عرمان لـ«الشرق الأوسط»: البرهان يمثل الجيش... لا السودان

القيادي في «الحرية والتغيير» قال إن «أوهام الإسلامويين» تمنع جهود إنهاء الحرب

ياسر عرمان القيادي في «الحرية والتغيير» ومستشار رئيس الوزراء السابق في السودان (الشرق الأوسط)
ياسر عرمان القيادي في «الحرية والتغيير» ومستشار رئيس الوزراء السابق في السودان (الشرق الأوسط)
TT

عرمان لـ«الشرق الأوسط»: البرهان يمثل الجيش... لا السودان

ياسر عرمان القيادي في «الحرية والتغيير» ومستشار رئيس الوزراء السابق في السودان (الشرق الأوسط)
ياسر عرمان القيادي في «الحرية والتغيير» ومستشار رئيس الوزراء السابق في السودان (الشرق الأوسط)

قال القيادي في «قوى الحرية التغيير» في السودان، ياسر عرمان، إن الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، مرشحة للاستمرار لفترة أطول، وإن أي طرف لم يستطع تحقيق نصر حاسم بعد 6 أشهر من اندلاعها، مشيراً إلى أن هذه الحرب لا تزال إلى الآن محصورة بين طرفي الصراع عسكرياً، لكن من سماتها الخطرة أنها يمكن أن تتمدد لتصبح حرباً أهلية شاملة بين المكونات المجتمعية في البلاد، ما يستدعي تكوين جبهة مدنية واسعة من القوى الوطنية لإنهائها.

البرهان سيختار أجندة الحرب

وقال عرمان في مقابلة مع «الشرق الأوسط» إن قائد القوات المسلحة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بعد خروجه من القيادة العامة في الخرطوم، لا يستطيع توحيد الجيش على أجندة السلام، وسيلجأ إلى توحيده على أجندة الحرب التي يقف من خلفها الإسلاميون، للقضاء على ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019 بعد أن فشلوا في ذلك من طريق الانقلاب.

وأضاف أن «هذه الحرب، بالنسبة لحزب المؤتمر الوطني المعزول والإسلاميين، هي وسيلة للرجوع إلى السلطة، وهم يسعون إلى أن تكون قوات (الدعم السريع) الشريك الأصغر، وفي سبيل ذلك لا يمانعون أن يصلوا إلى اتفاق معها إذا تخلت عن مواقفها المعلنة».

البرهان خلال جولة في قاعدة «فلامنغو» البحرية في بورتسودان في أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

ويرأس ياسر سعيد عرمان «الحركة الشعبية - التيار الثوري الديمقراطي»، وهو فصيل رئيسي في تحالف «قوى الحرية والتغيير». وكان عرمان من أوائل «الشماليين» من وسط السودان، الذين التحقوا بـ«الحركة الشعبية» و«الجيش الشعبي»، بزعامة الراحل جون قرنق، والتي كانت تقاتل نظام البشير.

«حرب الحروب»

ويرى عرمان أن الحرب الحالية تختلف كمّاً ونوعاً عن كل الحروب السابقة التي شهدتها البلاد ما بعد الاستقلال، وعدها «حرب الحروب» على حد وصفه، وأنها أتت نتاج تراكمات فشل المشروع الوطني، الذي وصل إلى مرحلة نوعية بعد استيلاء الرئيس المعزول عمر البشير، مدعوماً من الإسلاميين، على السلطة في 1989، فاختطفوا الدولة السودانية، وعملوا على تسييس القوات النظامية، ولم يستطيعوا حتى الحفاظ على مؤسسة مهنية واحدة. وبالنسبة للقوات النظامية فقد لجأت إلى تعددية الجيوش للقضاء على حركات المقاومة المسلحة في الريف في سبيل الحفاظ على بقاء نظامهم في السلطة.

أعمدة الدخان الكثيف تتصاعد من جهة مطار الخرطوم الدولي الملاصق لمقر القيادة العامة للجيش في أبريل (رويترز)

ويشير زعيم «التيار الثوري» في «الحركة الشعبية» إلى أن الحرب الحالية نشأت في عصب وقلب قوتين نظاميتين، هما القوات المسلحة السودانية و«الدعم السريع»، واندلعت في مركز السلطة وسيطرة القيادة، وأدت إلى دمار النسخة القديمة من الدولة السودانية، كما ألحقت أضراراً عميقة بالمدنيين والبنية التحتية للدولة ستستمر لعقود مقبلة، وتكاد الدولة تكون قد وصلت الآن إلى مرحلة الانهيار.

