ليبيا: مسؤول طبي يؤكد تسجيل 20 ألف حالة وفاة جراء إعصار «دانيال»

الفيضانات تسببت في خروج رفات الموتى من المقابر والمستشفيات لم تعد قادرة على استيعاب جثامين الضحايا

TT

ليبيا: مسؤول طبي يؤكد تسجيل 20 ألف حالة وفاة جراء إعصار «دانيال»

صور وزعتها شعبة إعلام «الجيش الوطني» لعمليات البحث والإنقاذ فى درنة
صور وزعتها شعبة إعلام «الجيش الوطني» لعمليات البحث والإنقاذ فى درنة

دخلت عمليات البحث والإنقاذ عن ضحايا إعصار «دانيال» الذي اجتاح مدن شرق ليبيا، يومها الثالث على التوالي، بمشاركة فرق بحث وإنقاذ محلية وعربية ودولية، مع ارتفاع مستمر في الخسائر البشرية والمادية، وفي غضون ذلك، قال مدير مركز البيضاء الطبي، عبد الرحيم مازق، إن الأرقام تشير إلى وجود 20 ألف حالة وفاة جراء الفيضانات، التي تسببت في خروج رفات الموتى من المقابر، ما ينذر بكارثة بيئية، بينما لم تعد المستشفيات قادرة على استيعاب جثامين الضحايا.

وقال اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر لـ«الشرق الأوسط»، إن عدد الضحايا وصل إلى أكثر من سبعة آلاف قتيل، محذرا من أن الرقم قد يتزايد بشكل سريع رغم استمرار عملية البحث والإنقاذ. مؤكدا استمرار وصول قوافل الإغاثة والدعم المحلي من دول عربية ودولية ومحلية للمناطق المتضررة، مشيرا إلى نجاح محاولات الوصول للمناطق المنكوبة لتقديم الدعم الإنساني، والمساعدة في توفير حاجاتهم.

لكن المسماري كشف في المقابل عن وجود تحديات كثيرة: «أهمها تدمير جميع الطرق الواصلة بين المدن والقرى، وبالتالي صعوبة الوصول للمناطق المنكوبة، وهو ما يبطئ عمليات البحث والإنقاذ».

في المقابل، عدّ المنفي أن المسؤولية «تحتم علينا طلب الاستعانة الدولية من كل الدول، والمنظمات دون استثناء، فالكارثة مهولة وأكبر من قدرات ليبيا»، لافتا إلى استمرار التواصل مع كل الفعاليات في شرق البلاد للاستفادة من الإمكانات المتاحة لإغاثة المتضررين.

وتلقى المنفي اتصالين هاتفيين من الملك عبد الله الثاني ملك الأردن، والرئيس الفلسطيني محمود عباس لتعزيته في ضحايا الإعصار، ونقل عن وفد جزائري، التقاه مساء (الثلاثاء)، برئاسة وزير الداخلية إبراهيم مراد، أن الجزائر بدأت بإرسال مساعدات إنسانية مهمة إلى ليبيا عن طريق جسر جوي مكون من 8 طائرات تابعة للجيش الجزائري، متمثلة في فرق إنقاذ متخصصة ومواد غذائية وطبية وألبسة وخيم، مؤكدين له التزام الجزائر قيادة وشعباً بالتضامن اللامشروط واللامحدود مع الشعب الليبي.

وكان المنفي قد تلقى اتصالاً هاتفياً، مساء (الثلاثاء) من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لتعزيته في ضحايا إعصار دانيال، مشيرا إلى تأكيد السيسي على أن مصر ستضع كل إمكاناتها في خدمة المنكوبين، من خلال تقديم الدعم الإنساني والغذائي العاجل للمتضررين، وأعربا عن أملهما في أن توحّد هذه المحنة القيادات السياسية أسوة بوحدة الشعب الليبي، في مواجهة التحديات.

كما أعلن طارق الخراز، المتحدث باسم وزارة الداخلية في الحكومة «الاستقرار»، أن عدد الضحايا تجاوز 6 آلاف، موضحا أن العدد مرشح للزيادة، وأن الوضع الإنساني في درنة «يحتاج إلى مناشدة دولية، ومساندة من دول الجوار والدول الصديقة».

