هل ينجح مؤتمر حكومة حماد لإعادة إعمار درنة؟

وسط تجاهل «الوحدة» وعدم اعتراف المجتمع الدولي بحكومة «الاستقرار»

أسامة حماد خلال أحد الاجتماعات (موقع حكومة «الاستقرار» على «فيسبوك»)
أسامة حماد خلال أحد الاجتماعات (موقع حكومة «الاستقرار» على «فيسبوك»)
TT

هل ينجح مؤتمر حكومة حماد لإعادة إعمار درنة؟

أسامة حماد خلال أحد الاجتماعات (موقع حكومة «الاستقرار» على «فيسبوك»)
أسامة حماد خلال أحد الاجتماعات (موقع حكومة «الاستقرار» على «فيسبوك»)

بينما تواصل الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، برئاسة أسامة حماد، تأكيداتها بتنظيم مؤتمر الشهر المقبل، لإعادة إعمار مدينة درنة، التي تعرضت قبل 3 أسابيع لفيضانات مدمرة، أدت لمقتل الآلاف من أبنائها، تطرح شريحة واسعة من الليبيين في المقابل، عدة تساؤلات حول فرص نجاح هذا المؤتمر، خصوصاً في ظل عدم اعتراف المجتمع الدولي بـ«حكومة حماد»، ووسط تجاهل حكومة الوحدة «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

ووصف عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، قيام «حكومة حماد» بالدعوة لهذا المؤتمر، فيما تتواصل عمليات انتشال الجثث من البحر وتحت ركام الأنقاض في درنة بـ«الوهم». وتوقع «عدم حصول حكومة حماد على أي أموال، ولا أي اعتراف ضمني تسعى له من خلال حضور ممثلي شركات دولية للمدينة». وتساءل التكبالي: «هي حكومة تدير المنطقة الشرقية بتكليف من البرلمان، الذي لا يعترف سواه بها، فمن سيقدم لها المال والدعم؟»، مضيفاً أن «المجتمع الدولي يعترف فقط بالحكومة المنافسة لها، وهي حكومة الوحدة الموجودة بالعاصمة طرابلس، وحكومة حماد لا تسعى للتنسيق مع الأخيرة».

وقلل التكبالي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من «تعويل أعضاء في حكومة حماد على مساهمة شركات روسية أو صينية بالمؤتمر في عملية الإعمار»، مشيراً إلى أنه في ظل ما يدركه الجميع بخصوص طبيعة عمل الشركات الكبرى في الصين وروسيا، وكيف أنها لا تتحرك من دون تنسيق مع حكوماتها، فقد تضع هذه الخطوة حكومة حماد، وكل قوى الشرق الليبي في «مأزق مع الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الغربيين». ولفت في هذا السياق إلى اختلاف حديث حكومة حماد عن هذا المؤتمر خلال اجتماعها الأخير، الثلاثاء الماضي، «حيث تم التأكيد على أن عقد مؤتمر إعمار مدينة درنة في 10 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، سيفتح الباب أمام الشركات العالمية لتقديم أفضل التصاميم الملائمة لطبيعة تضاريس المدينة، وتناست الإشارة إلى دعوتها السابقة للمجتمع الدولي للمشاركة به».

إعمار درنة قد يستغرق عدة سنوات ويتطلب ميزانيات ضخمة (رويترز)

وحذر التكبالي من أن «استمرار مناخ المزايدة السياسية، والتنافس بين الحكومتين المتنازعتين على السلطة حول غنيمة إعادة الإعمار لن يؤدي إلا لتشكيل إعصار سياسي يجرفهما معاً، خصوصاً أن فصل الشتاء على الأبواب، وارتفاع احتمال سقوط أمطار غزيرة في المناطق التي تضررت من إعصار (دانيال)، وبالتبعية ارتفاع غضب وضجر أهاليها والليبيين عموماً من الأوضاع الراهنة».

وحتى الآن لم يصدر أي تعليق من قبل حكومة الدبيبة حول إقامة المؤتمر، كما لم يعلن المصرف المركزي الليبي إذا ما كان سيقوم بصرف الأموال التي خصصها البرلمان في جلسته، التي عقدها منتصف الشهر الحالي، وقيمتها 10 مليارات دينار (مليارا دولار) لمشروعات إعادة الإعمار في درنة، أم لا.

