مع تتابع محاكمة وإدانة رموز في السلطة الجزائرية، بتهم الرشوة وسوء استعمال المال العام، أطلقت شركة «سوناطراك» للمحروقات، منصة رقمية للتبليغ عن الفساد في فروعها وأجهزتها داخل البلاد وخارجها. وكان الرئيس عبد المجيد تبون، تعهد في حملة انتخابات 2019، بأنه «لن يرحم من تثبت ضده شبهة تلاعب بمال الجزائريين».
وأعلنت «سوناطراك»، الأحد، عبر حساباتها بالإعلام الاجتماعي، عن بدء العمل بآلية سمتها «ارفع صوتك»، تعبيراً عن رغبتها في تشجيع المبلغين عن الفساد. وقالت إن الأمر يتعلق بـ«خطوة حاسمة في مكافحة الفساد والرشوة»، مشيرة إلى أن «منصة (سبيك آب speak up)، تعد آلية لتبليغ وتنبيه تندرج في إطار مقاربة استباقية اعتمدتها (سوناطراك)، مستندة في ذلك للمعيار (إيزو 37001) المتعلق بمنظومة إدارة مكافحة الفساد والرشوة».
كما قالت إنها «أول منصة رقمية للإبلاغ عن أفعال الفساد، والكشف عنها على المستوى الوطني. وقد تم تطويرها بمعايير وأدوات آمنة، بشكل يسمح للموظفين والزبائن وذوي المصلحة الآخرين، بالإبلاغ بشكل آمن عن التصرفات غير القانونية أو غير المشروعة الخطرة، وفقاً للقوانين والنظم المعمول بها، وكذا عن كل انتهاك لسياسة ومدونة قواعد السلوك لمكافحة الفساد والرشوة بـ(سوناطراك)».
وأضافت أهم شركة في البلاد، أن «الآلية الرقمية تتوافق بشكل تام مع توجيهات منظومة إدارة التنبيهات لمعيار (إيزو 37002)، المعتمد من قبل (سوناطراك)، والذي يضمن حماية هوية الأشخاص المبلغين، كما يضمن أمن وسرية المعلومات المتعلقة بالتبليغات». وتابعت أن «الشركة تبحث، من خلال هذا المسعى، عن تسهيل الإبلاغ الصادق عن أعمال الفساد والرشوة، وعن تعزيز أدواتها لمكافحة الفساد، وهي تؤكد مجدداً تعهدها بإرساء مبادئ الشفافية والإنصاف والنزاهة، والحفاظ على المصلحة الاقتصادية والعامة».
وتعد «سوناطراك»، وفق تقارير تنظيمات غير حكومية مختصة في رصد أعمال الفساد، واحدة من أهم «الخلايا التي يزدهر فيها الانحراف» في مجال تسيير المال العام، وذلك قياساً إلى محاكمة عدد كبير من كوادرها في السنين الأخيرة، بتهم الرشوة والفساد، أهمهم رئيسها سابقاً عبد المؤمن ولد قدور الذي أدانته المحكمة نهاية العام الماضي، بالسجن 15 سنة مع التنفيذ. كما أدانت محكمة أخرى، في الفترة نفسها، رئيس «سوناطراك» سابقاً محمد مزيان بالسجن 5 سنوات مع التنفيذ، في حين يقع وزير الطاقة ومدير ذات الشركة سابقاً، شكيب خليل، تحت طائلة مذكرة اعتقال دولية، بتهمة «الاستفادة من عائدات فواتير مضخمة» تخص صفقات مع شركة «إيني» الإيطالية للمحروقات، وذلك عام 2013... وهو يقيم حالياً بالولايات المتحدة الأميركية، وزوجته وأحد أبنائه ملاحقان قضائياً هما أيضاً، في ملف الفساد ذاته.
والمعروف أن «سوناطراك»، أعلنت خلال النصف الأول من العام الحالي عن 10 اكتشافات طاقوية جديدة، في إطار استراتيجيتها الرامية إلى زيادة احتياطيات البلاد من الهيدروكربونات، وفي سياق برنامج استثماري ضخم تنفذه الشركة يستهدف استثمار 40 مليار دولار في المدة من 2023 إلى2027، منها 30 مليار دولار في مجال استكشاف النفط والغاز وإنتاجهما، بهدف رفع الإنتاج على المديين القصير والمتوسط.
وكانت رئيسة «السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته»، سليمة مسراتي، صرحت مطلع العام بأنها تلقت 466 بلاغاً عن الفساد في الشركات والهيئات الحكومية، تخص سنة 2022، منها 177 بلاغاً مجهول المصدر.
ويشار إلى سجن عدد كبير من المسؤولين، بعد عزل الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة عن السلطة في 2 أبريل (نيسان) 2019، من بينهم 3 من رؤساء الحكومة السابقين، و20 وزيراً، وعدة رجال أعمال، وضباط من الجيش، أدانتهم المحاكم في العامين الماضيين، بأحكام ثقيلة بالسجن، بناء على تهم ذات صلة بتسيير الشأن العام خلال مرحلة حكم بوتفليقة (1999 - 2019).