حفتر يبحث مع قيادة «الدفاع» الروسية الوضع في ليبيا

المباحثات شملت مستقبل «فاغنر»... وسعي موسكو للتمدد في الأراضي الليبية

المشير حفتر رفقة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف خلال وصوله إلى موسكو أمس (أ.ف.ب)
المشير حفتر رفقة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف خلال وصوله إلى موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

حفتر يبحث مع قيادة «الدفاع» الروسية الوضع في ليبيا

المشير حفتر رفقة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف خلال وصوله إلى موسكو أمس (أ.ف.ب)
المشير حفتر رفقة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف خلال وصوله إلى موسكو أمس (أ.ف.ب)

أجرى قائد «الجيش الوطني» الليبي، المشير خليفة حفتر، محادثات في العاصمة الروسية مع مسؤولين في وزارة الدفاع الروسية، ركزت وفقا لمعطيات نشرتها «القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية» على تطورات الأوضاع في ليبيا والعلاقات الثنائية.

وكان لافتاً أن موسكو تكتمت على المستوى الرسمي على مجريات الزيارة التي بدأت أمس الثلاثاء، وتجنبت وزارة الدفاع نشر تفاصيل عن المحادثات. فيما نقلت وسائل إعلام حكومية روسية عن مصادر ليبية خبر وصول حفتر إلى موسكو، وكان في استقباله نائب وزير الدفاع يونس بك يفكوروف. ووصفت الزيارة بأنها «رسمية». مشيرة إلى أنه تم عزف النشيدين الوطنيين لروسيا الاتحادية وليبيا خلال مراسم الاستقبال. وحملت تلك المعطيات مؤشرات على الاهتمام الروسي بالزيارة، على الرغم من قلة المعلومات التي تسربت حولها.

ويحمل توقيت الزيارة دلالات، خصوصا وأنها تأتي مباشرة بعد زيارة قام بها قبل أيام إلى بنغازي الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، بحضور السفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند، والقائم بالأعمال الأميركي جيرمي برنت، وركزت على ملفي الوجود العسكري الروسي عبر مجموعة «فاغنر». بالإضافة إلى ملف النفط. ولم تستبعد مصادر أن يكون حفتر نقل إلى الجانب الروسي أجواء لقائه مع الوفد الأميركي، خصوصا مع تردد معطيات عن أن واشنطن طلبت من حفتر العمل على تقليص الوجود العسكري الروسي من خلال مجموعة «فاغنر».

ويعد هذا الملف رئيسياً على طاولة المحادثات الروسية - الليبية، خصوصاً في إطار سعي وزارة الدفاع أخيراً إلى ترتيب الوضع حول نشاط «فاغنر» في أفريقيا عموماً، بعد مقتل زعيمها يفغيني بريغوجين.

وكان يفكوروف، الذي تم تكليفه بمهمة إعادة ترتيب العلاقة مع مقاتلي «فاغنر» المنتشرين في عدة بلدان أفريقية، بينها ليبيا، قد قام بجولة أفريقية مهمة الشهر الماضي، حملته إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر وليبيا. ونقلت وسائل إعلام روسية أن الجنرال الروسي سعى إلى إقناع مجموعات «فاغنر» المنتشرة في هذه البلدان بإعلان الولاء لوزارة الدفاع، كما أنه قدم تطمينات في البلدان التي زارها بأن نشاط المجموعة في المهام الأمنية والعسكرية الموكلة إليها «سوف يتواصل، ولكنه سيكون تحت إشراف مباشر من الوزارة».

المشير خليفة حفتر يؤدي التحية العسكرية لدى وصوله إلى المطار العسكري بموسكو أمس (أ.ف.ب)

ووفقاً لمعطيات مصادر مقربة من «فاغنر»، فقد تعرضت الوحدات التي رفضت الانصياع لهذه الطلبات في ليبيا وبلدان أخرى إلى هجمات وتفجيرات استهدفت مقراتها. وقالت صحيفة «إر بي كا» الروسية المستقلة إن زيارة حفتر تشمل مواصلة النقاشات، التي بدأها مع يفكوروف خلال زيارة الأخير إلى بنغازي. وقالت إنه «بالنظر إلى الوضع الصعب في عدد البلدان الأفريقية، أصبح حفتر حالياً شريكاً أكثر أهمية من السابق بالنسبة إلى روسيا».

وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ عام 2018 شاركت مجموعة «فاغنر» في الصراع الليبي بشكل مباشر إلى جانب حفتر. ومن بين أمور أخرى، كان مقاتلو المجموعة يشاركون في حماية حقول النفط، ووفقاً لمعطيات فقد انتشر في ذلك الوقت نحو ألفي مقاتل من مجموعة «فاغنر» في ليبيا.

