«سد النهضة»: ترقب مصري لجولة مفاوضات جديدة في أديس أبابا

وسط توافق القاهرة وجوبا على تدشين مشروعات تنموية لمجابهة التحديات المائية

جانب من اجتماع «اللجنة الفنية» لمصر وجنوب السودان في القاهرة (وزارة الري المصرية)
جانب من اجتماع «اللجنة الفنية» لمصر وجنوب السودان في القاهرة (وزارة الري المصرية)
TT

«سد النهضة»: ترقب مصري لجولة مفاوضات جديدة في أديس أبابا

جانب من اجتماع «اللجنة الفنية» لمصر وجنوب السودان في القاهرة (وزارة الري المصرية)
جانب من اجتماع «اللجنة الفنية» لمصر وجنوب السودان في القاهرة (وزارة الري المصرية)

وسط ترقب في مصر لجولة جديدة من مفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي، والتي ستقام في أديس أبابا الشهر الحالي، توافقت القاهرة وجوبا على «تدشين مشروعات تنموية لمجابهة التحديات المائية».

وتطالب مصر والسودان بتوقيع اتفاق قانوني مُلزم ينظم عمليتي ملء وتشغيل «السد»، الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل)، ويهدد بتقليص إمدادات المياه إلى البلدين، فضلاً على التسبب في أضرار بيئية واقتصادية أخرى. في حين تدفع إثيوبيا بـ«حقها في التنمية، وتوليد الكهرباء التي يحتاج إليها شعبها».

وينتظر عقد جولة جديدة من مباحثات «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا، في سبتمبر (أيلول) الحالي، عقب جولة سابقة انعقدت في القاهرة 27 و28 أغسطس (آب) الماضي، «لم تتوصل لأي اتفاق».

وقال نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في مصر، الدكتور أيمن عبد الوهاب، لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤشرات التي عكستها آخر مفاوضات لـ(السد) في القاهرة، تؤكد استمرار (التعنت الإثيوبي) خصوصاً في ما يتعلق بشرط تحديد حصة المياه لأديس أبابا».

وتسبب عدم التوصل لاتفاق بشأن «السد» في جولة المفاوضات السابقة بالقاهرة، في تصاعد الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا. وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن «إثيوبيا لم تظهر أي توجه للأخذ بأي من الحلول الوسط المطروحة بشأن قضية (سد النهضة) خلال المفاوضات الأخيرة». وأكد شكري في كلمة خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية، الشهر الحالي، أنه «لا يوجد تغير في التوجه الإثيوبي (الأحادي) في ما يتصل بملء وتشغيل (السد)». كما تحدث المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، ملس آلم، عن أن بلاده تسعى للوصول إلى «تفاهم مشترك يرضي الأطراف كلها» بخصوص «السد»، لكنه أشار إلى أن «بلاده لم تلحظ أي تقدم من الجانب المصري بشأن حل الأزمة».

في السياق رجحت الخبيرة في الشؤون الأفريقية، الدكتورة أماني الطويل، «عدم التوصل لأي اتفاق خلال جولة المفاوضات المرتقبة في أديس أبابا بشأن (السد)». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «جميع المعطيات السابقة تؤكد صعوبة التوصل لاتفاق، خصوصاً في ظل استمرار التصرفات الإثيوبية (الأحادية)، وكان آخرها الإعلان عن الملء الرابع والأخير لـ(السد)».

سد النهضة (رويترز)

إضافة إلى ذلك، اختُتمت في القاهرة (الثلاثاء) أعمال «اللجنة الفنية المشتركة بين مصر وجنوب السودان»، بحضور وزير الري والموارد المائية المصري، هاني سويلم، ونظيره من جنوب السودان، بال ماي دينج، بجانب أعضاء اللجنة من البلدين. واتفق الحاضرون على متابعة موقف المشروعات التنموية المشتركة في مجال الموارد المائية، والعمل على إزالة أي تحديات تواجهها.

