مصر: هل تشهد «أزمة السجائر» انفراجة قريبة؟

بعد دخول استثمارات عربية ووعود بضخ أموال لشراء مواد التصنيع

مراسم توقيع اتفاقية الاستحواذ على 30 % من أسهم «الشركة الشرقية» (مجلس الوزراء المصري)
مراسم توقيع اتفاقية الاستحواذ على 30 % من أسهم «الشركة الشرقية» (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر: هل تشهد «أزمة السجائر» انفراجة قريبة؟

مراسم توقيع اتفاقية الاستحواذ على 30 % من أسهم «الشركة الشرقية» (مجلس الوزراء المصري)
مراسم توقيع اتفاقية الاستحواذ على 30 % من أسهم «الشركة الشرقية» (مجلس الوزراء المصري)

بعد دخول استثمارات عربية تضمنت وعوداً بضخ أموال لشراء مستلزمات التصنيع ومكونات الإنتاج، يأمل كثير من المدخنين في مصر أن تشهد «أزمة السجائر» انفراجة قريبة تنهي الجدل المستمر منذ شهور بشأن ارتفاع أسعارها، وعدم توفر كثير من الأصناف.

ووفقاً لإفادة رسمية من مجلس الوزراء المصري، مساء الأحد، وقَّعت مصر اتفاقية تقضي باستحواذ شركة «غلوبال للاستثمار القابضة المحدودة الإمارتية» على 30 في المائة من إجمالي أسهم «الشركة الشرقية للدخان» (إيسترن كومباني).

مراسم توقيع اتفاقية الاستحواذ على 30 % من أسهم «الشركة الشرقية» (مجلس الوزراء المصري)

وبموجب الاتفاقية، وفقاً لوزير قطاع الأعمال المصري محمود عصمت، تستحوذ «غلوبال» على 30 في المائة من إجمالي أسهم «إيسترن كومباني» بمبلغ 625 مليون دولار أميركي، بما يعادل 19 ملياراً و336 مليوناً و625 ألف جنيه مصري، مع قيام المشتري بتوفير مبلغ 150 مليون دولار لشراء المواد التبغية اللازمة للتصنيع. (الدولار يعادل نحو 30.9 جنيه في المتوسط).

وأخيراً تصاعدت حدة «أزمة السجائر» في مصر، على خلفية ارتفاع أسعارها بشكل «مبالغ فيه»، نتيجة نقص المعروض، وسط اتهامات متبادلة بين الحكومة والتجار. وشهدت سوق السجائر ارتباكات واضحة، ما بين ارتفاع الأسعار إلى مستويات لم تعد في متناول كثيرين، ونقص المعروض، وعدم توفر بعض الأصناف.

وشددت الحكومة المصرية، برئاسة مصطفى مدبولي، عقب اجتماع لها منتصف أغسطس (آب) الماضي، على «زيادة حجم الإنتاج اليومي من السجائر، وإتاحة مزيد من المعروض في الأسواق لـ(ضبط) الأسعار».

وتستحوذ «الشركة الشرقية» للدخان على نحو 75 في المائة من حجم السوق الخاصة بسلعة السجائر في مصر، وفقاً لوزير قطاع الأعمال المصري.

وتوقع الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده، أن تشهد الفترة المقبلة توفر السجائر في الأسواق عقب توقيع اتفاقية الاستحواذ؛ لكنه توقع أيضاً «زيادة الأسعار»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص أصبح يملك كثيراً من أسهم الشركة المنتجة للسجائر، وبالتالي سيحدد الأسعار التي يريدها»، وحسب عبده، فإن «كل مشكلة الشركة المصرية أنها لم تكن تمتلك ما يسمى (رأس المال العامل) أي المبالغ التي يجب أن تشتري بها مواد الإنتاج، وهذا أمر كان يمكن حله بضخ الأموال دون بيع أسهم من الشركة».

في المقابل، قلل رئيس الشعبة العامة للسجائر والدخان باتحاد الصناعات المصري، إبراهيم إمبابي، من تأثير دخول استثمارات عربية على حل أزمة السجائر في مصر، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا توجد علاقة أو رابط بين الاستثمارات الجديدة وبين أزمة السجائر؛ لأنه لا يوجد مشكلة في الإنتاج كي يتم تداركها»، مجدداً أن «سبب أزمة السجائر هو جشع التجار وعدم وجود رقابة حكومية»، حسب تعبيره.