لست كاتب خطابات «حميدتي»

ورداً على من يتهمونه بكتابة خطابات قائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو الشهير باسم «حميدتي»، قال عرمان: «هذه أقاويل في غاية السذاجة والغرابة. الإسلاميون هم من أجازوا قانون (الدعم السريع) في 2017، وسمحوا له بتكوين جيش موازٍ»، مذكّراً بحديث مشهور للرئيس المعزول، عمر البشير، قال فيه إن قوات حميدتي هي لـ«حمايته».

قائد قوات «الدعم السريع» الفريق حميدتي في 19 فبراير (رويترز)

وتابع عرمان قائلاً: «إن الإسلاميين لم يطالبوا مطلقاً بدمج أو حل قوات (الدعم السريع)، بل كانوا يدافعون عنها، وذهبوا بزعيم (حزب الأمة القومي) الراحل، الإمام الصادق المهدي، إلى السجن والمحكمة عندما انتقد (الدعم السريع) في ذلك الحين». ويضيف عرمان أن «إلصاق تلك الاتهامات به جاءت بعدما أجرى (الدعم السريع) تصحيحاً لموقفه من انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وأعلن وقوفه مع الاتفاق الإطاري»، وكانت «قوى التغيير» على وشك التوقيع على اتفاق نهائي يعيدها وقوى ثورة ديسمبر إلى السلطة مرة أخرى. فماذا كانت ستجني من الحرب؟ الإسلاميون هم المستفيدون من الحرب ويقفون خلفها».

لسنا جناحاً سياسياً لـ«الدعم السريع»

واعتبر عرمان دمغ «قوى التغيير» بأنها «الجناح السياسي لقوات (الدعم السريع)، والاتهامات التي تطاله، تربصاً وشيطنة، يطلقها الإسلاميون لتفتيت وتدمير حركة المجتمع السياسي والمدني، وهم الذين دفعوا بهذه الحرب بتقديرات خاطئة، ظناً منهم بأنهم قد يكسبونها في ثلاثة أيام كما صرح قادتهم، ولم يستطيعوا. وهم لا يرون (الدعم السريع) بتسليحها وقوتها والآلاف الذين انضموا إليها، وكل تركيزهم على الخطابات، وإذا تمكن حميدتي من إنشاء جيش وتسليحه، فإنه لا يتمكن من كتابة خطاب. أيهما أصعب: إنشاء الجيش وتسليحه أم مجرد كتابة خطاب؟».

البرهان يمثل الجيش... لا السودان

وحول خطاب رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، يقول عرمان إن «البرهان يمثل القوات المسلحة بوصفه قائداً للجيش، ولا يمثل السودان، وهو الذي نفذ انقلاباً عسكرياً على الحكم المدني الديمقراطي».

البرهان يدلي بخطابه في الأمم المتحدة في نيويورك (أ.ب)

وفي حديثه في نيويورك وزياراته للخارج لم يطرح أي أفكار عملية أو حلولاً لقضية الحرب وكيفية الخروج منها، وكل ما يبحث عنه هو مشروعية وشرعية لإطالة أمد الحرب التي وصفها من قبل بالعبثية، وليس لوضع حدٍّ لها. في مقابل مطالب قائد «الدعم السريع» حميدتي بتصور واضح لإنهاء الحرب، والتزامات قاطعة تجاه الشعب ووقف انتهاكات حقوق الإنسان. وأضاف عرمان أن البرهان وحميدتي أعلنا استعدادهما لوقف الحرب والتزامهما بمنبر جدة، و«نطالبهما الآن بالذهاب والتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار طويل الأمد، وفتح ممرات آمنة لتوصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين من المدنيين، ووقف الانتهاكات من الطرفين، والتوجه بمشاركة واسعة من المدنيين الراغبين في التغيير لمخاطبة جذور الأزمة، وبناء جيش مهني مختلف تماماً عن القوات الموجودة الآن».

أوهام الإسلاميين تمنع الحل

وأكد عرمان أن «فلول النظام المعزول هم من يقودون هذه الحرب، ويقفون خلف تعبئة المدنيين للمشاركة في القتال، ويهاجمون البرهان نفسه، ويحذرونه من الذهاب إلى جدة، ومن التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، ويدفعونه لمواصلة الحرب». وقال إن منبر جدة، بوساطة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، أهم محاولة لوقف الحرب في السودان، لكنها اصطدمت بغياب الإرادة السياسية، والمنبر يحتاج إلى توافق وتكامل مع مبادرات منظمة «إيغاد» والاتحاد الأفريقي، وضم قوى جديدة من الاتحاد الأوروبي ومجموعة «الترويكا» والدول العربية والأفريقية، لخلق قوة دفع جديدة.

الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي أحد المتهمين بتأجيج الصراع (غيتي)

وأضاف عرمان أن «العقبة الحقيقية هي أوهام الإسلاميين بإحراز نصر في هذه الحرب. فهم يسعون لإطالة أمد الحرب لإنتاج نموذج سوري في السودان، للاعتراف بهم من المجتمع الدولي، ويعتقدون أنه بالتجييش يمكن أن يجدوا قوة كافية لهزيمة قوات (الدعم السريع)، ونخشى أن يؤدي ذلك إلى حرب أهلية شاملة ومشاكل إثنية وجهوية في البلاد». وأكد عرمان أن «الفرصة الآن متاحة لوقف الحرب والبحث عن مشروع وطني جديد يكسب فيه السودان، ولا يكسب فيه أي من طرفي الحرب».

المطلوب إرادة سياسية مدعومة إقليمياً ودولياً

وبشأن المبادرات المطروحة لوقف الحرب في السودان، قال: «إذا لم تتوفر الإرادة السياسية لدى الأطراف، فلن نحرز أي تقدم. والمبادرات تحتاج إلى قوى ضغط إقليمية ودولية. صحيح أن الجهود الحالية تضم قوى وبلداناً مهمة، لكن بلا تنسيق وعمل مشترك لن تستطيع التأثير على الأطراف». وأشار عرمان إلى أن «غياب الاتحاد الأوروبي والدور الفاعل للأمم المتحدة، ساهم في إضعاف المبادرات وجعلها تعمل بإرادة محدودة، وكذلك التناقضات وتضارب المصالح الإقليمية والدولية، وعدم مشاركة المدنيين بصورة فاعلة، ورغبة بعض الأطراف التي تدفع بالاستمرار في الحرب، مثل وزارة الخارجية السودانية في الهجوم الذي تشنه على بلدان (إيغاد) والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي».

أعمدة الدخان تتصاعد من جهة مطار الخرطوم الدولي الملاصق لمقر القيادة العامة للجيش في أبريل (رويترز)

واعتبر أن «المطلوب تجميع كل المبادرات، أي منبر جدة مع كافة المنابر الأخرى، لخلق صلة تكاملية مشتركة، وأن يكون المدنيون طرفاً فاعلاً، وفي الوقت نفسه يأخذ المجتمع الدولي قرارات حقيقية ضد كل من يريد إطالة أمد الحرب».

السودانيون هم أساس الحل

ورأى القيادي في «قوى التغيير» أن «الضغوط الدولية على طرفي القتال غير كافية، والضغط الحقيقي يجب أن يأتي من السودانيين»، مشيراً إلى أن «الحركة السياسية التي هجرت ونزحت من أهم مراكزها في العاصمة الخرطوم، تحتاج إلى وقت لإعادة ترتيب أجندتها وتنظيم صفوفها». وأكد عرمان أن «لا أحد يدعم التدخل الدولي أو الأمم المتحدة لتولي قيادة السودان، وهذا غير مطلوب أو مرغوب بالنسبة للسودانيين، وأفضل الحلول هي التي يشارك فيها السودانيون ويقودونها بأنفسهم، والتدخل الإقليمي والدولي مكلف، ويمكن للسودانيين في الخارج أن يلعبوا دوراً فاعلاً في إعادة الاهتمام بالقضية السودانية، وكذلك المجتمع السياسي والمدني».

ياسر عرمان خلال رئاسته إحدى جلسات قوى الإعلان بالقاهرة (الصفحة الرسمية للقوى على «فيسبوك»)

وأعرب عرمان عن خشيته من أن «هذه الحرب مرشحة لأن تكون طويلة إذا لم يوحد السودانيون قواهم، ويجعلوا الاهتمام بقضية الحرب محوراً أساسياً، إقليمياً ودولياً»، مؤكداً أن «الأولوية الرئيسية لشعبنا هي إيقاف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، ووقف الانتهاكات، وليس لتكوين حكومة في بورتسودان شرق البلاد أو في العاصمة الخرطوم. وعلى طرفي النزاع التوجه لوقف الأعمال العدائية بشكل شامل».

