واشنطن تدين الغارات على المدنيين في السودان واستخدام «البراميل المتفجرة»

دعت إلى «محاسبة» المسؤولين عن المجازر... وانتقدت خذلان المجتمع الدولي للشعب السوداني

المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أ.ب)
المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أ.ب)
TT

واشنطن تدين الغارات على المدنيين في السودان واستخدام «البراميل المتفجرة»

المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أ.ب)
المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أ.ب)

طالبت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، الملقب بـ«حميدتي»، بالامتثال لتعهدات إعلان جدة لحماية المدنيين، غداة سقوط عدد كبير من الضحايا الأبرياء، وبينهم الكثير من الأطفال والنساء، في الهجمات المتبادلة. ودعت المجتمع الدولي الذي «خذل» الشعب السوداني، إلى دعم وقف القتال ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب «الفظائع» في هذا البلد العربي الأفريقي.

النيران تلتهم سوقاً للماشية في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور نتيجة المعارك (أ.ف.ب)

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، الخميس، إن الولايات المتحدة «تشعر بالقلق من الزيادة الأخيرة في الهجمات الجوية والمدفعية العشوائية في السودان، بما في ذلك ولايات الخرطوم وجنوب دارفور وجنوب كردفان»، مما أدى إلى سقوط «عدد كبير من الضحايا المدنيين». وعبّر عن «القلق بشكل خاص من الغارة الجوية التي شنتها القوات المسلحة السودانية في 10 سبتمبر (أيلول) على جنوب الخرطوم والتي أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 43 شخصاً، والقصف المتبادل الذي وقع في 23 أغسطس (آب) بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، والذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 27 شخصاً، ومعظمهم نساء وأطفال – في نيالا، فيما استمر القصف في عدد من المناطق، بما في ذلك استخدام البراميل المتفجرة».

وقال ميلر إن طرفَي النزاع «حرضا على أعمال عنف لا هوادة فيها تسببت في الموت والدمار في كل أنحاء السودان»، مضيفاً أنه «يجب على كلا الطرفين الامتثال لالتزاماته بموجب القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك الالتزامات المتعلقة بحماية المدنيين». وذكّر بأن كلاً من القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» شددتا على «هذه المسؤوليات في إعلان جدة للالتزام بحماية المدنيين السودانيين في 11 مايو (أيار)، علماً بأن كلاً منهما فشل في الوفاء بها في الأشهر التي تلت ذلك». وكرر أن الولايات المتحدة «تواصل دعم محاسبة مرتكبي الفظائع في السودان».

وأعادت السفارة الأميركية في الخرطوم توزيع مضمون هذه التصريحات الأميركية.

مجلس الأمن

إلى ذلك، عبّرت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، عن استياء شديد من تلويح الخرطوم بإنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان «يونيتامس»، إذا شارك الممثل الخاص للمنظمة الدولية فولكر بيرثيس، المستقيل، في الجلسة الأخيرة التي عقدها مجلس الأمن، واصفةً هذه التهديدات بأنها «غير مقبولة». وقالت: «لا ينبغي السماح لأي دولة بتهديد قدرة هذا المجلس على الاضطلاع بمسؤولياته من أجل السلام والأمن».

وتحدثت المسؤولة الرفيعة في إدارة الرئيس جو بايدن عن رحلتها الأخيرة إلى المنطقة، بما في ذلك زيارة مخيم للاجئين قرب الحدود السودانية مع تشاد، مضيفةً أن هذا «كان أحد أتعس أيام حياتي». وعرضت لتفقدها مستشفى لمنظمة أطباء بلا حدود «حيث يعالج الأطباء مئات الأطفال الذين يعانون سوء التغذية الحاد. وعندما مشيت في المستشفى، أول شيء لاحظته هو مدى الصمت والهدوء المخيف». وإذ شكرت للحكومة التشادية جهودها، لاحظت أن «الهجمات على المرافق الصحية أدت إلى توقف أكثر من 80 في المائة من المستشفيات داخل السودان عن العمل». ودعت السلطات السودانية إلى «السماح بالحركة المتواصلة من دون عوائق للسلع والعاملين في المجال الإنساني، وتسهيل استيراد السلع والمعدات الإنسانية، وتسريع الموافقات على تأشيرات الدخول للعاملين في المجال الإنساني الدوليين».

قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان (أ.ب)

وصمة عار

واستنتجت غرينفيلد أن «المجتمع الدولي يخذل الشعب السوداني»، مشيرةً إلى أن «خطة الاستجابة الإنسانية للسودان لعام 2023 موّلت بأقل من 30 في المائة. هذا مخزٍ. ووصمة عار على إنسانيتنا المشتركة». وأعلنت أن الولايات المتحدة ملتزمة دعم الشعب السوداني»، موضحةً أن بلادها ستقدم نحو 163 مليون دولار من المساعدات الإنسانية الإضافية لشعب السودان والدول المجاورة. وذكّرت بالعقوبات على عبد الرحيم حمدان دقلو، وهو قائد كبير في «قوات الدعم السريع» وشقيق قائدها محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي»، بسبب «صلاته بالانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع ضد المدنيين في السودان». وأعلنت فرض قيود على تأشيرات السفر الأميركية ضد القائد في «الدعم السريع» غرب دارفور عبد الرحمن جمعة «لتورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان». وحضّت أعضاء مجلس الأمن على التنديد بـ«الفظائع المستمرة في السودان (...) ومحاسبة المسؤولين عنها».

المبعوث الأممي إلى السودان المستقيل فولكر بيرثيس في جلسة مجلس الأمن الأربعاء (الأمم المتحدة)

وأعلنت غرينفيلد انضمام الولايات المتحدة إلى «شركائنا الإقليميين والدوليين» في «دعوة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى إنهاء القتال، واحترام حقوق الإنسان، والالتزام بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي»، مجددةً دعم الجهود الدبلوماسية الدولية المنسقة سعياً إلى تحقيق السلام من الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية «إيغاد» وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة وشركاء آخرين من القرن الأفريقي والشرق الأوسط. وكررت التمسك بـ«دعمنا للتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني من أجل حكومة مدنية وسودان ديمقراطي مستقر». وأكدت أنها ستواصل إثارة هذه المسألة في المجلس، لأنه «لا يمكننا أن نغضّ الطرف بينما يعاني الناس، فيما يحتدم الصراع»، داعيةً المجتمع الدولي إلى «بذل المزيد لمعالجة الأزمة الإنسانية، وتأمين السلام والعدالة للشعب السوداني».



مصر تؤكد دعمها تشاد في مكافحة «الإرهاب والتطرف»

محادثات بدر عبد العاطي في تشاد (الخارجية المصرية)
محادثات بدر عبد العاطي في تشاد (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد دعمها تشاد في مكافحة «الإرهاب والتطرف»

محادثات بدر عبد العاطي في تشاد (الخارجية المصرية)
محادثات بدر عبد العاطي في تشاد (الخارجية المصرية)

أكدت مصر حرصها على دعم تشاد في مكافحة «الإرهاب» والتطرف، داعية إلى تبني «مقاربة شاملة» تراعي الأبعاد الفكرية والاجتماعية.

ووصل وزير الخارجية والهجرة المصري، الخميس، إلى العاصمة التشادية نجامينا في مستهل زيارة رسمية، وعقد لقاء مع وزير الشؤون الخارجية والتكامل الأفريقي التشادي، عبد الرحمن غُلام الله، تناول المستجدات الإقليمية وتعزيز العلاقات الثنائية، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف.

وشدد وزير الخارجية المصري، خلال اللقاء، على «حرص بلاده على تقديم الدعم لتشاد لتعزيز قدرات المؤسسات الوطنية ذات الصلة بتحقيق الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب والتطرف»، وأشار إلى «أهمية تبني مقاربة شاملة تراعي الأبعاد التنموية والاجتماعية والأمنية والفكرية».

