هل تعزز الضغوط على الدبيبة «أدوار الميليشيات» في غرب ليبيا؟

تمركزات أمنية بالعاصمة الليبية طرابلس (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)
تمركزات أمنية بالعاصمة الليبية طرابلس (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)
TT

هل تعزز الضغوط على الدبيبة «أدوار الميليشيات» في غرب ليبيا؟

تمركزات أمنية بالعاصمة الليبية طرابلس (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)
تمركزات أمنية بالعاصمة الليبية طرابلس (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

بينما لا تزال رائحة غبار الاحتجاجات الأخيرة ضد «حكومة الوحدة» الليبية المؤقتة، عالقة في هواء العاصمة طرابلس، يطرح «تزايد الضغوط» على حكومة عبد الحميد الدبيبة، تساؤلات حول ما إذا كان «الاحتقان الراهن» سيعزز «أدوار الميليشيات» بمناطق الغرب الليبي.

ومنذ أواخر أغسطس (آب) المنقضي، يواجه الدبيبة «عواصف» تداعيات ما عُرف بـ«أزمة التطبيع»، بعد الكشف عن لقاء جمع وزيرة خارجيته (المقالة)، نجلاء المنقوش، مع نظيرها الإسرائيلي، إيلي كوهين، في روما. وفجّر إفشاء خبر اللقاء احتجاجات شعبية في طرابلس، في حراك قوبل بـ«إجراءات قمعية» من الدبيبة الذي سارع إلى «نشر عناصر مسلحة»، تنضوي تحت مظلة وزارة داخلية حكومة «الوحدة». ولاحقاً، تطور الاحتجاج ليشمل مصراتة «حاضنة الدبيبة الشعبية، ومسقط رأسه».

تمركزات أمنية بالعاصمة الليبية طرابلس (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

ورغم إعلان «الوحدة»، في وقت سابق عن «مبادرة وطنية لتسريح وإعادة إدماج التشكيلات المسلحة»، فإن تلك المساعي «لم تفض إلى تغيير على الأرض». وبينما لم يتسنّ لـ«الشرق الأوسط» تلقي أي رد من الحكومة، على طلب تعليق بشأن رؤيتها لمستقبل «دور الميليشيات»، اتهمها الرئيس السابق للحكومة المدعومة من مجلس النواب، فتحي باشاغا، في تصريح سابق، بـ«المسؤولية عن استمرار هذه الميليشيات، بعد استخدامها المال من أجل كسب ولاءات عناصرها والسيطرة عليهم».

وينتقد عضو مجلس النواب الليبي صالح إفحيمة، معالجة حكومة طرابلس لـ«أزمة التطبيع». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن التحركات الرسمية «قمعت حرية الرأي والتعبير للمحتجين الليبيين، لحماية الحكومة من السقوط».

وأبرز بيان حكومي عن مباحثات الدبيبة والمبعوث الأممي لدى ليبيا، عبد الله باتيلي، في الخامس من سبتمبر (أيلول) الحالي، «إشادة أعضاء مجلس الأمن الدولي باستقرار الأوضاع في ليبيا مقارنة بالسنوات الماضية»، بينما يشير إفحيمة إلى «وجود مخاوف لدى رئيس حكومة الوحدة»، من تجدد الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة الموالية له، مما قد يدفعه إلى «إحداث تغييرات بالمشهد الأمني في العاصمة والمنطقة الغربية».

وتتقاسم هذه المجموعات «مناطق النفوذ» على خريطة العاصمة، مثل: «جهاز الردع»، و«اللواء 444»، و«جهاز دعم الاستقرار». وأمام اتساع نفوذها قد «تغدو سيطرة الدبيبة على طرابلس في وضع حرج»، وفق تعبير إفحيمة.

