قرى مصرية «تتشح بالسواد» خلال تشييع ضحايا إعصار «دانيال»

وصول 87 جثماناً... و«إعانات رئاسية» عاجلة

عربات الإسعاف تصطف بعد نقل الجثامين (الشرق الأوسط)
عربات الإسعاف تصطف بعد نقل الجثامين (الشرق الأوسط)
TT

قرى مصرية «تتشح بالسواد» خلال تشييع ضحايا إعصار «دانيال»

عربات الإسعاف تصطف بعد نقل الجثامين (الشرق الأوسط)
عربات الإسعاف تصطف بعد نقل الجثامين (الشرق الأوسط)

توافدت منذ الساعات الأولى من صباح اليوم (الأربعاء)، 87 جثماناً من الضحايا المصريين، الذين لقوا مصرعهم جراء عاصفة «دانيال» التي ضربت الشرق الليبي، على عدد من محافظات مصر لبدء إجراءات الدفن.

وبحسب وزارة الهجرة المصرية، اليوم (الأربعاء)، فإن «الجيش المصري أعاد 87 جثة لمواطنين توفوا في ليبيا بسبب العاصفة دانيال، وتم إيصالهم للمحافظات التي ينتمي إليها أصحابها قصد دفنهم بمثواهم الأخير».

أهالي قرية «الشريف» المصرية يشيعون ضحاياهم جراء العاصفة الليبية (الشرق الأوسط)

وتستضيف ليبيا أعدادا كبيرة من العمالة المصرية، الذين عادة ما يعبرون الحدود البرية إلى الشرق؛ حيث تقع معظم المناطق المتضررة من العاصفة.

وبينما أكدت وزارة الخارجية المصرية في إفادة رسمية متابعة مجريات الأمور لاستعادة كل جثامين الضحايا المصريين، ذكرت «المنظمة الدولية للهجرة» أنه تم تسجيل مقتل 250 مصرياً جراء «دانيال» على الأقل. فيما نشرت «الإدارة العامة لأمن السواحل» في مدينة طبرق الليبية، عبر صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك»، أمس (الثلاثاء)، وصول 145 جثماناً لمصريين إلى مشرحة المدينة.

قرى منكوبة

واتشحت محافظة بني سويف (جنوب القاهرة) على وجه التحديد بالسواد، وعلت أصوات عويل الأهالي، بعدما فقدت المحافظة 74 شاباً، بينهم 68 من أبناء قرية «الشريف» وحدها، فيما فقدت قرى عتمان وسدس وفزارة بقية الضحايا.

أهالي قرية "الشريف" ببني سويف يشيعون ضحاياهم جراء العاصفة الليبية (الشرق الأوسط)

وبحسب روايات أهالي قرى المحافظة لـ«الشرق الأوسط»، فقد تعالت أصوات العويل والنواح من أحد منازل قرية «الشريف»، لتتبين لاحقاً وفاة ستة من شباب عائلة واحدة، بينهم ثلاثة أشقاء هم أحمد ومحمد وعبد الرحمن.

ولم يتسن الحديث إلى والدتهم السيدة فاطمة عبد الكريم بسبب حالتها، غير أن روايات الأقارب أكدت أن الأشقاء الثلاثة سافروا قبل عام إلى ليبيا لمساعدة أسرتهم على تكاليف المعيشة في ظل ضعف فرص العمل هناك.

وضع كارثي

روى الدكتور كريم عيد، أحد أقارب الضحايا، حالة القرية، واصفاً ما حدث بـ«الكارثة»، لكون معظم المتوفين أقارب ما بين أشقاء وأبناء عمومة، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «علمنا بخبر اختفاء أبناء عمومتي فجر الثلاثاء من قبل أبناء القرية الذين سافروا معهم، بينما كانوا قبل الكارثة على تواصل مع ذويهم على النحو المعتاد». مضيفا أن غالبية الشباب الضحايا تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 25 عاماً، وأنهم سافروا منذ سنوات قريبة بحثاً عن لقمة العيش، لا سيما أنه سبقهم آخرون إلى ليبيا من شباب القرية. مشيرا إلى أنه ما زالت هناك جثامين لم تصل إلى مصر بعد، بسبب صعوبة التعرف على الجثث، نتيجة تغير ملامح الضحايا جراء الدمار الذي خلفه الإعصار، حسب رواية أقاربه في ليبيا.

الحزن يخيم على الأهالي بعد فقدان 68 من أبناء قرية واحدة فقط (الشرق الأوسط)

وبعدما دفن سري عبد اللطيف أربعة جثامين، بينهم اثنان من أحفاده واثنان من أبناء عمومته في مقابر القرية المنكوبة، كشف لـ«الشرق الأوسط» عن أن آخر اتصال جرى بين الأسرة والضحايا كان يوم الاثنين، وقال بهذا الخصوص: «لقد تحدثوا إلينا وطمأنونا قبل ساعات من العاصفة التي أودت بحياتهم خلال ساعات الفجر، ويبدو أنها جرفتهم وهم نائمون (حسبما علم من شهود عيان)، لكننا لم نتوقع أنه الحديث الأخير».

