توثيق 3845 حالة وفاة في الإعصار الليبي

حفتر يخصص معسكراً سابقاً لمدينة درنة

فرق «الهلال الأحمر» الليبي تواصل عملية الإغاثة داخل المناطق المنكوبة بشرق البلاد (الهلال الأحمر)
فرق «الهلال الأحمر» الليبي تواصل عملية الإغاثة داخل المناطق المنكوبة بشرق البلاد (الهلال الأحمر)
TT

توثيق 3845 حالة وفاة في الإعصار الليبي

فرق «الهلال الأحمر» الليبي تواصل عملية الإغاثة داخل المناطق المنكوبة بشرق البلاد (الهلال الأحمر)
فرق «الهلال الأحمر» الليبي تواصل عملية الإغاثة داخل المناطق المنكوبة بشرق البلاد (الهلال الأحمر)

خصص المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، الأحد، معسكراً سابقاً لصالح سكان مدينة درنة، بينما أعلن مكتب منظمة الصحة العالمية في ليبيا مواصلة العمل على منع تفشي الأوبئة في المناطق المنكوبة بشرق البلاد.

وتكثّف فرق الإنقاذ المحلية والعربية والدولية العاملة في المدن الليبية المنكوبة جهودها لاستخراج الجثث العالقة تحت الركام، في وقت قالت فيه حكومة أسامة حمّاد بشرق البلاد، إنها وثّقت 3845 حالة وفاة دُفنت حتى الآن فقط، لكنها تحدثت عن إجراءات لمنع التضارب في إحصاءات الضحايا.

فريق هيئة البحث عن المفقودين ينتشل بعض الجثث من مدينة درنة (الهيئة)

وأعلنت منظمة الصحة العالمية عبر مكتبها في ليبيا أنها تعمل على «توسيع نطاق استجابتها لمواجهة تداعيات الفيضانات، وتقديم الدعم لضمان الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية»، كما تسعى «لمنع تفشي الأمراض ومكافحتها في المناطق المتضررة، ومن بينها البياضة في منطقة الساحل».

وأوضحت أن الدكتور أحمد زويتن، ممثل منظمة الصحة العالمية في ليبيا، التقى مدير «مستشفى البياضة» وفريقه وبعض أهالي المنطقة، «وسلم المستشفى شحنة عاجلة من الأدوية والمستلزمات الطبية لدعم خدمات العيادات الخارجية التي من المأمول أن تستأنف خدماتها تدريجياً خلال الأسابيع القليلة المقبلة».

متطوعون يحملون جثة قبل دفنها في مقبرة جماعية في أعقاب الفيضانات في درنة بليبيا في 19 سبتمبر 2023 (رويترز)

وكانت وكالات تابعة للأمم المتحدة قد حذّرت من أن مدينة درنة الليبية المنكوبة جراء فيضانات خلّفت آلاف القتلى والمفقودين، تواجه خطر تفشي الأمراض التي قد تؤدي إلى «أزمة ثانية مدمرة»، بينما نفت لجنة الطوارئ في الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب انتشار الأوبئة في المناطق التي ضربها إعصار «دانيال».

وقالت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إن الإدارة العامة لشؤون الإصحاح البيئي بوزارة الحكم المحلي تواصل أعمالها في أخذ عينات وتحليل مياه الآبار العامة والخاصة في المناطق المتضررة بالفيضانات والسيول كافة، كما لفتت إلى توزيع مادة الكلور لتطهير المياه، وتوعية وإرشاد المواطنين عن كيفية استخدام المياه بطرق آمنة.

وأُعلن في ليبيا (الأحد) أيضاً أن ألمانيا أرسلت محطات لتنقية المياه لاستخدامها في المدن المنكوبة. وقال المتحدث باسم الخارجية الألمانية في الشرق الأوسط دنيس كوميتات، بحسابه على منصة «إكس»: «سيستعيد 15 ألف شخص قريباً إمكانية الحصول على مياه الشرب النظيفة بفضل محطات التنقية التي أنشأها (الصليب الأحمر) الألماني». وأضاف: «وصلت (المحطات) وغيرها من المساعدات الإنسانية إلى بنغازي».

وبحث فريق للطوارئ والاستجابة السريعة بحكومة الدبيبة برئاسة محمد بن حليم مع منسق إدارة المعلومات والتقييم بوكالة الأمم المتحدة روبرت ليمونا، أوجه التعاون لإجراء مسح معلومات شامل، وتبادلها حول آثار الفيضانات والسيول بـ15 بلدية متضررة. وأكد ليمونا ضرورة الشروع في إنجاز عينة المسح، وملء الاستبانة الخاصة بذلك في أقرب وقت، والانتهاء من أعمال المسح في موعد أقصاه الثلاثاء المقبل.