ويرى المحلل السياسي الليبي إسلام الحاجي، أن الاحتجاجات الأخيرة «زادت من ارتهان حكومة الدبيبة للميليشيات المسلحة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «احتياج الدبيبة لسلاح التشكيلات والفصائل، لم يعد ينحصر في صد خصومه، أو لإيجاد توازن مع سلاح الشرق، بل صار يعتمد عليهم لاحتواء موجات غضب بمدن المنطقة الغربية، حاضنته الشعبية، وهذا ليس مؤشراً جيداً».

ويصف الحاجي، حجم التحشيد الأمني بأنه «كان مبالغاً فيه»، وخاصة في ظل «تراجع حدة الحراك الشعبي في الأيام الأخيرة... الانتشار الموسع لعناصر الداخلية والتشكيلات التابعة لها، هو ترهيب للجميع وليس للمتظاهرين فقط».

وعن توعد ما يسمى «لواء الصمود» في مصراتة، الذي يقوده المعاقب دولياً، صلاح بادي، بإزاحة من وصفهم بـ«بالعملاء والخونة من سدة الحكم»، يقول الحاجي، إن الدبيبة لجأ إلى تشكيل غرفة أمنية بالمدينة نفسها «في إشارة تنبئ بعزمه على تأسيس قوة مسلحة تتبعه مباشرة لقمع معارضيه في مسقط رأسه، وخاصة بعد تنامي دورهم في الفترة الأخيرة».

تمركزات أمنية بالعاصمة الليبية طرابلس (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

ويظل ملف التشكيلات المسلحة، وفوضى انتشار السلاح بنداً دائماً في مشاورات الحل النهائي للأزمة الليبية، في ظل هشاشة المؤسسات الأمنية النظامية، وانقسام أجهزة الدولة. وبينما تغيب إحصاءات رسمية عن حجم السلاح المنتشر منذ سقوط الرئيس السابق معمر القذافي في عام 2011، تشير تقديرات أممية إلى وجود «نحو 20 مليون قطعة سلاح» في ليبيا.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تدعو قادة ليبيا لإدارة عائدات النفط «لصالح الشعب»

شمال افريقيا خوري خلال لقائها فرحات بن قدارة (حساب خوري على «إكس»)

الأمم المتحدة تدعو قادة ليبيا لإدارة عائدات النفط «لصالح الشعب»

يتطلع الليبيون إلى مرحلة ما بعد حل أزمة «المركزي»، في وقت تسعى البعثة الأممية لجهة إدارة الموارد النفطية من قبل المصرف، وتسخير الموارد النفطية لتحقيق التنمية.

جمال جوهر (القاهرة )
شمال افريقيا المنفي والحداد رئيس أركان قوات «الوحدة» (المجلس الرئاسي)

المنفي يتمسك بإنشاء «مفوضية للاستفتاء» رغم معارضة «النواب»

عاد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إلى فتح ملف تدشين «مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني» رغم معارضة مجلس النواب، مما قد يجدد الجدل حولها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رصد تقرير للمنظمة الدولية للهجرة وجود أكثر من 700 ألف مهاجر غير نظامي في ليبيا (إ.ب.أ)

«الوحدة» الليبية تطلق حملة لترحيل «المهاجرين»

قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إنها ستطلق حملة لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم، تبدأ من العاصمة طرابلس لتتوسع لاحقاً وتشمل باقي المدن الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا إنتاج النفط بلغ قبل تعطيله 1.273 مليون برميل يومياً حسب بيانات المؤسسة الوطنية للنفط (رويترز)

سلطات شرق ليبيا تُعلن إعادة ضخ النفط

أعلن رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، أسامة حمّاد، استئناف إنتاج النفط وتصديره بشكل طبيعي من جميع الحقول والموانئ بعد 9 أيام من تعطيله.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع المنفي مع إدارة المصرف المركزي (المجلس الرئاسي)

ليبيا: الإدارة الجديدة لـ«المركزي» تباشر عملها رسمياً من طرابلس

بينما بدأت الإدارة الجديدة لمصرف ليبيا المركزي عملها في العاصمة طرابلس، الأربعاء، أُعلن استئناف إنتاج النفط من حقول الجنوب.

