«سد النهضة»: «الملء الأخير» يُصعد الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا

قبل أيام من جولة مفاوضات جديدة في إثيوبيا

جانب من مفاوضات «السد» التي استضافتها القاهرة نهاية الشهر الماضي (وزارة الموارد المائية والري بمصر)
جانب من مفاوضات «السد» التي استضافتها القاهرة نهاية الشهر الماضي (وزارة الموارد المائية والري بمصر)
TT

«سد النهضة»: «الملء الأخير» يُصعد الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا

جانب من مفاوضات «السد» التي استضافتها القاهرة نهاية الشهر الماضي (وزارة الموارد المائية والري بمصر)
جانب من مفاوضات «السد» التي استضافتها القاهرة نهاية الشهر الماضي (وزارة الموارد المائية والري بمصر)

تصاعدت الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا بعدما أعلنت الحكومة الإثيوبية، (الأحد) عن «اكتمال الملء الرابع والأخير» لـ«سد النهضة»، وهو ما عدته مصر «تجاهلاً لمصالح وحقوق دولتي المصب (مصر والسودان) وأمنهما المائي الذي تكفله قواعد القانون الدولي». وبينما تبدأ جولة جديدة من المفاوضات حول «السد» الشهر الحالي، يرى خبراء أن «أي تصعيد للخلافات بشأن (السد) لن يفيد المفاوضات المقبلة».

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قد أعلن «نجاح بلاده في إتمام الجولة الرابعة والأخيرة من ملء (السد)»، عقب ذلك أكدت وزارة الخارجية المصرية (مساء الأحد) أن «الملء الرابع لخزان (سد النهضة) يُعد استمراراً من جانب إثيوبيا في انتهاك (إعلان المبادئ) الموقّع بين مصر وإثيوبيا والسودان عام 2015، والذي ينص على (ضرورة اتفاق الدول الثلاث على قواعد ملء وتشغيل (السد الإثيوبي) قبل الشروع في عملية الملء)».

بيان مصري

وذكر البيان المصري أن «هذا النهج وما ينتج عنه من (آثار سلبية) يضع عبئاً على مسار المفاوضات المستأنفة، التي جرى تحديد 4 أشهر للانتهاء منها، والمعقود الأمل في أن تشهد جولتها المقبلة المقرر عقدها في أديس أبابا (انفراجة ملموسة) وحقيقية على مسار التوصل إلى اتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد».

واتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي، منتصف يوليو (تموز) الماضي، على الشروع في مفاوضات «عاجلة» للانتهاء من اتفاق ملء سد النهضة وقواعد تشغيله، واتفقا على بذل جميع الجهود الضرورية للانتهاء منه خلال 4 أشهر. واحتضنت القاهرة جولة مفاوضات نهاية الشهر الماضي، لم تسفر عن تقدم، حيث عدتها مصر «لم تشهد تغيرات ملموسة في مواقف الجانب الإثيوبي».

ويرى أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن «الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا توجد بشكل فعلي»، لافتاً إلى «(وجود ضبابية) في المشهد بشأن (السد) خصوصاً مع الإعلان الإثيوبي (الأحادي) بالانتهاء من الملء». وأضاف شراقي لـ«الشرق الأوسط» أنه يتفق مع بيان «الخارجية المصرية» في ما ذكره حول أن «النهج الإثيوبي ينتج عنه آثار سلبية تضع عبئاً على مسار المفاوضات المستأنفة»، مبيناً أن «هذه الآثار السلبية (غير واضحة) خصوصاً مع اقتراب عقد جولة جديدة من المفاوضات، وهو ما يثير تساؤلات وتكهنات بشأنها، مثل: هل من الممكن ألا يلتقي المفاوضون أو تُلغى الجولة؟».

اتفاق قانوني

وكان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قد أكد أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب، قبل أيام، أن «إثيوبيا لم تظهر أي توجه للأخذ بأي من الحلول الوسط المطروحة بخصوص قضية (سد النهضة) خلال المفاوضات الأخيرة». بعدها خرج وتحدث المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، ملس آلم، عن أن بلاده تسعى للوصول إلى «تفاهم مشترك يرضي الأطراف كلها» بخصوص «السد»، لكنه أشار إلى أن «بلاده لم تلحظ أي تقدم من الجانب المصري بشأن حل الأزمة».

وهنا يرجح أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة أن «المفاوض المصري غير متفائل، وذلك وفق تصريحات وزارة الري المصرية التي أعقبت الجولة الماضية من المفاوضات في القاهرة، والتي وصفت فيها مواقف الجانب الإثيوبي بأنها (لم تشهد تغيرات ملموسة)».

سد النهضة (رويترز)

وتطالب مصر والسودان بتوقيع اتفاق قانوني مُلزم ينظم عمليتي ملء وتشغيل «السد»، الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل)، ويهدد بتقليص إمدادات المياه إلى البلدين، فضلاً على التسبب في أضرار بيئية واقتصادية أخرى. في حين تدفع إثيوبيا بـ«حقها في التنمية، وتوليد الكهرباء التي يحتاج إليها شعبها».

نهج جديد

نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، علي الحفني، يرى أن «إثيوبيا لم تبد أي بادرة (حسن نية) تجاه (نزاع السد) الذي يخص نهراً دولياً». وأضاف الحفني لـ«الشرق الأوسط» أن «أي تصعيد للخلافات لن يكون في صالح القضية، فمصالح الدول بشكل عام تحكمها جهود تبذل للوصول إلى اتفاقات لحل النزاعات، لكن الجانب الإثيوبي يرفض الامتثال، وعليه أن يعي أن العلاقات ممتدة بين الدول الثالث، والمصالح المائية قائمة ولن تنتهي، حتى إذا وُقِّع اتفاق قانوني»، لافتاً: «ما نأمله أن يلتزم الجانب الإثيوبي بما اتُفق عليه في زيارة آبي أحمد الأخيرة إلى القاهرة، وأن تحسم المفاوضات خلال 4 شهور، والتطلع إلى نهج جديد خلال الفترة المقبلة، ومراعاة حسن الجوار».