وأضاف عبد اللطيف موضحا أن القرية علمت بمصرع 15 آخرين من ذويهم في درنة، بينما كانوا يقومون بدفن 68 جثمانا وصلت إلى مصر صباح اليوم، وقال بهذا الخصوص: «كل ما نطالب به وصول الجثامين المتبقية لدفنها، نحن لا نبحث عن أموالهم أو متعلقاتهم على الإطلاق».

ورغم أن الكارثة كانت أقل نسبياً في مركز الحامول بمحافظة كفر الشيخ (شمال مصر)، غير أن أهالي قرية الزعفران خرجوا وافترشوا الشوارع، بعد ورود أنباء عن وفاة الشقيقين علاء ومحمد من أبناء القرية.

وأوضح عصام القصيف، رئيس مدينة الحامول لـ«الشرق الأوسط»، أن الجثمانين لم يصلا إلى مصر بعد، غير أن الأسرة تأكدت من مصرع الشابين في شرق ليبيا، وقال القصيف بهذا الخصوص: «هناك عدد من شبان قرية الزعفران الذين سافروا للعمل في ليبيا، لكن لم ترد إلينا أسماء وفيات سوى الضحيتين، ونحن ننسق مع الجهات المعنية للاطمئنان على البقية».

وتقدم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتعازيه لأسر الضحايا المصريين، ووجه بتوفير «إعانات عاجلة» لأسرهم.


مقالات ذات صلة

ألمانيا: محاكمة رجل بتهمة احتجاز وإساءة معاملة امرأة في الغردقة

أوروبا شرطيون ألمان (أرشيفية - رويترز)

ألمانيا: محاكمة رجل بتهمة احتجاز وإساءة معاملة امرأة في الغردقة

بدأت وقائع محاكمة ألماني أمام المحكمة الإقليمية الأولى في ميونيخ بتهمة احتجاز ألمانية في شقة على مدار شهرين في منتجع الغردقة المصري.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ )
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة» يوم الاثنين المقبل بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أدى قرار استبعاد المئات من الإدراج على «قوائم الإرهاب» في مصر، بقرار من محكمة الجنايات، إلى إعادة الجدل بشأن إمكانية «المصالحة» مع جماعة «الإخوان».

أحمد عدلي (القاهرة)
رياضة عالمية أشرف صبحي (وزارة الشباب والرياضة المصرية)

مصر: لم نرخص لشركات المراهنات في كرة القدم

أكدت وزارة الرياضة المصرية أن جميع اللوائح المنظمة لإجراءات إشهار الشركات الرياضية تمنع تماماً إشهار أي شركة يتعلق مجال عملها بالمراهنات في كرة القدم أو غيرها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)
يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)
TT

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)
يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

حذر ليبيون، اندمجوا في ورشة عمل نظمتها الأمم المتحدة، من تصاعد «خطاب الكراهية» في البلد المنقسم سياسياً، وذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة، مطالبين بالتصدي لهذه الظاهرة ومعالجتها خشية توسعها في المجتمع.

وقالت الأمم المتحدة إن الورشة التي عقدت عبر «الإنترنت» جاءت جزءاً من برنامج «الشباب يشارك» التابع لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وناقش خلالها، 24 مشارِكة ومشاركاً من جميع أنحاء البلاد «سبل مكافحة خطاب الكراهية السائد في ليبيا، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي».

وأعاد الانقسام السياسي الذي تشهده ليبيا راهناً «خطاب الكراهية» إلى واجهة الأحداث، وذلك على خلفية الصراع حول السلطة، ما يفتح الباب لمزيد من التجاذبات السياسية.

وأوضحت الأمم المتحدة أن المشاركين سلّطوا الضوء على «مدى كون خطاب الكراهية عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي، مع وجود خلط واسع النطاق بين ما يعدّ انتقاداً مشروعاً وبين ما يمكن وصفه بـخطاب كراهية»، ورأوا أن «الاستقطاب الحاد في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لعب دوراً كبيراً في تفاقم خطاب الكراهية وانتشار المعلومات المضللة في البلاد».

رئيسة بعثة الأمم المتحدة بالنيابة ستيفاني خوري في فعاليات سابقة بحضور ليبيات (البعثة الأممية)

وقالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية»، مضيفة أن «الاختيار الخاطئ لمفردات اللغة يمكن أن يتسبب في عواقب وخيمة».

وأكد المشاركون أن النساء والشباب «كانوا المستهدفين في خطاب الكراهية في معظم الأحيان، وأن بعضهم يتضرر بهذا الأمر في حياته اليومية»، مضيفين أن «من الصعب على الشباب، خاصة الفتيات، رفع أصواتهم من دون مواجهة العواقب».