وكان المسؤول الإعلامي بوزارة الداخلية، محمد أبو لموشة، قد أبلغ «وكالة الأنباء الليبية» أن عدد الوفيات بدرنة تجاوز 5300 قتيل، موضحا أن هناك آلاف المفقودين جراء الكارثة. فيما أكد عميد بلدية شحات، حسين محمود، أن نحو 600 منزل تضررت بنسبة 100 في المائة، ما اضطر أصحابها إلى تركها، لافتا إلى أن الوضع سيئ، وأن «الإجراءات بطيئة في حل المختنقات، فالوعود كثيرة، لكن لا شيء على أرض الواقع».

صلاة الغائب على ضحايا الإعصار فى طرابلس بحضور الدبيبة الثلاثاء (حكومة «الوحدة»)

من جانبه، أعلن عميد بلدية ساحل الجبل الأخضر، فرج بو الطويلة، البلدية منطقة منكوبة جراء إعصار دانيال، وأكد عدم تلقيهم أي مساعدة من الحكومتين في أعمال انتشال الجثث من البحر.

لكن الدبيبة قال في مؤتمر صحافي أمس (الثلاثاء) إن بلاده تقوم بتقييم عروض المساعدات الدولية لتحديد المطلوب، وفقا لما تقتضيه الضرورة، ولضمان التنسيق في جهود الإنقاذ. نافيا الحاجة إلى مساعدات غذائية أو أدوية أو سيارات إسعاف، وموضحا أن المطلوب هو توفير معدات متقدمة للمساعدة في البحث عن الضحايا وانتشال الجثث.

من جانبها، أعلنت إدارة الإعلام والتعبئة بـ«الجيش الوطني» عن استمرار وصول قوافل الإغاثة والدعم من كل مناطق غرب وجنوب البلاد إلى شرقها، بهدف المساهمة في أعمال الإغاثة والإنقاذ بالمناطق المتضررة جراء إعصار «دانيال» الذي ضرب مدن ومناطق الجبل الأخضر.

وبثت شعبة الإعلام بالجيش لقطات مصورة تظهر حجم الدمار الذي خلفه الإعصار بمدينة درنة، بالإضافة إلى عمليات البحث عن العالقين والمفقودين من قبل الوحدات العسكرية والأمنية، وفرق الإنقاذ داخل المباني والبيوت المُتضرّرة وتحت الأنقاض في أحياء مدينة درنة.

في سياق ذلك، قالت حكومة الدبيبة إنها تلقت العديد من رسائل التضامن والتعزية من الدول الصديقة، كما وجهت لها طلبات تقديم مساعدة من عدة دول، لافتة إلى أنها أكدت قبل المباشرة في استقبال أي مساعدات على أن الغذاء والأدوية متوفرة في ليبيا، وأن ما تحتاج إليه هو الفرق المختصة التي تتعامل مع الأعاصير والفيضانات، وفرق الإنقاذ والتفتيش. وفي هذا السياق أوضح محمد حمودة، الناطق الرسمي باسمها، أنه جار العمل على إعطاء أذونات الهبوط، موضحا أن العملية تتم بشكل تدريجي لضمان التنسيق والاستفادة الحقيقية من أي دعم.

وأعرب رئيس بعثة الأمم المتحدة، عبد الله باتيلي، عن شعوره بحزن عميق بسبب الآثار الكارثية لإعصار دانيال على شرق ليبيا، وأشاد بجهود فرق الإنقاذ من جميع أفراد المجتمع، عادّاً الوضع «كارثياً والاحتياجات هائلة».



مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض»، الذي وافق عليه مجلس الوزراء أخيراً، وسوف يحيله لمجلس النواب (البرلمان) للموافقة عليه.

وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، أن مشروع القانون يهدف إلى «تحسين بيئة العمل الخاصة بالأطباء والفريق الصحي، ويرتكز على ضمان توفير حق المواطن في تلقي الخدمات الطبية المختلفة بالمنشآت الصحية، وتوحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يضمن عملهم في بيئة عمل جاذبة ومستقرة»، وفق إفادة وزارة «الصحة» المصرية، الجمعة.