وفي هذا السياق، ثمن عبد العاطي «الدور المحوري الذي يقوم به الأزهر الشريف في تشاد في مكافحة الفكر المتطرف، وكذلك دور مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام في بناء القدرات في مجالات مكافحة الفكر المتطرف والجريمة المنظمة عابرة الحدود».

وتصاعدت وتيرة الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، وأعلنت تشاد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مقتل 40 جندياً في هجوم إرهابي على قاعدة عسكرية غرب البلاد، عُد الأعنف خلال العام الجاري.

وتُوصف تشاد بأنها الدولة الأكثر نشاطاً في الحرب على الإرهاب، وسبق أن خاض جيشها المدرب على ملاحقة الإرهابيين عمليات عسكرية عدة في بقية دول الساحل، خصوصاً مالي والنيجر، ومن أشهر العمليات التي قادها الجيش التشادي كانت عام 2013 ضد معاقل «القاعدة» في شمال مالي.

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية، في إفادته، الخميس، إن اللقاء بين عبد العاطي وغُلام الله، «شهد تبادل الرؤى بشأن عدد من القضايا الإقليمية، وعلى رأسها التطورات في السودان والتي تؤثر بشكل مباشر على كل من مصر وتشاد، حيث تعد مصر وتشاد أكثر الدول استقبالاً للنازحين من السودان».

وفي يوليو (تموز) الماضي، توافقت مصر وتشاد على ضرورة دعم جهود وقف إطلاق النار في السودان الذي يعاني من أزمة إنسانية متفاقمة «تستوجب التدخل العاجل لتخفيفها» بحسب إفادة رسمية للرئاسة المصرية عقب استقبال الرئيس المصري نظيره التشادي في القاهرة.

وتناول الوزيران تطورات الأوضاع في ليبيا، وفي منطقتي الساحل والقرن الأفريقي، فضلاً عن الأمن المائي المصري، حيث أكد عبد العاطي أنه «أمر لا تهاون فيه»، بحسب المتحدث باسم الخارجية المصرية.

وأقامت إثيوبيا «سد النهضة» على رافد نهر النيل الرئيس، وسط اعتراضات من دولتَي المصب؛ مصر والسودان، للمطالبة باتفاق قانوني ينظم عمليات ملء وتشغيل السد، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

وقال تميم خلاف إن وزير الخارجية المصري أشاد خلال اللقاء بالروابط التاريخية والثقافية التي تجمع البلدين، مؤكداً أن «زيارته تأتي في إطار الحرص على الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية»، مشيراً في هذا الصدد إلى زيارة الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، إلى مصر في يوليو الماضي، واللقاءات المتبادلة بين مسؤولي البلدين «ما يعكس الالتزام المشترك بتعزيز التعاون الثنائي وتنسيق المواقف بالنسبة للتطورات في الإقليم».

وأكد عبد العاطي، الذي اصطحب معه إلى نجامينا وفداً من ممثلي كبرى الشركات المصرية، على «أهمية الارتقاء بمستوى التبادل التجاري بين البلدين واستكشاف الفرص المتاحة لزيادة الاستثمارات»، بحسب المتحدث الرسمي.

وأشار إلى «أهمية زيادة الدورات التي تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، وتوفير العديد من المنح في التخصصات المختلفة للطلاب التشاديين في الجامعات المصرية، والتوسع في برامج تدريب الدبلوماسيين التشاديين في القاهرة».

وشهدت الزيارة الإعلان عن تسيير قافلة طبية مصرية في مجال طب العيون لدعم القطاع الصحي في تشاد، واتفق الوزيران على عقد اللجنة المشتركة بين البلدين في أقرب وقت، لبحث سبل تعزيز أطر التعاون القائمة ودفع العلاقات الثنائية، وفق إفادة المتحدث الرسمي.