مقالات ذات صلة

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

يوميات الشرق مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

كشفت بيانات الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) بالتعاون مع ألمانيا، عن تراجع حاد في إجمالي كميات المياه العذبة على كوكب الأرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم «فقاعة المياه»... على وشك الانفجار

«فقاعة المياه»... على وشك الانفجار

بسبب البنية التحتية المتقادمة والإهدار

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الوزير المصري سويلم يلتقي السفير الألماني بالقاهرة (وزارة الموارد المائية والري)

مصر تحذّر دول نهر النيل من تفعيل اتفاقية «عنتيبي»

حذّرت مصر دول نهر النيل، من تفعيل «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، المعروفة باسم اتفاقية «عنتيبي»، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي «تخالف قواعد القانون الدولي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم خلال حفل تخريج متدربين أفارقة (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

مصر تتمسك بقاعدة «الإجماع» لحل «الخلافات المائية» في حوض النيل

أكّدت مصر تمسكها بضرورة العمل وفق قاعدة «الإجماع» في إدارة وحل «الخلافات المائية» مع دول حوض النيل.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا سويلم يلتقي سفيرة الإمارات في القاهرة (وزارة الموارد المائية)

مصر تطالب بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي»

طالبت مصر بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي» الذي تعاني منه المنطقة عبر إيجاد حلول مبتكرة للتعامل مع تحديات المياه الأمر الذي عدّه خبراء «ضرورة ملحة».

عصام فضل (القاهرة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
TT

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة، وغازل عمداء البلديات بـ«الخدمات» من خلال إنهاء وتدشين عدة مشروعات في مناطقهم.

واجتمع الدبيبة في مقر الحكومة بطرابلس العاصمة مع 6 عمداء بلديات، هي الأصابعة وككلة والقواليش والمشاشية ويفرن والقلعة، بالإضافة إلى عدد من أعيانها، لمناقشة عدد من الملفات الخدمية والتنموية والاجتماعية.

وتحدث الدبيبة خلال اللقاء عن دعمه لملف التنمية المحلية واللامركزية، وإقرار عدد من اللوائح والقرارات المنظمة لهذا التوجه المهم، مشدداً على ضرورة توحيد الجهود الوطنية للوصول بالبلاد لانتخابات برلمانية ورئاسية، وفق قوانين عادلة ومتفق عليها، وإنهاء المراحل الانتقالية.

الدبيبة مع عدد من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

ووفقاً لمكتب الدبيبة، فقد استعرض رؤساء الأجهزة التنفيذية أهم المشروعات التنموية بالبلديات الحاضرة، ونسب الإنجاز الفنية والمشروعات المعتمدة في الخطة التنموية المقبلة.

ويأتي لقاء الدبيبة بعمداء البلديات الـ6، عقب يوم من لقائه أعضاء المجلس البلدي يفرن وعدداً من أعيان المدينة. وأثار خلال اجتماعه معهم ضرورة «توحيد الجهود الوطنية لإنجاز الدستور والقوانين الانتخابية العادلة، لتكون المرجعية الوطنية التي تتيح إجراء الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية».

وخلال الاجتماعين حرص الدبيبة على توجيه أجهزة حكومته لإنجاز مشاريع معطلة بالبلديات، وقال في اللقاء الذي انتهى، مساء الخميس، إن «عمليات الإمداد المائي لبلديات الجبل تحديداً كانت من أولويات الخطة التنموية، ضمن مشروعات (عودة الحياة)، وما زالت مستمرة حتى استكمالها، تقديراً لظروف المنطقة واحتياجاتها لمياه الشرب».

كما وجّه الدبيبة «الأجهزة التنفيذية بإعطاء الأولوية في المشروعات التنموية لقطاعات المياه والصرف الصحي، والمرافق التعليمية والصحية، وإعطاء الأولوية للمشاريع الجارية لضمان استكمالها».

من جهة ثانية، تتواصل في ليبيا تداعيات إيقاف الدبيبة للقائم بالأعمال في السفارة الليبية لدى مصر، محمد عبد العالي، دون مزيد من الأسباب، لكنه كلف مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية، السفير عبد المطلب إدريس، بتسيير مهام السفارة الليبية.

في غضون ذلك، دعا مجلس النواب الليبي أعضاءه إلى جلسة رسمية، الاثنين المقبل، تُعقد في مدينة بنغازي، لمناقشة بنود جدول أعمال المجلس، حسب عبد الله بليحق المتحدث الرسمي باسم المجلس.

الطاهر الباعور مستقبلاً سفير إيطاليا لدى ليبيا (خارجية الوحدة)

من جهته، التقى الطاهر الباعور، المكلف تسيير وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»، الجمعة، في مكتبه بطرابلس، سفير إيطاليا لدى ليبيا، جيانلوكا البريني، حيث أكد الجانبان على عمق العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الصديقين.

ونقلت الخارجية عن السفير «إشادته بمخرجات منتدى الأعمال الليبي - الإيطالي، الذي عُقد بطرابلس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ حيث نقل خلال اللقاء امتنان وتقدير رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجا ميلوني، لنجاح هذا المنتدى.

وأكد الباعور مشاركته وتمثيل الوفد الليبي في «منتدى حوار المتوسط لبلدان البحر المتوسط»، الذي سيُعقد في روما على المستوى الوزاري، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.