وأشار الوزير المصري إلى تضمن القانون «توحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يكفل الوضوح في هذا الشأن ويراعي صعوبات العمل في المجال الطبي»، مع الحرص على «منع الاعتداء على مقدمي الخدمة الصحية، وتقرير العقوبات اللازمة في حال التعدي اللفظي أو الجسدي أو إهانة مقدمي الخدمات الطبية، أو إتلاف المنشآت، وتشديد العقوبة حال استعمال أي أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى».

جانب من العمل داخل أحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وحسب عضوة «لجنة الصحة» بمجلس النواب، النائبة إيرين سعيد، فإن «هذه الخطوة تأخرت كثيراً»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن مشروع القانون كان يفترض جاهزيته منذ عامين في ظل مناقشات مستفيضة جرت بشأنه، لافتة إلى أن القانون سيكون على رأس أولويات «لجنة الصحة» فور وصوله البرلمان من الحكومة تمهيداً للانتهاء منه خلال دور الانعقاد الحالي.

لكن وكيل نقابة الأطباء المصرية، جمال عميرة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع القانون «لا يوفر الحماية المطلوبة للأطباء في مقابل مضاعفة العقوبات عليهم حال الاشتباه بارتكابهم أخطاء»، مشيراً إلى أن المطلوب قانون يوفر «بيئة عمل غير ضاغطة على الطواقم الطبية».

وأضاف أن الطبيب حال تعرض المريض لأي مضاعفات عند وصوله إلى المستشفى تتسبب في وفاته، يحول الطبيب إلى قسم الشرطة ويواجه اتهامات بـ«ارتكاب جنحة وتقصير بعمله»، على الرغم من احتمالية عدم ارتكابه أي خطأ طبي، لافتاً إلى أن النقابة تنتظر النسخة الأخيرة من مشروع القانون لإصدار ملاحظات متكاملة بشأنه.

وشهدت مصر في الشهور الماضية تعرض عدد من الأطباء لاعتداءات خلال عملهم بالمستشفيات من أقارب المرضى، من بينها واقعة تعدي الفنان محمد فؤاد على طبيب مستشفى «جامعة عين شمس»، خلال مرافقته شقيقه الذي أصيب بأزمة قلبية الصيف الماضي، والاعتداء على طبيب بمستشفى «الشيخ زايد» في القاهرة من أقارب مريض نهاية الشهر الماضي، وهي الوقائع التي يجري التحقيق فيها قضائياً.

وقائع الاعتداء على الطواقم الطبية بالمستشفيات المصرية تكررت خلال الفترة الأخيرة (وزارة الصحة المصرية)

وينص مشروع القانون الجديد، وفق مقترح الحكومة، على تشكيل «لجنة عليا» تتبع رئيس مجلس الوزراء، وتعد «جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، والمعنية بالنظر في الشكاوى، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية»، حسب بيان «الصحة».

وتعوّل إيرين سعيد على «اللجنة العليا الجديدة» باعتبارها ستكون أداة الفصل بين مقدم الخدمة سواء كان طبيباً أو صيدلياً أو من التمريض، ومتلقي الخدمة المتمثل في المواطن، لافتةً إلى أن تشكيل اللجنة من أطباء وقانونيين «سيُنهي غياب التعامل مع الوقائع وفق القوانين الحالية، ومحاسبة الأطباء وفق قانون (العقوبات)».

وأضافت أن مشروع القانون الجديد سيجعل هناك تعريفاً للمريض بطبيعة الإجراءات الطبية التي ستُتخذ معه وتداعياتها المحتملة عليه، مع منحه حرية القبول أو الرفض للإجراءات التي سيبلغه بها الأطباء، وهو «أمر لم يكن موجوداً من قبل بشكل إلزامي في المستشفيات المختلفة».

وهنا يشير وكيل نقابة الأطباء إلى ضرورة وجود ممثلين لمختلف التخصصات الطبية في «اللجنة العليا» وليس فقط الأطباء الشرعيين، مؤكداً تفهم أعضاء لجنة «الصحة» بالبرلمان لما تريده النقابة، وتوافقهم حول التفاصيل التي تستهدف حلاً جذرياً للمشكلات القائمة في الوقت الحالي.