عشرات القتلى في مجزرة جديدة شرق النيل بالعاصمة الخرطوم

قلق أممي من استمرار الصراع في السودان وتحذير من تجنيد المدنيين

الدخان يتصاعد فوق مباني الخرطوم بعد قصف جوي خلال اشتباكات سابقة (رويترز)
الدخان يتصاعد فوق مباني الخرطوم بعد قصف جوي خلال اشتباكات سابقة (رويترز)
TT

عشرات القتلى في مجزرة جديدة شرق النيل بالعاصمة الخرطوم

الدخان يتصاعد فوق مباني الخرطوم بعد قصف جوي خلال اشتباكات سابقة (رويترز)
الدخان يتصاعد فوق مباني الخرطوم بعد قصف جوي خلال اشتباكات سابقة (رويترز)

حصدت الغارات الجوية، في العاصمة السودانية أكثر من 75 قتيلاً من المدنيين خلال ثلاثة أيام، في حين عبر المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، عن قلقه البالغ مما وصلت إليه الأوضاع في السودان، قائلاً إن الوقت قد حان كي يوقف طرفا الصراع في السودان، الحرب ويعودا لاستئناف المحادثات السياسية.

وقالت وزارة الصحة بولاية الخرطوم، الثلاثاء، إن غارة جوية جديدة على سوق شعبية بمحلية شرق النيل بالعاصمة الخرطوم تسببت في قتل وإصابة أكثر من 30 مواطناً بينهم نساء وأطفال، وذلك بعد ساعات من المجزرة الدامية التي شهدها أحد أحياء جنوب الخرطوم، راح ضحيتها 47 قتيلاً وأكثر من 70 مصاباً بعضهم في حالة خطرة.

وأظهر تسجيل فيديو مصور في موقع «فيسبوك» قتلى وجرحى في مكان الغارة الجوية التي استهدفت تجمعا لمواطنين في سوق صغيرة يطلق عليها «سوق الغنم» بمنطقة حلة كوكو بشرق النيل.

وقالت عناصر من قوات الدعم السريع التي نشرت الفيديو، إن الضربة تمت بطائرة «مسيرة» استهدفت المواطنين أثناء وجودهم بالسوق، وأدت إلى مقتل وإصابة العشرات منهم، وأغلبهم من الباعة المتجولين وبائعات الطعام والشاي. ولم يعلق الجيش حتى كتابة هذا التقرير على الحادثة.

ويشن الجيش السوداني ضربات جوية متكررة على منطقة شرق النيل حيث تنتشر قوات الدعم السريع بكثافة وسط المدنيين وتسيطر على الأحياء في المنطقة.

قتلى جنوب الخرطوم

ومن جهة ثانية، أفادت غرفة طوارئ جنوب الحزام، بارتفاع عدد قتلى القصف الجوي للجيش السوداني، الأحد الماضي، الذي استهدف أحد الأحياء السكنية جنوب العاصمة الخرطوم، إلى 47 قتيلاً، ولا تزال هنالك إصابات خطيرة وسط ضحايا الغارة.

وكانت قوات الدعم السريع اتهمت الجيش بشن غارات جوية على إحدى الأسواق في «حي مايو» جنوب الخرطوم، أدت إلى مقتل وإصابات العشرات من المواطنين. وأكد الجيش أنه يوجه ضرباته على تجمعات وحشود ومواقع قوات الدعم السريع بمنأى عن المواطنين الأبرياء والأعيان المدنية والمحمية.

ونفى الجيش توجيه أي ضربة استهدفت مدنيين بمنطقة «مايو»، متهما ميليشيا الدعم السريع بالترويج لادعاءات كاذبة ومضللة.

ودرج طرفا القتال الجيش وقوات الدعم السريع، على اتهام بعضهما البعض، بالتسبب في وقوع ضحايا وسط المدنيين. وتشير إحصاءات غرفة الطوارئ إلى مقتل نحو 250 شخصاً، وإصابة أكثر من (2413) بالذخيرة الحية وشظايا القذائف بمنطقة جنوب الحزام منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) الماضي.

فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (حسابه على منصة إكس)

من جهة ثانية، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، الثلاثاء، إن الوقت قد حان كي يوقف طرفا الصراع في السودان، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) الحرب ويعودا لاستئناف المحادثات السياسية. وأضاف تورك «يجب أن يتوقف هذا الصراع المروع قبل فوات الأوان لانتشال السودان من الكارثة». ومضى يقول «نحن بحاجة لإرادة سياسية منسقة وتعاون من أصحاب النفوذ في المجتمع الدولي لوضع حد للمأساة في السودان».

