«الوحدة» تتجاهل تأكيدات «الاستقرار» عقد مؤتمر دولي لإعمار درنة

رغم الدعوات المحلية والدولية بضرورة تنسيق العمل بينهما لمساعدة المتضررين

الدبيبة خلال اجتماع مع أعضاء حكومته بطرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال اجتماع مع أعضاء حكومته بطرابلس (حكومة الوحدة)
TT

«الوحدة» تتجاهل تأكيدات «الاستقرار» عقد مؤتمر دولي لإعمار درنة

الدبيبة خلال اجتماع مع أعضاء حكومته بطرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال اجتماع مع أعضاء حكومته بطرابلس (حكومة الوحدة)

رغم الدعوات المحلية والدولية إلى تنسيق الجهود بينهما، فإن حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تجاهلت تأكيد حكومة الاستقرار «الموازية»، برئاسة أسامة حماد، عزمها عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار درنة والمدن المتضررة من الإعصار، الشهر المقبل.

وعدّت حكومة حماد أن المؤتمر «سيفتح الباب أمام الشركات العالمية لتقديم أفضل التصاميم الملائمة لطبيعة وتضاريس المدينة»، علماً بأنها وافقت على إنشاء صندوق للإعمار، وهددت بسحب مشاريع الإسكان العام، ومنح مهلة أسبوعين للبدء في استكمالها، على أنه في حالة عدم استكمالها يتم التعاقد مع شركات أخرى لاستكمالها على الفور.

كما أعلن حماد تشكيل لجنة لحصر الأضرار والتعويضات في مدينة درنة وضواحيها، وقرر تخصيص 49 مليون دينار ليبي للبلديات المتضررة لمواجهة النفقات العاجلة والضرورية لمعالجة الأضرار.

بينما قال خالد مسعود، وزير العدل بحكومة الاستقرار، إنها تعمل من مدينة درنة والمناطق المتضررة منذ اللحظات الأولى لكارثة السيول، وإنها تمضي قدماً في إعادة الإعمار، وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين هناك، مشدداً على أن «الوضع الحالي لهذه المدن (لا يحتمل أي تأخير)»، ومؤكداً أن حكومته كثفت اتصالاتها الدولية على أوسع نطاق منذ اللحظات الأولى للكارثة لحشد الدعم، وتوفير فرق الطوارئ والإنقاذ للمناطق المنكوبة، وتقليص الأضرار إلى الحد الأدنى، إضافة لحشدها جميع الجهود الدولية والمحلية لإعادة الإعمار.

وحدات عسكرية بالقرب من الحدود الليبية التشادية (الجيش الوطني)

في المقابل، لم يصدر أي تعليق رسمي من حكومة الوحدة «المؤقتة»، أو رئيسها الدبيبة، على هذه التصريحات، لكن الدبيبة أكد خلال اجتماع لمتابعة الإجراءات المتخَذة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، والجهات التابعة لها في دعم النازحين، «على ضرورة تكاتف الجهود من أجل تقديم الخدمات بشكل منظَّم وسريع، سواء بدل الإيجار أو الاحتياجات الأساسية المختلفة»، مشيراً إلى اطلاعه على ملخص لأعمال الحصر للنازحين داخل البلديات المنكوبة، أو النازحين لبلديات أخرى، التي تُعد الأساس لتقديم أي خدمات في جميع المجالات.

بدوره، قال عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، إن المبروك غيث، وزير الشؤون الاجتماعية بحكومة الاستقرار، أطلعه، خلال لقائهما، مساء أمس (الأربعاء)، على مجهودات الحكومة ولجانها المختصة في دعم المتضررين، والخطط المقترحة لحل مشكلات توفير السكن لهم، كما اطلع على عمل فريقها لإعداد قاعدة بيانات كاملة تشمل جميع المتضررين، وأوضاعهم المعيشية والصحية، وعدد أفراد الأسر والمتضررين من كارثة الفيضانات والسيول.