وفي المحور الثاني لزيارة حفتر، برزت معطيات عن محادثات أجرتها وزارة الدفاع عبر يفكوروف مع الجنرال الليبي لتوسيع الوجود العسكري الروسي المباشر في ليبيا.

وكانت صحيفة «كوميرسانت» الرصينة قد أفادت في تقرير لها بأن روسيا «تحاول ترتيب حضور ثابت لسفنها الحربية على الموانئ الليبية، وسط التنافس مع الولايات المتحدة على النفوذ في البحر الأبيض المتوسط».

ونقلت الصحيفة عن مصادر غربية أنه لمناقشة الحقوق طويلة المدى في الرصيف البحري في شرق ليبيا، فقد التقى كبار المسؤولين، بمن فيهم نائب وزير الدفاع يونس بك يفكوروف في الأسابيع الأخيرة مع المشير حفتر، الذي يسيطر على الجزء الشرقي من البلاد.

ووفقاً لمعطيات قدمها مسؤولون ليبيون، فقد طلب الجانب الروسي الإذن بالوصول إلى موانئ بنغازي، أو طبرق للتزود بالوقود، وإصلاح السفن البحرية وتجديد الإمدادات. فيما تشير مصادر «كوميرسانت» إلى أن هذين الميناءين لديهما بالفعل بنية تحتية قادرة على تلبية المتطلبات الروسية. ومع ذلك، يبدو أنه «ليس من الواضح بعد ما إذا كانت روسيا تريد تطوير هذه الموانئ، أو تمركز الموظفين هناك، أو تخزين الذخيرة أو تخزين البضائع الأخرى».

وبحسب معطيات محلية فإن روسيا، التي تراقب التحركات الأميركية في ليبيا وحولها، تسعى إلى تسريع خطواتها لتثبيت حضورها المباشر في ليبيا، في إطار تحرك واسع لتعزيز الحضور الروسي في القارة الأفريقية عموما.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لـ«تجاوز مرحلة التفاصيل» وإبرام الاتفاق

مدنيون داخل مبنى مهدم عقب غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
مدنيون داخل مبنى مهدم عقب غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لـ«تجاوز مرحلة التفاصيل» وإبرام الاتفاق

مدنيون داخل مبنى مهدم عقب غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
مدنيون داخل مبنى مهدم عقب غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

اتهامات متبادلة لطرفي الحرب في قطاع غزة بـ«وضع شروط جديدة» جعلت المفاوضات تراوح مكانها وسط مساعٍ لا تتوقف من الوسطاء لوقف الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، ودعوات فلسطينية بـ«أهمية تخلي» إسرائيل عن أي مطالب تؤخر إبرام الاتفاق.

المفاوضات المستمرة في نقاش تفاصيل الاتفاق «تنتظر رداً من إسرائيل عقب عودة وفدها قبل أيام من الدوحة للتشاور، لتجاوز تلك المرحلة والدخول في الترتيبات الفنية الأخيرة للتنفيذ والإعلان»، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدين أنه «لا مفر عن تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن شروطه المرتبطة بالحصول على قائمة الرهائن الأحياء كاملة أو إضافة أسماء جديدة لنظيرتها التي ستطلق بالمرحلة الأولى من (الصفقة) ليتم إنجازها».

وتضع التقديرات احتمال تعمد نتنياهو وضع هذه الشروط، لتأخير إعلان الاتفاق لوصول حليفه الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلطة في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، لعدم منح إدارة جو بايدن هذا المكسب.

ووفق نائب الأمين العام لـ«حركة الجهاد»، محمد الهندي، في تصريحات الخميس، فإنه «لا يمكن القول إن مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة فشلت حتى الآن»، مشيراً إلى أن «المحادثات كانت جدية وتم بحث كل تفاصيل مقترح الصفقة».

وما يؤخر الانتقال من مرحلة التفاصيل لمرحلة التنفيذ «طلب المفاوض الإسرائيلي أسماء الأسرى الإسرائيليين الأحياء، وهذا يستغرق وقتاً طويلاً»، حسب الهندي، الذي أشار إلى أن «المفاوض الإسرائيلي وضع أسماء جديدة لا ينطبق عليها شروط المرحلة الأولى من المقترح».

