المغرب: تلاميذ يحاولون نسيان أهوال الزلزال تحت خيام تحولت لمدارس

تزامناً مع إطلاق خطة لتقديم الدعم النفسي للأطفال المتضررين مع انطلاق عام دراسي جديد

تلاميذ يبدأون موسمهم الدراسي الجديد داخل خيمة أعدتها السلطات لهذا الغرض في قرية آسني (أ.ف.ب)
تلاميذ يبدأون موسمهم الدراسي الجديد داخل خيمة أعدتها السلطات لهذا الغرض في قرية آسني (أ.ف.ب)
TT

المغرب: تلاميذ يحاولون نسيان أهوال الزلزال تحت خيام تحولت لمدارس

تلاميذ يبدأون موسمهم الدراسي الجديد داخل خيمة أعدتها السلطات لهذا الغرض في قرية آسني (أ.ف.ب)
تلاميذ يبدأون موسمهم الدراسي الجديد داخل خيمة أعدتها السلطات لهذا الغرض في قرية آسني (أ.ف.ب)

خرج إبراهيم البورد فجراً، ومشى ساعات من قريته النائية مع ابنه عبد الصمد إلى خيمة جُهزت لإيواء فصول دراسية في بلدة آسني، الواقعة جنوب مدينة مراكش المغربية، بعدما عطّل الزلزال الذي ضرب المنطقة الدراسة في إعداديتها، وتسبب في إغلاق نزل الطلبة.

قطع إبراهيم مع ابنه، البالغ من العمر 13 عاماً، نحو 14 كيلومتراً من قرية تينغار، مستعينين بمصباح يدوي، ومحاولين تجنب الكلاب الضالة على الطرق الجبلية الوعرة. يقول الأب البالغ من العمر 45 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أبذل كل هذا الجهد لأجله. لا أريده أن ينقطع عن الدراسة. لكن الأمر صعب... لا أعرف إن كان سيتمكن من الاستمرار على هذا المنوال».

طالبات يستأنفن الدراسة في خيام أعدتها السلطات لبدء العام الدراسي الجديد رغم كارثة الزلزال (أ.ف.ب)

وأطلقت الجهات التعليمية في إقليم الحوز، الأكثر تضرراً من الزلزال في المغرب، خطة لدعم الأطفال المتضررين نفسياً، بعد نحو أسبوعين من الكارثة التي حصدت أرواح أكثر من 3 آلاف شخص. وتزامناً مع انطلاق العام الدراسي الجديد في المناطق المنكوبة بالإقليم، نصبت مديرية التربية والتعليم في الحوز خياماً لاستقبال الأطفال، وتمكينهم من الدعم النفسي والمرافقة الاجتماعية.

وذكرت سلوى حميتي، وهي إحدى مشرفات الدعم الاجتماعي والنفسي بمخيم نازحين في بلدة آسني، أن الدعم يقدم للأطفال الذين تعرضوا لما وصفتها بأنها «نكبة». وقالت: «نحن اليوم في أول يوم لاستقبال التلاميذ الذين تعرضوا لنكبة ومجموعة من الصدمات. نحن الآن بوصفنا أطراً تربوية وإدارية، وأيضاً أطر الدعم النفسي والاجتماعي، مستعدون جميعاً لتقديم المساعدات اللازمة لهؤلاء التلاميذ من الناحية الاجتماعية والنفسية».

استئناف الدراسة في المناطق المنكوبة رغم الزلزال (إ.ب.أ)

في ساحة فسيحة في بلدة آسني، نصبت وزارة التربية الوطنية 32 خيمة لاستقبال 2800 تلميذ يدرسون في المستويين الإعدادي والثانوي من القرى المجاورة. لكن إبراهيم يقول إن كثيراً منهم يأتون من قرى بعيدة، آملاً في أن توفر السلطات حافلات لهم أيضاً مثل باقي المناطق.

الأمر ذاته ينطبق أيضاً على سميرة آيت عشيشو (15 عاماً)، التي جاءت برفقة والدها من قرية أوسترك، التي تبعد أكثر من 50 كيلومتراً إلى الشرق من آسني، مستعينَين بسائقِين على الطريق أقلوهما. كانت سميرة تقطن في المدرسة الداخلية المخصصة لتلاميذ القرى النائية. لكنها أُغلقت بسبب ما لحقها من أضرار جراء الزلزال الأعنف، الذي هزّ المنطقة في 8 سبتمبر (أيلول) الحالي، مخلفاً نحو 3 آلاف قتيل، حسب الأرقام الرسمية.