جانب من زيارة حفتر إلى روسيا (مكتب حفتر)

من جهة أخرى، قال المُشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، إنه زار، برفقة يونس بك يفكيروف، نائب وزير الدفاع الروسي، مساء الأربعاء، مسجد «موسكو الجامع» بالعاصمة الروسية، بناءً على دعوة من رئيس مجلس الإفتاء الروسي الذي قدم له التعازي في ضحايا الفيضانات والسيول التي حلَّت بمدن ومناطق الجبل الأخضر.

في سياق قريب، أعلنت شعبة الإعلام بالجيش تكريم غرفة درنة الأمنية لفريق الإنقاذ الإيطالي على جهوده المبذولة في إنقاذ العالقين، وانتشال الجثامين من البيوت والمباني المدمَّرة داخل مناطق وأحياء مدينة درنة. كما أعلن اللواء 128 المعزز، التابع للجيش الوطني، بدء دورية عسكرية أمنية في عمق الصحراء الليبية، بقيادة آمره العميد حسن معتوق الزادمة باتجاه قاعدة الويغ العسكرية الجوية الواقعة على تخوم الحدود الليببة - التشادية، للوقوف على سير عمل وحدات اللواء المكلفة تأمين القاعدة، ومتابعة عمل الوحدات المرابطة على النقاط والمعابر الحيوية الثابتة والمتحركة على كامل الشريط الحدودي.

في غضون ذلك، أكد الصديق الصور، النائب العام الليبي، خلال اجتماعه مع مسؤولين بمجلس الدولة، على سير تحقيقات هندسة الأدلة بوتيرة مكثفة، ترتكز على تقارير هندسية ساعدت سلطة التحقيق في فهم أسباب فشل سدَّي وادي درنة في غرضهما، وتحليل شكل انهيارهما. ولفت إلى تحريك النيابة العامة دعوى عمومية في مواجهة المسؤولين عن الإخفاق في إدارة السدود، كما أكد انتظام تدابير إثبات حوادث الوفاة، وتحري حال المفقودين، وتعيين الخسائر الاقتصادية الناجمة عن حادثة الفيضان.

وكان الصور، الذي التقى بعض أعضاء لجنة تحقيق كارثة درنة، قد وجه، بعد اطلاعه على إجراءات البحث الأولى وتقييم نتائجها، بأن «تكون إجراءات التحقيق ناجزة، ومتآلفة مع طبيعته»، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

شمال افريقيا زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

يعتقد ليبيون بأن «نفوذاً روسياً يتمدد في جنوب البلاد ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند الأخيرة إلى سبها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

المزرعة الليبية في غينيا تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً ومخصصة لإنتاج المانجو والأناناس وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

توقفت الاشتباكات التي جرت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، في جزيرة الركينة، بالقرب من مصفاة الزاوية الليبية مخلفة 3 قتلى و5 جرحى.

خالد محمود (القاهرة)
يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

قالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
TT

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

ألقى «النفوذ الروسي» في ليبيا بظلاله على تقديرات محللين ليبيين بشأن أبعاد زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى البلاد، ريتشارد نورلاند، غير المسبوقة إلى الجنوب الليبي.

ولم تُكشف تفاصيل كافية عن نتائج مباحثات نورلاند مع رئيس أركان القوات البرية التابعة للقيادة العامة، الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، في مدينة سبها الجنوبية، في وقت سابق هذا الأسبوع. لكنّ متابعين تحدثوا عن «رمزية» زيارة نورلاند إلى سبها، خصوصاً أنها «الأولى لمسؤول أميركي للمدينة الجنوبية، في ظل أوضاع أمنية مستقرة بعد موجات انفلات أمني سابقة»، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، يوسف الفارسي.