وبرأي الهندي فإن «المفاوضات جادة ودخلت في التفاصيل وأبدينا مرونة، ووافقت على وقف العدوان على 3 مراحل»، مضيفاً: «على الاحتلال التخلي عن أسماء الأسرى الجديدة التي طرحها وأن يكف نتنياهو في المماطلة في إبرام الصفقة لحسابات سياسية».

وتمتلك «(حماس) ورقة الجنود الأسرى إذا لم يلتزم الاحتلال بمراحل الاتفاق»، وفق القيادي الفلسطيني، معتقداً أن «هناك علاقة بين نجاح اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتوقيت تسلُّم ترمب للسلطة»؛ إذ يرى أن ترمب «جاد بإيقاف الحرب بغزة مع الحفاظ على المصالح الإسرائيلية».

وفي ظل غموض موقف نتنياهو، كشفت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، نقلاً عن مسؤول مطلع على المفاوضات، أن «المحادثات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مستمرة، لكن المفاوضين ينتظرون التحديث بعد مغادرة الفريق الإسرائيلي قطر للتشاور في وقت سابق»، لافتة إلى أنه «لا تزال هناك بعض الثغرات التي تحتاج إلى تسوية».

اندلع عمود دخان فوق خان يونس من رفح في جنوب قطاع غزة خلال القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

ونقل موقع «والا» الإسرائيلي، عن نتنياهو، قوله إنه «لا يمكن التوصل لصفقة دون الحصول على قائمة بأسماء الأسرى الأحياء».

وبتقدير مسؤولين إسرائيليين للموقع ذاته، فإنه «لا تزال هناك فجوات كبيرة رغم إحراز بعض التقدم في مفاوضات الدوحة»، مؤكدين أن «المفاوضات لم تنهَر، لكنها عالقة».

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور خالد سعيد، أن الإعلام الإسرائيلي يمهد لموقف نتنياهو المنتظر بشأن المفاوضات بعد عودة فريقه من الدوحة، وبدأ الحديث بكثافة عن التفاصيل بعدما كان مقتصراً على الإشارة لوجود تقدم أو فجوات فقط، لافتاً إلى أنه من الواضح أن «الشروط الجديدة متعمدة من نتنياهو لتأخير الاتفاق».

ويعتقد سعيد أن «الطرف الفلسطيني قدم مرونة كافية، ولن يقدم على أي تنازلات جديدة، وستبقى الكرة في ملعب نتنياهو مع استمرار الوسطاء في مساعي تذليل الفجوات».

فلسطينيون يتفقدون أضرار غارة إسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

وحسب المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، فإن المفاوضات في مرحلة تفاصيل «أكثر صعوبة» و«عض أصابع»، موضحاً أن الجانب الفلسطيني حتماً لن يسلّم نتنياهو قائمة الرهائن الأحياء المتبقين بعد المرحلة الأولى، لأسباب مرتبطة بأهمية وجود هدوء لمزيد من التقصي وجمع المعلومات، فضلاً عن أن تسليم القائمة سيتبعه نتنياهو بمطالب جديدة كعادته.

ويرجّح أن تستمر جهود الوسطاء لتذليل الفجوات، مستبعداً رداً حاسماً من نتنياهو إلا بعد انتهاء العيد اليهودي الحالي، وغالباً قد يحدث مطلع الشهر المقبل. ونقل موقع «تايمز أوف إسرائيل»، الجمعة، تقديرات مفادها أن «مسؤولين إسرائيليين وأميركيين يقولون إن احتمالات التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن قبل تنصيب ترمب ضئيلة»، وأشار الموقع إلى تقارير عربية تتحدث عن استمرار الخلافات.

ونقلت تلك التقارير عن مسؤول في «حماس»، الخميس، أن الحركة «قدمت قائمة جزئية بأسماء الرهائن الأحياء للمفاوضين، لكنها غير قادرة على التواصل مع كل المجموعات التي تحتجز الرهائن»، لافتاً إلى أنها «ستكون في وضع أفضل لتقديم معلومات عن الرهائن بمجرد بدء وقف إطلاق النار وتسهيل الاتصالات في غزة».

وبينما يتوقع سعيد أن الاتفاق قد يتأخر حسمه إلى تنصيب ترمب، وليس قبله في ظل «عراقيل نتنياهو»، يرجح الرقب أن نتنياهو لا يريد منح مكافأة لإدارة جو بايدن في نهاية ولايته بإبرام اتفاق، وسيؤجله لمنح ذلك المكسب لترمب، معتقداً أن «ما يحدث هو تأجيلات إعلامية فقط لتأخير موعد الحسم لوصول الرئيس الأميركي، ويتم الإعلان عنه عشية أو غداة التنصيب».