عناصر الدرك الملكي يساعدون أطفالاً على الوصول إلى خيام نصبت لاستئناف الدراسة (إ.ب.أ)

وأدت الكارثة إلى إغلاق 530 مدرسة و55 مدرسة داخلية في المجموع، وتعليق الدراسة في أقاليم الحوز وتارودانت، وشيشاوة المنكوبة جنوب مراكش، التي تضم قرى جبلية نائية منتشرة بين تضاريس وعرة. وتضرر نحو مليون تلميذ من هذا الوضع الذي عدّته منظمة اليونيسكو «مقلقاً».

لكن رغم الظروف الاستثنائية ومشاق الطريق، شكّل استئناف الدراسة متنفساً لأبناء المناطق المنكوبة لنسيان الفاجعة، كما هي الحال بالنسبة لسميرة، التي قالت باستحياء: «الطريق صعبة، لكنني سعيدة بالعودة للمدرسة».

جاء التلاميذ بأعداد كبيرة إلى المخيم قبل استئناف الدراسة فعلياً (الاثنين) «لاعتبارات تنظيمية»، كما يوضح مدرس اللغة الفرنسية عبد الله زاهد قائلاً: «في مرحلة أولى نركز على الإنصات لتلامذتنا، ومرافقتهم نفسياً... لكننا مستعدون لاستئناف الدروس، ومراجعة برامجنا وإنجاح هذه السنة التي تبدو صعبة». لكن أثر الزلزال ما زال عميقاً في نفوس التلاميذ.

بدورها، تقول خديجة آيت علي (17 عاماً): «لست في أفضل حالاتي، لكن عودتي للثانوية ولو تحت خيمة محاطة بصديقاتي تشعرني بالارتياح. لم أعد أرغب في البقاء وحيدة؛ لأن ذلك يجعلني لا أفكر سوى في الزلزال». وتتطلع خديجة لأن تصبح يوماً ما مدرسة في إقليم الحوز. لكن أمينة آيت عبد الله قالت إنها لا تشعر بأنها مستعدة لاستئناف الدراسة، وإنها لا تتوقف عن التفكير في «البيت الذي فقدناه».

من جهتها، قالت حسناء الحدادي، إن ما يؤلمها هو أن ابنها يحيى ما زال يكتم الأسى، الذي يشعر به جراء تداعيات الصدمة. وقالت بهذا الخصوص: «أحاول أن أفعل كل ما بوسعي لأجعله يعبّر عن قلقه. لديه خوف شديد من الهزات الارتدادية»... لكن استئناف الدراسة يمثل «يوماً خاصاً» بعد كل ما عاشته الأسرة التي فقدت بيتها.

تلاميذ يستأنفون دراستهم في قرية آسني رغم كارثة الزلزال (إ.ب.أ)

وزادت قائلة إنها حاولت إقناع ابنها، البالغ من العمر 11 عاماً، بالانتقال إلى مراكش؛ لكي يتابع دراسته هناك لكنه أبى. وعن ذلك قال يحيى: «أريد أن أبقى بجانب أصدقائي. أنا سعيد بلقائهم اليوم».

ويأمل الآباء في أن تساعد العودة إلى أجواء الدراسة، ولو تحت الخيام، أبناءهم على الخروج من أجواء الأسى الذي خيم على المنطقة. وبهذا الخصوص قال جمال آيت حمان (43 عاماً)، الذي رافق إحدى بناته إلى آسني من قرية تمكوسني على بعد نحو 100 كيلومتر: «أريدهن أن يكملن دراستهن؛ لأن هذا سيتيح لهن نسيان مأساة الزلزال».


مقالات ذات صلة

زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق إندونيسيا

آسيا عناصر من البحث والإنقاذ يتدربون على محاكاة لإخلاء ضحايا تسونامي في إندونيسيا (إ.ب.أ)

زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق إندونيسيا

ضرب زلزال بقوة 5 درجات على مقياس ريختر شرق إندونيسيا، اليوم السبت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
آسيا رسم بياني لزلزال (متداولة)

زلزال بقوة 5.9 درجة قبالة كامتشاتكا الروسية

قال «المركز الأوروبي المتوسطي لرصد الزلازل»، إن زلزالاً بقوة 5.9 درجة وقع قبالة الساحل الشرقي لمنطقة كامتشاتكا الروسية، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جانب من أعمال منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكي ألوفا اليوم (إ.ب.أ)

تزامناً مع انعقاد قمة إقليمية... زلزال بقوة 6.9 درجة يضرب تونغا

ضرب زلزال بلغت قوته 6.9 درجة اليوم (الاثنين)، تونغا الواقعة في المحيط الهادئ، حسبما ذكرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

«الشرق الأوسط» (نوكي ألوفا)
شؤون إقليمية أشخاص ينتظرون حافلة في كهرمان مرعش المتضررة بالزلزال في 28 مايو 2023 (أ.ف.ب)