ولا يقتصر «خطاب الكراهية» في ليبيا على وسائل التواصل الاجتماعي، وحديث المسؤولين، بل يتعدى ذلك إلى البرامج السياسية في الفضائيات المتعددة، بالإضافة إلى بعض المواقع الإلكترونية التي أُنشئت لترويج أفكار وبرامج على أساس جهوي.

وذكرت البعثة الأممية نقلاً عن أحد المشاركين أن «مكافحة خطاب الكراهية في ليبيا تمثل تحدياً كبيراً، حيث إن أغلب الصفحات التي تعج بهذا الخطاب وتنشره تتركز على منصة (فيسبوك)، وغالباً ما يديرها أشخاص مؤثرون». وأشار إلى أن «هذا الوضع يجعل التصدي لخطاب الكراهية أمراً صعباً ويشكل خطراً على الشباب».

وأوصى المشاركون في نهاية ورشة العمل بـ«معالجة خطاب الكراهية في مراحل مبكرة، وذلك من خلال التثقيف في المدارس حول منع التنمر والجرائم الإلكترونية وإلحاق الأذى بالآخرين»، مطالبين بـ«دعم السلطات لمكافحة هذا الخطاب وزيادة الوعي بالمخاطر المحيطة به بين الشباب من خلال مراكز الشباب والمجالس الشبابية».

واقترح المشاركون في ورشة العمل تنظيم حملات مناصرة لدعم تغيير في القوانين الليبية يهدف إلى تعريف خطاب الكراهية وضمان احترام هذه القوانين، كما دعوا لدعم المجتمع المدني واتحادات الطلبة ومنظمات تقصي الحقائق.

كما اقترحوا «العمل بشكل وثيق مع منصات التواصل الاجتماعي لتشخيص خطاب الكراهية في ليبيا ومواجهته»، بالإضافة إلى «دعم ضحايا خطاب الكراهية لبناء قدراتهم على التكيف والصمود وتعزيز الحوار»، ولفتوا إلى ضرورة «جمع مختلف المجتمعات المحلية معاً للتغلب على الحواجز وإزالة الانقسامات الاجتماعية».

وتشير البعثة الأممية إلى أن الهدف من ورشة العمل هو «جمع أفكار المشارِكات والمشاركين وتوصياتهم لإثراء عمل البعثة مع الشباب في جميع أرجاء ليبيا وإيصال أصوات أولئك الذين يتم في العادة استبعادهم لمن يجب أن يسمعها».

سفير الاتحاد الأوروبي نيكولا أورلاندو خلال لقائه ستيفاني خوري في طرابلس (البعثة)

وفي شأن آخر، دعت الأمم المتحدة في ليبيا إلى اتخاذ إجراءات لحماية وتعزيز حقوق المرأة، كما أطلقت «حملة 16 يوماً» لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات.

وقالت الأمم المتحدة، الاثنين، إن هذه «حملة دولية سنوية تبدأ في 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، الموافق اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وتنتهي في 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتدعو الحملة، التي تجري تحت قيادة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى اتخاذ إجراءات عالمية لزيادة الوعي وحشد جهود المناصرة ومشاركة المعرفة والابتكارات لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات إلى الأبد.

وتؤكد الأمم المتحدة في ليبيا، «دعمها الثابت لليبيين في إنهاء جميع أشكال العنف، بما في ذلك ضد النساء والفتيات. وندعو السلطات الوطنية والمحلية إلى معالجة أي شكل من أشكال العنف ضد النساء والفتيات بشكل عاجل وتعزيز حماية حقوق المرأة وتمكينها بما يتماشى مع الالتزامات الدولية لهذه السلطات».

ووفقاً للبعثة الأممية، توضح التقارير، الزيادة المقلقة للعنف عبر «الإنترنت»، بما في ذلك «التحرش والتهديد والابتزاز الجنسي»، خصوصاً ضد الناشطات والشخصيات العامة، «ما يبرز بشكل متزايد الحاجة إلى تعزيز حماية حقوق المرأة، بما في ذلك في الفضاء الرقمي».

وأوضحت المنظمة الدولية أنه «مع بدء حملة 16 يوماً لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، تود الأمم المتحدة في ليبيا أن تشيد بالتقدم المحرز من خلال التعاون بين الدولة وكيانات الأمم المتحدة في حماية وتمكين النساء والفتيات. وسنواصل العمل مع الحكومة والشركاء المحليين والمجتمع المدني لضمان أن تتمتع كل امرأة وفتاة في ليبيا بحقوقها الكاملة وأن تعيش في مأمن من العنف».

في السياق ذاته، دعا رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا السفير نيكولا أورلاندو مجلس النواب إلى اعتماد قانون «القضاء على العنف ضد المرأة» الذي أقرته لجنته التشريعية في 18 يناير (كانون الثاني) 2024.

وجدد أورلاندو «التزام الدول الأوروبية بدعم ليبيا لحماية النساء والفتيات من هذه الآفة العالمية»، وقال: «اكسروا حاجز الصمت. أوقفوا العنف. لا يوجد أي عذر للعنف ضد المرأة».