خالد محمود (القاهرة )

القاهرة تتابع ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك

مقر وزارة الخارجية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)
مقر وزارة الخارجية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

القاهرة تتابع ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك

مقر وزارة الخارجية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)
مقر وزارة الخارجية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)

تتابع وزارة الخارجية والهجرة المصرية ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك، حيث طالب وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، السفارة المصرية لدى المكسيك بـ«متابعة الواقعة والتواصل مع السلطات المكسيكية للوقوف على أسباب الحادث».

وأكدت «الخارجية المصرية» في إفادة، الجمعة، تواصُل القطاع القنصلي مع السلطات في المكسيك بشأن الحادث. وقدمت الوزارة التعازي والمواساة لأسر الضحايا، بينما لم تحدد «الخارجية» أعداد المصريين المتوفين في الحادث بالمكسيك.

ووفق تقارير إعلامية محلية، الجمعة، فإن الحادث «نتج عن إطلاق نار من قوات الجيش المكسيكي على شاحنتين»، ذكرت التقارير «أنهما (أي الشاحنتين) تُقلان أعداداً من المهاجرين من جنسيات مختلفة كانوا في طريقهم إلى الولايات المتحدة الأميركية عبر حدود المكسيك». وتحدثت التقارير أيضاً عن أن المصريين الذين تُوفوا وأصيبوا في الحادث «من عائلة واحدة». وبحسب التقارير الإعلامية، فإن إطلاق النار على الشاحنتين «يرجع إلى اعتقاد الجنود المكسيكيين أن الشاحنتين تتبعان عصابات إجرامية».

وقالت مساعدة وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة هاجر الإسلامبولي لـ«الشرق الأوسط»، إن السفارة المصرية تتواصل مع السلطات المكسيكية للاطلاع على بيانات المصريين المتوفين، وتسهيل إجراءات إنهاء عودة الجثامين لمصر بالتنسيق مع عائلاتهم حال رغبوا في ذلك، لافتة إلى أن «التحرك الدبلوماسي يكون عبر السفارة ووزارة الخارجية المكسيكية، بالإضافة إلى الجهات الأمنية هناك».

وبحسب الإسلامبولي فإن «الحدود المكسيكية تشهد تدفق كثير من المهاجرين للوصول إلى الولايات المتحدة»، مشيرة إلى «وجود عصابات منظمة في هذه المنطقة تستقطب المهاجرين من مختلف أنحاء العالم مع وعدهم بالوصول إلى الولايات المتحدة بشكل أسهل ومن دون أوراق»، لافتة إلى أن «الشريط الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك يشهد حوادث متكررة مرتبطة بإطلاق النار».

وأوقفت مصر إقلاع مراكب «الهجرة غير المشروعة» من المدن المطلة على ساحل البحر المتوسط باتجاه أوروبا منذ سنوات عدة، وقامت بمبادرات عدة لمنع عمليات «الهجرة غير النظامية» مع إحكام إجراءات المراقبة على حركة السفن التي كانت تُستخدم في عمليات الهجرة، في وقت تعمل فيه الحكومة المصرية على إقرار برامج هجرة قانونية مع دول أوروبية عدة، من بينها إيطاليا واليونان.

وهنا أشارت مساعدة وزير الخارجية المصري الأسبق إلى «سهولة الحصول على تأشيرة المكسيك بشكل كبير لأغراض السياحة مقارنة بالتأشيرة الخاصة بالولايات المتحدة بالنسبة للمصريين»، الأمر الذي ربما تكون عصابات الهجرة قد استغلته لإقناع المصريين الضحايا بالهجرة عبر هذا المسار، لافتة إلى أن «المخاطر الموجودة في هذه المسارات غير القانونية والأموال الكبيرة التي تُدفع فيها، تجعلان من الضروري التفكير جيداً قبل الإقدام على هذه الخطوة غير المحسوبة».