاتل مع الجيش في مصنع «اليرموك» الحربي، وبعد أن استولى عليه «الدعم السريع»، انتقلوا إلى قيادة المدرعات في الشجرة، وأضاف: «لا توجد إحصاءات عن أعدادهم، لكنهم في بداية الحرب كانوا حوالي 200، وتزايدت أعدادهم من خلال الاستقطاب من الشباب المستنفرين».

واستبعد الخبير أن تكون لهم علاقات مباشرة مع التنظيمات الجهادية الإرهابية، بيد أنه وصفهم بأنهم واقعون تحت تأثيرها، ويتبادلون المعلومات والأدوار معهم، وقال: «(القاعدة) و(داعش) لا تقاتلان تحت راياتهم لأنهما تكفرانهم، لكنهم جميعاً يتفقون على الحرب على الوجود العسكري الأجنبي، ولا توجد علاقات مباشرة، بل تأثير متبادل بعضهم مع بعض».

ويقطع الخبير بأنهم يستهدفون معاً الأجانب والسفراء والسفارات ومن يطلقون عليهم «الخونة والعملاء»، ويقسمونهم إلى مجموعتين؛ «مجموعة العدو الصائل» الممثل في المنظمات الأجنبية والسفارات والسفراء ووكالات العون الإنساني، و«مجموعة العملاء»، وتتمثل هذه المجموعة بالنسبة لهم في قوات الدعم السريع والقوى المدنية. وعلى رأسها «الحرية والتغيير» ومنظمات الأمم المتحدة التي تسعى نحو الديمقراطية والحكم المدني.


مقالات ذات صلة

وصول أولى المساعدات الإنسانية إلى الخرطوم

شمال افريقيا السودان التزم بتقديم جميع التسهيلات المعنية «بانسياب تدفق المساعدات الإنسانية» (وسائل إعلام سودانية)

وصول أولى المساعدات الإنسانية إلى الخرطوم

وصلت شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية إلى جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، للمرة الأولى بعد 21 شهراً من اندلاع الحرب في البلاد بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

نائب حمدوك يؤكد تمسكهم بتشكيل حكومة «موازية»

أعلن نائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، الهادي إدريس، تمسكه بتشكيل «حكومة مدنية» في السودان.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا مشاهد الدمار في أحد أحياء أم درمان بالسودان في أغسطس الماضي (د.ب.أ)

مقتل 10 جنود سودانيين في هجوم بالمسيّرات على قاعدة عسكرية

لقي 10 جنود من الجيش السوداني في هجوم بطائرات مسيّرة شنته قوات «الدعم السريع» على قاعدة عسكرية بمدينة شندي (شمال) في توسع بنطاق استخدام المسيّرات الانتحارية

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم بابا الفاتيكان في رسالته بمناسبة عيد الميلاد بعنوان «لمدينة روما والعالم» (أ.ب)

البابا فرنسيس في رسالة الميلاد: «لتصمت الأسلحة»

جدد البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، اليوم الأربعاء، دعوته إلى وقف إطلاق النار في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
شمال افريقيا امرأة نازحة سودانية تستريح داخل ملجأ في مخيم زمزم شمال دارفور 1 أغسطس 2024 (رويترز) play-circle 01:57

مرصد عالمي يؤكد تفشي المجاعة في مناطق جديدة بالسودان

قال مرصد عالمي للجوع، الثلاثاء، إن نطاق المجاعة في السودان اتسع إلى خمس مناطق جديدة، ومن المرجح أن يمتد إلى خمس مناطق أخرى، بحلول مايو (أيار) المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن) محمد أمين ياسين (نيروبي)

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
TT

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

يوشك عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات الليبية في نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، أن يودّع حياة السجن بمفهومه العام، لينتقل إلى مقر آخر أكثر خصوصية خارج أسواره، لكنه يظل تحت رقابة سجانيه.

واطمأن وفد من قبيلة المقارحة، التي ينتمي إليها السنوسي، على صحته خلال أول لقاء جمعهم به مساء الأربعاء منذ اعتقاله، ووضعه في سجن معيتيقة بطرابلس، لكنهم طالبوا بسرعة إطلاق سراحه.

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

والسنوسي (73 عاماً) واحد من أقوى رجال النظام السابق، وقد حكم عليه بالإعدام عام 2015 لاتهامه بقمع «ثورة 17 فبراير (شباط)» 2011. وفي نهاية عام 2019 برأته محكمة في العاصمة طرابلس مع آخرين من حكم مماثل في قضية «سجن أبو سليم»، غير أن المحكمة العليا نقضت الحكم قبل نحو عام، وأعادت المحاكمة بإسنادها لدائرة جنايات جديدة.