ووفق إفادة لوزارة الري المصرية (الثلاثاء) فقد أكد سويلم وبال ماي دينج «الاستمرار في تعزيز أواصر التعاون والتكامل بين البلدين، واستمرار الزيارات المتبادلة على مستوى الوزراء والفنيين لمتابعة كل أوجه التعاون»، وكذا «قيام الفنيين من الجانب المصري بزيارة جنوب السودان للتعرف على متطلبات المواطنين بجنوب السودان لتحديد المشروعات المثلى التي تحقق هذه المتطلبات».

وقال وزير الري المصري إن «مصر تهتم بتقديم الدعم لجنوب السودان في الكثير من المشروعات في مجال توفير المياه النقية للمواطنين وإنشاء خزانات لمياه الأمطار ومحطات لقياس المناسيب والتصرفات»، وأيضاً «إنشاء مركز للتنبؤ بالفيضانات والإنذار المبكر والتدريب وبناء القدرات». في حين أكد وزير الري الجنوب سوداني، «اهتمام بلاده بالمشروعات التنموية المشتركة التي تعود بالنفع المباشر على المواطنين».

وتشكلت «اللجنة الفنية المشتركة بين مصر وجنوب السودان» تحت مظلة اتفاقية التعاون الفني والتنموي والتي وُقِّعت في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014 برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الجنوب سوداني سلفا كير، وبدأت اللجنة اجتماعات دورتها الحالية (السبت) الماضي».


مقالات ذات صلة

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا الوزير المصري سويلم يلتقي السفير الألماني بالقاهرة (وزارة الموارد المائية والري)

مصر تحذّر دول نهر النيل من تفعيل اتفاقية «عنتيبي»

حذّرت مصر دول نهر النيل، من تفعيل «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، المعروفة باسم اتفاقية «عنتيبي»، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي «تخالف قواعد القانون الدولي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

هيمن كل من الحرب في غزة وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الخارجية المصرية)

عبد العاطي لبلينكن: الأمن المائي قضية «وجودية» لمصر

أكّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، رفض مصر وإدانتها للتصعيد الإسرائيلي ضد وكالة «أونروا».

شمال افريقيا وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم خلال حفل تخريج متدربين أفارقة (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

مصر تتمسك بقاعدة «الإجماع» لحل «الخلافات المائية» في حوض النيل

أكّدت مصر تمسكها بضرورة العمل وفق قاعدة «الإجماع» في إدارة وحل «الخلافات المائية» مع دول حوض النيل.

عصام فضل (القاهرة)

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
TT

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)

دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات في البلاد، وذلك بعد أيام من إعلان «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» (جهاز حكومي يتبع وزارة الاتصالات) الموافقة مبدئياً على «رفع أسعار خدمات الاتصالات»، و«قرب تطبيق الزيادة الجديدة».

وقدَّم عضو مجلس النواب، النائب عبد السلام خضراوي، طلب إحاطة لرئيس المجلس، ورئيس الوزراء، ووزير الاتصالات حول الزيادة المرتقبة، مطالباً الحكومة بالتدخل لوقف أي زيادات جديدة في أسعار المحمول والإنترنت، في ظل «سوء خدمات شركات المحمول»، على حد قوله.

وجاءت إحاطة خضراوي بالتزامن مع إعلان عدد من النواب، اليوم (السبت)، رفضهم الزيادات المرتقبة، ومنهم النائبة عبلة الهواري، التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها ترفض قرار الزيادة «في ظل الظروف الاقتصادية الحالية».

وبحسب مصدر برلماني مطلع «يتجه عدد من النواب إلى تقديم طلبات إحاطة برلمانية بشأن زيادة الأسعار المرتقبة على خدمات الاتصالات، حتى لا يتم إقرارها من قبل الحكومة المصرية».

