الجزائر تهوّن من رفض التحاقها بـ«بريكس»

مسؤول كبير أكد أن احتياطي الصرف بلغ 85 مليار دولار

رئيس مجلس الأمة الجزائري صالح قوجيل (مجلس الأمة)
رئيس مجلس الأمة الجزائري صالح قوجيل (مجلس الأمة)
TT

الجزائر تهوّن من رفض التحاقها بـ«بريكس»

رئيس مجلس الأمة الجزائري صالح قوجيل (مجلس الأمة)
رئيس مجلس الأمة الجزائري صالح قوجيل (مجلس الأمة)

قال رئيس «مجلس الأمة» الجزائري، صالح قوجيل، إن التحاق بلاده بمجموعة «بريكس» من عدمه «لا يهمنا بقدر ما تهمنا علاقاتنا الاستراتيجية مع دول المجموعة». ويعد هذا التصريح، أول موقف من مسؤول كبير في البلاد على عدم قبول طلب عضوية الجزائر في «بريكس»، خلال اجتماع لقادة المجموعة عقد في جوهانسبرغ في 22 أغسطس (آب) الماضي. وكان قوجيل، الذي يعد الرجل الثاني في الدولة بحسب الدستور، يتحدث بمقر «مجلس الأمة» بمناسبة بدء الدورة البرلمانية الجديدة، الاثنين، بحضور الطاقم الحكومي الذي يقوده الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن.

وخلّف رفض الملف الجزائري، حالة من الإحباط قياساً إلى حملة كبيرة خاضتها السلطات العليا في البلاد، منذ أكثر من عام، تخصّ الالتحاق بالمجموعة الاقتصادية التي تضم روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، بوصفها دولاً مؤسِّسة لها، وأضيفت إليها 6 دول في آخر اجتماع لها، من بينها المملكة العربية السعودية. وزار الرئيس عبد المجيد تبون، روسيا والصين، خلال شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) الماضيين، بغرض حشد التأييد لمسعى الجزائر للانضمام إلى المجموعة، لكن بدا لاحقاً أن ذلك غير كافٍ لتحقيق الهدف.

الرئيسان الجزائري والصيني ببكين في يوليو الماضي (الرئاسة الجزائرية)

وصرّح تبون، في وقت سابق، بأن الجزائر «تسعى إلى رفع الدخل القومي بشكل يمكننا من الانضمام إلى مجموعة بريكس (...) نحن نعمل في هذا الاتجاه». كما ذكر أن الحكومة عازمة على تصدير 13 مليار دولار، من منتجات خارج الهيدروكربونات، بنهاية 2023، ما يؤهلها، بحسب تقديره، لـ«اللعب مع الكبار». ومما جاء في تصريحات قوجيل، أن احتياطي العملة الصعبة وصل إلى 85 مليار دولار، بعدما كان في حدود 66 مليار دولار بنهاية 2022، وفق أرقام المصرف المركزي. ويعود الفضل في ذلك، إلى ارتفاع مداخيل بيع المحروقات في الأشهر الأخيرة. وأكد قوجيل أن التعهدات التي قطعها الرئيس في حملة انتخابات الرئاسة 2019 (54 تعهداً) «سيستكملها هذه السنة، مشيراً إلى أنه «تحقق 75 في المائة منها».

وصرَح تبون، مراراً، بأن ولايته الأولى (2019 - 2024) كرَّسها لـ«الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي» الذي أجبر الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة في الثاني من أبريل (نيسان) 2019، بعد 3 أشهر من مظاهرات ضخمة قامت إثر إعلانه الترشح لولاية خامسة. وبحسب رئيس «مجلس الأمة»، «تواجه الجزائر خصومة بسبب موقفها من أزمة النيجر»، دون ذكر مَن يقصد.

وعرضت الجزائر على الانقلابيين في النيجر، خطة لإعادة الاستقرار إلى البلاد، تتمثل في «مرحلة انتقالية» تستمر 6 أشهر، تقودها شخصية مدنية، وتنتهي بتنظيم انتخابات عامة. ولم يقدم المعنيون بها، رداً على المقترحات.