وأعلنت الحكومة أن مهندسي الشركة العامة للكهرباء يقتربون من استكمال مشروع خط «11 ك.ف» المتضرر بالكامل بمنطقة عمر المختار غرب البيضاء، وذلك بعد انقطاع الكهرباء عن المنطقة أكثر من 12 يوماً جراء السيول.

وفي ما يتعلق بإيواء المتضررين من الفيضانات، نقلت وسائل إعلام محلية مقربة من القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» أن قائده المشير حفتر أمر بنزع الطابع العسكري عن أرض «معسكر عزوز» المملوكة للجيش في درنة، وتخصيصها إقامة مشروع سكني على مساحة نحو 30 ألف متر مربع للمتضررين بالمدينة.

حفتر خلال تفقده درنة في منتصف الشهر الحالي (القيادة العامة)

ولا تزال أرقام ضحايا الإعصار التي تعلنها هيئات ومؤسسات دولية وشخصيات غير رسمية تتضارب، لكن حكومة حمّاد أعلنت على لسان محمد الجارح، المتحدث باسم «اللجنة العليا للطوارئ والاستجابة السريعة» التابعة لها، تسجيل نحو 3845 حالة وفاة بسبب الفيضانات، وفقاً للأرقام الموثقة والمسجّلة لدى وزارة الصحة.

وتحدث الجارح في مؤتمر صحافي، مساء السبت، عن أن عدد الوفيات المعلن عنه مرتبط فقط بالحالات التي جرى توثيقها من قِبل وزارة الصحة، منوهاً بـ«أن هناك جثثاً جرى دفنها من دون توثيقها»، لكن «عمليات الحصر لا تزال مستمرة».

ولفت الجارح إلى اللجنة التي شكّلها النائب العام المستشار الصديق الصور، «لحصر الوفيات وتوثيقها»، في ظل مسارعة بعض المناطق المنكوبة بدفن جثامين عُثر عليها في اليوم الأول لوقوع الكارثة.


مقالات ذات صلة

سلطات طرابلس تكثّف عمليات تأمين الشريط الحدودي مع تونس

شمال افريقيا جانب من دورية أمنية تابعة لوزارة الداخلية بطرابلس (المكتب الإعلامي للوزارة)

سلطات طرابلس تكثّف عمليات تأمين الشريط الحدودي مع تونس

قالت وزارة الداخلية بالعاصمة الليبية طرابلس إن الأجهزة الأمنية التابعة لها تكثف نشاطها لتأمين الشريط الحدودي مع تونس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جلسة مجلس النواب في درنة

«النواب» الليبي يستدعي حكومة حمّاد للمساءلة عن نشاطها

قال رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، إن الجلسة المقبلة ستستعرض أعمال حكومة حماد ومشاريعها وخططها خلال العامين الحالي والمقبل.

خالد محمود
شمال افريقيا من شرفة قصر «المنار» ببنغازي زفّ السنوسي لشعبه عام 1951 بشارة الاستقلال وقال: «نتيجة جهاد أمتنا قد تحقق بعون الله استقلال بلادنا العزيزة»

ليبيا تحتفل بالذكرى 73 لاستقلالها... وتخوف من «الاحتلال»

على وقع مطالب واحتجاجات ليبية بطرد «المرتزقة والقواعد العسكرية»، تحتفل البلاد بالذكرى 73 للاستقلال، وسط انقسام سياسي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة وزعها مجلس النواب لوصول أعضائه إلى مدينة درنة

ليبيا: اجتماع مرتقب لأعضاء مجلسي النواب و«الدولة» في درنة

أعلن عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي، وصول عدد من أعضائه إلى درنة التي ستستضيف، الاثنين، جلسة رسمية هي الأولى للمجلس بالمدينة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

احتشد مئات المتظاهرين في مدينة بني وليد، شمال غربي ليبيا، الموالية لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي للتظاهر، منددين بـ«المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية.

جمال جوهر (القاهرة)

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
TT

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثر «الإخوان» اقتصادياً بوفاته.

ووفق مراقبين، فإن «ندا يُعدّ مؤسس كيان الجماعة المالي». وأشاروا إلى أنه «منذ ستينات القرن الماضي أسس ندا عدة شركات اقتصادية كان لها دور بارز في تمويل أنشطة الجماعة».

يأتي هذا في وقتٍ أدرجت فيه مصر ندا على «قوائم الإرهاب» في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عقب إدانته بـ«تمويل جماعة إرهابية».

ويرى خبراء في مصر أن «رحيل ندا سيكون له تأثيرات مالية وتنظيمية على (الإخوان)»، ورجحوا أن «تُدار المنظومة المالية للجماعة التي كان يتولى ندا جزءاً كبيراً فيها، بالكوادر الثانية التي كانت تساعده في إدارة شبكة علاقات الجماعة في الخارج».

وتُصنِّف السلطات المصرية «الإخوان»، على أنها «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات الجماعة، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، في حين يقيم عناصر للجماعة خارج البلاد.