وعبر تورك عن قلقه من دعوات الجيش السوداني لتسليح المدنيين، قائلا إنه لا ينبغي تشجيع هؤلاء المدنيين على المشاركة في «الأعمال العدائية»، مشيرا إلى أن «قوات الدعم السريع في السودان احتلت مئات المباني المدنية والمستشفيات وتستخدمها لأغراض عسكرية».

وفي السياق، حذرت حكومة إقليم دارفور «غرب السودان»، الثلاثاء، من الاعتداء على قوافل المساعدات الإنسانية، وعدّته اعتداءً على ملايين الأشخاص من مواطني إقليمي دارفور وكردفان.

وقالت في بيان «إن خيط الحياد سيختل تماما إذا تم الاعتداء على الطوف».

وتنقل المؤن الغذائية ومواد الإيواء والوقود والأدوية من مدينة بورتسودان، شرق البلاد، إلى إقليمي كردفان ودارفور، عبر طوف من شاحانات النقل تحت تأمين وحراسة مشددة من القوات المشتركة للفصائل المسلحة الموقعة على اتفاقية «جوبا للسلام» 2020.

حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (أرشيفية)

وكان حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، اتهم جهات لم يسمها بمحاولة عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى ولايات الإقليم.

وكانت الفصائل المسلحة الدارفورية، أبرزها، حركة العدل والمساواة، بزعامة جبريل إبراهيم، وحركة جيش تحرير السودان، التي يترأسها مني أركو مناوي، وفصائل أخرى، أعلنت الحياد وعدم الانحياز إلى أي من طرفي الحرب، الجيش وقوات الدعم السريع.

وأشارت حكومة الإقليم إلى تدهور الوضع الصحي والإنساني، واتساع حجم الفجوة الغذائية والدوائية والإيوائية مع ضعف المساعدات المقدمة من المانحين ومنظمات المجتمع الدولي.

وشهدت ولايات دارفور الخمس مواجهات وأعمال عنف بين الجيش وقوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، أسفرت عن وقوع أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين وتشريد عشرات الآلاف داخل الإقليم والدول المجاورة.

ووفقا لأحدث تقرير للأمم المتحدة، الاثنين، تصاعد النزاع في دارفور إلى عنف منهجي قائم على أساس عرقي ضد المدنيين زاد من حدة التوترات القبلية.

وبلغ ضحايا الحرب منذ اندلاعها منتصف أبريل (نيسان) الماضي، 1146 قتيلاً، و12 ألف جريح، وفقاً لوزارة الصحة السودانية. وتشير إحصاءات المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى مقتل أكثر من 4000 من بينهم مئات المدنيين.


مقالات ذات صلة

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

الخليج مقر وزارة الخارجية الإماراتية (الشرق الأوسط)

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

أكد سالم الجابري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأمنية والعسكرية، استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثة دولة الإمارات في الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا رئيس مجلس الوزراء المصري خلال لقاء عدد من المفكرين والكُتاب (مجلس الوزراء المصري)

«سد النهضة»: مصر تلوح بـ«توجه آخر» حال نقص حصتها المائية

لوّحت الحكومة المصرية باتخاذ «توجه آخر» تجاه قضية «سد النهضة» الإثيوبي حال نقص حصة القاهرة من مياه النيل.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

السودان: اتهامات لكتائب موالية للجيش بـ«إعدام العشرات» جماعياً

وجه نشطاء حقوقيون سودانيون اتهامات لكتائب موالية للجيش وأفراد يرتدون الزي العسكري له بارتكاب ما وصفوه بـ«انتهاكات جسيمة» تضمنت عمليات «إعدام جماعي لعشرات».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا الرئيس الصيني يرحب بقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال «قمة منتدى التعاون الصيني - الأفريقي» في بكين مطلع سبتمبر الماضي (مجلس السيادة)

بكين تدعو إلى احترام سيادة ووحدة السودان وعدم التدخل بشؤونه

«الشركات الصينية تهتم بالسودان، وتتابع تطورات الأحداث أولاً بأول، وترغب بعد وقف الحرب العودة مرة أخرى واستئناف عملها في الاقتصاد التجاري».