دور «الفلول» و«التماسيح»

ولفت القيادي السوداني إلى «محاولات الفلول والتماسيح الموجودين في بورتسودان للدفع بأن تكون الأولوية للتوظيف وإعطاء ألقاب ليست موجودة على الواقع، بأن يكون هنالك رئيس وزراء أو وزراء، يستنزفون القليل الموجود من إمكانيات البلاد، ويدفعون في تكريس تقسيم السودان».


مقالات ذات صلة

500 قتيل خلال 4 أيام في السودان

شمال افريقيا 
مشهد من المعارك التي تجددت قبل أيام في أحد أحياء الخرطوم (رويترز)

500 قتيل خلال 4 أيام في السودان

أدانت أحزابٌ وقوى سياسية سودانية، أبرزها «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، القصف الجوي والمدفعي الذي سُجّل خلال الأيام الأربعة الماضية، وأدى إلى مقتل.

أحمد يونس (كمبالا)
العالم العربي آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الصراع المسلّح (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: حرب السودان قد تزهق أرواحاً لا تحصى دون تحرك فوري لوقفها

قالت حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية بإقليم شرق المتوسط، اليوم (الثلاثاء)، إن حرب السودان قد تزهق أرواحاً لا حصر لها دون اتخاذ إجراءات فورية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا توزيع الطعام من أحد المطابخ العامة في الخرطوم (رويترز)

طرفا الصراع في السودان يهاجمان متطوعين يكافحون المجاعة

«في أحياء كان لدينا فيها مطبخ واحد، نحتاج الآن إلى ثلاثة مطابخ أخرى... ومع استمرار الحرب، سنرى المزيد من الناس يصلون إلى الحضيض».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج مقر وزارة الخارجية الإماراتية (الشرق الأوسط)

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

أكد سالم الجابري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأمنية والعسكرية، استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثة دولة الإمارات في الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا رئيس مجلس الوزراء المصري خلال لقاء عدد من المفكرين والكُتاب (مجلس الوزراء المصري)

«سد النهضة»: مصر تلوح بـ«توجه آخر» حال نقص حصتها المائية

لوّحت الحكومة المصرية باتخاذ «توجه آخر» تجاه قضية «سد النهضة» الإثيوبي حال نقص حصة القاهرة من مياه النيل.

أحمد إمبابي (القاهرة )

حملة مصرية كبرى لترشيد المياه بموازاة تصاعد نزاع «السد الإثيوبي»

تواضروس الثاني خلال استقباله وزيرَي الموارد المائية والأوقاف للمشاركة في حملة ترشيد استهلاك المياه (وزارة الموارد المائية المصرية)
تواضروس الثاني خلال استقباله وزيرَي الموارد المائية والأوقاف للمشاركة في حملة ترشيد استهلاك المياه (وزارة الموارد المائية المصرية)
TT

حملة مصرية كبرى لترشيد المياه بموازاة تصاعد نزاع «السد الإثيوبي»

تواضروس الثاني خلال استقباله وزيرَي الموارد المائية والأوقاف للمشاركة في حملة ترشيد استهلاك المياه (وزارة الموارد المائية المصرية)
تواضروس الثاني خلال استقباله وزيرَي الموارد المائية والأوقاف للمشاركة في حملة ترشيد استهلاك المياه (وزارة الموارد المائية المصرية)

بالتوازي مع تصاعد النزاع بين مصر وإثيوبيا بشأن «سد النهضة» على نهر النيل، حيث تخشى القاهرة من تأثيره في حصتها المائية، التي لا تلبي احتياجاتها، تستعد مصر لإطلاق حملة كبرى في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لترشيد الاستهلاك المحلي من المياه، بمشاركة علماء في الأزهر وكبار رجال الكنيسة.

وتعاني مصر من «عجز مائي»، بنحو 30 مليار متر مكعب سنوياً، حيث «تبلغ حصة مصر من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، في حين يتجاوز استهلاكها الحالي 85 مليار متر مكعب، ويتم تعويض الفارق من المياه الجوفية ومشروعات تحلية مياه البحر»، وفق وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم.

وتستهدف الحملة رفع الوعي بأهمية المياه، ونشر ثقافة ترشيد استخدامها، بحسب إفادة رسمية للوزير هاني سويلم، الثلاثاء، الذي قال إن الحملة تنطلق بمشاركة عدد من علماء الأزهر الشريف وكبار الأئمة، وكبار رجال الكنيسة المرقسية (الأرثوذكسية)، ورموز الفكر والثقافة، والقدوات المجتمعية؛ لدعوة المواطنين لترشيد المياه والحفاظ عليها.

