الأمم المتحدة تتمسك بإجراء انتخابات ليبية «دون إقصاء لأحد»

لقاء قريب بين رئيسي «النواب» و«الدولة» لبحث خلافات قوانين الاستحقاق

الكبير محافظ المصرف المركزي الليبي ملتقياً باتيلي في طرابلس (المصرف)
الكبير محافظ المصرف المركزي الليبي ملتقياً باتيلي في طرابلس (المصرف)
TT

الأمم المتحدة تتمسك بإجراء انتخابات ليبية «دون إقصاء لأحد»

الكبير محافظ المصرف المركزي الليبي ملتقياً باتيلي في طرابلس (المصرف)
الكبير محافظ المصرف المركزي الليبي ملتقياً باتيلي في طرابلس (المصرف)

يسابق المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي الزمن لإنقاذ الانتخابات العامة بالبلاد من الفشل، عبر تكثيف جولاته للقاء الأطراف السياسية في البلاد، مبدياً تمسكه بضرورة إجراء الاستحقاق المُنتظر «دون إقصاء لأحد»، في وقت تحدثت مصادر برلمانية عن قرب عقد لقاء بين رئيسي مجلسي «النواب» و«الدولة» عقيلة صالح ومحمد تكالة لبحث الخلافات المتعلقة بالقوانين اللازمة للانتخابات.

وفي 3 اجتماعات عقدها باتيلي، في العاصمة طرابلس مع مسؤولين ليبيين، مساء الخميس، تمحورت حول الحاجة الملحة لوضع الصيغة النهائية للإطار القانوني للانتخابات، ومعالجة القضايا الخلافية من خلال حوار شامل بروح التوافق، مشدداً على «أهمية إشراك مختلف المؤسسات والقيادات الأمنية من أجل إنجاز انتخابات سلمية في ليبيا».

واستهل المبعوث الأممي لقاءاته بالصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي، في طرابلس، مستعرضاً معه «التطورات الاقتصادية الأخيرة، بما في ذلك العمل الهام الذي قامت به اللجنة المالية العليا»، ومرحباً بـ«التقدم المحرز في إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي».

وتحدث باتيلي عن «دور مصرف ليبيا المركزي في دعم النزاهة المالية، وضمان تمويل الأولويات لتقديم الخدمات اللازمة لجميع الليبيين والفئات الاجتماعية والاقتصادية»، مشدداً على «ضرورة ضمان التوزيع العادل للإيرادات وتلبية احتياجات الشرائح المهمشة في المجتمع الليبي».

وقال المكتب الإعلامي للمصرف المركزي إن باتيلي جدد دعم بعثته «لجهود توحيد المصرف المركزي، ومساندته في الخطوات التي ستتخذ في هذا الشأن، كما تم الوقوف على الجهود المبذولة من قبل المصرف في تعزيز مستوى الشفافية والإفصاح عن الإنفاق والإيراد العام».

وفي ثاني لقاءاتهما، حرص باتيلي على مناقشة الأوضاع الأمنية بالعاصمة مع عماد الطرابلسي، وزير داخلية «الوحدة» المكلف، بما يخدم عملية الاستقرار اللازمة لعقد الانتخابات.

الطرابلسي ملتقياً باتيلي في مقر وزارة الداخلية بطرابلس (حساب باتيلي على «إكس»)

واستغل باتيلي فرصة لقائه الطرابلسي، ليعرب على «قلقه» بشأن ما أسماه بـ«الانتهاكات المتزايدة» لحقوق الإنسان في البلاد، وقال: «حثثتُ القادة الليبيين في جميع أنحاء البلاد على تجنب استخدام العنف ضد المواطنين في أي مكان».

وانتهى باتيلي إلى أنه «ينبغي على القادة السياسيين والأمنيين تمثّل روح المصالحة الوطنية والعمل على حماية الشعب الليبي الذي يطمح إلى السلام والأمن، وفقاً للالتزامات التي تم التعهد بها في اجتماعات تونس وطرابلس وبنغازي».

وسبق أن فشلت السلطة التنفيذية في ليبيا في إجراء انتخابات رئاسية ونيابية في ديسمبر (كانون الأول) عام 2021 كما كان مقرراً لها بسبب خلافات ساسة البلاد على «القاعدة الدستورية» للاستحقاق، وما عرف حينها بـ«الشخصيات الجدلية». ولم يختلف لقاء باتيلي بعبد الله اللافي، نائب رئيس المجلس الرئاسي، عن سابقيه، فقد ناقش معه الوضع السياسي والأمني ​في البلاد راهناً، مشدداً على أهمية انسجام العمل في المؤسسات الوطنية.

وفرضت «القاعدة الدستورية» اللازمة للاستحقاق نفسها على اللقاء، لكن باتيلي، تحدث عبر حسابه على منصة «إكس» عن اتفاقه مع اللافي، على «الحاجة الملحة لوضع الصيغة النهائية للإطار القانوني للانتخابات ومعالجة القضايا الخلافية من خلال حوار شامل».

