زيارة متوقعة للبرهان إلى الرياض لدفع التفاوض

غارات بالمسيرات وقصف مدفعي متبادل بين الجيش و«الدعم السريع» في الخرطوم

TT

زيارة متوقعة للبرهان إلى الرياض لدفع التفاوض

عبد الفتاح البرهان في الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ)
عبد الفتاح البرهان في الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ)

تجددت المعارك والاشتباكات، اليوم (الثلاثاء)، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، في عدة مناطق في العاصمة الخرطوم، في وقت يتوقع أن يزور فيه رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، المملكة العربية السعودية، خلال وقت قصير، بحسب تصريح له أثناء وجوده في العاصمة الأميركية نيويورك، قال فيه إنه «سيزور الرياض في مقبل الأيام».

ومنذ أشهر عدة، تقوم المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية بتيسير المحادثات بين طرفي الصراع في السودان، من خلال منبر جدة، للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والأعمال العدائية، طويل الأمد، يمهد لبدء محادثات سياسية لحل الأزمة. ووصف البرهان، في مقابلات أجريت معه عقب مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، منبر جدة بأنه «الأفضل» من بين المبادرات المطروحة إلى الآن لحل الأزمة في السودان، مبدياً استعداده للاستجابة لأي دعوة من الوساطة للانخراط في المفاوضات مع قوات «الدعم السريع».

وبحسب دوائر مقربة من مجلس السيادة السوداني، فإن زيارة الرياض كانت مقررة في وقت سابق، إلا أنها أرجئت إلى ما بعد مشاركة البرهان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. ووجدت التصريحات الإيجابية لرئيس مجلس السيادة، بشأن استعداده لوقف الحرب عبر المفاوضات، ترحيباً واسعاً من القوى المدنية والسياسية في الداخل، التي سارعت إلى حثّ طرفي الوساطة السعودية والولايات المتحدة الأميركية على تسريع خطوات استئناف محادثات جدة. وبحسب ما يتداول بقوة في الأوساط السياسية، فإن الزيارة المرتقبة للبرهان إلى السعودية تعد مؤشراً إيجابياً يدفع باتجاه مسار الحل السلمي التفاوضي لقضية الحرب في البلاد.

قصف بالمدفعية والمسيرات

وعلى المستوى الميداني، لا تزال المواجهات بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في تصاعد مستمر، حيث تجدد القصف الجوي والمدفعي المتبادل في أنحاء متفرقة من العاصمة الخرطوم. وقال شهود عيان إن الجيش شنّ ضربات جوية وقصفاً مدفعياً مكثفاً على مواقع وتجمعات لقوات «الدعم السريع» في عدد من الأحياء في الخرطوم.

أعمدة الدخان الكثيف تتصاعد من جهة مطار الخرطوم الدولي الملاصق لمقر القيادة العامة للجيش في أبريل (رويترز)

وأفاد شهود بأن مسيرات تابعة للجيش نفذت هجوماً استهدف قوات لـ«الدعم السريع» في منطقة المجاهدين، جنوب شرقي الخرطوم. في المقابل، كثفت قوات «الدعم السريع» لليوم الحادي عشر على التوالي من هجماتها المتواصلة على مقر قيادة الجيش، وسط العاصمة الخرطوم.

ووفق سكان من الأحياء المجاورة، تصاعدت أعمدة الدخان بكثافة من داخل مقر الجيش، فيما يبدو أن القصف المدفعي استهدف أحد الأبراج الرئيسية. وأفاد عدد من السكان لـ«الشرق الأوسط» بأنهم سمعوا أصوات اشتباكات عنيفة في وسط الخرطوم، وفي المناطق القريبة من القصر الرئاسي، وجنوب السوق العربية. وبحسب شهود، قصفت مسيرات الجيش، التي استخدمت بكثافة في الهجمات اليوم، مناطق انتشار قوات «الدعم السريع» في شرق الخرطوم وشمال مدينة أمدرمان. وفي موازاة ذلك، بثّت قوات «الدعم السريع» تسجيلاً مصوراً في منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، لعمليات إجلاء أطفال ونساء من مدينة أمدرمان.


مقالات ذات صلة

أعمال العنف تلقي بظلالها على موسم الحصاد في السودان

الاقتصاد أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات سابقة بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني في الخرطوم (رويترز)

أعمال العنف تلقي بظلالها على موسم الحصاد في السودان

منذ اندلعت المعارك في السودان، أبريل 2023، خلّفت آلاف القتلى، وشرّدت 11 مليون شخص من بينهم 3.1 ملايين نزحوا خارج البلاد وألقت بظلالها على الاقتصاد الكلي.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
الخليج أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات سابقة بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني في الخرطوم (رويترز)

السعودية تعرب عن قلقها إزاء استمرار القتال وتصاعد العنف ضد المدنيين في السودان

أعربت وزارة الخارجية السعودية، السبت، عن قلق المملكة إزاء استمرار القتال في السودان وتصاعد أعمال العنف التي طالت المدنيين من نساء وأطفال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي عَلم السودان ملصق بمدفع رشاش يتبع قوات «الدعم السريع» شمال الخرطوم (رويترز)