وأشار إلى أن حل «أزمة السجائر» يحتاج إلى 3 خطوات فقط، هي: «تعديلات تشريعية تم الاتفاق عليها مع الحكومة، كقانون ضريبة القيمة المضافة على السجائر، وأن يتم طرح السجائر التي يتم ضبطها من قبل الدولة بكميات كبيرة في منافذ البيع»، وتتلخص الخطوة الثالثة في «قلب هرم التوزيع، بمعنى أن تقوم الشركة المنتجة بتوزيع السجائر على التجار مباشرة دون وسطاء يحتكرون البضائع في أوقات الأزمات».

وذكر تقرير لـ«الشركة الشرقية للدخان» (إيسترن كومباني) أن «المصريين استهلكوا نحو 70 مليار سيجارة خلال عام واحد، وهو العام المالي 2021- 2022». وأشار التقرير الذي أصدرته الشركة في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، إلى أن «حجم مبيعات الشركة محلياً خلال الفترة نفسها بلغ 67 ملياراً و882 مليون جنيه».


مقالات ذات صلة

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

يوميات الشرق رجل يركب دراجة نارية وسط ضباب كثيف بالقرب من نيودلهي (إ.ب.أ)

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

مع تفاقم الضباب الدخاني السام الذي يلف نيودلهي هذا الأسبوع، فرضت السلطات في العاصمة الهندية مجموعة من القيود الأكثر صرامة على حركة المركبات والسكان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق المتجر يُلبِّي احتياجات الراغبين في الإقلاع بتوفير «دزرت» بجميع النكهات (واس)

«دزرت» تطلق أول متاجرها في السعودية للحد من التدخين

أطلقت «دزرت» (DZRT)، العلامة التجارية للمساعدة في الإقلاع عن التدخين، أول متاجرها داخل السعودية، وذلك في «منطقة بوليفارد سيتي»، بالتزامن مع انطلاق «موسم الرياض»

«الشرق الأوسط» (الرياض)
علوم يتيح اكتشاف التغيرات في بنية العظام بين بقايا مستخدمي التبغ لعلماء الآثار تصنيف بقايا دون أسنان لأول مرة (جامعة ليستر)

اكتشاف علمي: التدخين يترك آثاراً في العظام تدوم لقرون

التبغ يترك بصمات على العظام تستمر لقرون بعد الوفاة.

«الشرق الأوسط» (ليستر)
صحتك المدخنون لديهم مستوى أعلى من البكتيريا الضارة في الفم مقارنة بغير المدخنين (رويترز)

دراسة: المدخنون لديهم مستوى أعلى من البكتيريا الضارة في أفواههم

كشفت دراسة علمية جديدة أن المدخنين لديهم مستوى أعلى من البكتيريا الضارة في الفم مقارنة بغير المدخنين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك التدخين يُعد السبب الرئيسي للوفيات القابلة للتجنب عالمياً (رويترز)

حظر مبيعات التبغ قد يمنع 1.2 مليون وفاة بين الشباب

أفادت دراسة دولية بأن حظر مبيعات التبغ للأشخاص المولودين بين عامي 2006 و2010 قد يقي من 1.2 مليون وفاة بسبب سرطان الرئة على مستوى العالم بحلول عام 2095.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

قانون «الانتخاب المباشر» الصومالي... تحوّل ديمقراطي أم توسيع للانقسام؟

البرلمان الفيدرالي في الصومال يصادق على قانون الانتخابات (وكالة الأنباء الصومالية)
البرلمان الفيدرالي في الصومال يصادق على قانون الانتخابات (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

قانون «الانتخاب المباشر» الصومالي... تحوّل ديمقراطي أم توسيع للانقسام؟

البرلمان الفيدرالي في الصومال يصادق على قانون الانتخابات (وكالة الأنباء الصومالية)
البرلمان الفيدرالي في الصومال يصادق على قانون الانتخابات (وكالة الأنباء الصومالية)

تصديق الصومال نهائياً على قانون «الانتخاب المباشر» بديلاً عن «المحاصصة القبلية»، رغم رفض ولايتي جوبالاند وبونتلاند وبعض السياسيين، يفتح تساؤلات حول تداعيات تلك الخطوة وتأثيراتها على أوضاع البلاد التي تشهد انقسامات وحرباً لم تنتهِ ضد حركة «الشباب» الإرهابية.