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش في الخرطوم يوم 26 سبتمبر (رويترز)

الجيش السوداني ينفي قصف سفارة الإمارات بالخرطوم

قال الجيش السوداني في بيان إنه «لا يستهدف مقار البعثات الدبلوماسية، أو مقار ومنشآت المنظمات الأممية أو الطوعية».


الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

أعلن الجيش السوداني تحقيق انتصارات في منطقة «جبل موية» الاستراتيجية، بعدما كان قد فقد السيطرة عليها لصالح «قوات الدعم السريع» في أواخر يونيو (حزيران) الماضي. كما التحم الجيش مع قواته في ولاية سنار وولاية النيل الأبيض، منهياً بذلك عزلة هاتين الولايتين التي كانت مفروضة عليهما لنحو 3 أشهر. وقال مؤيدون للجيش ومواطنون إن قوات الجيش استعادت المنطقة، وسيروا مواكب احتفالية لإنهاء الحصار الذي كان مفروضاً عليهم.

وسيطرت «قوات الدعم السريع» على منطقة «جبل موية» في 25 يونيو الماضي، بعد معارك شرسة دارت بينها وبين الجيش، ما مكنها من قطع الطرق الرابطة بين ثلاث ولايات، وعزل قواعد الجيش هناك.

وتقع منطقة «جبل موية» على بعد 250 كيلومتراً جنوب العاصمة الخرطوم، وتعد موقعاً استراتيجياً تتداخل فيه ثلاث ولايات هي: الجزيرة، وسنار، والنيل الأبيض.

و«جبل موية» عبارة عن ثلاثة تلال جبلية هي «جبل موية، وجبل دود، وجبل بيوت»، وتتحكم المنطقة في الطريق البري الرابط بين مدينتي ربك حاضرة ولاية النيل الأبيض، وسنار أكبر مدن ولاية سنار، كما تتحكم في الطريق الذي يربط منطقة المناقل بمدينة سنار. وتحيط بجبل موية عدة مناطق عسكرية تابعة للجيش هي «الفرقة 17 سنجة» بولاية سنار، و«الفرقة 18 مشاة» بولاية النيل الأبيض، و«اللواء جوي 265 سنار»، وقاعدة «كنانة الجوية».

وحولت سيطرة «قوات الدعم السريع» على جبل موية تلك المناطق العسكرية إلى جزر معزولة عن بعضها، وعزلت الولايات الثلاث عن بقية أنحاء البلاد.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (مواقع التواصل)

وقال إعلام مجلس السيادة الانتقالي في نشرة إن نائب القائد العام للجيش الفريق شمس الدين الكباشي قدم التهاني للجيش بانتصاراته، وتعهد بـ«مواصلة الزحف حتى تطهير آخر شبر من هذا البلد، من دنس الميليشيا الإرهابية المتمردة» في إشارة إلى «قوات الدعم السريع». ونقلت صفحة الجيش على مواقع التواصل الاجتماعي أن مدينة كوستى في ولاية النيل الأبيض شهدت مسيرات جماهيرية عفوية، احتفالاً بانتصارات الجيش في محور جبل موية ومحور طريق ربك - سنار، والتقاء «قوات الفرقة ١٨ مشاة» مع قوات متقدمة ولاية سنار.

ولا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على معظم ولايتي سنار والجزيرة وأجزاء من شمال ولاية النيل الأبيض، التي سيطرت عليها بعد إحكام السيطرة على «جبل موية»، بالتفاف على قوات الجيش الموجودة في مدينة سنار، وسيطرت على مقر الفرقة في مدينة سنجة بجانب مدينتي الدندر، والسوكي وعدد آخر من البلدات المهمة في الولاية.

وفيما يشبه الاعتراف بفقدان المنطقة الاستراتيجية تساءل مستشار قائد «قوات الدعم السريع» الباشا طبيق، في تغريدة ساخرة على صفحته بمنصة (إكس)، من جيش عمره أكثر من 100 عام، ويملك مشاة وطيراناً ومهندسين وبحرية ومظلات واستراتيجية وسلاح أسلحة وغيرها، وتسانده في القتال «كتائب الإسلاميين الإرهابية، وأكثر من 15 حركة مسلحة مرتزقة... وأصبح حُلمه كله عبور جسر وفتح شارع فقط»، وذلك في إشارة لخسارته لمنطقة جبل موية وفتح الطريق الرابط بين سنار وكوستى، وعبور قوات الجيش جسر «الحلفايا» في شمال الخرطوم الأسبوع الماضي.