ولا يزال السياسيون الليبيون يتخوفون من فشل عقد الاستحقاق هذه المرّة أيضاً، بالنظر إلى عدم التوصل إلى صيغة نهائية بين أعضاء اللجنة المشتركة (6+6) بشأن القوانين الانتخابية. الأمر الذي يمهد لأول لقاء بين صالح وتكالة قريباً، بحسب مصادر برلمانية أكدت لـ«الشرق الأوسط» العمل على اجتماع بينهما دون مزيد من التفاصيل، لكنها اكتفت بالقول: «الأمر متعلق بالقوانين الانتخابية».

وكان تكالة قد التقى في مكتبه بطرابلس، بعضوي مجلس النواب؛ عبد المنعم بلكور وأبو الخير الشعاب. وتطرق اللقاء إلى «دراسة الخطوات المقبلة لعقد الاستحقاق الانتخابي، تأسيساً على نتائج أعمال اللجنة المشتركة (6+6)»، وقال إن مجلسه «يبذل كل مساعيه وجهوده من أجل تحقيق ذلك»، بما يضمن إنهاء المراحل الانتقالية وتحقيق المصالحة الوطنية في أقرب وقت ممكن.

المنفي مجتمعاً بالدبيبة وتكالة والكبير في طرابلس (المجلس الرئاسي)

على ذات المسار، اجتمع محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، مع عبد الحميد الدبيبة، بالإضافة إلى الكبير وتكالة. وتناول اللقاء، بحسب المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي، «سبل حماية العملية السياسية وتعزيز الاستقرار للوصول إلى الانتخابات».

كما حثّ المجتمعون «اللجنة المالية العليا» على سرعة إنجاز أعمالها وصولاً إلى عملية التوزيع العادل للموارد المالية، وتحقيق المشاريع التنموية في شتى المجالات بجميع المناطق والمدن.

كما أكد المجتمعون على ضرورة «حماية السيادة الليبية» عبر تعزيز الملكية الوطنية للحلول والتوافق الواسع وتوحيد المؤسسات، في إطار مرجعية الاتفاق السياسي و«خريطة الطريق» المكملة له، والتنسيق الوثيق مع مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا.

في شأن مختلف، قالت منظمة «رصد الجرائم في ليبيا» إن الناشط عبد المالك المدني، الذي خطف من أمام منزله في مدينة مصراتة (غرب البلاد) نهاية الأسبوع الماضي، من قبل مسلحين مجهولين، لا يزال مصيره مجهولاً.

الناشط الليبي عبد الملك المدني المخطوف في مصراتة (منظمة رصد)

وتدعو منظمة «رصد الجرائم» في بيانها إلى الإفراج «الفوري» عن المدني، وضمان سلامته، مطالبة حكومة «الوحدة الوطنية» بـ«احترام حقوق الإنسان والتوقف الفوري عن حملة الاعتقالات التعسفية التي تطول النشطاء والمدنيين».


مقالات ذات صلة

تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا

شمال افريقيا أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)

تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا

تحدث عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية أكثر من مرة عن أجهزة تبني مشروعات في بعض مدن البلاد «من دون أن تمر على الأجهزة الرقابية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جلسة لمجلس النواب الليبي الأسبوع الماضي (صفحة المتحدث باسم المجلس)

«الأموال الليبية بالخارج»... أرصدة زادها الانقسام تجميداً

قال رئيس مجلس النواب الليبي إن «مجلسه وجه رسالة إلى مجلس الأمن الدولي طالبه فيها بضرورة التحفظ على الأموال الليبية المجمدة في الخارج لمنع أي تصرف غير قانوني»

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة في لقاء سابق مع عماد السائح رئيس مفوضية الانتخابات الليبية (حكومة الوحدة)

صالح والدبيبة يحتويان «انقسام» ديوان المحاسبة الليبي

أبدى صالح تمسكه بشكشك، وقال إنه سيستمر في أداء مهامه رئيساً لديوان المحاسبة الليبي «حتى انتهاء الإجراءات القانونية»، ما جنّب البلاد «انقساماً جديداً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

يقبع السنوسي رئيس جهاز الاستخبارات بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، في سجن معيتيقة تحت إشراف «قوة الردع»، التي سمحت بنقله إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة وشكشك في لقاء سابق (حكومة الوحدة)

الانقسامات تطال ديوان المحاسبة الليبي

وسط صمت رسمي من السلطة التنفيذية بطرابلس، دخل ديوان المحاسبة في ليبيا دائرة الصراع على رئاسته بين رئيسه خالد شكشك، ووكيله الموقوف عطية الله السعيطي.

جمال جوهر (القاهرة)

مستشار حميدتي لـ«الشرق الأوسط»: ندعم حكومة «موازية» عاصمتها الخرطوم

محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)
محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)
TT

مستشار حميدتي لـ«الشرق الأوسط»: ندعم حكومة «موازية» عاصمتها الخرطوم

محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)
محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)

حسم مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، إبراهيم مخير، الجدل حول موقفهم بشأن المشاورات التي تجريها بعض الأطراف السياسية والمدنية لتشكيل حكومة «موازية» في السودان، عاصمتها الخرطوم، مؤكداً أنها «ستجد كامل الدعم والحماية» منهم، في مقابل السلطة التي يتزعمها قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، في مدينة بورتسودان شرق البلاد.