وكان خضراوي قد أكد في إحاطته البرلمانية أنه كان على الحكومة أن تتدخل لإجبار الشركات على تحسين الخدمة، التي «أصبحت سيئة خصوصاً في المناطق الحدودية والقرى»، عادّاً أن الشركات «تحقق أرباحاً كبيرة جداً»، ولا يوجد ما يستدعي رفع الأسعار، سواء في الوقت الحالي أو حتى في المستقبل.

وأعلن الرئيس التنفيذي لـ«الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات»، محمد شمروخ، قبل أيام «الموافقة المبدئية على رفع أسعار خدمات الاتصالات؛ بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل التي تواجه شركات الاتصالات». وقال خلال مشاركته في فعاليات «معرض القاهرة الدولي للاتصالات» أخيراً، إن الجهاز «يدرس حالياً التوقيت المناسب لتطبيق الزيادة».

الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (مجلس الوزراء المصري)

من جهتها، أكدت وكيلة «لجنة الاتصالات» بمجلس النواب، النائبة مرثا محروس، لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الزيادة لم يُتَّخذ بعد، لكنه مطروح منذ تحريك سعر الصرف في مارس (آذار) الماضي لأسباب عدة، مرتبطة بالإنفاق الدولاري للشركات، والرغبة في عدم تأثر الخدمات التي تقدمها «نتيجة تغير سعر الصرف»، عادّة أن الزيادة المتوقعة ستكون «طفيفة».

ويشترط القانون المصري موافقة «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» قبل تطبيق شركات الاتصالات أي زيادة في الأسعار، في حين ستكون الزيادة الجديدة، حال تطبيقها، هي الثانية خلال عام 2024 بعدما سمح «الجهاز» برفع أسعار خدمات الجوال للمكالمات والبيانات، بنسب تتراوح ما بين 10 و17 في المائة في فبراير (شباط) الماضي.

وتعمل في مصر 4 شركات لخدمات الاتصالات، منها شركة حكومية هي «المصرية للاتصالات»، التي تمتلك أيضاً حصة 45 في المائة من أسهم شركة «فودافون مصر»، وجميعها طلبت زيادة الأسعار مرات عدة في الأشهر الماضية، بحسب تصريحات رسمية لمسؤولين حكوميين.

وجاء الإعلان عن الزيادة المرتقبة بعد أسابيع قليلة من إنهاء جميع الشركات الاتفاق مع الحكومة المصرية على عقود رخص تشغيل خدمة «الجيل الخامس»، مقابل 150 مليون دولار للرخصة لمدة 15 عاماً، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل، مع انتهاء التجهيزات الفنية اللازمة للتشغيل. (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

احدى شركات الاتصالات تقدم خدماتها للمستخدمين (وزارة الاتصالات)

بدوره، رأى عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء»، أحمد مدكور، أن الحديث عن زيادة أسعار خدمات الاتصالات في الوقت الحالي «يبدو طبيعياً مع زيادة تكلفة المحروقات على الشركات، والتزامها بزيادات الأجور السنوية، بالإضافة إلى زيادة نفقات التشغيل بشكل عام»، عادّاً أن الزيادة «ستضمن الحفاظ على جودة انتظام الشبكات».

وقال مدكور لـ«الشرق الأوسط» إن نسب الأرباح التي تحققها الشركات، والتي جرى رصد زيادتها في العام الحالي حتى الآن، «لا تعكس النسب نفسها عند احتسابها بالدولار في سنوات سابقة»، متوقعاً «ألا تكون نسب الزيادة كبيرة في ضوء مراجعتها حكومياً قبل الموافقة عليها».

الرأي السابق تدعمه وكيلة «لجنة الاتصالات» بالبرلمان، التي تشير إلى وجود زيادات جرى تطبيقها في قطاعات وخدمات مختلفة، على غرار «الكهرباء»، و«المحروقات»، الأمر الذي يجعل لدى الشركات مبرراً قوياً لتنفيذ زيادات في أسعار الخدمات «لكي تتمكّن من استمرار تنفيذ خططها التوسعية، وتحسين جودة الخدمات، وتطوير الشبكات المستمر».