المبعوث الأميركي إلى ليبيا والقائم بالأعمال خلال زيارة لسبها (السفارة الأميركية على إكس)

ويبدو أنه لم تغب «ظلال الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا، ومحاولات احتواء النفوذ الروسي عن زيارة المبعوث الأميركي إلى الجنوب الليبي»، في رأي عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة «جون هوبكنز»، حافظ الغويل، الذي يرى أن «امتداد نفوذ روسيا في الجنوب الليبي ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند»، علماً بأن تسريبات ظهرت منذ مارس (آذار) الماضي تتحدث عن أكثر من جسر جوي تقوده طائرات شحن عسكرية روسية نحو قاعدة براك الشاطئ، الواقعة جنوب البلاد.

من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)

ومنذ أقل من عامين أطلقت إدارة بايدن ما يعرف بـ«استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار - الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا»، وتهدف هذه الخطة من بين بنودها إلى «دمج الجنوب الليبي المهمش تاريخياً في الهياكل الوطنية، مما يؤدي إلى توحيد أوسع، وتأمين الحدود الجنوبية».

ومع أن نورلاند اكتفى عقب لقاء صدام حفتر بحديث عام عن الدور الحيوي الذي يلعبه جنوب ليبيا في استقرار المنطقة، وحماية سيادة ليبيا، والتغلب على الانقسامات، فإن زيارته حسب الدكتور أحمد الأطرش، أستاذ العلوم السياسية بـ«جامعة طرابلس»: «قد لا تخرج عن سياقات صراع نفوذ مع موسكو، واستكشاف التمدد الروسي في المنطقة».

وكان اللافت أيضاً حديث المبعوث الأميركي عن دعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات الأمنية، عبر «الانخراط مع القادة العسكريين الليبيين من جميع أنحاء البلاد»، وهو ما رآه الأطرش في تصريح إلى «الشرق الأوسط» غطاء لحقيقة هذه الزيارة، التي تستهدف موسكو بالأساس، مقللاً من رؤى تستند إلى لقاء سابق جمع بين وزير الداخلية المكلف في غرب البلاد، عماد الطرابلسي وصدام، وهو تصرف أحادي.

من زيارة سابقة لنائب وزير الدفاع الروسي رفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية إلى بنغازي (الشرق الأوسط)

في المقابل، ذهب فريق من المحللين إلى الحديث عن مخاوف أميركية شديدة من توسيع ما سموه بالأنشطة الصينية في ليبيا، إذ إن الجنوب الليبي، وفق المحلل السياسي عز الدين عقيل «يمكن أن يكون محطة مهمة بقطع طريق الحرير الصيني، واستخدامه أيضاً بوصفه قاعدة لإزعاج ومواجهة الصينيين بأفريقيا».

ويستند عقيل إلى ما ذُكر بشأن الصين في إحاطة «الدبلوماسية الأميركية جنيفر غافيتو، حيث كان من المقرر تعيينها سفيرة لواشنطن في طرابلس قبل أن تعتذر في صيف هذا العام».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، نبهت غافيتو في بيان أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى «النجاحات العميقة» لشركات مرتبطة بالصين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ليبيا.

وسبق أن حصلت الصين على حقوق تعدين الذهب الليبي في الجزء الجنوبي من البلاد «بشروط مغرية للغاية» في عهد رئيس الحكومة الليبية السابق، فتحي باشاغا، وفق المستشار في مؤسسة «أنفرا غلوبال بارتنرز»، جوناثان باس، الذي لفت إلى دعم بكين القائد العام لقوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر.

يُشار إلى أن منطقة الساحل شهدت خلال العامين الأخيرين الإطاحة ببعض الأنظمة الراسخة الموالية لفرنسا، تزامناً مع انخراط روسيا في المنطقة، بوصفها حليفة للأنظمة الجديدة.

اللافت أنه غداة زيارة نورلاند إلى سبها، كان السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين خلف عجلة قيادة الشاحنة الروسية «أورال»، محتفياً، في لقطة لا تخلو من الدلالات، بدخولها السوق الليبية، بعد وصولها بالفعل إلى البلاد ضمن المئات منها إلى جانب الشاحنة «أورال».