وجرت مشاورات مطولة الأسابيع الماضية في العاصمة الكينية نيروبي بين قوى سياسية والجبهة الثورية وشخصيات من تحالف «تقدم» ومن خارجه، بحثت تشكيل «حكومة سلام» على الأرض داخل السودان، في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في غرب السودان ووسطه.

مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، إبراهيم مخير(إرشيفية)

وقال مخير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «توصلنا إلى قناعة بالطرح المقدم من السياسيين المدنيين ونياتهم الحقيقية تجاه تحقيق السلام في البلاد». وأضاف أن «أهم الأسباب التي تدفعنا لدعم تكوين حكومة في البلاد، هو فشل كل المؤسسات القائمة في النظر إلى السودانيين كشعب واحد متساوٍ في المواطنة والحقوق والواجبات».

ترقب لإعلان الحكومة

ويسود جوّ من الترقب لإعلان الحكومة في الأيام المقبلة، بمشاركة بعض الفصائل من «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) التي ترفض بشدة هذه الخطوة، باعتبارها تكرس الانقسام في البلاد. كما تهدد الخطوة بحدوث انقسام في أكبر تحالف سياسي مناهض للحرب في البلاد.

وقال مستشار «حميدتي» إن «البلاد تمضي بشكل متسارع نحو التقسيم، في ظل الممارسات الانفصالية التي تنتهجها حكومة بورتسودان بإصدار عملة جديدة، وتنظيم امتحانات الشهادة الثانوية، وحرمان المواطنين في مناطق سيطرة (الدعم السريع) من هذه الحقوق». وأضاف: «أمام كل ذلك لا خيار أمامنا سوى دعم قيام حكومة شرعية قومية تمارس سلطاتها على أراضي البلاد كافة، والقيام بدورها في حماية المدنيين وتقديم العون لهم، فضلاً عن فتح الأبواب أمام كل الجهود الدولية والإقليمية التي تهدف لوقف الحرب وتحقيق السلام».

أعضاء وفد «الدعم السريع» إلى محادثات جنيف الأخيرة (موقع الدعم السريع)

وفي وقت سابق هدد قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي) بإعلان سلطة مستقلة في مناطق سيطرته، عاصمتها الخرطوم، حال أقدم قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، على تشكيل حكومة في مدينة بورتسودان شرق البلاد.

وجرت في العاصمة الكينية نيروبي خلال الأسابيع الماضية نقاشات مكثفة بين قوى سياسية والجبهة الثورية وشخصيات من تحالف «تقدم» ومن خارجه، بحثت نزع الشرعية من حكومة بورتسودان، وتشكيل حكومة على الأرض داخل السودان.

وأكد رئيس الجبهة الثورية، العضو السابق في «مجلس السيادة»، الهادي إدريس، في تصريحات الخميس الماضي، أن قرار تشكيل الحكومة لا رجعة فيه، مشدداً على أنهم لن يتخلوا عن تشكيل الحكومة إلّا إذا قرر طرفا الحرب الذهاب إلى المفاوضات لإنهاء القتال.

نزع الشرعية من بورتسودان

وقال إدريس، وهو نائب رئيس تحالف «تقدم» المدني الذي يرأسه عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السوداني السابق، إن الهدف من تشكيل «حكومة مدنية موازية هو نزع الشرعية من الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، وقطع الطريق أمام خطط أنصار نظام الإسلاميين (النظام البائد بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير) الرامية لتقسيم البلاد، وأيضاً لعدم ترك صوت السودان للجبهة الإسلامية لتتحدث باسمه، وأخيراً لإجبار الطرف الآخر (الجيش) على القبول بمفاوضات لوقف الحرب». وأشار إدريس في الوقت ذاته إلى تمسكه بوحدة الصف المدني.

وترى المجموعة الداعية إلى تشكيل الحكومة الموازية أهمية التشاور مع «قوات الدعم السريع» حول الأمر، والاتفاق على ميثاق سياسي يكون مرجعية للحكم، متوقعة أن تجد هذه الخطوة اعترافاً من بعض الدول.

وشهد مؤتمر «تقدم» التأسيسي الذي عُقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في مايو (أيار) الماضي، تداول فكرة تشكيل حكومة موازية لحكومة بورتسودان التي يترأسها البرهان، لكن المقترح لم يحظَ بالقبول الكافي، ثم أعيد طرحه مجدداً في اجتماع الهيئة القيادية لـ«تقدم» في مدينة عنتيبي الأوغندية مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وأحيل إلى لجنة سياسية لمزيد من التشاور.

وترفض العديد من القوى السياسية في «تنسيقية تقدم» مثل حزب الأمة القومي، وحزب المؤتمر السوداني، ومكونات مدنية مهنية ونقابية، بشدة، فكرة تشكيل حكومة «موازية»، خوفاً من تكريس الانقسام في البلاد.