حصيلة هجمات «الدعم السريع» في ولاية الجزيرة بلغت 94 قتيلاً

نقلت وسائل إعلام سودانية اليوم (السبت) عن شهود عيان قولهم إن عدد قتلى هجمات قوات «الدعم السريع» بقرى في ولاية الجزيرة يوم الخميس بلغ 94 قتيلاً.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا عَلم السودان ملصق بمدفع رشاش يتبع قوات «الدعم السريع» شمال الخرطوم (رويترز)

لجان محلية: «الدعم السريع» تقتل 8 أشخاص خلال اقتحام قرية شرق ولاية الجزيرة

قالت لجان مقاومة مدنية، الجمعة، إن عناصر من قوات «الدعم السريع» قتلت ثمانية أشخاص في إحدى قرى ولاية الجزيرة السودانية، ونفذت عمليات نهب مسلّح بالقرية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا رئيس وزراء السودان السابق عبد الله حمدوك (رويترز)

حمدوك: السودان يمر بأكبر كارثة في تاريخه

قال رئيس وزراء السودان السابق، عبد الله حمدوك إن السودان «يمر بأكبر كارثة في تاريخه تهدد وجوده، إذ يمكن أن نصبح غداً ولا نجد السودان كما نعرفه».

محمد أمين ياسين (نيروبي) «الشرق الأوسط» (لندن)

ماكرون يقدم اعترافاً بقتل فرنسا أحد كبار ثورة الجزائر

صورة أرشيفية للعربي بن مهيدي (متداولة)
صورة أرشيفية للعربي بن مهيدي (متداولة)
TT

ماكرون يقدم اعترافاً بقتل فرنسا أحد كبار ثورة الجزائر

صورة أرشيفية للعربي بن مهيدي (متداولة)
صورة أرشيفية للعربي بن مهيدي (متداولة)

في حين تمر العلاقات الجزائرية - الفرنسية بحالة جمود تام؛ بسبب خلافات مرتبطة جزئياً بالاستعمار، فإن الرئيس إيمانويل ماكرون أعلن، اليوم (الجمعة)، اعتراف فرنسا بقتل العربي بن مهيدي، أحد كبار ثورة الجزائر (1954-1962)، بعد أن كانت الرواية الرسمية السائدة منذ عشرات السنين أنه «انتحر» بعد اعتقاله سنة 1957.

وأكدت الرئاسة الفرنسية في بيان أن رئيس الجمهورية «اعترف اليوم بأن العربي بن مهيدي، البطل الوطني بالنسبة للجزائر، وأحد القادة الستة لجبهة التحرير الوطني الذين فجروا ثورة (فاتح نوفمبر 1954)، قتل من طرف عسكريين فرنسيين كانوا تحت قيادة الجنرال بول أوساريس».

وكان العربي بن مهيدي أحد 6 مناضلين فجَّروا الثورة، بسبب قناعتهم الراسخة يومها بأن «فرنسا لا تفهم إلا لغة السلاح».

وقال عنه الجنرال الفرنسي، مارسيل بيجار: «لو أن لي ثلة من أمثال العربي بن مهيدي لغزوت العالم»، وكان يشير يومها إلى صموده أثناء التعذيب، الذي تعرض له قبل إعدامه شنقاً.

وضمن سلسلة «الاعترافات» بجرائم الاستعمار، قدم الرئيس إيمانويل ماكرون، في 13 سبتمبر (أيلول) 2018، اعترافاً مهماً من «أجل الحقيقة التاريخية»، في تقدير باحثين جزائريين في تاريخ الاستعمار الفرنسي، يخص خطف وقتل -تحت التعذيب- الناشط الفرنسي اليساري من أجل استقلال الجزائر، موريس أودان، عام 1957.

وفي الثالث من مارس (آذار) 2021، قدم ماكرون اعترافاً بمسؤولية الجيش الاستعماري الفرنسي عن تعذيب وقتل المحامي والمناضل الجزائري علي بومنجل عام 1957، في حين كانت الرواية الفرنسية السائدة منذ عشرات السنين أن بومنجل «مات بعد أن قفز من طابق مرتفع»، حيث كانت الشرطة الفرنسية تستجوبه في مكاتبها بالعاصمة.

وندد ماكرون في 16 أكتوبر(تشرين الأول) 2021 بحملة دموية شنتها الشرطة على المتظاهرين الجزائريين في باريس عام 1961، ووصفها بأنها «جريمة لا تُغتفر بالنسبة للجمهورية»، وكان ذلك أقوى اعتراف من رئيس فرنسي بمذبحة ألقيت خلالها جثث كثيرة في نهر السين.

وتعد هذه الخطوة الجديدة من جانب الرئاسة الفرنسية في «مسألة الذاكرة»، بمثابة دعوة للتهدئة مع الجزائر، بعد «العاصفة» التي ضربت العلاقات الثنائية، نهاية يوليو (تموز) الماضي، عندما احتجت الجزائر بشدة على إعلان «الإليزيه» دعم باريس خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وزادت على ذلك بسحب سفيرها، وأوقفت استيراد القمح من فرنسا.