ويأتي القانون الجديد، وفق خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، «في ظل وضع أمني هش ومعارضة سياسية»، وبينما عدّه البعض «خطوة مهمة تعزز التحول إلى نظام ديمقراطي وتحسّن العلاقات الدولية التي تميل إلى تعزيز المشاركة الجماهيرية»، رأى آخرون أنه سيواجه تحديات كثيرة، منها أن النظام الانتخابي القبلي عزّز نفوذ قادة الولايات وزعماء العشائر، ومن الصعب أن يتخلوا عنه؛ إلا عن طريق فتح حوار حقيقي، حتى لا يتحول الرفض إلى جبهة صراع جديدة تواجهها الدولة الصومالية تزيد من الانقسامات بخلاف مواجهات حركة «الشباب».

وصادق نواب مجلسي البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، السبت، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية عقب «تصويت 169 نائباً لصالحه، فيما رفضه نائبان، وامتنع عن التصويت نائب واحد»، وفق ما نقلته وكالة «الأنباء الصومالية» الرسمية، لافتة إلى أن القانون «هام لإجراء انتخابات بنظام الصوت الواحد في البلاد».

وأجريت آخر انتخابات مباشرة في البلاد عام 1968، تلاها انقلابات وحروب أهلية ليبدأ الصومال العمل بنظام الانتخابات غير المباشرة في عام 2000، إذ ينتخب أعضاء المجالس التشريعية المحلية ومندوبو العشائر نواب البرلمان الفيدرالي، الذين ينتخبون بدورهم رئيس البلاد، إلا أنه في الآونة الأخيرة تزايدت المطالب لإجراء انتخابات مباشرة، التي اعتمدها بالفعل البرلمان، وفق إعلام محلي.

تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من «حركة الشباب» خلال عملية عسكرية (أ.ب)

خطوة مهمة

المحلل السوداني في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، يرى أن تلك الخطوة مهمة باعتبارها تنقل العملية الديمقراطية إلى الانتخاب القائم على رأي الجمهور، بديلاً عن عملية الاقتراع غير المباشر عن طريق القبائل والزعامات الأهلية.

ويأتي صدور القانون قبل إجراء ولاية جوبالاند الرافضة له انتخابات رئاسية، يوم الاثنين، لا تعترف بها مقديشو. وقال وزير البترول، عبد الرزاق عمر، في تصريحات صحافية قبل أيام، إن «الحكومة الفيدرالية ملتزمة بتحويل الصومال بعيداً عن الانتخابات غير المباشرة القائمة على العشائر إلى نظام صوت واحد لشخص واحد. لا يمكننا تأييد نتائج هذا المشروع المسرحي، الذي ينتهك مبادئ الحكم الشامل».

وسبقه اتهام رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، إلى أحمد مادوبي، الذي يتولى قيادة جوبالاند منذ عام 2013، بتقويض الجهود الرامية إلى تحويل الصومال نحو الاقتراع العام، مؤكداً أن «تصرفات جوبالاند تنتهك الالتزامات التي تم التعهد بها خلال المجلس الاستشاري الوطني لإنشاء إطار انتخابي موحد».

وينضم لرفض جوبالاند موقف مماثل من ولاية بونتلاند، في وقت تعاني فيه الصومال من عنف مستمر وتهديدات إرهابية، بحسب المحلل السياسي الصومالي عبد الولي جامع بري، لافتاً إلى أن تطبيق قانون الانتخابات الوطنية في الصومال «يمثل فرصة لتعزيز الديمقراطية»، ولكنه يحمل في طياته تحديات كبيرة.

ويرى أن تطبيق قانون الانتخاب المباشر في ظل الظروف الحالية يتطلب معالجة تحديات عدة، أولها «الوضع الأمني الهش مع تهديدات إرهابية تجعل من الصعب ضمان أمن الانتخابات، باعتبار أنه إذا لم تتوفر الظروف الأمنية الكافية، فإن إجراء انتخابات حرة ونزيهة سيكون صعباً»، وثانيها «المعارضة السياسية، خصوصاً مع سير سياسيين في فلك معارضة بعض الولايات، ما قد يؤدي إلى عدم الاستقرار».