في المقابل، رهن رئيس مجموعة العمل الوطني الليبي، خالد الترجمان، نجاح مؤتمر إعادة إعمار درنة «بقيام حكومة حماد بتكليف أهل الاختصاص بإدارته بشكل كامل، والقبول بانحصار دورها في الرعاية وتمويل نفقاته»، وقال إن «وزارتي الخارجية والتخطيط، وبتنسيق مع نقابة المهن الهندسية وعدد من الخبراء والأكاديميين المشهود بكفاءتهم، يجب أن يكونوا الأطراف الرئيسية التي تختص بالدعوة لهذا المؤتمر، وتحديد جدول أعماله».

جانب من عمليات إزالة الركام والأنقاض في مدينة سوسة المدمرة (أ.ف.ب)

وانتقد الترجمان ما يردده البعض حول أن عدم الاعتراف الدولي سيكون عائقاً أمام حضور الشركات العالمية الكبرى لهذا المؤتمر، مشدداً على أنه في ظل «ضخامة الفاجعة، وفقدان آلاف الضحايا، فإنه يتوجب الالتفاف والعمل فقط لمساعدة المدينة المنكوبة وأهلها، وعدم التوقف للتساؤل والتفكير بخصوص ما إذا كانت هذه المساعدة قد تسبب مشكلة لشركة أو دولة ما مع حكومة الدبيبة».

وأوضح الترجمان لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا وقت المساندة فقط، وليس وقت الحديث عن شرعية الحكومات، والشعب الليبي وحده هو من سيتذكر من وقف بجواره ومن خذله»، لافتاً إلى أن «هناك دولاً أسهمت في جهود الإغاثة بالكارثة أعربت مقدماً عن استعداد شركاتها لإعادة الإعمار».

وتوسط المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، الآراء السابقة، موضحاً أنه من «المبكر إصدار الحكم على فرص نجاح المؤتمر، التي لن تتضح قبل عقده ومعرفة حجم الحضور بفاعليته».

إلا أن المهدوي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «فرص نجاح المؤتمر قد تزداد عبر تلبية الدعوة والمشاركة إذا ما تحول لمؤتمر تشرف عليه لجنة من الأكاديميين والخبراء، وتنحية الدور الحكومي بشكل كبير»، لافتاً إلى أن «أهداف المؤتمر قد لا تنحصر في تقديم الشركات طروحات وتصاميم لإعادة الإعمار، بما يلائم بيئة وتضاريس درنة، وربما قد يمتد الأمر لدعوة الدول الكبرى لتقديم المساعدة لصندوق إعمار درنة ومناطق شرق البلاد».


مقالات ذات صلة

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد صورة من الأرصاد الجوية تظهر تقدم الإعصار نحو شمال غربي واشنطن (رويترز)

«إعصار القنبلة» يتسبب في انقطاع الكهرباء عن شمال غربي أميركا

اجتاحت عاصفة قوية شمال غربي الولايات المتحدة، الثلاثاء، محملة برياح عاتية وأمطار غزيرة، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وسقوط الأشجار.

«الشرق الأوسط» (سياتل)
آسيا صورة بالأقمار الاصطناعية لإعصار «كونغ - ري» وهو يتطور فوق المحيط الهادي مع اقترابه من تايوان (أ.ف.ب)

وفاة شخص وإصابة 73 بسبب إعصار «كونغ - ري» في تايوان

تسبَّبت الرياح القوية والأمطار الغزيرة الناجمة عن إعصار «كونغ - ري» في وفاة شخص وإصابة 73 شخصاً بأنحاء مختلفة من تايوان، بينما فُقد سائحان من جمهورية التشيك.

«الشرق الأوسط» (تايبه)
بيئة تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا أشخاص يعبرون نهراً بجوار جسر بعد أن فاض النهر بسبب الأمطار الغزيرة الناجمة عن العاصفة الاستوائية «ترامي» في لوريل بمقاطعة باتانغاس جنوب مانيلا 25 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

عاصفة تضرب شمال الفلبين وتخلّف 65 قتيلاً

ابتعدت العاصفة الاستوائية «ترامي» عن شمال غرب الفلبين، الجمعة، مسفرة عن مقتل 65 شخصاً على الأقل في انهيارات أرضية وفيضانات واسعة النطاق.

«الشرق الأوسط» (مانيلا)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض»، الذي وافق عليه مجلس الوزراء أخيراً، وسوف يحيله لمجلس النواب (البرلمان) للموافقة عليه.

وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، أن مشروع القانون يهدف إلى «تحسين بيئة العمل الخاصة بالأطباء والفريق الصحي، ويرتكز على ضمان توفير حق المواطن في تلقي الخدمات الطبية المختلفة بالمنشآت الصحية، وتوحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يضمن عملهم في بيئة عمل جاذبة ومستقرة»، وفق إفادة وزارة «الصحة» المصرية، الجمعة.

وأشار الوزير المصري إلى تضمن القانون «توحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يكفل الوضوح في هذا الشأن ويراعي صعوبات العمل في المجال الطبي»، مع الحرص على «منع الاعتداء على مقدمي الخدمة الصحية، وتقرير العقوبات اللازمة في حال التعدي اللفظي أو الجسدي أو إهانة مقدمي الخدمات الطبية، أو إتلاف المنشآت، وتشديد العقوبة حال استعمال أي أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى».

جانب من العمل داخل أحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وحسب عضوة «لجنة الصحة» بمجلس النواب، النائبة إيرين سعيد، فإن «هذه الخطوة تأخرت كثيراً»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن مشروع القانون كان يفترض جاهزيته منذ عامين في ظل مناقشات مستفيضة جرت بشأنه، لافتة إلى أن القانون سيكون على رأس أولويات «لجنة الصحة» فور وصوله البرلمان من الحكومة تمهيداً للانتهاء منه خلال دور الانعقاد الحالي.

لكن وكيل نقابة الأطباء المصرية، جمال عميرة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع القانون «لا يوفر الحماية المطلوبة للأطباء في مقابل مضاعفة العقوبات عليهم حال الاشتباه بارتكابهم أخطاء»، مشيراً إلى أن المطلوب قانون يوفر «بيئة عمل غير ضاغطة على الطواقم الطبية».

وأضاف أن الطبيب حال تعرض المريض لأي مضاعفات عند وصوله إلى المستشفى تتسبب في وفاته، يحول الطبيب إلى قسم الشرطة ويواجه اتهامات بـ«ارتكاب جنحة وتقصير بعمله»، على الرغم من احتمالية عدم ارتكابه أي خطأ طبي، لافتاً إلى أن النقابة تنتظر النسخة الأخيرة من مشروع القانون لإصدار ملاحظات متكاملة بشأنه.

وشهدت مصر في الشهور الماضية تعرض عدد من الأطباء لاعتداءات خلال عملهم بالمستشفيات من أقارب المرضى، من بينها واقعة تعدي الفنان محمد فؤاد على طبيب مستشفى «جامعة عين شمس»، خلال مرافقته شقيقه الذي أصيب بأزمة قلبية الصيف الماضي، والاعتداء على طبيب بمستشفى «الشيخ زايد» في القاهرة من أقارب مريض نهاية الشهر الماضي، وهي الوقائع التي يجري التحقيق فيها قضائياً.

وقائع الاعتداء على الطواقم الطبية بالمستشفيات المصرية تكررت خلال الفترة الأخيرة (وزارة الصحة المصرية)

وينص مشروع القانون الجديد، وفق مقترح الحكومة، على تشكيل «لجنة عليا» تتبع رئيس مجلس الوزراء، وتعد «جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، والمعنية بالنظر في الشكاوى، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية»، حسب بيان «الصحة».

وتعوّل إيرين سعيد على «اللجنة العليا الجديدة» باعتبارها ستكون أداة الفصل بين مقدم الخدمة سواء كان طبيباً أو صيدلياً أو من التمريض، ومتلقي الخدمة المتمثل في المواطن، لافتةً إلى أن تشكيل اللجنة من أطباء وقانونيين «سيُنهي غياب التعامل مع الوقائع وفق القوانين الحالية، ومحاسبة الأطباء وفق قانون (العقوبات)».

وأضافت أن مشروع القانون الجديد سيجعل هناك تعريفاً للمريض بطبيعة الإجراءات الطبية التي ستُتخذ معه وتداعياتها المحتملة عليه، مع منحه حرية القبول أو الرفض للإجراءات التي سيبلغه بها الأطباء، وهو «أمر لم يكن موجوداً من قبل بشكل إلزامي في المستشفيات المختلفة».

وهنا يشير وكيل نقابة الأطباء إلى ضرورة وجود ممثلين لمختلف التخصصات الطبية في «اللجنة العليا» وليس فقط الأطباء الشرعيين، مؤكداً تفهم أعضاء لجنة «الصحة» بالبرلمان لما تريده النقابة، وتوافقهم حول التفاصيل التي تستهدف حلاً جذرياً للمشكلات القائمة في الوقت الحالي.