يشار إلى أن الجزائر تجمعها بالنيجر حدود تفوق 900 كيلومتر، تنتشر فيها تجارة السلاح والمخدرات، وهي أيضا ملاذٌ للجماعات الإسلامية المتطرفة.

الرئيسان الروسي والجزائري بموسكو في 15 يونيو (الرئاسة الجزائرية)

وتناول قوجيل في خطابه، ضمناً، أزمة دبلوماسية بين الجزائر وسويسرا، نشأت قبل أيام قليلة، إثر إصدار النيابة السويسرية لائحة اتهام ضد وزير الدفاع الأسبق الجنرال خالد نزار، تتضمن اتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب»، مرتبطة بتسعينات القرن الماضي عندما كانت الحرب مشتعلة مع الجماعات المسلحة. وقال قوجيل إن «البعض يريد أن يعيدنا إلى العشرية السوداء»، في إشارة إلى الفترة العصيبة التي عاشتها البلاد.

وكان وزير الخارجية أحمد عطاف قد لوّح، خلال اتصال هاتفي مع وزير خارجية سويسرا اناسيو كاسيس، الخميس الماضي، باستعداد بلاده لقطع علاقاتها مع برن بسبب هذه القضية. ونقل بيان لـ«الخارجية» عن عطاف قوله للمسؤول السويسري إن اتهام نزار «أمر غير مقبول»، وإن القضية «بلغت حدوداً لا يمكن التسامح معها، والحكومة الجزائرية عازمة كل العزم على استخلاص كل النتائج، بما فيها تلك التي هي أبعد من أن تكون مرغوبة في مستقبل العلاقات الجزائرية السويسرية».


مقالات ذات صلة

بعد إلغاء نظام «سويفت»... إيران تعلن استخدام العملات الوطنية مع أعضاء «بريكس»

الاقتصاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في 23 أكتوبر 2024 (رويترز)

بعد إلغاء نظام «سويفت»... إيران تعلن استخدام العملات الوطنية مع أعضاء «بريكس»

أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني، إلغاء استخدام نظام «سويفت» في التبادلات التجارية الإيرانية واستخدام العملات الوطنية في تسوية المعاملات مع دول «بريكس».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ مجموعة «بريكس بلس» تحظى بدعم واسع في العالم متعدد الأقطاب الناشئ اليوم (أ.ف.ب)

ما خيارات واشنطن في ظل تصاعد نظام متعدد الأقطاب؟

مع ازدياد التحديات العالمية وتعقيداتها، من التغير المناخي إلى الأزمات الجيوسياسية، تجد الولايات المتحدة نفسها في مواجهة واقع جديد يتسم بتعدد الأقطاب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ممثل السياسة الخارجية والأمنية جوزيب بوريل ومفوض شؤون التوسعة أوليفر فارهيلي في مؤتمر صحافي في بروكسل (من حساب الأخير في «إكس»)

الاتحاد الأوروبي قلق لتراجع تركيا ديمقراطياً

عبّر الاتحاد الأوروبي عن مخاوفه بشأن تراجع المعايير الديمقراطية وسيادة القانون واستقلال القضاء والحقوق الأساسية في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا غوتيريش يصافح بوتين

«بريكس» تختتم قمتها بفتح أبواب التوسع

أنهت قمة مجموعة «بريكس» أعمالها، في قازان بجنوب روسيا، أمس (الخميس)، بفتح أبواب التوسع، وسط مداخلات هيمنت عليها الدعوات للسلام وإصلاح النظام الدولي.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث في قمة «بريكس» (د.ب.أ)

بوتين: مستقبل العلاقة مع واشنطن رهن بموقفها بعد الانتخابات

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إنّ مستقبل العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة رهن بما ستكون عليه مواقف واشنطن بعد انتخابات البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط»

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.