عناصر من «حركة الشباب» الصومالية (أ.ب)

اعتراضات على القانون

وكان الرئيس الصومالي الأسبق، شريف شيخ أحمد، قد اعترض على مشروع القانون في مؤتمر صحافي بمقديشو، قبل أسبوع، موضحاً أنه «لا يمكن إجراء انتخابات صوت واحد لشخص واحد، لا تشارك فيها ولايتا بونتلاند وجوبالاند والسياسيون المعارضون، مع عدم وجود أجواء أمنية تسمح بإجراء الانتخابات المذكورة حتى في العاصمة الصومالية».

ودافع النائب الصومالي، عبد الرحمن عبد الشكور، عن حق الولايات الإقليمية في عقد الانتخابات الخاصة بها وفقاً للنظام الفيدرالي المعمول به في البلاد، فيما توقع رئيس الوزراء الصومالي السابق حسن علي خيري، في تصريحات منفصلة، قبل نحو أسبوع، أن يقود القانون الصومال إلى مزيد من الصراع وعدم الاستقرار السياسي، داعياً إلى «عدم تجاهل الواقع الذي تشهده البلاد، وفتح منصة وطنية للاتفاق على الانتخابات بمشاركة ولايتي بونتلاند وجوبالاند وأصحاب المصلحة السياسية لإنقاذ الشعب الصومالي من الارتباك وعدم اليقين السياسي».

وأرجع تورشين ذلك إلى أن «بعض القوى السياسية والأهلية لديهم مصالح في الإبقاء على الوضع كما هو عليه، لما له من مزايا أعطت العشائر والقبائل نفوذاً كبيراً للتأثير على العملية السياسية، وكذلك توجيهها ومحاولة الضغط والتأثير عليها، وهذا أيضاً يفسر المعارضة من الولايتين المهتمين الساعتين للاحتفاظ بمكاسبهما»، محذراً من «فتح جبهة صراع مباشر بين الرافضين والموافقين ستحد من سبل مواجهة جبهة حركة الشباب».

ضباط صوماليون يشاركون في عرض عسكري أبريل عام 2022 (رويترز)

عقبة حركة «الشباب»

ووفق تقدير الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، فإنه من الصعب في الوقت الحالي تطبيق نظام انتخابات مباشرة، وأرجع ذلك إلى تمسك الحكومة بتطبيق القانون، وسعيها لـ«تعزيز البقاء في الحكم».

وأوضح أن «هناك أكثر من 60 في المائة من منطقة جنوب الصومال تسيطر عليها (حركة الشباب)، وتحتاج الحكومة على الأقل 5 سنوات أخرى لعقد انتخابات مباشرة بها، ولذا يجب أن يكون تحرير تلك المناطق الأولوية حالياً»، محذراً من حدوث انقسام قبلي كبير إذا مضت الحكومة نحو التطبيق دون توافق.

لكن حال نجحت حكومة في إجراء انتخابات مباشرة فإنها، بحسب عبد الولي جامع بري، ستعزز من شرعية الحكومة وتعيد ثقة المواطنين بالعملية السياسية، وأيضاً سيؤدي نجاح الانتخابات إلى تحسين العلاقات الدولية المهتمة بالمشاركة الجماهيرية، وقد يؤدي ذلك بدوره إلى زيادة الدعم الدولي للصومال، سواء من خلال المساعدات الإنسانية أو دعم التنمية.

وأضاف: «للتغلب على الرفض، فإنه يجب على الحكومة الفيدرالية فتح قنوات حوار مع الولايات المعارضة، والعمل على إيجاد توافقات، بجانب تأجيل التطبيق الذي من الحكمة أن يتم حتى التوصل إلى توافق سياسي، ووضع استراتيجيات أمنية عبر التعاون مع المجتمع الدولي لضمان سلامة الانتخابات».

وإذا أصرت الحكومة على تطبيق القانون دون توافق، فإن هذا قد يؤدي إلى «انقسامات جديدة»، وفق بري، الذي أكد أنه «من الضروري أن تتبنى الحكومة نهجاً شاملاً يضمن تمثيل جميع الأطراف ويساهم في تحقيق الاستقرار».

ويتفق معه تورشين، قائلاً إنه مع إجراء حوار مباشر وتقديم تطمينات، ومن ثم يمكن التوصل لتفاهمات بشأن إجراءات الانتخابات التي ستقلل نفوذ الزعمات الأهلية والقبلية، وتمنح مع الوقت الشعب الصومالي الفرصة في أن يقرر بأصواته ووعيه مصيره عبر الاقتراع المباشر، رغم تحديات الفقر المتزايد وتراجع معدلات التعليم.