وعقب زيارته لبابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تواضروس الثاني، أشار سويلم إلى أنه «تم مؤخراً تدريب أكثر من 900 من أئمة وزارة الأوقاف؛ للمشاركة في الحملة، ونشر المعلومات الصحيحة عن قضية المياه، وأن الوزارة ترغب في تكرار مثل هذا النموذج الناجح بتدريب الآباء الكهنة».

وتتضمّن حملة ترشيد استخدام المياه «تنويهات توعوية بمختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، والاتفاق مع وزارة النقل لعرض بوسترات توعية في محطات وعربات القطارات والمترو كافة، وفق وزير الموارد المائية المصري.

ويشترط أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، أن تشارك مؤسسات الدولة كلها في الحملة؛ كي تحقق أهدافها. يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحملة يجب أن تتم على المستوى القومي»، موضحاً أن «80 في المائة من الموارد المائية تذهب لقطاع الزراعة، و5 في المائة للصناعة، وما بين 12 و15 في المائة للشرب».

من جهته، رحّب البابا تواضروس الثاني بعقد لقاءات تدريبية للآباء الكهنة؛ لتوعيتهم بأهمية الاستخدام الرشيد للمياه ليقوموا بدورهم في توعية أبناء الكنيسة في العظات الكنسية»، مؤكداً خلال استقباله الوزير سويلم، ووزير الأوقاف المصري أسامة الأزهري، «استعداد الكنيسة الكامل للمشارَكة في دعم الفعاليات كافة التي تهدف إلى زيادة وعي المواطنين بقضية المياه».

في حين أكد الوزير الأزهري، أن الوزارة «تقوم بكثير من البرامج الدعوية والتوعوية بأهمية نعمة الماء والحفاظ عليها»، معرباً عن استعداده الكامل لـ«تكثيف البرامج التوعوية لترشيد استخدام المياه بالتعاون مع الكنيسة المرقسية ووزارة الري».

وتتزامن الحملة المصرية مع تصاعد التوترات بين القاهرة وأديس أبابا بشأن «سد النهضة»، الذي تبنيه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل منذ عام 2011، بداعي توليد الكهرباء، لكن دولتَي المصب، مصر والسودان، تخشيان من تأثر حصتيهما من مياه نهر النيل.

وفي أحدث إفادة مصرية بشأن السد الإثيوبي، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، (الثلاثاء)، موقف بلاده «الداعي للتوصل لاتفاق ملزم قانوناً لتشغيل السد الإثيوبي، وإعمال قواعد القانون الدولي في هذا الشأن».

وشدّد عبد العاطي على أن «الأمن المائي المصري مسألة وجودية لن تتهاون مصر فيها»، في حين نقل بيان مصري، عن وزير الخارجية الأميركي تأكيده «التزام الولايات المتحدة بدعم الأمن المائي المصري».

وكان رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أكد خلال لقائه عدداً من المفكرين والكُتاب المصريين، الأسبوع الماضي، أن «بلاده سعت للخروج بأقل الأضرار من مشروع السد الإثيوبي خلال السنوات الماضية، بإجراءات منها مشروعات فنية لمعالجة المياه»، مشيراً إلى أن «التحدي الأساسي حالياً هو حماية حصة مصر من مياه النيل، والحفاظ عليها»، لافتاً إلى أن «أي معطيات جديدة في قضية سد النهضة من شأنها أن تؤثر في حصة مصر المائية، سيقابلها توجه آخر تماماً».

وتأمل مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتورة أماني الطويل، أن تُبنى على إعادة إثارة قضية «سد النهضة» مع الولايات المتحدة، «وساطة أميركية تحرك المياه الراكدة».

وقالت الطويل لـ«الشرق الأوسط» إن «القضية مطروحة على أجندة الإدارة الأميركية، وقد نشهد تحركات بشأنها عقب الانتخابات الرئاسية»، وبحسب الطويل فإن «أميركا والمجتمع الدولي أصبحا لديهما تفهم لمخاوف مصر ومطالبها بشأن سد النهضة»، كما أنه «بسبب التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط فإن أميركا تحتاج للجهود المصرية، فضلاً عن تراجع التفهم الدولي للجانب الإثيوبي؛ بسبب ما تثيره أديس أبابا من توترات في القرن الأفريقي».