بعد 25 عاماً على «كارثة مرمرة»... إسطنبول تعيش مخاوف زلزال كبير

600 ألف مبنى سكني يقطنها نحو 2.5 مليون نسمة معرضة للانهيار في الدقائق الأولى من زلزال محتمل يهدد إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي نقطة تفتيش حدودية بالقرب من معبر نصيب بين الأردن وسوريا 29 سبتمبر 2018 (رويترز)

زلزال بقوة 4.8 يهز الحدود بين الأردن وسوريا

قال مركز أبحاث علوم الأرض الألماني (جي إف زد)، إن زلزالاً بقوة 4.8 درجة هز منطقة الحدود الأردنية - السورية، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (عمّان)

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)

أدانت مصر «استمرار الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي أدت لاستشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين على مدار الأيام الماضية». كما أدانت مصر سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية. وشددت على ضرورة احتواء التصعيد العسكري.

واستنكرت مصر في بيان لوزارة الخارجية والهجرة، الأحد، السعي الإسرائيلي المستمر لتوسيع رقعة المواجهات داخل الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية، والإمعان في استخدام القوة العسكرية المفرطة وعمليات القتل غير القانونية وتجريف الطرق وتدمير البنية التحتية المدنية والمنازل، بالإضافة إلى عمليات الاعتقال وما يصاحبها من تعذيب.

وشددت القاهرة على أن تلك الانتهاكات لا ينبغي أن تمر دون حساب، وأنه على إسرائيل التقيد بالتزاماتها القانونية كقوة احتلال، وحماية أمن السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، بدلاً من سعيها المستمر للتصعيد وتأجيج الصراع في الأراضي المحتلة.

كما جددت مصر تحذيرها من مخاطر «سياسة الأرض المحروقة»، التي تستهدف تقويض كل مقومات الدولة الفلسطينية المستقبلية والقضاء على ما يتبقى من أمل للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على حدود يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وطالبت الأطراف المؤثرة في المجتمع الدولي، ومجلس الأمن، بموقف حازم يوقف تلك الممارسات غير الشرعية، ويوفر الحماية للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة.

دبابة إسرائيلية تعمل بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

وفي إفادة أخرى، شددت مصر على «ضرورة احتواء التصعيد العسكري في الضفة الغربية، واضطلاع إسرائيل بمسؤولياتها في توفير الأمن للسكان الفلسطينيين بوصفها قوة احتلال، بدلاً من ترويعهم وانتهاك حقوقهم الإنسانية كافة، من خلال عمليات القتل والاغتيال والاعتقال والتعذيب».

جاء التشديد المصري خلال لقاء وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، الأحد، في القاهرة، كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، سيغريد كاغ.

ورحّب الوزير عبد العاطي بالتعاون بين الآلية الأممية و«الهلال الأحمر المصري» فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية المقدمة إلى قطاع غزة عن طريق مصر، مشدداً على أهمية تسهيل عملية إدخال المساعدات الإنسانية والسماح بالانتهاء من الإجراءات ذات الصلة في أسرع وقت ممكن بعيداً عن العراقيل التي تفرضها إسرائيل، مؤكداً «ضرورة مواصلة إطلاع مجلس الأمن بشفافية وبوضوح على التطورات الخاصة بعمل الآلية ومدى تعاون الدول معها في تنفيذ الولاية التي أوكلها إليها مجلس الأمن، سواء فيما يتعلق بتسهيل دخول المساعدات الإنسانية أو بإنشاء الآلية الأممية».

بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)

وحسب المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية والهجرة المصرية، أحمد أبو زيد، الأحد، فقد رحّب وزير الخارجية والهجرة المصري بالمسؤولة الأممية في القاهرة، مؤكداً «مواصلة مصر تقديم الدعم اللازم لها لتمكينها من تنفيذ مهام ولايتها التي نص عليها قرار مجلس الأمن المنشئ لها رقم 2720، والتأكيد على الرغبة المصرية في استمرارها في تنفيذ مهام ولايتها لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني».

وأعرب عبد العاطي عن انزعاج مصر الشديد من محاولات تكرار ما يحدث بغزة في الضفة الغربية.

من جانبها، حرصت المسؤولة الأممية على استعراض أبرز الجهود التي بذلتها خلال الفترة الماضية في سبيل تسهيل إدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، بما في ذلك المشاركة في حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي بدأت، الأحد. وأشارت إلى الصعوبات التي تواجهها الآلية الأممية في ظل استمرار العمليات العسكرية وتدهور الوضع الأمني في القطاع، مشددة على حرصها على التعاون مع مصر خلال الفترة المقبلة لحشد المزيد من المساعدات الإنسانية والإغاثية من مجتمع المانحين الدوليين، واتخاذ الترتيبات اللازمة لدخولها القطاع فور سماح الظروف بذلك.