وأعلنت «الإخوان»، الأحد، رحيل يوسف ندا (المقيم خارج مصر) عن عُمر ناهز 94 عاماً. وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

ووفق وسائل إعلام محلية، بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب «الإخوان» عام 1956 بعد الإفراج عنه في قضية محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، في الحادث الذي وقع في أكتوبر (تشرين الأول) 1954 بميدان المنشية في الإسكندرية.

ونقل ندا نشاطه المالي بعد ذلك إلى خارج مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا، ومنها إلى النمسا عام 1960، وتوسع نشاطه حتى لُقب، في نهاية الستينات من القرن الماضي، بأنه (ملك الأسمنت في منطقة البحر المتوسط).

الخبير الأمني المصري، عضو مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، اللواء فاروق المقرحي، يعتقد أنه «برحيل ندا قد تحدث أزمة اقتصادية ومالية داخل (الإخوان)»، وقال إنه «كان المسؤول المالي الأول في الجماعة، ورحيله سوف يسبب ارتباكاً بشأن إدارة الأنشطة الاقتصادية للجماعة، خصوصاً في الخارج».

وأوضح المقرحي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يدير عدداً من الأنشطة الاقتصادية لحساب (الإخوان)، خصوصاً بعد تأسيسه بنك (التقوى) في جزر البهاما»، مشيراً إلى أن «هناك تساؤلات حول الشخص الذي يحل محل ندا في إدارة الأنشطة الاقتصادية، هل من بين أبنائه، أم من قيادات أخرى تابعة للإخوان في الخارج».

جانب من محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» في مصر (أ.ف.ب)

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2001، وجّه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، اتهاماً إلى ندا بـ«ضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر (أيلول)»، وأدرجته الإدارة الأميركية ضمن «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، قبل أن تقدم الحكومة السويسرية طلباً لمجلس الأمن في عام 2009 بشطب اسم ندا من «قائمة الداعمين للإرهاب».

وتصدّر رحيل ندا «الترند» على منصات التواصل، الأحد، حيث غردت عناصر مُوالية للجماعة ناعية الراحل، متحدثة عن «إسهاماته داخل الجماعة، خاصة المالية والتنظيمية».

وفي القاهرة، قال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن «ندا، مسؤول بيت المال لـ(الإخوان)، ومسؤول علاقاتهم الدولية والخارجية».

وأشار، عبر حسابه على «إكس»، الأحد، إلى أن «ندا لم يتأخر عن دعم الإخوان بأمواله، ويُعدّ أغنى قيادات الجماعة، وحرّض كثيراً من الدول على مصر»، لافتاً إلى «صدور حكم بحقّه في اتهامه بـ(تمويل الإخوان) قبل أن يجري العفو عنه وقت حكم الجماعة لمصر».

وكانت السلطات المصرية قد أحالت ندا، في عام 2008، إلى المحاكمة العسكرية بتهمة «تمويل الإرهاب»، وحُكم عليه (غيابياً) بالسجن 10 سنوات، قبل أن يصدر «الإخوان» قراراً بالعفو عنه في يوليو (تموز) 2012. والشهر الحالي، أدرجت محكمة مصرية ندا على «قوائم الإرهاب» لمدة خمس سنوات، ضمن 76 متهماً آخرين.

وأكد الخبير في الحركات الأصولية بمصر، عمرو عبد المنعم، أن «الجماعة سوف تتأثر مالياً برحيل ندا، خاصة أنه كان أحد مصادر دخْل الجماعة عبر شركاته ومشروعاته، كما أنه كان يتولى إدارة الشؤون المالية لـ(الإخوان)».

ويرجح أن يجري إسناد الشركات والكيانات الاقتصادية، التي كان يشرف يوسف ندا على إدارتها، إلى كوادر الجماعة التي كانت تساعده بالخارج، مثل محمود الإبياري، مشيراً إلى أن هناك «كيانات اقتصادية كان يشرف عليها ندا في أفريقيا ودول آسيوية وأوروبية، وكان يعتمد في إدارتها على كوادر للجماعة في الخارج».

ويرى عبد المنعم أن «غياب ندا سوف يؤثر تنظيمياً وحركياً أيضاً على الجماعة»، موضحاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجماعة أمام (انتقال جيلي) بتولّي أجيال جديدة إدارتها في الخارج، بدلاً من قيادات جيل الستينات والسبعينات».

ووفق رأي الخبير في شؤون الحركات الأصولية ماهر فرغلي، فإن «العلاقات الخارجية لـ(الإخوان) سوف تتأثر أكثر برحيل ندا»، وقال إن «التأثير الأكبر سيكون على نشاط الجماعة خارجياً»، مضيفاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يشرف على شبكة علاقات واسعة مع المراكز الإسلامية الأوروبية، وجمعيات حقوقية في الخارج، وشركات وكيانات اقتصادية».