مطالب بسرعة الإفراج عن السنوسي

يقبع السنوسي في سجن معيتيقة تحت إشراف «قوة الردع»، برئاسة عبد الرؤوف كاره، التي منعته من المثول أمام القضاء 13 مرة متتالية، لكنها سمحت بمثوله مطلع العام الجاري أمام محكمة استئناف طرابلس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، بعد سلسلة طويلة من تأجيل القضية.

وقال الشيخ هارون أرحومة، أحد أعيان قبيلة المقارحة، لـ«الشرق الأوسط»، اليوم (الخميس)، إن وفداً من القبيلة اطمأن على السنوسي، الذي يعاني من مرضي القلب وسرطان الكبد، مشيراً إلى أنه «تمت الموافقة على نقله من السجن إلى فيلا بسوق الجمعة بطرابلس، ونطالب بالإفراج عنه لأنه لم يرتكب جرماً».

المنفي مستقبلا وفد من قبيلة المقارحة (المجلس الرئاسي الليبي)

وأوضح الشيخ هارون أن الوفد الذي ضمّ 22 شخصاً من مشايخ ووجهاء المقارحة، التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الأربعاء، وجددوا مطلبهم بـ«ضرورة الإسراع بالإفراج عن ولدنا عبد الله». وقال بهذا الخصوص: «هذا رابع اجتماع بالمنفي، وقد سبق أن رفعنا إليه جميع التقارير الطبية، التي تؤكد اعتلال صحة السنوسي». مبرزاً أن الوفد الذي التقى أيضاً مشايخ من سوق الجمعة «حصل على وعد من المنفي بإطلاق سراح السنوسي. ونتمنى تحقق ذلك في القريب العاجل»، وأضاف موضحاً: «لقد سمحوا بنقله إلى (حوش) فيلا في سوق الجمعة رهن الإقامة الجبرية، كي تتمكن ابنته سارة وأولادها وباقي الأسرة من الدرجة الأولى، بالإضافة إلى الأطباء، من زيارته».

وخلال مثوله أول مرة أمام محكمة استئناف طرابلس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، وجهت له أكثر من 25 تهمة، من بينها قتل المتظاهرين خلال «ثورة 17 فبراير» عام 2011، بحسب محاميه أحمد نشاد، لكنه «نفاها جميعاً».

وأوضح المجلس الاجتماعي بـ«سوق الجمعة والنواحي الأربعة» أنه عقب الانتهاء من لقائه بوفد قبيلة المقارحة، تم التنسيق مع «جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة»، ونظمت زيارة للسنوسي بالتنسيق مع المجلس الرئاسي.

وكان المنفي قد التقى وفداً من أعيان وحكماء قبيلة المقارحة بمقر المجلس في العاصمة طرابلس، وأوضح المجلس أن الوفد أكد «الدور الكبير»، الذي يضطلع به المنفي تجاه ملف المصالحة، وأهميته للاستقرار على المستويات كافة، كما تطرق اللقاء للخطوات العملية المتخذة من قبل المجلس الرئاسي حول ملف السجناء السياسيين.

استهداف السنوسي

العقيد السنوسي هو زوج شقيقة صفية فركاش، الزوجة الثانية للقذافي، وكان ضمن الدائرة المقربة جداً منه طوال فترة حكمه، التي جاوزت 42 عاماً. ويدافع أنصار السنوسي عنه في مواجهة أي اتهامات توجه إليه، مشيرين إلى أنه «مستهدف لكونه شخصية مؤثرة في ليبيا سابقاً وراهناً».

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

وعلى مدار العام الماضي، أرجأت محكمة استئناف طرابلس محاكمة السنوسي ومنصور ضو، رئيس الحرس الخاص للقذافي، 13 مرة، إلى موعد آخر بسبب رفض ميليشيا «قوة الردع الخاصة»، التي تحتجز السنوسي في سجن معيتيقة بالعاصمة، مثوله أمام المحكمة.

وكانت وزيرة العدل بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، حليمة عبد الرحمن، قد أمرت في نهاية عام 2022 بالإفراج الصحي عن منصور ضو، لكن لم يُسمح له بمغادرة سجنه.

وضو، المودع بسجن مصراتة العسكري غرب ليبيا، كان آمراً لحرس القذافي برتبة عميد، وظل إلى جواره حتى اعتقل معه في 20 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، لكنه نجا من القتل، ومنذ ذلك التاريخ وهو ينتظر تنفيذ حكم الإعدام بتهمة التنكيل بمتظاهري «ثورة 17 فبراير».

سيف الإسلام القذافي (أ.ب)

وكان الفريق الممثل لسيف الإسلام، نجل القذافي، انسحب من اجتماع «المصالحة الوطنية»، وأرجع ذلك لأسباب عدة، من بينها عدم الإفراج عن بعض رموز النظام السابق الذين لا يزالون بالسجن.